الإيثار ..... من مكارم الاخلاق

[CENTER]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه أجمعين

الإيثار … من مكارم الاخلاق

انطلق حذيفة العدوي في معركة اليرموك يبحث عن ابن عم له
ومعه شربة ماء.
وبعد أن وجده جريحًا قال له: أسقيك؟
فأشار إليه بالموافقة.
وقبل أن يسقيه سمعا رجلا يقول: آه،
فأشار ابن عم حذيفة إليه؛ ليذهب بشربة الماء إلى الرجل الذي يتألم،
فذهب إليه حذيفة، فوجده هشام بن العاص.
ولما أراد أن يسقيه سمعا رجلا آخر يقول: آه،
فأشار هشام لينطلق إليه حذيفة بالماء،
فذهب إليه حذيفة فوجده قد مات،
فرجع بالماء إلى هشام فوجده قد مات،
فرجع إلى ابن عمه فوجده قد مات.
فقد فضَّل كلُّ واحد منهم أخاه على نفسه، وآثره بشربة ماء.

***
[SIZE=5][FONT=Times New Roman][COLOR=red]جاءت امرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم،
وأعطته بردة هدية، فلبسها صلى الله عليه وسلم، وكان محتاجًا إليها،
ورآه أحد أصحابه، فطلبها منه، وقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه…
اكْسُنِيها. فخلعها النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاها إياه.
فقال الصحابة للرجل: ما أحسنتَ،
لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها،
ثم سألتَه وعلمتَ أنه لا يرد أحدًا. فقال الرجل: إني والله ما سألتُه لألبسها،
إنما سألتُه لتكون كفني.
[البخاري]
. واحتفظ الرجل بثوب الرسول صلى الله عليه وسلم؛
فكان كفنه.

جاء رجل جائع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد،
وطلب منه طعامًا،
فأرسل صلى الله عليه وسلم ليبحث عن طعام في بيته،
فلم يجد إلا الماء،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من يُضيِّف هذا الليلة رحمه الله)،
فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله.
وأخذ الضيفَ إلى بيته، ثم قال لامرأته: هل عندك شيء؟
فقالت: لا، إلا قوت صبياني، فلم يكن عندها إلا طعام قليل يكفي أولادها الصغار،
فأمرها أن تشغل أولادها عن الطعام وتنومهم،
وعندما يدخل الضيف تطفئ السراج(المصباح)،
وتقدم كل ما عندها من طعام للضيف،
ووضع الأنصاري الطعام للضيف،
وجلس معه في الظلام حتى يشعره أنه يأكل معه،
وأكل الضيف حتى شبع،
وبات الرجل وزوجته وأولادهما جائعين.
وفي الصباح، ذهب الرجلُ وضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال للرجل:
(قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة)[/color]
[مسلم].
ونزل فيه قول
الله -تعالى-:
{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}
[الحشر: 9]
. والخصاصة: شدة الحاجة.


اجتمع عند أبي الحسن الأنطاكي أكثر من ثلاثين رجلا،
ومعهم أرغفة قليلة لا تكفيهم، فقطعوا الأرغفة قطعًا صغيرة وأطفئوا المصباح،
وجلسوا للأكل، فلما رفعت السفرة،
فإذا الأرغفة كما هي لم ينقص منها شيء؛
لأن كل واحد منهم آثر أخاه بالطعام وفضله على نفسه،
فلم يأكلوا جميعًا.


ما هو الإيثار؟

الإيثار هو أن يقدم الإنسان حاجة غيره من الناس على حاجته،
برغم احتياجه لما يبذله، فقد يجوع ليشبع غيره،
ويعطش ليروي سواه.
قال الله صلى الله عليه وسلم:
(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)
[متفق عليه].
[/font][/size][SIZE=5][FONT=Times New Roman]وتقول السيدة عائشة -رضي الله عنها-:
ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا،
ولو شئنا لشبعنا،
ولكننا كنا نؤثر على أنفسنا.

فضل الإيثار:
أثنى الله على أهل الإيثار، وجعلهم من المفلحين، فقال تعالى:
[/font][/size][FONT=Times New Roman][SIZE=5]{ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة
ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}

[الحشر: 9].
الأثرة:
الأثرة هي حب النفس، وتفضيلها على الآخرين،
فهي عكس الإيثار،
وهي صفة ذميمة نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم،
فما أقبح أن يتصف الإنسان بالأنانية وحب النفس،
وما أجمل أن يتصف بالإيثار وحب الآخرين.

