البحث والتطوير ("تصميم الطعام، من الوظيفة إلى المتعة" "Food Design - Von der Funktion zum Genuss",

تصميم الطعام Food-Design: بالقالب وشرائح اللحم

[COLOR=“Blue”][SIZE=“4”]بقلم ﭭوتشك تشايا (جريدة دي بريسه النمساوية)

لماذا يوجد للشوكولاته أضلاع؟ ولماذا تبدو قطعة الجيلي كولا شفافة؟ ولماذا لاتبدو كفتة السمك مصنوعة من سمكة؟ إنه الفوود ديزاين أو تصميم الطعام - الهندسة المعمارية الصغيرة على الطاولة والصحن.

  لماذا هي السماء زرقاء، ولماذا تطير الطائرة وتشق السفينة مياه البحر، ولماذا؟ نعم لماذا، ولماذا الخبز الملفوف مقسم إلى خمسة أجزاء؟  مع هذا السؤال نصل إلى تصميم الطعام، وهو هذا العلم الكامل المخصص بتشكيل المواد الغذائية فقطعة الجيلي كولا (هاريبو) شفافة والشوكولاته لها أضلاع والأصابع المملحة طويلة وهشة، أو عندما يسري شعار: روب لديه أفضل مكان للجبن، وفي كفتة السمك ليس مسموحا لك أن ترى السمكة، ويجب أن تكون النقانق مقرمشة، إنه الطعام والتصميم، أو هل يتعلق الأمر بهندسة فنية؟

من يخمن أن هناك هجومًا جديدًا على التصميم خلف المصطلح الإنجليزي الدقيق، فهو مخطيء للغاية لأن مجال تصميم الطعام لايقتصر على الشكل فحسب، ففي مجال الطعام يسري شعار لويز سوليفان Louis Sullivan المعماري الفرنسي الشهير الذي تم الاستشهاد به كثيرا وهو: الشكل يتبع الوظيفة"“Form follows Function”. وتعود هذه الفلسفة المعمارية كما هو معروف لعام 1896، ومن الممكن تخمين نشأة هذه الظاهرة من عدة قرون أو آلاف السنين بشكل سري، فكيف يكون الطعام - هذا الشكل المعماري الصغير على الطاولة وفي الصحن- جميلا ومفيدًا في نفس الوقت؟ يطالب المعماري ومخرج الأفلام بيتر كوبيلكا Peter Kubelka وهو في الأساس صاحب نظريات خاصة بثقافة الأكل بقوله: " يجب على كل مهندس معماري أن يتعلم الطهي، ويجب على كل مهندس معماري أن يتمكن من الطهي."

وبشكل أكثر وضوحا لايمكن أن يتداخل المبدئين الخاصين بالتركيب والبناء حيث يهتم الأول بقالب الطوب والآخر بشريحة اللحم.

ويزيد المثل الشعبي: “إذا ذهبت كل الفنون فلن يبقى سوى فن الطهي.” " الحيرة حول الطعام والطهي فهل هو فن معماري أم تصميم ويضاف إلى ذلك الآن الاستفسار عن ما إذا كان فنًا.

في مطعم شبوري Spoerri بدوسلدورف تمت دعوة الفنان دانيال شبوري إلى ولائم لالتهام الطعام بانتظام حيث تعد مادة خصبة تزوده بصور واقعية، وفي عام 1968 صمم مكتب هاوس روكر وشركاه Hausrucker & Co نموذجًا معماريًا من الخبز والمخبوزات وفي عام 1983 قدم مصمم الطعام Food-Stylist ( نعم هذه الوظيفة موجودة) مانفريد بوخنجر Manfred Buchinger تسريحة شعر لسيدة من الشعرية السيلوفان الصينية، وسُمح لهذا الفن عام 1977 أن يشغل مكانًا في متحف الفنون التطبيقية على الأقل بالمعنى المجازي، ففي معرض “معياري ومأكول” “mäßig und gefräßig” عرضت يانا شتيرباك Jana Sterbak عملها المعروف باسم “أبوللونير” Apollinaire" وهو عبارة عن مقعد وثير من شرائح اللحم البقري التي تمت خياطتها مع بعضها البعض حيث من الممكن طيها ولفها كما تريد، إن الطعام والسجال المرتبط به يعدان شرطًا أساسيًا للبقاء على قيد الحياة سواء من الناحية البيولوجية أو الثقافية.

تحدث كل من سونيا شتومرير ومارتن هابلسرايتر في كتابهما الصادر حديثا (“تصميم الطعام، من الوظيفة إلى المتعة” “Food Design - Von der Funktion zum Genuss”, عن الاحتمال الأخير بقولهما :" يعد الطعام على الأقل أمرًا حميميًا وبلا حدود مثل الجنس. " وليس من الضروري قياس أهم مسألة فرعية بأهم موضوع رئيسي بعد الآن فكلاهما يتعلقان بالانصهار والذوبان، وهي استقبال أشياء داخل جسم الفرد. وطبقًا لرأي شتومرير وهابلسرايتر فإن اختراع عجين الخبز الحامض وهو ثاني ثورة كبيرة في فن الطهي بعد اكتشاف النيران يقدم في النهاية معلومات عن خصوبة المرأة، فإذا لم يزيد حجم العجين على الرغم من وضع الخميرة داخله فذلك دليل على أن طاهية الطعام غير قادرة على الإنجاب.

