التلوث البيولوجي للبيئة المائية

يقصد بالتلوث البيولوجي وجود كائنات حية مرئية أو غير مرئية بالعين المجردة- نباتية كانت أو حيوانية في البيئة المائية العذبة أو المالحة – السطحية أو الجوفية.
والتلوث الذي يحدث للماء غالبا يكون بفعل بعض انواع الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض، مثل البكتريا والفيروسات والطفيليات والطحالب والاوليات ,أو بفعل الكائنات الحية المائية النباتية والحيوانية التي تتواجد في المياه . وتنتج الملوثات من الكائنات الممرضة في الغالب، عن اختلاط فضلات الأنسان والحيوان بالماء، بطريق مباشر عن طريق صرفها مباشرة في مسطحات المياه العذبة، أو المالحة، أو عن طريق غير مباشر عن طريق اختلاطها بماء صرف صحي أو زراعي. ويؤدي وجود هذا النوع من التلوث، إلى الإصابة بالعديد من الأمراض. لذا، يجب عدم استخدام هذه المياه في الاغتسال أو في الشرب، إلاّ بعد تعريضها للمعاملة بالمعقمات المختلفة، مثل الكلور والاوزون والترشيح بالمرشحات الميكانيكية وغيرها من نظم المعالجة.
كما قد يوجد داخل البيئة المائية مراحل (اطوار) دقيقة (بويضات – يرقات – اطوار معدية) من دورة حياة بعض الكائنات النباتية أو الحيوانية مثل بعض الطفيليات كالبلهاريسيا والدودة الكبدية وديدان القناة الهضمية , وكذلك الحشرات مثل البعوض وغيره.
اما التلوث بالنباتات والحيوانات المائية فينتج غالبا نتيجة تغير الانظمة والتراكيب البيئية الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية فتنمو انواع وتتكاثر بدرجة اكبر من اللازم وتطغي علي انواع اخري , أو تختفي انواع كانت موجودة وسائدة في البيئة المائية , وقد يحدث التلوث بالاحياء المائية عندما تنتقل انواع الي مواطن غير مواطنها الاصلية مثل انتقال بعض الانواع الغريبة الغازية خلال ماء توازن ناقلات البترول من اماكن الي اماكن اخري .
وقد تتفاعل الكائنات الحية الموجودة في الماء مع البيئة المائية بدرجة ما تؤدي الي حدوث خلل معين ( عدم اتزان) بهذه البيئات وهو ما يعرف بالتلوث البيولوجي داخل البيئة المائية .
والكائنات الحية المسببة للتلوث البيولوجي منها ما يري بالعين المجردة كبعض الطحالب والنباتات المائية مثلا , ومنها لا يري الا باستخدام المجهر كالبكتريا واغلب الفطريات , والاوليات الحيوانية (البرتوزوا) , ومنها لا يري الا باستخدام الميكرسكوبات الالكترونية لدقة حجمها مثل الفيروسات .
ومن هذه الكائنات ما ينتشر بصورة اكبر من غيره في بيئات معينة ويرجع ذلك الي طبيعة وحجم تلك الكائنات وانتشار أو ندرة اعداؤها الطبيعين بالاضافة الي التنافس بين الكائنات في البيئة الواحدة .فكلما كان الكائن دقيقا كلما كان انتشاره في العديد من البيئات امر سهلا ويتضح ذلك جليا في حالة البكتريا والفيروسات والفطريات التي تنتشر في الماء والهواء والتربة .فمثلا الجرام الواحد من التربة الزراعية قد يحتوي علي اكثر من 200 مليون خلية بكتيرية بجانب 300 الف فطر ومياه الصرف الصحي الخام يحتوي الستتيمتر المعكب منها علي اكثر من مليون خلية بكتيرية والالاف من الفيروسات والطفيليات بصرف النظر عن كون هذه الكائنات ضارة أو نافعة. وياتي علي الع** الاوليات الحيوانية والمراحل المختلفة من دورة حياه العديد من الطفيليات …ففي هذه الحالة تكون احجام هذه الكائنات كبيرة نسبيا ولها طبيعة حياه مختلفة ولذك فمن الصعب ان توجد هذه الكائنات في الهواء , ولكن وسطها البيئي المفضل هو المياه والتربة الرطبة .
والشكل التالي يبين صور التلوث البيولوجي للبيئة المائية .





