بيان من "الدعوة السلفية" بشأن الموقف الراهن "الجمعة 7 ديسمبر 2012"

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فإن الدعوة السلفية ترى أن الخروج من الأزمة الراهنة يتمثل في المضي قدمًا في إنجاز الاستفتاء على الدستور الجديد في الموعد الذي حدده الرئيس يوم السبت “15-12-2012”.
لقد بدأت الأزمة حينما أصدر الرئيس إعلانًا دستوريًّا في 13 نوفمبر مثَّل من وجهة نظره ونظر الكثيرين من أساتذة القانون الدستوري الحل الوحيد لإيقاف مسلسل هدم المؤسسات المنتخبة الذي شاهدناه في خلال الفترة السابقة.
كما أنه مثل الطريقة الوحيدة لتغيير النائب العام بآخر يستطيع أن يتتبع جذور الفساد لاسيما قتلة المتظاهرين؛ إلا أن بعض القوى السياسية تخوفت من سوء توظيف مواد هذا الإعلان الدستوري أو من ترسيخ هذه الحالة الاستثنائية وتحولها إلى وضع مستقر.
وجاء خطاب الرئيس يوم الخميس 6 ديسمبر والذي بين فيه اعتزامه إيقاف العمل بهذا الإعلان الدستوري فور إعلان نتيجة الاستفتاء على الدستور سواء كانت النتيجة نعم أم لا ليغلق الباب على من يدعي أن الرئيس يخيرهم بين إعلان استثنائي أو دستور لا يرضونه، كما أن الرئيس قد أعلن أنه لم يحصن إلا القرارات السيادية فقط، وأنه مستعد لإلغاء المادة السادسة التي تعطى الرئيس الحق في اتخاذ إجراءات استثنائية، وبذلك تكون كل الاعتراضات والتحفظات الموجهة إلى ذلك الإعلان قد حلت بطريقة مقبولة.
ومن جهة أخرى: دعا الرئيس إلى حوار شامل مع كل القوى السياسية حول مرحلة ما بعد الاستفتاء، ولكن نحن نعلم أن هناك بعض القوى الوطنية تفضل التظاهر على الحوار، كما نعلم أن هذه الأحداث بالذات شارك فيها من القمة إلى القاعدة “فلول النظام السابق” وبنفس الآليات إرسال البلطجية للترويع والإيقاع بين الناس بعضهم البعض والحرق والتدمير، ولكن الذي يزيد الأمور تعقيدًا الآن أن هناك ممن ينتسب إلى الثورة يوفر غطاءً إعلاميًّا لأعمال البلطجة والقتل والترويع، ويحاول غل يد النظام عن ملاحقاتهم أو حتى ردهم تحت دعوى أنهم متظاهرون سلميون.
وكان لدور الإعلام في غل يد السلطات عن ملاحقة هؤلاء المجرمين أثره في نزول البعض ليحمي الشرعية بنفسه بدلاً من أن يترك البلاد يختطفها فلول النظام مرة ثانية، وحينها فلن يتركوا شريفًا دون أذى وإن كان ممن استقوى بهم.
ووقعت اعتداءات إجرامية أزهقت فيها نفوس وسالت فيها دماء -نسأل الله أن يعفو عن كل من شارك فيها بغرض إحقاق الحق في أي موضع كان، وأن يبلغهم منازل الشهداء- وأيًّا ما يكن تقييمنا لهذا الموقف فإنه يجب بعد أن تولى الحرس الجمهوري مهمة حماية القصر الجمهوري أن تترك هذه المهمة لهم.
كما ننصح بعدم تنظيم أي فاعليات قد تستفز المعارضين أو توجد جوًّا من التوتر بين الفريقين، ونقدر ونثمن امتناع جماعة الإخوان عن الدفاع عن مقراتهم رغم أن هذا حق كامل لهم تفويتًا للفرصة على من يريد إحراق البلاد.
ونهيب بكل من رأى مخربًا أن ينكر عليه بالقول وأن ينهاه عن إتلاف الممتلكات الخاصة والعامة.
و"الدعوة السلفية" إذ تدعو الله أن يتقبل ضحايا هذه الاعتداءات عنده في الشهداء تدعو إلى المشاركة في صلاة الجنازة عليهم عقب صلاة الجمعة في الجامع الأزهر.
وأخيرًا: فإذا كنا نرى أن مشروع الدستور الحالي يعتبر نقلة نوعية جديدة بالنسبة للدساتير المصرية السابقة على أكثر من مسار:
الأول: مرجعية الشريعة بالإبقاء على المادة الثانية وإضافة المادة 219 المفسرة لها والتي تغلق الباب أمام محاولات البعض إضعاف دلالة المادة الثانية بتفسيرها تفسيرًا يفرغها من معناها، وزاد الأمر قوة أن هذا التفسير من وضع هيئة كبار العلماء في الأزهر مما يجعله مل قبول من جميع الراغبين رغبة حقيقة في إثبات مرجعية الشريعة.
الثاني: التوسع في باب الحريات بما لم يرد في أي دستور مصري سابق مع وجود مادة حاكمة تمنع من الخروج بهذه الحريات عن إطار مقومات الدولة وقيمها الإسلامية والحضارية.
الثالث: التوسع في باب الحقوق لا سيما في شأن الطبقات الأكثر حاجة كصغار الفلاحين والحرفيين والمرأة المعيلة بالنص على وجوب مساندة الدولة لهم.
وتستطيع أن تقول أن الدستور قد نص على حرية الغنى في استثمار ماله بينما نص على حق الفقير في أن تكفل له الدولة عيشة كريمة وعملاً شريفًا.
الرابع: تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح البرلمان من جهة ورئيس الوزراء من جهة الأخرى، والذي لا يقر تعيينه إلا بموافقة البرلمان.
الخامس: مرونة تعديل مواد الدستور مما يعطي الفرصة لتنقيح أي جزئية يثبت عند التطبيق حاجتها إلى ذلك.
ومن هنا فإن المسار الذي ينبغي أن نتحرك فيه الآن هو التعريف بهذا الدستور وبيان أهمية إنجازه لاستكمال مؤسسات الدولة والخروج من شرنقة المرحلة الانتقالية والانتقال إلى المرحلة المستقرة حتى يمكن لقطار التنمية أن يتحرك.
وفقنا الله لما يحب و يرضى.