(حزب الله يحقق مفاجأة إستراتيجية ضد العدو الصهيوني)

حزب الله يحقق مفاجأة إستراتيجية ضد العدو الصهيوني

  • صواريخ حزب الله دمرت مباني شمال الكيان الصهيوني
  • حائط صواريخ جديد يعيد للأذهان ذكرى انتصارات أكتوبر 1973م
  • انهيار المقاييس العسكرية بين المقاومة والعدو الصهيوني

كتب- أحمد التلاوي

بعيدًا عن أية معايير عسكرية وحسابات إستراتيجية تقليدية، ودونما الخوض في ملف التنبؤات المتعلقة بنتائج المعركة الضروس الحالية التي تخوضها المقاومة في لبنان وفلسطين ضد العدو الصهيوني… فإن هناك حقيقةً ساطعةً يجب الاعتراف بها، وأَثْبَتَتْها تطورات الأيام الأربعة الأخيرة في لبنان والشهور الماضية في فلسطين، وهي أنَّ المقاومة استطاعت تحقيق ما يُطلِق عليه خبراءُ العلوم العسكرية والإستراتيجية العامة اسم “المفاجأة الإستراتيجية”، وهو قولٌ ينطبق على حزب الله، في ظل النجاحات المتواصلة التي يحققها بشكل مستمر على جبهة القتال الجديدة/ القديمة في جنوب لبنان وما وراءه شمالاً في لبنان وجنوبًا في الكيان الصهيوني.

وبعيدًا عن اعتبارات الحماسة التي تُمليها الانتماءات العربية والإسلامية المشتركة مع حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية حماس، وغيرهما من فصائل وقوى المقاومة العربية والإسلامية في فلسطين ولبنان، فإنه بالفعل وعلى أي مقياس عسكري بمستوييه التكتيكي والإستراتيجي فإن حزب الله وحماس وألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري لكتائب المقاومة الشعبية وغيرها من فصائل المقاومة وكتائبها استطاعت تحقيق هذه المفاجأة التي ارتبطت بعامل آخر شديد الأهمية استطاع حزب الله بالذات تحقيقه نظرًا لاختلاف ظروفه السياسية والإستراتيجية العامة والممكنات المتاحة له عن باقي فصائل المقاومة الفلسطينية، وهو عامل الردع.

وبوجه عام استطاع حزب الله اللبناني في الحرب الدائرة رحاها الآن في لبنان وداخل عمق الكيان الصهيوني كسْر العديد من المعادلات العسكرية والسياسية التقليدية التي كانت بمثابة ثوابت في الشرق الأوسط، مع خلق بدائل مبتكرة لها على مستويات مُتَعَدِّدة.

معادلة الردع

الشيخ حسن نصر الله “لن تُدَمَّر بيوتنا وحدنا… لن يُقْتَل أطفالُنا وحدنا… لن يُشَرَّد شعبُنا وحده، هذا الزمن انتهى وعليكم أيضًا أن تتحملوا مسئولية ما قامت به حكومتكم”، هذه العبارة قالها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مخاطبًا الصهاينة بعد استهداف الصهاينة لمقرِّ سكنه ومقرّ الأمانة العامة للحزب في المربع الإداري والأمني التابع له في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وهذه العبارة تُعَبِّر بدقة شديدة عن الوضع الراهن في المعادلة اللبنانية- الصهيونية الشاملة.

وأول تلك المعادلات التي استطاع حزب الله تحقيقها وإدخالها إلى معادلة الصراع الرئيسة مع الكيان الصهيوني هي معادلة الردع المتبادل، والتي استطاع تحقيق أولى خطواتها في العام 1995م بعد مجزرة قانا التي ارتكبتها حكومة رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق شيمون بيريز في حق مدنيِّي جنوب لبنان وبعثة الأمم المتحدة هناك؛ حيث تم التوصل إلى اتفاق عُرف باسم “اتفاق نيسان” منَح حزبَ الله أحقيةَ الرد على أي عدوان صهيوني على المدنيين اللبنانيين، ووضَعَه على قدم المساواة مع الكيان الصهيوني، كما أنَّ هذا الاتفاق منَحَ حزب الله الشرعية السياسية والقانونية اللازمة لتمثيل المقاومة اللبنانية.

