الدكتور أحمد زويل في حوار لقناة «دريم»: أقوم حالياً بدراسة دور الفيزياء والكيمياء في الطب والأحياء.. وما أنجزناه بعد نوبل ربما يفوق ما قبلها

الدكتور أحمد زويل في حوار لقناة «دريم»: أقوم حالياً بدراسة دور الفيزياء والكيمياء في الطب والأحياء… وما أنجزناه بعد نوبل ربما يفوق ما قبلها

أعدته للنشر دارين فرغلي ١٠/٦/٢٠٠٨
زويل مع الزميل أحمد المسلمانى قبيل إجراء الحوار

[FONT=Tahoma][SIZE=2] من مدريد
وصلت إلي مطار مدريد قبل وصول الدكتور أحمد زويل بيومين، كنت قادماً من القاهرة، وكان الدكتور زويل قادماً من الدوحة.
في اليومين التقيت أصدقاء في السلك الدبلوماسي المصري، وأصدقاء من خارجه، ودارت حوارات عدة حول إسبانيا التي «كانت» وإسبانيا التي «أصبحت»، وامتد الحوار إلي نماذج عدة حول العالم… كيف كانوا… وكيف أمضوا… وكعادة المصريين انتهي بنا الحوار إلي أم الدنيا… وكان السؤال الجامع: ما الذي يجري في مصر؟


التقيت صديقي الأستاذ مجدي الجلاد في اليوم الأخير لزيارته واليوم الأول لزيارتي، واجتمعت دهشته مع دهشتي مما يجري هنا وهناك.
كانت مصر تقدم العون لإسبانيا، اليوم يمكن أن يأتيها أي مغامر… فتقف له السلطات المصرية احتراماً… ذلك أن الخبير الإسباني قد وصل!
لم أشأ أن أحيل رحلتي إلي بكاء علي أطلال… واخترت أن أمضي سائحاً في مدريد، ثم زائراً في «طليطلة» و«إل إسكوريال».
كنت قد تعرفت جيداً علي العاصمة الإسبانية قبل أن يصل الدكتور زويل إلي مطارها الأنيق… وصلت إلي قاعة كبار الزوار في المطار لأجد الدكتور لويس من جامعة مدريد في الانتظار، ثم عرفت أنه أستاذ كرسي الكيمياء في الجامعة العريقة، وواحد من كبار علماء الكيمياء في أوروبا.
قال لي د.لويس: إنه اختار في زيارة سابقة للدكتور زويل إلي إسبانيا أن يكون سائقه، حيث اختار أن يقود به سيارته لأجل أن ينفرد بمحاورات علمية طيلة الطريق. وأما هذه المرة، فهو المرافق الرئيسي له.
ذلك أنه ليس من الحكمة أن يكون مرافق د.زويل موظفاً في العلاقات العامة أو مديراً في الجامعة، بل الأفضل أن يكون مرافقوه من العلماء… حيث يعتبرون صحبته في السيارة بمثابة اجتماع، ولقاءه علي غداء اجتماع آخر، وزيارته في الفندق اجتماعاً ثالثاً، واصطحابه لتناول طعام شعبي في مطعم عريق اجتماعاً رابعاً… إن كل لحظة يقضيها د.زويل في بلادهم من الأفضل أن تكون مجالاً للحوار العلمي… يقوم بها علماء وباحثون… لا موظفون أو مرشدون.


إذا كان ذلك وضع الجدول الخاص للدكتور زويل… كلام في العلم… في المطار والسيارة في الفندق والمطعم… فإن الجدول العام كان جاداً بما يفوق الاحتمال.
فقد ألقي الدكتور زويل ثلاث محاضرات مثلت ثلاثة نماذج في المضمون وفي الأداء. كانت المحاضرة الأولي في جامعة مدريد أثناء مراسم تسلم الدكتوراة الفخرية رقم (٣٤) ودار مضمونها حول الحضارات والثقافات. وأما المحاضرة الثانية فقد كانت لجمهور غفير ملأ واحدة من أكبر قاعات المحاضرات في مدريد، وقد دارت حول المعالم الأساسية في خريطة العلم والعالم في الخمسين سنة المقبلة.
