كلمة عن حالنا مع الاستعمار الفكري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على مدى قرون من التاريخ، حاول كثير من الطغاة استعمار البلدان الضعيفة، لكنهم فهموا في آخر المطاف أن هذا شيء خطير مكلف جدا في الأرواح والعتاد والأموال، إن لم يكن شيئا مستحيلا، فكان لا بد لهم من وجود بديل، لأنه حيث يُعدم الدين والخوف من الله لا بد للقوي من أكل الضعيف، وهذه سنن كونية لا جدال فيها.
فماذا وجدوا ؟؟؟ تصولوا إلى أن الاستعمار الفكري أسهل وأنجع وأنجح من الاستعمار الأرضي، فمن استعمروا فكره صار منهم من حيث لا يدري.
الآن أقول : المسلمون قل منهم من يقرأ، والذين يقرؤون قل منهم من يفقه، من أجل هذا يجهل كثير منهم أن الغرب، من أمريكان وأوربيين، تحت قيادة الصهيونية العالمية يعرف ويصرح أن أكبر خطر وأدهى عدو لهم هو الإسلام، وعندهم متخصصون يعرفون الإسلام معرفة جيدة، أكثر من الملايين من المسلمين … واااااأسفاه على هذا وعلى المسلمين [ ولا أقول العرب، فمسألة القومية العربية مسألة صهيونية أتى بها اللعين مشيل عفلق وتبعه فيها كثير من الفضلاء من حيث لا يدرون، ففرق بها المسلمين. المسلم أخي ولو كان حبشيا أو مغوليا، والكافر عدوي ولو كان أخي ابن أمي وأبي ].
تريدون أن تعرفوا ماذا يهيئ لكم الغرب ؟ طيب … من قرأ منكم كتاب " بروتوكولات حكماء صهيون " ؟ كتاب موجود مطبوع يباع بثمن زهيد وموجود في النت … [ حمله من هذا الرابط : اضغط هنا ] قليل جدا من قرأه، إن لم أقل لا أحد قرأه … كتاب ألفه من قديم حكماء صهيون جعلوا فيه خططهم للتحكم في العالم ولتدمير الإسلام، ثم تسرب هذا الكتاب، وحاولوا منع انتشاره لكنهم فشلوا، وبعدها لم يهتموا بالأمر لأنهم يعرفون أننا لا نقرأ، وأن الاستعمار الفكري كفيل بأن يجعل من يقرأ يتجاهل هذا الكتاب … النتيجة: عدونا كتب خطته ليدمرنا، وهي عندنا، بين أيدينا، ويمكننا قراءتها، ومع ذلك لا نصنع شيئا ونتركه يفعل ما يحلو له … مثلنا كمن تقول له " سأضربك الآن بيدي على وجهك " وأرفع يدي وأقربها من وجهه لأضربه، وهو لا يتحرك، وينتظر هادئا غير مبال أن تأتيه اللطمة !!
الكثير من المستشرقين يعرفون الإسلام معرفة شبه تامة، ويختبئون وراء ستار البحث العلمي، وفي مؤلفاتهم ينفثون السموم والشبهات، التي يتلقاها شبابنا وكثير من الكبار عندنا دون أن يشعروا، ومن قريب علمت أن كثيرا من الباحثين والدكاترة اليهود في فلسطين المحتلة [ ولا أقول إسرائيل، لأنها عندي لا وجود لها ] كانوا ينتظرون بفارغ صبر ظهور مؤلفات الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - ويكونون أول من يقتنيها ويدرسها !! هل هو حب العلم والتجرد للدراسة الموضوعية ؟؟؟ أبدا !! هو لزوم دراسة العدو لمعرفة طريقة النيل منه، وقد صرح كثير من اليهود أن الشيخ الألباني هو من أخطر - إن لم يكن أخطر - علماء المسلمين على اليهود ومصالحهم، وقد دمر ما بنوه على مر سنين طويلة … هذه شهادتهم، فاسمعوا يا من تطعنون في هذا الشيخ وأنتم لا تدرون ما تصنعون !!! نفث اليهود سمومهم في فكرهم فصار من المسلمين من يقول في هذا الشيخ المجدد المؤسس وعن كثير من أمثاله: مرجئ، تكفيري، [ وفتنة الإرجاء والتكفير زل فيها الكثير، وكثير من الفضلاء ينعتون اليوم كثيرا من العلماء بالإرجاء أو بالتكفير ] متساهل في التصحيح، محدث ليس بفقيه، فقهه ذميم، متطرف … الخ … وهم يخدمون اليهود من حيث لا يدرون … لأن هدم هذا الرجل وما بناه من تلامذة وكتب وفقه ومنهج أعظم خدمة يمكن أن نقدمها لليهود الآن، بذلك تذهب السنة وتمييز صحيحها من ضعيفها، ويذهب النهج السليم الذي ما زاد الشيخ أن أزال عنه التراب والغبار وجلاه للناس من جديد.
