مقالات في السيرة النبوية(4)

المقال الرابع:

4-نبذة عن نسب النبي –صلى الله عليه وسلم- وحياته

نسبه: هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ابن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وعدنان من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم -عليهما السلام-[1].
وأُم النبي -صلى الله عليه وسلم- هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، وزهرة أخو جد النبي –صلى الله عليه وسلم-.
وقد تزوج بها عبدالله والد النبي-صلى الله عليه وسلم- وأقام معها في بيت أهلها ثلاثة أيام، فلم تلبث أن حملت بالنبي-صلى الله عليه وسلم- ولم تجد في حمله ثقلاً، ولا وحماً كما هو شأن المحصنات الصحيحات الأجسام[2].
وقد رأت أمه رؤيا لما حملت به، وقد مَرَّ ذِكْرُ الرؤيا في كلام سابق.
ولادته: وقد ولدته أمه سَويّ الخلق، جميل الصورة، صحيح الجسم، وكانت ولادته عام الفيل الموافق للحادي والسبعين بعد الخمسمائة للميلاد[3].
وقد تُوفي والده وهو حَمْلٌ في بطن أمه، فكفله جده عبدالمطلب، وأرضعته أمه ثلاثة أيام ثم عهد جده بإرضاعه إلى امرأة يقال لها حليمة السعدية.
رضاعته في بني سعد: وكان من عادة العرب أن يسترضعوا لأولادهم في البوادي؛ حيث تتوافر أسباب النشأة البدنية السليمة[4].
ولقد رأت حليمة السعدية من أمر هذا الرضيع عجباً، ومن ذلك: أنها أتت مع زوجها إلى مكة على أتان هزيلة بطيئة السير، وفي طريق العودة من مكة، وهي تضع الرضيع في حجرها كانت الأتان تعدو عَدْواً سريعاً، وتُخَلِّف وراءها كل الدواب، مما جعل رفاق الطريق كلهم يتعجبون.
وتُحدِّث حليمة بأن ثديها لم يكن يُدِرُّ شيئاً من الحليب، وأن طفلها الرضيع كان دائم البكاء من شدة الجوع، فلما ألقمت الثدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دَرَّ غزيراً، فأصبحت ترضعه وترضع طفلها حتى يشبعا.
وتُحدِّث حليمة عن جدب أرض قومها ديار بني سعد، فلما حظيت بشرف رضاعة هذا الطفل أنتجت أرضها، وماشيتها، وتَبَدَّلت حالها من بؤس وفقر إلى هناء ويسر.
وبعد سنتين عادت به حليمة إلى أمه وجده في مكة، لكن حليمة ألَحَّتْ على أمه أن توافق على بقائه عندها مرة ثانية؛ لِمَا رأت من بركته عليها، فوافقت أُمُّه آمنة، فعادت حليمة بالطفل مرة أخرى إلى ديارها والفرحة تملأ قلبها.
وبعد سنتين عادت به حليمة إلى أمه، وعمره آنذاك أربع سنوات، فحضنته أمه إلى أن توفيت، وكان له من العمر ست سنين، فكفله جده عبدالمطلب سنتين ثم توفي، وقبل وفاته أوصى به ابنه أبا طالب عمَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- فحاطه بعنايته كما يحوط أهله وولده[5].
إلا أنه كان لفقره يعيش عيش الشظف؛ فلم يتعود -صلى الله عليه وسلم- نعيم الترف، ولعلَّ ذلك من عناية الله بهذا النبي الكريم.
وكان -صلى الله عليه وسلم- قد ألِفَ رعي الغنم مع إخوانه من الرضاع لما كان في بادية بني سعد، فصار يرعى الغنم لأهل مكة؛ فيكفي نفسه بما يأخذه على ذلك من الأجرة، ولا يرهق عمه بالنفقة.
سفره مع عمه إلى الشام، ولقاؤه بحيرا الراهب: ثم سافر مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام، وله من العمر اثنتا عشرة سنة وشهران وعشرة أيام، وهناك رآه (بحيرا) الراهب، وبشَّر به عمَّه أبا طالب، وحذَّره من عدوان اليهود عليه بعد أن رأى خاتم النبوة بين كتفيه.
سفره مُتَّجِراً بمال لخديجة: ثم إنه سافر مرة أخرى مُتَّجراً بمالٍ لخديجة بنت خويلد، فأعطته أفضل مما كانت تعطي غيره؛ إذ جاءت تلك التجارة بأرباح مضاعفة، بل جاءت بسعادة الدنيا والآخرة.
وكانت خديجة هذه أعقل وأكمل امرأة في قريش، حتى كانت تدعى في الجاهلية: الطاهرة؛ لِما لها من الصيانة، والعفَّة، والفضائل الظاهرة.
زواجه بخديجة: ولما حدَّثَها غُلامها ميسرةُ بما رأى من النبي-صلى الله عليه وسلم-في رحلته معه إلى الشام من الأخلاق العالية، والفضائل السامية، وما قاله (بحيرا) الراهب لعمه أبي طالب في رحلته الأولى إلى الشام - تعلقت رغبتها به؛ وبأن تتخذه زوجاً لها، وكانت قد تزوجت من قبل، وتوفي عنها زوجها؛ فتمَّ ذلك الزواج الميمون، وكان عمره آنذاك خمسة وعشرين سنة، وعمرها قريباً من أربعين سنة.
ولم يتزوج عليها طيلة حياتها، ولا أحب مثلها، وتوفيت بعد البعثة النبوية بعشر سنين، فكان كثيراً ما يذكرها، ويتصدق عنها، ويهدي لصاحباتها، وهي الزوجة التي رُزِق منها جميع أولاده عدا إبراهيم؛ فإنه من زوجته ماريا القبطية.
هذه بعض أخباره وسيرته قبل النبوة، وبدء الوحي على سبيل الإجمال[6].

