هيئة للرقابة على الأشغال العامة.. هل حان الوقت لذلك؟

جريدة الرياض اليومية

هيئة للرقابة على الأشغال العامة… هل حان الوقت لذلك؟

(“الرياض” الاقتصادي) 14584
د. عثمان عبدالعزيز الربيعة
يخرج القارئ من الحوار الصريح الذي اجرته جريدة (“الرياض” الاقتصادي) مع المهندس يحيى كوشك في عددها رقم (14584) الصادر يوم الخميس بتاريخ 1429/5/24ه ان هناك أزمة في تنفيذ المشاريع الحكومية باعثها ضعف الإشراف على التنفيذ والتهاون مع المقاولين - خصوصاً المقاولين الكبار - في الالتزام بمواصفات هذه المشاريع التي تمتاز - على حد قول المهندس كوشك - بأنها مواصفات عالية، وهشاشة دور الاستشاري المشرف، ودحرجة اعمال التنفيذ من المقاول الرئيس الى مقاول من الباطن وهذا بدوره الى مقاول آخر، بحيث ينتهي المشروع الى اضعف حلقة في سلسلة المقاولين، وعندها تكون معظم تكاليف المشروع قد استقرت في جيوب المقاولين ومن يتعاون معهم وبقى النزر اليسير لتدبير المشروع من مقاول ضعيف الإمكانات ضعيف الخبرة… هذه صورة قاتمة لا نراها في كل المشاريع ولكنها ماثلة للعيان في الكثير من المشاريع الحكومية. ونعرف من معايشة الواقع ان ادارات المشاريع في الجهات الحكومية تجالد وتصبر من اجل التزام المقاولين بتنفيذ مشاريعها من حيث المدة ومن حيث الكيفية، وعند الاستلام تفاجأ بما لا يسر الخاطر. ولكن هل كان عليها الانتظار حتى تفاجأ؟؟ هل كان بإمكان الإدارة المختصة بالمشاريع ان تشرف وتراقب بدقة وبكل التفاصيل على تنفيذ العشرات او ربما المئات من المشاريع بالعدد المحدود من المهندسين والفنيين لديها؟ وهل يستطيع الاستشاري المشرف ان يفعل ذلك، اذا كان - كما يقول المهندس كوشك - غير مطلع على العقد او مستفيداً من التأخير في التنفيذ، او مشغولاً بالإشراف على عدة مشاريع؟ ان الواقع ينذر بأن جميع مشاريع انشاء البنية التحتية - بل ومشاريع تشغيلها وصيانتها يمكن ان تواجه ازمة في التنفيذ، اذا لم يتحقق ما اقترحه المهندس يحيى كوشك من ضرورة وجود آلية رقابية فعالة تطبقها جهة محايدة بعيدة عن محيط واضعي المواصفات والعقود والمشرفين على التنفيذ. فالمسألة تتعلق بمشاريع تكلف الدولة مئات المليارات، وحمايتها من خلال الرقابة والإشراف الفعال قضية استراتيجية تستاهل النظر في انشاء هيئة حكومية مستقلة تختص بالرقابة والمتابعة لمشاريع البنية التحتية، من حيث انشائها وتشغيلها وصيانتها. فليست هذه الهيئة اقل اهمية من هيئة الرقابة والتحقيق او ديوان المراقبة العامة او هيئة الغذاء والدواء.
وليس مطلوباً من هذه الهيئة ان تضع المواصفات - فالإدارات المختصة في الجهات الحكومية ادرى بالمتطلبات النوعية لتلك الجهات، وليس هناك شكوى من المواصفات فهي جيدة كما يقول المهندس كوشك. وليس مطلوباً من الهيئة ان تتولى امر تنفيذ المشاريع الحكومية - فهي من الكثرة والضخامة بحيث لا تستطيع هيئة واحدة مهما كان حجمها وإمكاناتها ان تسيطر عليها. وإنما المطلوب ان تقوم بدور رقابي فعال يضمن كفاءة في الأداء وجودة في المخرجات.