لا يخفى على الإخوان ما حدث في مصر لما حصلت اتفاقيات بين الدولة المصرية والغرب من أجل إرسال طلبة إلى أوربا للدراسة، لماذا كان هذا ولماذا سهلت أوربا وشجعت مثل هذا ؟؟؟ هل طلبا للأجر وحبا في الخير ومساعدة للدول الضعيفة على النمو وإخراجا لهم من الجهل ونهوضا بهم من تخلفهم ؟؟؟؟؟ هناك من الأغبياء عندنا بين المسلمين من يظن هذا ويروج له !!
لا تنسوا أن أوروبا كانت تشترط - من بين شروطها - كون الطالب غير متزوج !! لماذا في نظركم ؟؟؟ لنلق نظرة على ما حدث في الواقع … نجد عامة هؤلاء الطلبة المساكين تأتيهم في أول أمرهم فتاة شقراء حسناء متبرجة يندر أن يصمد شاب أمامها، يتعرف عليها في الجامعة، وينتهي الأمر بالزواج منها، فيبقى معه رقيب عتيد ما بقي حيا، يثبت في فكره ما ألقت الجامعة من السموم، ويُعلِم اليهود بحاله وحال تطوره وانسلاخه من دينه واستعمار فكره، ويكون معه من سيربي أولاده بعيدا عن دين محمد صلى الله عليه وسلم …
أخبركم بما يجهل الكثير من الناس: تجد في كنائس وفي بيع فتيات حسناوات، لابسات لابسات محترما، جالسات بخشوع أمام الكاهن الذي وعظهن وعلمهم، ودربهن على الجهاد [ أي تدمير الإسلام ] من أجل دينهن، ثم يخرجن من هناك متبرجات عاريات للجهاد، فعريهن عندهن جهاد، ويهجمن على ما يجدن من ذكور المسلمين ليجتالوهن عن دينهن، ومعروف – في المجال السياسي – أن أغلبية من مر بالملك أو الرئاسة تجد زوجته من الموساد.
المهم، ماذا خرج علينا من كل هذا ؟؟؟
خرج علينا أمثال طه حسين وقاسم أمين ولطفي السيد وأمثالهم … المساكين … ثم زد على ذلك ترويجا إعلاميا كبيرا لهم، فجعلوهم في أعلى عليين عند الناس، فصرنا بذلك إلى ما صرنا إليه … قولوا لي بربكم - بعد نظرة موضوعية متجردة - ماذا كان عند طه حسين حتى يسمى " عميد الأدب العربي " ويعطى الوزارة والإمارة والرئاسة والأموال والمجد والإشهار والتكريم ؟؟ هو لا يساوي - كما قال الشيخ أبو إسحاق الحويني، ما معناه - ظفر مصطفى صادق الرافعي، ولا ظفر المنفلوطي، ولا شعرة من العقاد - ، لا والله، ولا نصف ظفر منهم، فماذا كان عنده ليبلغ تلك المنزلة ؟؟؟ كان عنده ما لم يبلغوه، رضع حليب الغرب وتربى على يديهم، وفعل ما علّموه، فطعن في القرآن وشكك في الأدب العربي ودس سمومه في أدمغة الطلبة، هل عند الرافعي والمنفلوطي والعقاد مثل هذا ؟؟؟؟؟ الحمد لله الذي حفظهم مما حصل له.
هذا، ويعرف الغرب حقيقة مهمة تغيب عن من لا يقرأ مثلنا، هي أن روح فكر أي بلد هو الجامعة، إذا أردت أن تغير فكر بلد فعليك بالجامعات، دس هناك ما تريد، وستجد يقينا من يتبع ما تلقيه ويروج له ويشجعه، وإبليس معك، يأتيك بمن يعينك، ويعينك بتجربته التي فاقت آلاف السنين.