وقد جاءت المحاضرة الثالثة لخاصة الخاصة أو صفوة الصفوة… وهي محاضرة علمية مذهلة كان حضورها مقصوراً علي كبار العلماء. وهي المحاضرة التي قدم فيها د.زويل إنجازاته العلمية الجديدة.
لقد تشرفت بإجراء حوار مطول مع كبير العلماء العرب… امتد من العلم إلي الفكر إلي السياسة. وكان لي الشرف أن يكون هذا الحوار هو الفرصة الأولي للمشاهدين والقراء… ليعرفوا أكثر عن ثورة أحمد زويل الأولي «الفمتو كيمياء»، وثورة أحمد زويل الثانية في الفيزياء البيولوجية والميكروسكوب رباعي الأبعاد.
بقي الشكر الوفير لسعادة سفير مصر في مدريد… السفير ياسر مراد الذي كان كريماً ودوداً… بلا حدود، ولأسرة تحرير «المصري اليوم» التي اختارت أن تنشر نص الحوار بعد إذاعته في دريم… متجاوزة فكرة السبق إلي سعة الرؤية ونُبل الرسالة.
أحمد المسلمانى
قال العالم الكبير الدكتور أحمد زويل إن مصر أمامها تحديات كبيرة خلال نصف القرن المقبل، أولها مشكلة التعليم والبحث العلمي «التي تشكل قضية أمن قومي».
وأضاف، في حواره للإعلامي أحمد المسلماني علي قناة «دريم»، أن هناك تحديات جغرافية أخري علي جميع حدود مصر، مشيرًا إلي التقارير التي تتحدث عن احتمال غرق شمال الدلتا خلال الخمسين عامًا المقبلة، وإلي مشكلة فلسطين من الشرق، وما وصفه بـ «التهديد» الذي يتعرض له السد العالي في الجنوب، فضلاً عن وضع السودان «المرتبك»، ويضاف إلي هذا الصحراء في الغرب، موضحًا أن مصر لديها «صحراء وملايين الناس ولا يوجد أي تلاق بين العنصرين».
وفيما يلي جوانب من الحوار:

  • العالم في الخمسين عاماً القادمة هو عنوان لمحاضرة لك ستلقيها بدعوة من كبري مؤسسات الثقافة في مدريد، كيف تري العالم في الخمسين عاماً المقبلة إجمالا قبل أن نتحدث عنه تفصيلا؟
  • أنا مقتنع بأنه يمكننا الوصول إلي السلام العالمي إذا لم نستخدم الدين والسياسة، وباللغة الدارجة «هناك لعب كتير في العصر اللي إحنا فيه» سواء سياسيا أو دينيا «يعني إحنا عاوزين نستخدم الدين أو السياسة علشان نفرق بين الشعوب»، وما أراه بالنسبة للعالم في الخمسين عاماً القادمة يعتمد علي كتاب للإعلامي الأمريكي الشهير «مايك والس» وله برنامج شهير اسمه «٦٠ دقيقة»، كتبت فيه مقالاً ونشر منذ شهر تقريبا وفي اعتقادي أنه لا يمكن لأي شخص التنبؤ بما سيحدث بالفعل خلال تلك المدة فنحن لا نملك بلورة سحرية،
    ولكن الإنسان يعتمد في استنتاجه علي علمه وخبرته وأري أنه ستحدث أمور مذهلة في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي والمجال البشري ومجالات الذرة والفضاء وصحة الإنسان وعلم البيوتكنولوجي وهذا سيقلب موازين العالم بأكمله، وأكبر مثال علي ذلك أننا نعلم الآن عن كل شيء في الكون حوالي ١٥% فقط، ولكن هناك ما يسمي بـ«المادة المظلمة والطاقة المظلمة» في الكون واللتين لا نعلم عنهما شيئا ومجموعهما يمثل ٨٥% من المعرفة،