وعودة مرة أخرى من العمل اليدوي التاريخي إلى المجتمع الصناعي، فكل الأساطير زالت منذ وقت طويل وحل محلها التقدير والحساب وبحث السوق، وطبقا لذلك فإن قطعة الجيلي كولا لها حجم محدد لكي تتمكن أسنان الطفل من منازلتها لمدة طويلة حتى تستسلم له في النهاية، كما أن طبقة الشوكولاته المثلجة التي تغلف كعك شوكولاته زاخا سميكة بالقدر الكاف لكي تضمن للهدية التذكارية من فن ﭭيينا للطبخ من إبداء مقاومة عالية على الطريق الطويل لتوصيل الطرود البريدية، وبفضل السنون المدببة في شوكولاته توبليرون -وهي إنتاج تيودر توبلر الذي حلم أن يصنع رمزًا لبلد- لايتعرض قالب الشوكولاته للكسر فالضغط الخفيف على قمتي جبل ماترهورن كافية لتقسيم قالب الشيكولاته إلى قطع مناسبة لحجم الفم.

تحدد الجدوى الصناعية والخصائص الرئيسية للمكونات أو ببساطة ووضوح توقعات المستهلك خصائص كل منتج فكثير من القرارات يتم اتخاذها بلا وعي أمام رف المبرد ويتم إقرارها حرفيا نزولا على رغبة المعدة، ومن الممكن إغراء الأطفال على وجه الخصوص في وضوحهم المحب للاستهلاك للأطعمة الترفيهية المقرمشة بسهولة ولقد تم بحث المعايير المناسبة المتعلقة بالشكل والحجم واللون والتماسك وأخيرًا وليس آخرًا الصوت وإدراجها في تطوير المنتج.

ولذلك قامت شركة نيستله باختبار الانطباعات الصوتية أثناء عملية الكسر والأكل بواسطة مقياس يسجل أصوات المضغ لتسجيل البصمة الصوتية لكل منتج، ولقد أطلقت شركة أوتاكرنجر Ottakringer لصناعة البيرة منذ فترة وجيزة فحسب عبوة جديدة لمنتجها في السوق فبدلا من الصوت المعتاد عند فتح علبة البيرة “تيشش” تم وضع طبقة بلاستيكية في قاع غطاء زجاجة البيرة لكي تصنع صوت طرقعة خفيفة " بوبب" حتى ترى إدارة الشركة أن الصوت الجديد يضفي مزيدًا من الانتعاش، ويجب أن أعترف أنه على الرغم من الغطاء المصنوع من الفلين لصوت الطرقعة الجديد بوبب" صعب الفتح أكثر من الطريقة المعتادة، وربما فاتح الزجاجات لم يكن مصممًا بشكل ملائم للطعام بقدر كاف.

تتضح أشياء كثيرة أثناء التجول بالمتجر فالعولمة لم ترحم تصميم الطعام. ومن الممكن أن تتعايش المنتجات سويًا مجددا لأن مجموعة من المواد الغذائية في هذا العالم قد اتسقت مع بعضها البعض بواسطة معايير وتعريفات تم استياقها من التجربة بدءً من قالب خبز التوست والجبن الطري، ووصولا إلى قطع الخبز المدور الصغير المحشو بالسجق، لكن الزبون الجائع والمتعطش للتجارب لايجعل الأمور سهلة لأن الطليعة تعرقل خطط صناعة المواد الغذائية، وفي المقابل تحفزها دائمًا لعمل علاقات جديدة بين أنماط المذاق المتباينة.

وكما تتغير طرازات الهندسة المعمارية ومجموعات الأزياء واتجاهات الموضة بسرعة بالغة يحدث نفس الأمر في مجال الطهي والطعام، حيث يتفاعل العرض والطلب بشكل أكثر سرعة وبطريقة لايمكن التنبوء بها ولايغفو حقا إبداع المنافسة، يصرح بيتر كوبلكا بقوله:" هناك دائما الطليعة، لكن إذا وصلت للمعارض والمطاعم ومجلات الفن ومسئولي المطاعم فإنها تكون قد أكلت بالفعل." فالفضيلة تنبع دوما من الأزمة، فعدم القدرة على التغيير هو ليس هناك أبدع مما كان ومن ثم يتحول أحد المنتجين إلى مؤسسي اتجاه جديد من خلال صيغة مُنتج وتسويق مبهرة، إن الأمر بشبه المعمار فلا تقل له أبدًا قالب مصنوع من الكبدة المفرومة فهذا يعطي قوة وطاقة.

[/size][/color]