هلم نلقي نظرة في جامعاتنا، هل تعرفون فكرة دست فيها لم تلق صدى بين المسلمين ؟ دس اليهود العلمانية، فقد رأيتم ماذا حدث ويحدث بالعلمانية وأتباعها، ثم دسوا العقلانية، ثم الفكر الحر، ثم اللادينية، ثم الحداثة، ثم ما بعد الحداثة … الخ … ودسوا الفرق الإسلامية، فهذه الصوفية وهذه الدرزية وهذه الحبشية وهذه الشيعة … الخ … والمسلمون فالفئران في المزبلة، كلما ألقيت إليه عَذِرَةٌ أو روثة التف طائفة منهم حولها يأكلون منها ويدعون من معهم إلى المأدبة واليهود يستهزئون بهم.
وطبعا لا ينسى اليهود أن يلقحوا المسلمين ضد الإسلام، وهذه أهم نقطة، يصنعون لهم إسلاما فارغا يخدم مصالح الغرب، ويبغضونهم في الإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، فيصير كل من ذكرته بالإسلام الحق يقول: هذا تطرف، هذه قشور، هذه رجعية، هذا لا يساير العصر، ما هذا التخلف، علينا أن نفهم الدين فهما عصريا، علينا بقراءة جديدة للقرآن تماشي العصر، هذه شكليات، المهم هو القلب، الأساس هو المعاملة، الدين يسر، الدين في المسجد، لا تضع النقاب سوى القبيحة التي تخشى إظهار قبحها … الخ … ومؤخرا صار الكل يُرجع إلى الإرهاب، حتى صار الأطفال في بلدنا ينعتون بالإرهابي كل من له لحية وكل من تلبس نقابا !! وبذلك حققنا لليهود ما أرادوا.
مثال بسيط جدا: هل سمعت أحدا من الغرب مس شعرة من الصوفية أو قال فيهم شرا ؟ أبدا لم يحصل هذا أبدا، كيف وهم من شجعهم وأمدهم ودعى إليهم، من أعان الاستعمار في المغرب الأقصى غير مشايخ الزوايا الصوفية وعلى رأسهم أحمد التجاني ؟ كيف يحصل ذلك ؟ يجمع حوله الضحايا ويغلق عليهم في الزاوية ويكلفهم بتلاوة الأذكار عشرات الألوف من المرات، ويستحوذ على عقولهم فلا يفكرون ولا يتنفسون إلا بأمر منه، وبذلك يأمن الاستعمار أو الحكومة من جهة الآلاف من جهة أتباع تلك الطريقة.
نرجع لموضوعنا فنقول: بسبب كل هذا نجد اليوم من يقول – وهو حسن النية – لم اللحية والثوب القصير؟ لم الحجاب والنقاب ؟ لم نتمسك بالمظهر ؟ الأساس هو اللب.
طيب … يا أخي ويا حبيبي، عندما أحدثك بآية أو حديث فيجب أن تتصور أن من يحدثك بذلك الكلام هو الله أو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وليس أنا ، فعندما تقرأ آية " ذروا ما بقي من الربا " فمعناها أن الله يقول لك " يا فلان دع الربا " فماذا ستقول له ؟؟ سمعا وطاعة، لبيك وسعديك يا رب! أم ستقول له: الآن عصر جديد يا رب، ودينك يجب أن يماشي العصر، والاقتصاد العالمي كله مبني على البنوك، وهي مبنية على الربا، فلا يمكننا أن نغير العالم من أجل قولك يا رب، ثم علينا أن نجد تفسيرا لقولك، رغم أنه واضح جلي، يجعلنا نحلل الربا لكي لا نضر بالاقتصاد العالمي، فربما لم تكن تعرف يا رب كيف سيتطور العالم والاقتصاد وحال الناس لما حرمت الربا في هذه الآية … ؟؟؟