    ولذلك فإن الدول التي لن تركب علي الأقل قطار التقدم لا أقول الطائرة أو الصاروخ فإنها ستواجه مشاكل كبيرة ولكن ما يخيفني أن هناك بعض الأشياء التي لو حدثت بإمكانها أن تحدث خللاً كبيراً في العالم بأسره ومثالاً علي تلك الأشياء هو أن التكنولوجيا أصبحت في متناول أفراد، وليست في متناول حكومات وشعوب، لو فكرت الصين اليوم في ضرب اليابان بقنبلة ذرية مثلا يجب أن تعيد التفكير مائة مرة لأن العواقب التي ستعود علي الصين كدولة وحكومة ستكون خطيرة وعندما نري عملية التداول السياسي في إيران فسنجد أن واشنطن إذا فكرت في ضرب طهران عليها أن تفكر مائة مرة في قوة الردع التي ستقابلها، وبالتالي العامل السياسي بين الدول والحكومات يقاس بمقاييس عالمية، وأكثر ما يقلقني أن هناك تكنولوجيا متقدمة، سواء كانت فيروس أو بكتيريا الآن قد تضر العالم.
  • هل تعني بذلك الأسلحة البيولوجية؟
  • نعم أقصد الأسلحة البيولوجية أو الكيميائية أو الذرية لو حصل عليها متطرفون فهذا سيؤدي إلي كوارث وخسائر فادحة ولو توجه هؤلاء بأحد تلك الأسلحة وذهبوا إلي إحدي محطات السكة الحديد فلن تقل الخسارة عن مائة ألف شخص، وهذه المخاطر تشير إلي أن العالم الآن أصبح يتحكم به أفراد وليس دولاً، وفي الحقيقة أخاف علي مستقبل العالم لأنني لا أجد زعماء يملكون رؤية عالمية لمواجهة مثل تلك الأخطار خاصة أن الطريقة التي أتي بها هؤلاء الزعماء مشوشة فلم يأت بعضهم نتيجة انتخابات ديمقراطية أو اختيارات الشعب،
    والشيء الثالث الذي يخيفني أن هناك عدم تفهم في العالم للدور الأساسي للدين في حياة الشعوب فنحن نخطئ إذا قلنا أن العلم وحده يكفي لإسعاد البشر، فالدين موجود من أيام القدماء المصريين، ولن يقل الدين خلال ٥٠ عامًا، وخوفي الكبير هو استخدام الدين في السياسة سواء داخل الدولة نفسها أو علي المستوي العالمي، فأنت تعلم جيدا أن الدين يستخدم حتي داخل البلد نفسه وما أخاف عليه في منطقتنا هو الأمن القومي بالنسبة للشرق الأوسط فنحن الآن نري لبنان وما يعانيه من مشاكل، وما يحدث هناك خطير جدا خاصة في الخلط بين الدين والعرق والسياسة.
  • كيف تري الولايات المتحدة وسط العالم في الخمسين عاماً القادمة؟
  • أمريكا تمر بمرحلة صعبة حالياً فبعد أن رحل كلينتون عن الرئاسة كان هناك فائض في الخزينة الأمريكية وكانت تشعر بأن علاقتها الخارجية العالمية جيدة ولكن في الثماني سنوات الأخيرة وخاصة بعد أحداث ١١ سبتمبر كل هذا تغير فهناك حرب علي العراق ومشاكل مع إيران وقد قدر أحد زملائي من كولومبيا تكاليف تلك الحرب بـ٣ تريليونات دولار وأمريكا مديونة للصين وقد تسبب تلك الأوضاع التي تعيشها الولايات المتحدة في أن يتأثر الوضع التعليمي والصحي بها بتلك الحرب،
    أما عن مستقبل امريكا خلال الخمسين عاماً القادمة فقد كتبت مقالاً مع أحد زملائي وهو رئيس جامعة كالتك سابقا وحائز علي جائزة نوبل في الطب ونشر المقال في «وول ستريت جورنال» حددنا فيه المشاكل التي تعاني منها أمريكا وتأثيرها علي مستقبلها العلمي بالذات، ولكن علي الرغم من ذلك من الخطأ أن نتنبأ بأن أمريكا خلال الفترة القادمة لن تصبح قوة عظمي أو أنها ستفكك، فهذا تفكير مبسط ولا يحوي عمقا والأمل في الانتخابات القادمة أن يقود عجلة القيادة شخص له رؤية يوحد العالم من جديد وهذا ما نتوقعه لأمريكا.