وفي الحرب الراهنة في الشرق الأوسط وباستهداف الحزب للمغتصبات الصهيونية حتى عمق يزيد على الـ30 كيلو مترًا حتى صفد وعكا وشمال حيفا على خط واصل من مغتصبتي نهاريا وروش بينا شمالاً، وأيضًا باستهداف الحزب أولاً مواقعَ عسكريةً صهيونيةً من بينها قواعد عالية التأمين والأهمية مثل قاعدة في شمال جبل الجرمك (ميرون)- حيث أكبر قيادة للدفاع الجوي في شمال الكيان- وكذلك- ثانيًا- منشآت البنية التحتية مثل خزانات الوقود في نهاريا وغيرها والمطارات المدنية والعسكرية في روش بينا وصفد… أدخل الحزب الأزمةَ في الشرق الأوسط إلى معادلة إستراتيجية وعسكرية جديدة ثنائية الأضلاع وليست أحاديةً كما كانت ويمثلها الكيان الصهيوني.

فحزب الله قام أولاً قبل أربعة أيام بشنِّ غارةٍ داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948م، وقام بأَسْرِ اثنين من جنود العدو الصهيوني، وقتل ثمانية وأصاب 21 آخرين بما يعني فصيلة أو سرية صغيرة من الجيش الصهيوني أبادها حزب الله، وهكذا لم تعُد المبادرة بِيَد الكيان الصهيوني، ثم عَمَدَ الحزب إلى ضرب الكيان في مناطق مدنية وتجمعات سكانية ومخازن وقود وجسور؛ ردًّا على القصف الصهيوني على أهداف من ذات النوعية في لبنان.

وحتى على نطاق التهديدات كانت هناك معادلة توازن وردع ورد متبادل، فعندما أنذرت القوات الصهيونية السكان اللبنانيين في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت بإخلائها تمهيدًا لضربها هدَّد حزب الله باستهداف حيفا ذاتها، وعندما استهدف الطيران الصهيوني والقوات البحرية الصهيونية الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت بالفعل وسَّع حزب الله من دائرة عملياتها لتشمل البوارج التي قصفت الضاحية، وأغرق إحدى المدمرات الصهيونية بالفعل، وقُتل وفُقِدَ في هذه العملية ما لا يقل عن أربعة جنود صهاينة، بالإضافة إلى الأثر النفسي الرهيب الذي تخلَّف عنها.

وزاد من ذلك الأثر كلمات نصر الله التي تزامنت مع هذه العملية، وجاءت مع مشاهد ضرب وغرق البارجة؛ حيث قال: “إنَّ المفاجآت التي وعدتُّكم بها سوف تبدأ من الآن… الآن في عرض البحر في مقابل بيروت البارجة الحربية العسكرية “الإسرائيلية” التي اعتَدَت على بنيتنا التحتية وعلى بيوت الناس وعلى المدنيين، انظروا إليها تحترق، وستغرق ومعها عشرات الجنود “الإسرائيليين” الصهاينة، هذه البداية”، وكان لهذا التزامن أثرٌ سياسيٌّ ومعنويٌّ خطيرٌ بالفعل.

على مستوى آخر وسَّع حزب الله من دائرة تهديداته فقال بالتوازي مع توسيع الكيان الصهيوني لعملياته؛ حيث طالت تهديدات حزب الله ما بعد حيفا، مع إعلان نصر الله عن قبول المقاومة الإسلامية لخيار “الحرب المفتوحة”، ومن هنا كسَر حزب الله معادلة الأحادية في الفعل، وخلق معادلةً جديدةً هي الردع المتبادل، وعلى ذلك فقد بات أكثر من مليون صهيوني في الملاجئ ليلة أمس، وكذلك لم يكن اللبنانيون فقط هم من باتوا ليلتهم في الظلام بعد قصف محطة الكهرباء الرئيسة في صفد، وهكذا.

