هل تعلم بأن الأبتلاء نعمة ؟؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن من السنن الكونية وقوع البلاء على المخلوقين اختباراً لهم، وتمحيصاً لذنوبهم، وتمييزاً بين الصادق والكاذب منهم قال الله - تعالى -(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) من سوره البقره الايه 155

وقال تعالى(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ).من سوره الانبياء الايه 35

و قال تعالى(الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)من سوره العنكبوت الايه 1-2
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وقال حديث حسن.

وأكمل الناس إيمانا أشدهم إبتلاء قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. أخرجه الإمام أحمد وغيره.
وفوائد الإبتلاء:

• تكفير الذنوب ومحو السيئات.

• رفع الدرجة والمنزلة في الآخرة.

• الشعور بالتفريط في حق الله واتهام النفس ولومها.

• فتح باب التوبة والذل والانكسار بين يدي الله.

• تقوية صلة العبد بربه.

• تذكر أهل الشقاء والمحرومين والإحساس بالآمهم.

• قوة الإيمان بقضاء الله وقدره واليقين بأنه لا ينفع ولا يضر الا الله.

• تذكر المآل وإبصار الدنيا على حقيقتها.

والناس حين نزول البلاء ثلاثة أقسام:

الأول: محروم من الخير يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله واتهام القدر.

الثاني: موفق يقابل البلاء بالصبر وحسن الظن بالله.

الثالث: راض يقابل البلاء بالرضا والشكر وهو أمر زائد على الصبر.
والمؤمن كل أمره خير فهو في نعمة وعافية في جميع أحواله قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.
واقتضت حكمة الله اختصاص المؤمن غالباً بنزول البلاء تعجيلاً لعقوبته في الدنيا أو رفعاً لمنزلته أما الكافر والمنافق فيعافى ويصرف عنه البلاء. وتؤخر عقوبته في الآخرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد" رواه مسلم.
والبلاء له صور كثيرة: بلاء في الأهل وفى المال وفى الولد، وفى الدين، وأعظمها ما يبتلى به العبد في دينه.
وقد جمع للنبي كثير من أنواع البلاء فابتلى في أهله، وماله، وولده، ودينه فصبر واحتسب وأحسن الظن بربه ورضي بحكمه وامتثل الشرع ولم يتجاوز حدوده فصار بحق قدوة يحتذي به لكل مبتلى.
والواجب على العبد حين وقوع البلاء عدة أمور:

COLOR=blue أن يتيقن أن هذا من عند الله فيسلم الأمر له. [/color]

COLOR=blue أن يلتزم الشرع ولا يخالف أمر الله فلا يتسخط ولا يسب الدهر. [/color]

COLOR=blue أن يتعاطى الأسباب النافعة لد فع البلاء. [/color]

COLOR=blue أن يستغفر الله ويتوب إليه مما أحدث من الذنوب. [/color]
• ومما يؤسف له أن بعض المسلمين ممن ضعف إيمانه إذا نزل به البلاء تسخط و سب الدهر، ولام خالقه في أفعاله وغابت عنه حكمة الله في قدره واغتر بحسن فعله فوقع في بلاء شر مما نزل به وارتكب جرماً عظيماً.
• وهناك معاني ولطائف إذا تأمل فيها العبد هان عليه البلاء وصبر وآثر العاقبة الحسنة وأبصر الوعد والثواب الجزيل:

أولاً: أن يعلم أن هذا البلاء مكتوب عليه لا محيد عن وقوعه واللائق به أن يتكيف مع هذا الظرف ويتعامل بما يتناسب معه.

ثانياً: أن يعلم أن كثيراً من الخلق مبتلى بنوع من البلاء كل بحسبه و لا يكاد يسلم أحد فالمصيبة عامة، ومن نظر في مصيبة غيره هانت عليه مصيبته.

ثالثاً: أن يذكر مصاب الأمة الإسلامية العظيم بموت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي انقطع به الوحي وعمت به الفتنه وتفرق بها الأصحاب " كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله "

رابعاً: أن يعلم ما أعد الله لمن صبر في البلاء أول وهلة من الثواب العظيم
مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي قَالَتْ إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي وَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ فَقَالَ إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى “صحيح البخاري”

خامساً: أنه ربما ابتلاه الله بهذه المصيبة دفعاً لشر وبلاء أعظم مما ابتلاه به، فاختار الله له المصيبة الصغرى وهذا معنى لطيف.

سادساً: أنه فتح له باب عظيم من أبواب العبادة من الصبر والرجاء، وانتظار الفرج فكل ذلك عبادة.

سابعاً: أنه ربما يكون مقصر وليس له كبير عمل فأراد الله أن يرفع منزلته و يكون هذا العمل من أرجى أعماله في دخول الجنة.