  • لقد ذكرت في حديثك عن أمريكا دولة الصين كيف تري الصين كقوة عظمي جديدة في الخمسين عام القادمة؟
  • الصين صممت منحني خرافياً لها وقد زرتها ٣ مرات منذ عام تقريبا وقد سبقتها زيارة منذ ٥ سنوات ووجدت أن الفارق كبير جدا خلال تلك الفترة القصيرة، فعلي سبيل المثال استضافت «مؤتمر الفيمتوكيمستري» الذي يقام علي شرفي وهذا المؤتمر يتنقل بين البلاد المتقدمة مثل أوروبا وأمريكا حيث إنه محدود للبلاد المتقدمة العلمية والصناعية فقط.
  • هل تقصد بذلك أن مجرد استضافة الدولة هذا المؤتمر يعني أنها متقدمة علميا؟
  • بالضبط، وبسبب التقدم الذي أصبحت عليه الصين سيعقد هذا المؤتمر الدولي بعد عامين وهذا يدل علي الوضع المتقدم الذي أصبحت عليه الصين التي تصعد كقوة الآن ولكن المهم في أي دولة أن تكون مؤسساتها ثابتة قوية ولذلك أمريكا مؤسساتها قوية علي الرغم من المشاكل التي تعاني منها واليابان أيضا لديها مؤسسات قوية، والسؤال الذي يطرح نفسه علي الساحة:هل تستطيع الصين الاستمرار في هذا التقدم في ظل نظام غير ثابت علي المفاهيم المتعارف عليها مثل حرية الفرد والديمقراطية بالإضافة إلي عدد السكان الذي وصل إلي ١,٣ مليار نسمة تقريبا وهذا في الوقت الذي لا تصل فيه الإستفادة الاقتصادية إلا لأعداد محدودة؟!
    وبالتالي هناك سؤال آخر: هل المؤسسات السياسية الصينية ستستطيع التجاوب مع التقدم الإقتصادي لتصبح قوة راسخة وقوية علي مستوي العالم؟! هذا سؤال لا أستطيع الإجابة عنه، لكننا نري الآن بعض البلاد التي تصعد بهذه الصورة فأنت تعرف أني سافرت إلي ماليزيا العام الماضي .
  • هل كانت أول زيارة لك في ظل رئاسة عبد الله بدوي؟
  • نعم وقد زرته، وعندما نري التجربة الماليزية علي الرغم من المشاكل التي تعاني منها نتأكد من أنها تجربة ترسخ الأسس القوية لنهضة دولة تستطيع فعل شيء علي المستوي العالمي، وفي اعتقادي أن التطور الاقتصادي وحده ليس كافياً فالإنسان هو الذي يحقق هذا التطور وإذا لم نوفر له الحرية الفكرية والمعيشة الكريمة فمهما تقدم اقتصاديا سيكون مجرد عابر.
  • أين اليابان في نصف القرن القادم؟
  • سافرت إلي اليابان لتسلم شهادة الدكتوراه الفخرية ولم أجد شعباً يتحرك بالسرعة والانضباط اللذين يتعامل بهما الشعب الياباني فلديهم شعور بالذنب لدورهم كمواطنين داخل المجتمع لدرجة أن نسبة الانتحار لديهم عالية جدا ولذلك فهي قوة لا يستهان بها من الناحية العلمية والصناعية وقد ساعدهم علي ذلك التعليم والانضباط.