المفاجأة الإستراتيجية : عرض عسكري لحزب الله

المعادلة الثانية التي تبنَّاها حزب الله في هذا المقام هي معادلة الصواريخ، فمع تضييق الولايات المتحدة والكتلة الغربية على مصادر التسليح للدول والكيانات العربية والإسلامية- ومن بينها حزب الله- وانضمام النظم السياسية العربية إلى حالة الحصار المفروضة على المقاومة العربية والإسلامية في فلسطين ولبنان، وتراجع دور الترسانة العسكرية الشرقية- الصين وروسيا تحديدًا- لجأ حزبُ الله وحركات المقاومة الفلسطينية إلى معادلة جديدة في هذا المقام.

هذه المعادلة تُعيد الذهن إلى معركة أخرى خاضتها العسكرية العربية على جبهة أخرى في سبعينيات القرن الماضي، وهي الجبهة المصرية، التى لجأت إلى العديد من الحِيَل الذكية للتغلُّب على فارق التقنية والعُدَد للقوات الجوية والمدرعات الصهيونية، وكانت الحيلة الأهم في هذا المقام هي تلك الخاصة باعتماد القوات المصرية على الاستخدام المكثَّف للصواريخ بمختلف أنواعها، سواءٌ المضادة للدبابات مثل جراد وشليكا أو للطائرات مثل عائلة صواريخ سام بمختلف أمديتها وطُرُزِهَا.

وكانت الخسائر الصهيونية في هذا المقام مضاعفةً واستطاع الجندي المصري في حرب رمضان باستخدام ذكي للصواريخ قصيرة المدى أن يتفوَّق على العسكرية الصهيونية المتمثلة في المزج بين سلاحي الطائرة والدبابة أو حرب الجو- مدرعات.

وبالمثل كانت- طبقًا لتقديرات عسكرية وضعتها دوريات لها وزنُها في العالم الغربي مثل دورية (جينز ديفنس) وكذلك جريدة (ذي جارديان)- الترسانة الصاروخية لحزب الله وكذلك لفصائل المقاومة الفلسطينية هي بمثابة العمود الفقري للمفاجأة العسكرية العربية والإسلامية في الحرب العربية- الصهيونية السادسة الحالية.

وقالت المصادر العسكرية الصهيونية: إنَّ ترسانة حزب الله بها ما بين 13 ألفًا إلى 15 ألف صاروخ مختلفة الأبعاد والمديات، من بينها الكاتيوشا العادية وجراد و(رعد- 1) الأبعد مدًى وزلزالاً، بجانب اعتماد حزب الله على تقنية تطوير الأسلحة والصواريخ محليًّا؛ تحسبًا لحالة حصار مشابهة لما يفرضه الكيان الصهيوني حاليًا على لبنان وحدوده البرية وكذلك أجواؤه ومياهه الإقليمية.

من جانب آخر نجح حزب الله في حشد مفاجأةٍ أخرى من المفاجآت التي تحدث عنها نصر الله في بداية الحرب، وهي الطائرات بدون طيار من طراز “مرصاد- 1” المثيلة للبريداتور الأمريكية، وبها حقَّقت قواتُ حزب الله مفاجأةً تكتيكيةً كبيرةً باستخدامها في قصف البارجة الصهيونية الغارقة بعد تحميل الطائرة بالمتفجرات.

وعبر هذه الأداة- مرصاد- تمكَّن حزب الله من استكمال منظومته المعلوماتية والاستخبارية التي استطاعت طيلة السنوات القليلة الماضية اختراق حصون الاستخبارات والعسكرية الصهيونية، ومعرفة أدقّ أسرار المنطقة العسكرية الشمالية الصهيونية وطبوغرافية المنطقة جيدًا؛ حيث يقوم حزب الله حاليًا باستغلال كل تلك المعلومات المتراكمة لديه طوال الفترة الماضية، لإغراق صفد ونهاريا وروش بينا وكريات شمونة وغيرها في الظلام والركام، واستهداف المواقع العسكرية الصهيونية المهمة.