[/size]

[/font]إذا كنت ممن يسهل عليهم العطاء ولا يؤلمهم البذل فأنت سَخِي،
وإن كنتَ ممن يعطون الأكثر ويُبقون لأنفسهم فأنت جواد.
أما إن كنت ممن يعطون الآخرين مع حاجتك
إلى ما أعطيت لكنك قدمت غيرك على نفسك فقد وصلت إلى مرتبة الإيثار.
ورتبة الإيثار من أعلى المراتب،
[FONT=Times New Roman][SIZE=5]وإنما ينشأ الإيثار عن قوة اليقين وتوكيد المحبة،

[/size][/font]والصبر على المشقة، مع الرغبة في الأجر والثواب.
ومن أهم الأسباب التي تعين على الإيثار:

1-الرغبة في مكارم الأخلاق، والتنزه عن سيئها،

إذ بحسب رغبة الإنسان في مكارم الأخلاق يكون إيثاره؛
[FONT=Times New Roman][SIZE=5]لأن الإيثار أفضل مكارم الأخلاق.
2-بُغض الشُّحِّ، فمن أبغض الشُّحَّ علم ألا خلاص له منه إلا بالجود والإيثار.
3-تعظيم الحقوق، فمتى عظمت الحقوق عند امرئٍ قام بحقها ورعاها حق رعايتها،

[/size][/font]وأيقن أنه إن لم يبلغ رتبة الإيثار لم يؤد الحقوق كما ينبغي فيحتاط لذلك بالإيثار.
4-الاستخفاف بالدنيا، والرغبة في الآخرة،
فمن عظمت في عينه الآخرة هان عليه أمر الدنيا،
وعلم أن ما يعطيه في الدنيا يُعطاه يوم القيامة أحوج ما يكون إليه.
5-توطين النفس على تحمل الشدائد والصعاب،
[FONT=Times New Roman][SIZE=5]فإن ذلك مما يعين على الإيثار، إذ قد يترتب على الإيثار

قلة ذات اليد وضيق الحال أحيانًا،
فما لم يكن العبد موطنًا نفسه على التحمل لم يطق أن يعطي مع حاجته.

درجات الإيثار:[/size]
لقد قسم بعض العلماء الإيثار إلى مراتب ودرجات،
[/font]فقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
الأولى: أن تُؤْثِرَ الخلقَ على نفسك فيما لا يخْرُمُ عليك دِينًا،
ولا يقطع عليك طريقًا،
[FONT=Times New Roman][SIZE=5]ولا يُفسد عليك وقتًا، يعني أن تُقدمهم على نفسك في مصالحهم،

مثل: أن تطعِمهم وتجوع، وتكسوهم وتعرَى، وتسقيهم وتظمأ،
بحيثُ لا يؤدي ذلك إلى ارتكاب إتلافٍ لا يجوز في الدين،
وكلُّ سببٍ يعود عليك بصلاح قلبك ووقتك وحالك مع ال
له فلا تؤثِر به أحدًا،
فإن آثرت به فإنما تُؤْثِر الشيطان على الله وأنت لا تعلم.

[/size]

[/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]الثانية: إيثارُ رضا الله على رضا غيره وإن عظمت فيه المحن

وثقلت فيه المؤن وضعف عنه الطول والبدن ،
وإيثار رضا الله عز وجل على غيره، هو أن يريد ويفعل ما فيه مرضاته،
[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]ولو أغضب الخلْق، وهي درجة الأنبياء،

[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]وأعلاها لِلرسل عليهم صلوات الله وسلامه.

وأعلاها لأولي العزم منهم، وأعلاها لنبينا صلى الله عليه وسلم، وعليهم،
فإنه قاومَ العالم كُله وتجرد للدعوة إلى الله،
[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]واحتمل عداوة البعيد والقريب في الله تعالى،

[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]وآثر رضا الله على رضا الخلق من كل وجه،

[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]ولم يأخذه في إيثار رضاه لومةُ لائم،

بل كان همُّه وعزْمُه وسعيه كله مقصورًا على إيثار مرضاة الله وتبليغ رسالات
[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]ه، وإعلاء كلماته، وجهاد أعدائه؛ حتى ظهر دين الله على كل دين،

[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]وقامت حجته على العالمين، وتمت نعمتُهُ على المؤمنين، فبلغ الرسالة،

وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاد،
[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربه، فلم ينل أحدٌ من درجةِ هذا الإيثار ما نالَ،

[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]صلوات الله وسلامه عليه.