  • أين مصر في نصف القرن القادم في هذه الخريطة الممتدة من طوكيو إلي واشنطن؟
  • الحقيقة أنت تسأل أسئلة صعبة جداً فإذا كنت تسأل في العلم كان الموضوع سهلاً لكن مصر جزء من المنظومة العالمية فلا يوجد اقتصاد مصري وآخر عالمي، ولكني أري أن مصر أمامها تحديات كبيرة خلال نصف القرن القادم أولها مشكلة التعليم والبحث العلمي والتي تشكل قضية أمن قومي مصري، خاصة إذا لم نجد لدينا قوة بشرية تصعد بمصر علي خريطة القرن الـ٢١، ولا نستطيع القول بأننا قمنا بتحسين جزء بعينه لأننا يجب أن نقارن ما وصلنا إليه ولكن بمعايير الإنجاز العالمي فلا توجد مقاييس محلية للعلم أوالتعليم و أعلم أن هذا شكّل تحديًا، خاصة مع الأعداد الكبيرة للسكان، فضلاً عن التمويل، ويضاف إلي هذا أنه عندما ننظر إلي الخريطة نجد أن مصر تواجه تحديات أربعة جغرافية علي حدودها من الشمال والجنوب والشرق والغرب.
  • هل من الممكن أن توضح لنا المقصود بتلك التحديات الجغرافية؟
  • إذا تحدثنا عن الحدود الشمالية سنجد أن هناك تغيرا في المناخ الكروي علي مستوي العالم بسبب ارتفاع درجة الحرارة ومنسوب المياه وقد قرأت تقارير تشير إلي أن هناك إحتمالاً بغرق شمال الدلتا إما عن طريق النيل أو البحر الأبيض المتوسط خلال الخمسين عاماً المقبلة وهذا خطر أمن قومي، أما الشرق فانظر إلي مشكلة فلسطين ووضعها مع إسرائيل وما حدث مؤخرا علي الحدود فهناك خطط عالمية لهذا الموضوع وتفكير في سيناء وهذا خطر أمن قومي مهم جداً ويشكل تهديداً كبيراً لمستقبل مصر وعلينا أن نسعي للتوصل إلي حل بشأن هذا الخطر، أما الجنوب فيمثل تحديات كبيرة سواء بالنسبة لوضع السد العالي، الذي يمثل عنق الزجاجة وأعني بذلك أي تهديد للسد.
  • هل تقصد بذلك أن هذا التمديد إما أن يكون طبيعياً أو عسكرياً من دولة معادية؟
  • قد تكون نسبة التهديد واحدا في المائة أو في الألف ولكن ما أعنيه أكثر هو الخطورة الكلية لهذه التهديدات علي وضع السد، ولدينا خطورة كبيرة أيضا تخص السودان في الجنوب فالوضع مرتبك والتساؤل كيف سيؤثر هذا الوضع غير المستقر علي مستقبل مصر؟! وفي الغرب يشكل وضع مصر الصحراوي تحدياً كبيراً جداً فماذا سنفعل في الفترة المقبلة ونحن لدينا صحراء وملايين الناس ولا يوجد أي تلاقي بين العنصرين بعد وأعلم أن الحلول ليست سهلة ولكن هذا يحتاج إلي استراتيجية كاملة للزحف والسؤال: ما الذي نريد أن نفعله في تلك الصحراء؟ فالقدماء المصريون تركوها لنا هكذا ومنذ آلاف السنين لم تتغير، لذلك عندما أنظر لمصر سياسيا أو جغرافيا أري أن لديها تحديات كبيرة خلال نصف القرن المقبل.