الاختراق العسكري الآخر الذي حقَّقه حزب الله واستطاع عن طريقه تحقيق مفاجأته الإستراتيجية كان تطوير قواته البرية والتي تشكِّل حائط ردع حقيقي أمام أي تفكير من جانب الكيان الصهيوني فى غزو لبنان، فقد وصل تعداد قوات الحزب إلى نحو 50 ألف عنصر مُدرَّبين بشكل جيد على حرب العصابات، وعلى أعمال القوات الخاصة.

هذه القوات تشكِّل ما نسبته 30% أو أقل قليلاً من تعداد قوات الجيش الصهيوني العاملة- 175 ألفًا بما فيها عناصر القوات الجوية والبحرية- وإذا ما تمَّ تحييد سلاح الجوّ فإن الجيش الصهيوني بدون الاحتياطي الخاص به من وجهة نظر الكثير من العسكريين لا يستطيع أنْ يُنَفِّذ عمليةَ اجتياح كاملةً للبنان كما كان الوضع في السبعينيات والثمانينيات الماضية، لا سيما أنَّ الردع الصاروخي لحزب الله بات موجودًا.

كما أنَّ التعبئة الأيديولوجية والظهير الفكري موجودَان لدى قوات حزب الله الذي استطاع رسم خريطة تحالفات إقليمية مع دول الرفض العربي والإسلامي للهيمنة الأمريكية والصهيونية مثل سوريا وإيران، وقوى مثيلة تسير على ذات الخط مثل حركة حماس التي أثبتت فشل المشروع الصهيوني الآني سياسيًّا وعسكريًّا على الجانب الفلسطيني بذات معادلة الصواريخ.

نتائج مذهلة : موقع صهيوني دمرته صواريخ الكاتيوشا

وعلى النحو الموجَز السالف الذكر فإن حزب الله حطَّم وهْم العسكرية الصهيونية ومشروعها السياسي الحالي القائم على العدوان الاستباقي، والحرب “الوقائية”، والخيارات السياسية أحاديةَ الجانب في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان والجولان، وأَفْهَمَ صُنَّاع ومُتَّخِذِي القرار الإستراتيجي في الكيان الصهيوني أنَّ هذه المعادلة الأحادية قد ماتت ولم يعُد لها سوقٌ يتم تصريفها فيه، باستثناء أسواق القادة والزعماء العرب.

والأهم أنَّهُ قد كشف تمامًا المؤسسة العسكرية والأمنية الصهيونية، وقام بتعرية أوجه القصور فيها، وأزال عنها كافةَ أشكال القداسة والهيبة الإجرامية التي صنعتها بفضل تخاذل القادة العرب عبر العقود الماضية على حساب دماء وأرواح العرب، وكسر ثوابت الصراع العربي- الصهيوني تمامًا، على المستويين السياسي والعسكري، وأبَانَ حالة الضعف المُزرية للكيان الصهيوني، وأوضح أن الكيان الصهيوني ليس بالكيان المثالي الذي لا يُقهر، تمامًا مثلما فعل المقاتل المصري والعربي في العام 1973م.

والأهم من ذلك أنَّه أعاد الاعتبار لكرامة الإنسان العربي، وأزال الغبار الإعلامي والسياسي العربي الرسمي عن خيار المقاومة الذي استبعده الكثيرون من حساباتهم في العقود الأخيرة، وهذا هو الأهم.

وبعد… أفلا تستحق هذه النتائج الباهرة أن يتحمَّل العرب بعض نتائج “مغامرات” حزب الله؟!

شكرا جدا على الموضوع وجزاكم كل الخير
والله هذا الموضوع انا فرحت جدا منه:)

جزيل الشكر يا احمد على هذه الأخبار

اللهم انصر الاسلام واعز المسلمين

اللهم انصرهم …

الله اكبر الله اكبر
الهم انصر الاسلام واعز المسلمين

وماذا قدم حزب الله للبنان بفعلته هذه ؟؟