وأنت يا أختي الكريمة، عندما أتلو عليك آية الحجاب " قل للمؤمنات … " ، فكأن الله جل في علاه هو من يقول لك " يا أَمَتي، أعطيتك جمالا ومفاتناً، وهي أمانة مني عندك، فهي ليست لك، وأستطيع أن أستردها وأسلبها منك متى أشاء، وآمرك بأن تستري نفسك ولا تظهري هذه المفاتن إلا لزوجك، فعليك بالحجاب " ! ماذا ستقولين لخالقك: سمعا وطاعة يا رب !! أم ستقولين : الحجاب ليس فرضا، [ كما يقول اللعين جمال البنا واللعينة هدى شعراوي والشيطانة نوال السعداوي وأمثالهم من تلامذة اليهود ] ، يا رب هذه الآية هي لزوجات الرسول، يا رب الحجاب يعرقل عمل المرآة ومساهمتها في تطوير المجتمع … يا رب إذا لبست الحجاب فلن أتزوج، فسأعري جسمي طعماً لصيد زوج، وبعدها أتحجب، يا رب أنا ما زلت صغيرة أريد أن ألبس وأتفسح وأعيش، يا رب أعرف عالما أفتى بأنني لست ملزمة بالحجاب، يا رب قلبي لا يحب هذا الحجاب ويرفضه، يا رب الغرب عرى نساءه فتقدم ونحن غطينا نساءنا فتأخرنا … الخ …
عندما أقول لك – أخي الكريم – يقول الحديث " أعفوا اللحى " فكأنك جالس أمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يقول لك : يا فلان أعف لحيتك !! هل ستقول له: لا يا رسول الله … ثم تلقي عليه خطبة مثل ما سبق ؟؟؟ أم ستمتثل وتطيع …
هذه هي القضية، عندما يأتيك النص فأنت بالضبط أمام الله وهو يأمرك، فانظر ماذا ستقول له، ويوم القيامة سوف تكون أمامه، وعندما يسألك عن عدم امتثالك فانظر بم ستجيبه.
الآن أقول: من بين سموم اليهود المدسوسة في المسلمين تقسيم الدين إلى لب وقشور، وترويج فكر " المهم هو القلب و المظهر لا يهم " … هل تعلمون - يا من تنادون بهذا - أن قولكم طعن في الله ودينه و رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، كأنكم تقولون: يا رب – أو يا رسول الله – ما هذه التفاهات، في دينك يا رب قشور ومظاهر لا حاجة لها، لا فائدة منها … المهم هو القلب !!
يا إخوة، إذا صلح القلب فلا بد لزاما أن يظهر ذلك الصلاح على الظاهر، لا بد ، الظاهر مرآة للباطن، هذا في كل الأمور، ليس في الدين فقط، فمن كان قلبه مملوءا بالغش فلا بد أن يظهر غشه في معاملاته، لا بد، ومن كان قلبه كذابا فسيكذب على الناس، والدين كذلك، فمن كان يحب الله ورسوله فلا بد أن يظهر عليه ذلك لزاما، سيدفعه حبه لله ورسوله أن يطيعهما ما استطاع إلى ذلك سبيلا، في الصغير والكبير وفي العسير واليسير، وينتقل من الفرائض إلى الإكثار من التطوع لأنه يحب أوامر الله ويريد أن يستزيد منها، أما أن يقول " أنا قلبي أبيض ومؤمن، وأحب الله ورسوله " ونجد ظاهره مخالفا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كل شيء، لابسا مثل الكفار حليق اللحية تاركا للمسجد معرضا عن أعياد المسلمين جاهلا بمبادئ الدين آكلا للربا متعاملا بما حرم من البيوع مُحَمْلِقاً في عري النساء … الخ … فهذا لا يستقيم أبدا … الظاهر يؤثر على الباطن كما يؤثر الباطن على الظاهر.
طبعا هناك من يطيل ذقنه ويقصر ثوبه وهناك من تلبس النقاب، ثم نجد منهما أفعالا منافية للدين، فهنا نقول : مثل هؤلاء أطاعوا الله في شيء وعصوه في شيء، مثلك تماما يا من تطعن في صاحب اللحية ولابسة الحجاب، أطعت الله في شيء وعصيته في أشياء، فبأي مقياس جعلت نفسك أفضل منهما ؟؟ هو أطال لحيته وكذب عليك، وأنت تركت الغش والكذب لكنك أعرضت عن المسجد والجمعة، فمن أثقل منكما في الميزان عند الله ؟؟ لا سبيل لمعرفة ذلك في الدنيا …
لن أطيل أكثر، أرجو أن يكون المعنى والمغزى قد وصل، وأن نستيقظ ونرى ما ينسجه أعداؤنا لنا، فنتعلم ديننا ونثقف أنفسنا ونطهر حالنا ونرجع إلى ربنا ونربي أهلينا فنقمع بذلك أعداءنا ونرضي بذلك علينا ربنا.
والله المستعان.