  • ماذا عن مشروعكم في مصر؟
  • توقف المشروع لفترة طويلة لأنني عاهدت الشعب المصري بأنني لن أنفذه إلا إذا كان علي المستوي المطلوب وتوقف لفترة بسبب بعض المشاكل والبيروقراطية ولكنني قابلت العام الماضي الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء عندما كانوا يبحثون تكوين المجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا وقلت له بشكل واضح إن تركيزي الأساسي هو هذا المشروع القومي وبحثنا محاولة إعادة هذا المشروع ولكن بصورة أخري بعيدة عن البيروقراطية، وأنا أشعر بالتفاؤل بسبب الحماس الذي أراه الآن وعندما ذهبت إلي مصر في ديسمبر الماضي عاينت الأرض التي خصصت للمشروع ورأيت أنها مناسبة لهذا المشروع القومي ولكن هذا ليس كل شيء حيث ينقصنا التمويل ومبان نعمل بها وكتبنا كل هذا في ورقة وتركتها مع الوزيرة فايزة أبوالنجا والدكتور هاني هلال ومن المفترض أن تكون في مجلس الوزراء الآن وترسل إلي رئيس الجمهورية.
  • سوف تلقي محاضرة بدعوة من الأكاديمية الملكية الإسبانية تحت عنوان «رؤية اللامرئي» فماذا تقصد بهذا؟
  • هذه المحاضرة تحمل عنوان كتاب قمت بتأليفه وله عنوان آخر فرعي «من الذرة إلي الطب» وقد نشر هذا الكتاب في لندن، ومنذ تسلمت جائزة نوبل منذ تسع سنوات تقريبا ونحن نحاول الدخول واكتشاف علوم جديدة تسمي «المعقدات» وفهم تلك العلوم مهم لدراسة الدور الذي يلعبه الجزيء في الأمراض علي سبيل المثال، وتلك العلوم سيلعب المزج بينها دوراً أساسياً، وأحاول أن أقوم حالياً بدراسة دور الطبيعة والكيمياء في الأحياء والطب وهذا سيفتح لنا مجالات كثيرة جدا وكنا محظوظين عندما أخذنا من جولدن مور رئيس شركة إنتل عشرين مليون دولار وتوقعوا أن نقدم لهم إنتاجاً علمياً خلال ١٠ سنوات ولكن كان هناك توفيق من الله،
    واستطعنا الحصول العام قبل الماضي علي براءة إختراع بصناعة أول ميكروسكوب يستطيع أن يكون له الأبعاد الأربعة وسميت هذا الاكتشاف: الميكروسكوب «ذو الأبعاد الأربعة»، فهناك أربعة أبعاد لهذا التصور العلمي وسابقاً كان هناك البعد الزمن أو البعد التجسيمي للمادة في أبعادها الثلاثة أما الآن نستطيع رؤية الأبعاد الأربعة معا، واستطاع العلم أن يصل خلال القرن الماضي من مكان الذرة إلي مكان البروتون أما في مجال الزمان فاستطعنا أن نري من الدقيقة والثانية إلي الفيمتوثانية والسؤال: كيف نستطيع رؤية المكان والزمان في الوقت نفسه؟
    فعلي سبيل المثال كيفية رؤية وضع البروتون في التوقيت الذي يقوم فيه بوظيفته بالضبط، وقد يتساءل البعض ماذا فعل زويل بعد نوبل والواقع أن العلم لا يقف وقد يكون ما فعلناه ونشرناه بعد نوبل؟ أهم مما اخترعته من قبل.
