هل سمعتم بقصة الشيخ الوقور وركاب القطار ؟؟
[FONT=Tahoma][SIZE=2]
إذا فاقرءوها الآن فكم هي شيقة !! وكم هي معبرة !! وكم هي خاصة بكل واحد منا !!
فأنا وأنت وهو وهي قد عايشناها لحظة بلحظة … !!
حصلت هذه القصة في أحد القطارات …
ففي ذات يوم أطلقت صافرة القطار مؤذنة بموعد الرحيل … صعد كل الركاب إلى القطار فيما عدا شيخ وقور وصل متأخرا … لكن من حسن حظه أن القطار لم يفته … صعد ذلك الشيخ الوقور إلى القطار فوجد أن الركاب قد استحوذوا على كل مقصورات القطار …
توجه إلى المقصورة الأولى …
فوجد فيها أطفالا صغارا يلعبون و يعبثون مع بعضهم … فأقرأهم السلام … وتهللوا لرؤية ذلك الوجه الذي يشع نورا وذلك الشيب الذي أدخل إلى نفوسهم الهيبة والوقار له … أهلا أيها الشيخ الوقور سعدنا برؤيتك … فسألهم إن كانوا يسمحون له بالجلوس ؟؟ …
فأجابوه : مثلك نحمله على رؤسنا … ولكن !!! ولكن نحن أطفال صغار في عمر الزهور نلعب ونمرح مع بعضنا لذا فإننا نخشى ألا تجد راحتك معنا ونسبب لك إزعاجا … كما أن وجودك معنا قد يقيد حريتنا … ولكن إذهب إلى المقصورة التي بعدنا فالكل يود استقبالك …
توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة الثانية …
فوجد فيها ثلاثة شباب يظهر انهم في آخر المرحلة الثانوية … معهم آلات حاسبة ومثلثات … وهم في غاية الإنشغال بحل المعادلات الحسابية والتناقش في النظريات الفيزيائية … فأقرأهم السلام … ليتكم رأيتم وجوههم المتهللة والفرحة برؤية ذلك الشيخ الوقور … رحبوا به وأبدوا سعادتهم برؤيته … أهلا بالشيخ الوقور … هكذا قالوها … فسألهم إن كانوا يسمحون له بالجلوس …!!!
فأجابوه لنا كل الشرف بمشاركتك لنا في مقصورتنا ولكن !!! ولكن كما ترى نحن مشغولون بالجا والجتا والمثلثات الهندسية … ويغلبنا الحماس أحيانا فترتفع أصواتنا … ونخشى أن نزعجك أو ألا ترتاح معنا … ونخشى أن وجودك معنا جعلنا نشعر بعدم الراحة في هذه الفرصة التي نغتنمها إستعدادا لإمتحانات نهاية العام … ولكن توجه إلى المقصورة التي تلينا … فكل من يرى وجهك الوضاء يتوق لنيل شرف جلوسك معه …
أمري إلى الله … توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة التالية …
فوجد شاب وزوجته يبدوا أنهم في شهر عسل … كلمات رومانسية … ضحكات … مشاعر دفاقة بالحب والحنان … أقرأهما السلام … فتهللوا لرؤيته … أهلا بالشيخ الوقور … أهلا بذي الجبين الوضاء … فسألهما إن كانا يسمحان له بالجلوس معهما في المقصورة ؟؟؟
فأجاباه مثلك نتوق لنيل شرف مجالسته … ولكن !!! … ولكن كما ترى نحن زوجان في شهر العسل … جونا رومانسي … شبابي … نخشى ألا تشعر بالراحة معنا … أو أن نتحرج متابعة همساتنا أمامك … كل من في القطار يتمنى أن تشاركهم مقصورتهم …
توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة التي بعدها …
فوجد شخصان في آوخر الثلاثينيات من عمرهما … معهما خرائط أراضي ومشاريع … ويتبادلان وجهات النظر حول خططهم المستقبلية لتوسيع تجارتهما … وأسعار البورصة والأسهم …
فأقرأهما السلام … فتهللا لرؤية … وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أيها الشيخ الوقور … أهلا وسهلا بك يا شيخنا الفاضل … فسألهما إن كانا يسمحان له بالجلوس ؟؟؟ فقالا له : لنا كل الشرف في مشاركتك لنا مقصورتنا … بل أننا محظوظين حقا برؤية وجهك الو ضاء … ولكن !!! " يالها من كلمة مدمرة تنسف كل ما قبلها " … كما ترى نحن بداية تجارتنا وفكرنا مشغول بالتجارة والمال وسبل تحقيق ما نحلم به من مشاريع … حديثنا كله عن التجارة والمال … ونخشى أن نزعجك أو ألا تشعر معنا بالراحة … اذهب للمقصورة التي تلينا فكل ركاب القطار يتمنون مجالستك …
وهكذا حتى وصل الشيخ إلى آخر مقصورة …
وجد فيها عائلة مكونة من أب وأم وابنائهم … لم يكن في المقصورة أي مكان شاغر للجلوس …
قال لهم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته … فردوا عليه السلام … ورحبوا به … أهلا أيها الشيخ الوقور …