هذا وقد جرت سنة الله التي لا تبديل لها أن من آثر مرضاة الخلق على مرضاته:
أن يُسخط عليه من آثر رضاه، ويخذُله من جهته،
ويجعل محنته على يديه، فيعود حامدُهُ ذامًّا،
[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]ومن آثر مرضاته ساخطًا، فلا على مقصوده منهم حصل،

[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]ولا إلى ثواب مرضاة ربه وصل، وهذا أعجز الخلقِ وأحمقهم.

[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]قال الشافعي رحمه الله:

" رضا الناس غايةٌ لا تدرك فعليك بما فيه صلاحُ نفسك فالزمهُ"
، ومعلومٌ أن لا صلاح للنفس إلا بإيثار رضا ربها ومولاها على غيره،
[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]ولقد أحسن من قال:

[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]فليتك تحلُو والحياةُ مريرَةٌ… … … وليتك ترضى والأنامُ غِضَابُ
وليت الذي بيني وبينك عامرٌ… … … وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صحَّ منك الودُّ فالكّلُّ هينٌ… … … وكل الذي فوق التراب تراب

[/size]

[/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]الثالثة: أن تنسب إيثارك إلى الله دون نفسك،

وأنه هو الذي تفرد بالإيثار لا أنت، فكأنك سلمت الإيثار إليه،
[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]فإذا آثرت غيرك بشيء؛ فإن الذي آثره هو الحق لا أنت فهو المؤثر على الحقيقة،

إذ هو المُعطي حقيقةً.
[/size]

مواقف خالدة في الإيثار
ولقد سجل التاريخ بأحرف من نور مواقف خالدة للمسلمين
[/font][FONT=Times New Roman]بلغوا فيها المرتبة العالية والغاية القصوى من الإيثار:

[/font]فهذا سيد الخلق وخاتم النبيين وإمام المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم
تأتيه امرأة بُبردة فتقول:
" يا رسول الله أكسوك هذه ؟

" فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها،
فلبسها فرآها عليه رجل من الصحابة، فقال:
" يا رسول الله ما أحسن هذه ؟ فاكسنيها "
فقال: " نعم " ، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه فقالوا:
" ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها،
ثم سألته إياها وقد عرفت أنه لا يُسأل شيئًا فيمنعه، فقال:
" رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم

[SIZE=5][FONT=Times New Roman]لَعلِّي أُكَفَّن فيها " .

[/font][/size][FONT=Times New Roman][SIZE=5]وهؤلاء هم الأنصار يعرض أحدهم على أخيه من المهاجرين

أن يناصفه أهله وماله فيأبى المهاجر ويقول:
[/size][/font][SIZE=5][FONT=Times New Roman]" بارك الله لك في أهلك ومالك ".
وهذا أبو طلحة أكثر الأنصار مالاً وأحب ماله إليه حديقة تسمى

[/font][/size][FONT=Times New Roman][SIZE=5]بيرحاء يسمع قول الله تعالى:

(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)
[آل عمران:]
[/size][/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5]فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم معلنًا أنه يتصدق بها لوجه الله تعالى.
وذاك قيس بن سعد بن عبادة يمرض ويتأخر إخوانه عن زيارته

فيسأل عنهم، فيقال له:
“إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدَّين،
[/size][/font]فيقول: أخزى الله مالاً يمنع الإخوان من الزيارة " .
ثم أمر مناديًا ينادي:
[SIZE=5][FONT=Times New Roman]” من كان لقيس عليه مالٌ فهو في حلٍّ " .
فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة الزوار.

من فوائد الإيثار:[/font][/size][FONT=Times New Roman][SIZE=5]
لو لم يكن من فوائده إلا أنه دليل كمال الإيمان وحسن الإسلام

ورفعة الأخلاق لكفى، فكيف وهو طريق إلى محبة الرب سبحانه،
وحصول الألفة بين الناس وطريق لجلب البركة ووقاية من الشُّحِّ ؟.
[/size]
[/font][FONT=Times New Roman]له صور كثيرة منها قوله تعالى
بل تؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى
الأعلى16، 17
وقوله تعالى
 وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
الحشر9
وقوله تعالى
 قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا
طه 72.

الإيثار

أولاً : دلالة المصطلح :

[/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5][COLOR=darkgreen]أ – لغة : آثره يؤثره إيثاراً : اختاره وفضله .
وقال الأصمعي : أثرتك إيثاراً : أي فضلتك .

وضد الإيثار : الأثرة والاستئثار (الأنانية) .

ب- اصطلاحاً :
هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنيوية ورغبة في الحظوظ الدينية .