  • مؤخرا فقدت والدتك في آخر زيارة لك لمصر وقد جرت العادة أن تتحدث عنها في كل حواراتك السابقة… فما شعورك الآن؟
  • أنت تعلم أنني خصوصي جدا في تلك المواقف فعندما توفيت والدتي في ديسمبر الماضي تعرضت لضغوط كثيرة من أصدقائي الذين طلبوا مني نشر خبر الوفاة في الجرائد ولكنني رفضت وقلت إن المشاطرة ليست جزءاً من تكويني في تلك المواقف وهذا لم يمنع أنني تلقيت العزاء من كثير من رجال الدولة وأرسلوا لي تلغرافات وعلي رأسهم الرئيس مبارك، والغريب في الأمر أنني كنت قبلها في جامعة كامبردج وكان عندي إحساس أني أريد أن أري والدتي بعد هذا المؤتمر وذهبت للاحتفال بجامعة أسيوط بمناسبة اليوبيل الذهبي لها وكأن هذا كان نداء مني ومنها لأراها قبل الوفاة، وكانت تتمني دائما أن أكون موجوداً في مصر في هذا اليوم وكانت تدعو لي دائما أن يحبني الناس.
  • وماذا عن الجيل الثاني وأقصد به أبناءك؟
  • أماني أصبحت الآن طبيبة وتخرجت في كلية طب جامعة شيكاغو، أما مها فتخرجت في جامعة كالتاج وهي أستاذ مساعد هناك وهي تعمل في مجال تأثير العقاقير علي الجينات، وأكثر ما يسعدني أنهما تعملان ما تستمتعان به أما هاني فهو أكثر تعبا لي وقلت له أنا هبهدلك في الكتاب بتاعي عن حياتي الشخصية، لأنه نام في لحظتين مهمتين إحداهما عندما كنت أتسلم جائزة نوبل والأخري كانت عندما كانوا يقبلونني عضوا في الأكاديمية الملكية البريطانية وكنت أتمني أن يراني في تلك اللحظتين.
    أما نبيل فقام بالاشتراك فيما يسمي بالمناظرات حيث يذهبون لإلقاء خطابات في قضايا مختلفة مثل الديمقراطية والشرق الأوسط وهو متحمس جدا لهذا، وأنا سعيد لأنه في سنه هذه يقرأ في مجلة «الأيكونومست» وفي أحيان كثيرة أتعلم منه ففي إحدي المرات جلسنا نتحدث معا عن الدستور الأمريكي وعن دستورية شن أمريكا حربا علي العراق، ولا أستطيع أن أنكر أن ما وصل إليه أولادي يرجع إلي المجهود الكبير الذي تبذله معهم زوجتي.
  • كيف يدير العالم الكبير أحمد زويل وقته؟
  • هذا سؤال مهم جدا أتمني أن أعرف إجابته وقد قرأت مؤخرا لأحد الأشخاص مقالاً يقول فيه أحمد زويل يسافر إلي العديد من البلاد وليس لديه وقت للعلم، وأنا أعتقد أن هذا التفكير بسيط، لأن تلك البلاد التي سافرت إليها تسخر للعالم إمكانيات كبيرة جداً، ولذلك أنا لا أدخل أي موضوع ليس له أهمية سواء في مصر أو في أي مكان في العالم.
  • عشر سنوات مرت حالياً علي تسلمك جائزة نوبل ماذا تقول لمصر والعالم؟
  • علي المستوي الشخصي عندما كنا أطفالا وكانت والدتي وغيرها يقولون لنا أهم حاجة في الدنيا الستر وأعتقد بعد العلم والتكريم والجوائز أن أهم شيء في الدنيا بالفعل أن يسترها الله مع الإنسان ويعيش في الدنيا من أجل أن يعطي جزءاً من عمله للبشرية وهذا أكبر نجاح له،
    أما علي المستوي المصري فأتمني أن تأخذ وضعها العلمي والبشري الذي تستحقه، وهي قادرة علي ذلك لو خرجنا من عنق الزجاجة الذي نعيش به ويكفي أن يتمني الإنسان أن يري مصر علي مستوي مرموق فنحن لسنا أقل من الهند ولا الصين مثلا، أما علي المستوي العالمي فأتمني أن يعم السلام العالم وأنا لست ساذجاً لأقول إن العالم سيكون «بمبي» كما قالت سعاد حسني في إحدي أغانيها ولكن أعتقد أنه من الممكن أن يكون أفضل.
    [/size][/font]

كتر الله من امثال هذا الرجل