وقبل أن يسألهم السماح له بالجلوس … طلبوا منه أن يتكرم عليهم ويشاركهم مقصورتهم … محمد اجلس في حضن أخيك أحمد … أزيحوا هذه الشنط عن الطريق … تعال يا عبد الله اجلس في حضن والدتك … أفسحوا مكانا له … حمد الله ذلك الشيخ الوقور … وجلس على الكرسي بعد ما عاناه من كثرة السير في القطار …
توقف القطار في إحدى المحطات …
وصعد إليه بائع الأطعمة الجاهزة … فناداه الشيخ وطلب منه أن يعطي كل أفراد العائلة التي سمحوا له بالجلوس معهم كل ما يشتهون من أكل … وطلب لنفسه " سندويتش بالجبنة " … أخذت العائلة كل ما تشتهي من الطعام … وسط نظرات ركاب القطار الذين كانوا يتحسرون على عدم قبولهم جلوس ذلك الشيخ معهم … كان يريد الجلوس معنا ولكن …
صعد بائع العصير إلى القطار … فناداه الشيخ الوقور … وطلب منه أن يعطي أفراد العائلة ما يريدون من العصائر على حسابه وطلب لنفسه عصير برتقال … يا الله بدأت نظرات ركاب القطار تحيط بهم … وبدأوا يتحسرون على تفريطهم … آه كان يريد الجلوس معنا ولكن …
صعد بائع الصحف والمجلات إلى القطار … فناداه الشيخ الوقور وطلب مجلة الزهرات أمل هذه الأمة … للأم … ومجلة كن داعية … للأب … ومجلة شبل العقيدة للأطفال … وطلب لنفسه جريدة أمة الإسلام … وكل ذلك على حسابه … ومازالت نظرات الحسرة بادية على وجوه كل الركاب … ولكن لم تكن هذه هي حسرتهم العظمى …
توقف القطار في المدينة المنشودة …
واندهش كل الركاب للحشود العسكرية والورود والإحتفالات التي زينت محطة الوصول … ولم يلبثوا حتى صعد ضابط عسكري ذو رتبة عالية جدا … وطلب من الجميع البقاء في أماكنهم حتى ينزل ضيف الملك من القطار … لأن الملك بنفسه جاء لاستقباله … ولم يكن ضيف الملك إلا ذلك الشيخ الوقور … وعندما طلب منه النزول رفض أن ينزل إلا بصحبة العائلة التي استضافته وان يكرمها الملك … فوافق الملك واستضافهم في الجناح الملكي لمدة ثلاثة أيام أغدق فيها عليهم من الهبات والعطايا … وتمتعوا بمناظر القصر المنيف … وحدائقه الفسيحة …
هنا تحسر الركاب على أنفسهم أيما تحسر … هذه هي حسرتهم العظمى … وقت لا تنفع حسرة …
والآن بعد أن استمتعنا سويا بهذه القصة الجميلة بقي أن أسألكم سؤالا ؟؟؟
[B]من هو الشيخ الوقور ؟
ولماذا قلت في بداية سرد القصة :
وكم هي خاصة بكل واحد منا !! فأنا وأنت وهو وهي قد عايشناها لحظة بلحظة … !! [/b]
أعلم إنكم كلكم عرفتموه … وعرفتم ما قصدت من وراء سرد هذه القصة …
لم يكن الشيخ الوقور إلا الدين …
إبليس عليه لعنة الله إلى يوم الدين توعد بإضلالنا … وفضح الله خطته حينما قال في كتابه الكريم { ولأمنينهم }
إبليس أيقن انه لو حاول أن يوسوس لنا بأن الدين سيئ أو انه لا نفع منه فلن ينجح في إبعادنا عن الدين … وسيفشل حتما …
ولكنه أتانا من باب التسويف … آه ما أجمل الإلتزام بالدين … ولكن مازالوا أطفالا يجب أن يأخذوا نصيبهم من اللعب واللهو … حرام نقيدهم … عندما يكبرون قليلا سوف نعلمهم الدين ونلزمهم به …
ما اجمل الإلتزام بالدين ولكن … الآن هم طلبة مشغولون بالدراسة … بالواجبات والإمتحانات … بعد ما ينهوا دراستهم سيلتزمون بالدين … وسيتعلمونه …
أو مازلنا في شهر العسل … الدين رائع ولكن سنلتزم به غدا …
مازلنا نكون أنفسنا بعد أن أقف على رجلي في ساحة التجارة سأهتم كثيرا بديني … وسألتزم به …
ولا ندري هل يأتي غدا ونحن أحياء … أم نكون وقتها تحت الثرى … !!!
التسويف هو داء نعاني منه في أمورنا كلها … نؤمن بالمثل القائل : لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد ولكننا لا نطبق ما نؤمن به على أرض الواقع … لذا نفشل في بناء مستقبلنا في الدنيا … كما في الآخرة …
فالعمر يمضي ونحن نردد … غدا سأفعل … سأفعلها ولكن بعد أن أفرغ من هذه … مازلت صغيرا إذا كبرت سأفعلها … بعد أن أتزوج سألتزم بالدين … بعد أن أتخرج … بعد أن أحصل وظيفة … بعد أن … بعد أن[/size][/font]