التلوث البيولوجي وعلاقته بالتلوث الكيميائي
للتلوث الكيميائي علاقة بالتلوث البيولوجي فالكائنات المائية النباتية والجيوانية والكائنات الدقيقة تتأثر بصورالتلوث الكيميائي الموجودة في البيئة المائية , فالملوثات الكيميائية علي اختلاف صورها وانواعها تؤثر علي نمو وتكاثر وانتشار الكائنات المائية داخل بيئاتها .
وعموما فقد يتداخل التلوث البيولوجي مع التلوث الكيميائي في النقاط الهامة الاتية:
●ان التلوث الكيميائي قد يضيف الي البيئة المائية عناصر جديدة قد تؤدي الي زيادة وانتشار التلوث البيولوجي بالكائنات الدقيقة الحية وبالنباتات المائية , وخير مثال التلوث بالمركبات الفوسفاتية والنتروجينية للمسطحات المائية يعمل علي النمو الزائد للطحالب المائية بصورة قد تؤدي في النهاية الي تحلل الأنهار والبحيرات وموتها بيولوجيا مسببا خللا بيئيا جسيما .
● ان بعض الملوثات الكيميائية العضوية تزيد من تكاثر الكائنات الحية الدقيقة الممرضة وغير الممرضة فالمركبات العضوية القابلة للتحلل بيولوجيا تعد من مصادر الكربون للكائنات الحية الدقيقة الممرضة وغير الممرضة مما قد يسبب تلوثا بيولوجيا للبيئة المائية الموجود فيها الملوثات الكيميائية .
● ان التلوث البيولوجي قد يضيف الي البيئة المائية سموما كيميائية وعناصر ضارة منتجة بالكائنات الحية الدقيقة ( مثل بعض انواع الطحالب ) والتي يؤدي تراكمها وزيادتها الي انتاج عناصرغريبة تحدث خللا بيئيا للبيئة المائية .
● التلوث الكيميائي قد يقلل من عمليات التنقية الذاتية للمسطحات المائية مما قد يؤدي الي تراكم بعض الملوثاتوالتي قد تزيد من معدلات نمو بعض الكائنات المائية بدرجة قد تسبب تلوثا بيولوجيا واضحا بتلك البيئات.


التلوث البيولوجي وعلاقته بالتلوث الفيزيائي

التلوث البيولوجي كما ذكرنا هو تلوث بملوثات حية كالكائنات الدقيقة الممرضة او بالنباتات والحيوانات المائية الضارة , وتتمثل العلاقة بين التلوث البيولوجي للماء والتلوث الفيزيائي من خلال المظاهرالاتية :
●وجود الملوثات البيولوجية في الماء من شأنها ان تغير من الصفات القيزيائية الطبيعية للماء محدثة تغيرا أو تلوثا فيزيائيا ومن امثلة ذلك تلوث الماء بكميات كبيرة من الطحالب التي تؤدي الي زيادة عكارة الماء وبالتالي تغير وتقلل من نفاذ الضوء خلال طبقات الماء .
●التلوث الفيزيائي للماء مثل التلوث الحراري من شانه ان يؤثر علي الكائنات الحية الموجودة في الماء ومن ثم يؤثر علي الاتزان البيولوجي الموجود به , فالماء الملوث حرارايا قد يعمل علي هجرة بعض الكائنات الي اماكن اخري ملائمة حرارايا , لذا فإن تعرض الأحياء لحرارة عالية سوف يؤدي إلى تغيرات في معدلات التكاثر والتنفس والنمو وقد يؤدي إلى موت هذه الأحياء ويتناسب هذا التأثير مع مقدار الزيادة في درجة الحرارة وفترة التعرض لهذه الحرارة.
● التلوث الفيزيائي للماء بالمخلفات الصلبة مثل المخلفات البلاستيكية غير القابلة للتحلل البيولوجي بشكل خاص ( Nonbiodegradable ) ، والتي لها القدرة على الثبات داخل البيئة ، وهذه المخلفات قد تلتهمها الأسماك الكبيرة فتختنق وتموت ، وبعض شباك الصيد التي تُهمل وتُترك في البحر تتعرض لها الطيور الخواضة فتموت فيها ، أو أنها تعيق حركة الأسماك والكائنات البحرية الأخرى فتهلك فيها.
وتعد الجيوانات والطيور النافقة داخل البيئات المائية من صور التلوث البيولوجي لهذه البيئات.
● التلوث الفيزيائي للماء بالمخلفات الصلبة القابلة للتحلل بيولوجيا او كيميائيا قد تتحلل الي مركبات كيميائية تؤثرعلي الاتزان البيولوجي للبيئة المائية عن طريق تأثيرها علي معدلات النمو والتكاثر للكائنات المائية.
ومن اهم الاسباب التي تؤدي الي انتشار وتكاثر الكائنات الحية الدقيقة الممرضة في المياه الملوثة بمخلفات الصرف الصحي والصناعي هو صرف مخلفات المستشفيات والمراكز الطبية والعلاجية الي شبكة المجاري العامة دون تعقيم أو تطهير لهذه المخلفات مما يؤدي الي انتشار الامراض المعدية التي تكون المياه الملوثة ناقلة لها.