محمد بن إبراهيم الحمد
11/5/1428هـ

[1] انظر جوامع السيرة لابن حزم ص4-6، والروض الأنف 1/23-38 ففيهما تفصيل النسب، وشرح الأسماء الواردة فيه، وحدائق الأنوار، ومطالع الأسرار لابن الدَّيبع 1/94، وسبل الرشاد في هدي خير العباد 1/235-322، وخلاصة السيرة ص11-12، ومحمد رسول الله لأحمد تيمور باشا ص28، وموسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم 1/192.

[2] انظر خلاصة السيرة ص13-14، والسيرة النبوية الصحيحة د. أكرم العمري 1/90-91.

[3] انظر حدائق الأنوار لابن الدَّيبع الشافعي 1/29، وخلاصة السيرة ص14، وفقه السيرة للشيخ محمد الغزالي، خرَّج أحاديثه الشيخ الألباني ص58-63.

[4] انظر جوامع السيرة النبوية لابن حزم الأندلسي ص6-7، والروض الأنف 1/278-286 و297.

[5] انظر الروض الأنف 1/300-301، وأعلام النبوة للماوردي ص248-249.

[6] انظر سنن الترمذي (3620) ودلائل النبوة 1/90-92، والروض الأنف 1/313-318 و322-335، والخصائص الكبرى للسيوطي 1/226، وخلاصة السيرة ص15-16، ومحمد رسول الله لأحمد تيمور باشا ص35-36، وفقه السيرة للغزالي ص68-69.

بارك الله لكم في استعراض نبيا قبل البعثة وفي مكتنا …
أثرتم مسألة هامة :
كان محمدنا خير وبركة على حليمة السعدية …
لكنه عاش فقيرا ومات فقيرا عن حصيرة ودرع مرهونة …
وأرض بخبير تدر ما يكلف معيشته حتى صار طعام أهله الأسودين :الماء والتمر …
ولا يوقد لهم نار بالشهرين …
فالبركة تعم ولا تخص حتى كانت مال سيدة نساء العالمين خديجة يواسيه في سبيل الدعوة لله …
فكانت منكم عظة لمن هاجر للدنيا وطلب مالها فقط …
ومنا من يعمل للمال فيذم غيره حتى يرضى عنه ويعطى …
وهذا من الشرك الأعظم …

محمدنا قدوة في حياته لم يعمل لمال أو جاه …
وعرض عليه أن يكون مليك قريش فأبى …
بل وعرض الله عليه في المدينة أن يكون ملكا رسولا فأبي وفضل نبيا رسولا …
وكان يدعو بالحشر في زمرة المساكين …

محمدنا كان لا يقر لرغد العيش بل كان يجاهد وصحبه سنويا
فلا يقر في لذة العيش … ويخرج حتى تدمى أقدامهم …

هؤلاء هم الرعيل الأول عظتنا … زادهم الأخرة لا الدنيا …
فحق لهم نعيم الأخرة !!!.
ولتقرأ معي سورة الأضحى ونعيم الأخرة وشظف الدنيا :

وَالضُّحَى COLOR=#ff0000[/color] وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى COLOR=#ff0000[/color] مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى COLOR=#ff0000[/color] وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى COLOR=#ff0000[/color] وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى COLOR=#ff0000[/color] أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى COLOR=#ff0000[/color] وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى COLOR=#ff0000[/color] وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى COLOR=#ff0000[/color] فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ COLOR=#ff0000[/color] وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ COLOR=#ff0000[/color] وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ COLOR=#ff0000[/color]