ثامناً: قد يكون غافلا معرضاً عن ذكر الله مفرطاً في جنب الله مغتراً بزخرف الدنيا، فأراد الله قصره عن ذلك وإيقاظه من غفلته ورجوعه إلى الرشد.
فإذا استشعر العبد هذه المعاني واللطائف انقلب البلاء في حقه الى نعمة وفتح له باب المناجاة ولذة العبادة، وقوة الاتصال بربه والرجاء وحسن الظن بالله وغير ذلك من أعمال القلوب ومقامات العبادة ما تعجز العبارة عن وصفة.
قال وهب بن منبه: لا يكون الرجل فقيها كامل الفقه حتى يعد البلاء نعمة ويعد الرخاء مصيبة، وذلك أن صاحب البلاء ينتظر الرخاء وصاحب الرخاء ينتظر البلاء وقال رسول الله (: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقارض) رواه الترمذي
ومن الأمور التي تخفف البلاء على المبتلى وتسكن الحزن وترفع الهم وتربط على القلب:

COLOR=blue الدعاء: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة. [/color]

COLOR=blue الصلاة: فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة رواه أحمد. [/color]

COLOR=blue الصدقة" وفى الأثر “داوو مرضاكم بالصدقة” سنن البيهقي[/color]

COLOR=blue تلاوة القرآن: " وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين" 82 - الإسراء[/color]

COLOR=blue الدعاء المأثور:“وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون” 55-56 سورة البقرة وما استرجع أحد في مصيبة إلا أخلفه الله خيرا منها[/color]

لتتمة الفائدة:
وأما الواجب على العبد حال الرخاء أن يسأل الله العفو والعافية فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول " اللهم إني أسألك العفو العافية في الدنيا والآخرة
كتب إليه[يعني سالم أبو النضر] عبد الله بن أبي أوفى ، حين خرج إلى الحرورية ، فقرأته فإذا فيه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو ، انتظر حتى مالت الشمس ، ثم قام في الناس فقال : ( أيها الناس ، لا تمنوا لقاء العدو ، وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتوهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف . ثم قال : اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم ) .
الراوي: عبدالله بن أبي أوفى - خلاصة الدرجة: [صحيح] - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3024 (المرجع موقع الدرر السنية)
ونلحظ في الحديث السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين حال العافية وهو عدم تمني لقاء العدو وبين حال حدوث اللقاء وثبوت البلاء فقال فإذا لقيتموهم فاثبتوا بل وحفزهم على الصبر بأن أوضح لهم الجزاء وأعلمهم أن الجنة تحصل بذلك بل وطمئنهم على حدوث النفع وأن البلاء لن يدم بأن دعا الله بأن يهزم العدو

نسأل الله أن يرفع عن شعب فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير
وأن يرفغ الغلاء والوباء عن مصر والسودان والصومال والنيجر
وأن يعم الرخاء على كل بلدان المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه

الأخ أبو أنس المصري
السلام عليكم
ِشكرا" على الأضافة الذكية للموضوع والله كانت أضافة مهمة جدا" تغافلت عنها أنا وتذكرتها أنت ياأخي
معظم المسلمين يفهمون هذا الموضوع على أنه يمثل الخضوع للبلاء وعدم السعي بأسباب زوال المصيبة بحجة أنهم يكسبون الأجر من الصبر وبحجة الدعاء المأثور(يفرجها ربنا)
من المؤكد أن الله سبحانه وتعالى طلب منا الصبر ولكن ليس كما نفهمه نحن بمعنى أن نكون جبناء ومتخاذلين فالأنسان الذي قدر عليه رزقه ويعيش في حالة فقر يصبر في حالة اجتهاده في العمل وتركه التبذير وأضاعة الوقت ورغم كل ماسعى قدر عليه رزقه عند ذلك يكون له الأجر على الصبر
ولكن ليس الأجر لمن جاع وعاش فقير ولم يبذل جهده في ايجاد عمل مهما كان نوعه وبالحلال وجلس ينتظر أن تفتح أبواب السماء ويسقط الطعام في فمه
وليس الأجر لمن أستطاع مواجهة عدو بأي طريقة يقدر عليها حتى ولو بالكلمة وسكت وتخاذل بحجة أن الله القوي سيدمره وأن الجنة للصابرين
ولكن الأجر لمن ليس بيده حيلة ولايقدر على أي شئ مهما كان صغير مع حزنه ودعائه أو من سعى وعنده المقدرة فصنع شيئا" ينصر به ابناء دينه ويخفف عنهم
وكلمة أخيرة لجميع المسلمين تذكروا أن الله سبحانه وتعالى هو مسبب الأسباب
فأسعوا بالأسباب ياأولي الألباب