ج- المصطلحات المقاربة للإيثار :[/color][/size]

- [/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5][COLOR=blue]الجود .

  • البذل .

  • السخاء .

[/color]ثانياً : الأهداف :[/size]
1[/font][FONT=Times New Roman][SIZE=5][COLOR=darkgreen]- بيان أهمية الإيثار وضرورة تخلق المرء به مع إخوانه خاصة ومع أفراد مجتمعة عامة.

2- التحذير من داء الأثرة (الأنانية) .

3- بيان السبل التي توصل المرء إلى خلق الإيثار .

4- توضيح أن الإيثار لا يختص بالمال فقط
وإنما يشمل الأوقات والشهوات .

5- عرض نماذج من إيثار الرسول e وصحابته رضوان الله عليهم .

6- معرفة آداب الإيثار وما لا ينبغي الإيثار فيه .
[/center]
[/color][/size][/font]

جزاك الله خيرا موضوع رائع

[CENTER][FONT=“Times New Roman”][[COLOR=“DarkSlateGray”][SIZE=“4”]CENTER]من العجيب أن نجد أخلاقا إسلامية اندثرت ولم تعد معروفة مع أن الإسلام أمر بها، والرسول صلى الله عليه وسلم فعلها وتخلق بها، والعجيب أيضاً أنه إذا أردت أن تبحث عن مرادف لكلمة (الإيثار) في أي لغة أخرى مثل الإنجليزية مثلاً لن تجد لها معنى وكذلك في الفرنسية، وليس الإيثار فقط ولكن أخلاق إسلامية عديدة مثل (الحياء) ترجمته بالإنجليزية (Shy) وهذه الكلمة تعني الخجل ولا تعطي معنى (الحياء) وكذلك (التواضع) تترجم إلى Humble وهذه الكلمة تعني الخنوع وليس التواضع.
مصطلح “الإيثار” لن تجده إلا في مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم ، في وسط رجال آمنوا بالإسلام وعاشوا للإسلام . و معناه: أن تفضل أخاك على نفسك، شيء من “حظوظ الدنيا” تتركه لأخيك فيستمتع هو به وتفقده أنت رغبة " في حظوظ الآخرة " .

نماذج في الإيثارمع النبي صلى الله عليه و سلم و الصحابة رضوان الله عليهم:

*في ليلة من ليالي الشتاء القارس في المدينة جاءته امرأة من أنصار المدينة وقد نسجت للنبي بردة من القطيفة ففرح بها ولبسها ، فخرج بها صلى الله عليه وسلم -(في أول لبسة) - فنظر له أحد الصحابة من الأنصار و أعجبته العباءة فقال: ألبسنيها يا رسول الله ، قال له النبي :" نعم" وخلعها له في الحال – صلى الله عليه وسلم – .

*جاء أعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فتحت مكة وخبير و كثرت الغنائم والنبي والصحابة في حالة شدة وفقر فقد كان صلى الله عليه وسلم يربط حجرين على بطنه من شدة الجوع فبعد أن من الله عليهم بكل هذه الفتوحات، كان نصيب النبي من الغنائم، عدد أغنام ما بين جبلين، فنظر لهذه الغنائم فقال له النبي : “أتعجبك ؟” قال : نعم ، قال له النبي :" هي لك" ، فقال له : يا محمد ، أتَصدقني القول ؟ قال : "نعم خذها إن شئت " فقام الرجل وجرى إلى الغنم وهو يلتفت حوله، وأخذها كلها وعاد بها إلى قومه وقال لهم : أسلموا فقد جئتكم من عند خير الناس، إن محمد يعطي عطاء من لا يخشى الفقر أبداً.

*جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا نبي الله إني مجتهد – أي ليس معي ما آكل – فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض زوجاته هل عندكم من شيء ؟ فكلما بعث إلى واحدة ، أرسلت له قائلة لا والذي بعثك بالحق ما عندنا إلا الماء ، فقام النبي ونادى في أصحابه “من يضيف هذا الرجل ؟” فقام رجل من الأنصار وقال : أنا يا رسول الله ، وأخذه وأسرع إلى زوجته سألها : هل عندك طعام ؟ فقالت : لا إلا قوت صبياني فقال لها علليهم بشيء وإذا أرادوا العشاء أنيميهم، حتى يأتي الضيف فضعي الطعام وأطفئي السراج حتى يشعر أننا نأكل فيأكل هو، وأكل الضيف حتى شبع ، وجاءت صلاة الفجر وذهبوا ليصلوا فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم : "لقد عجب الله تعالى من صنيعكما بضيفكما الليلة "– أي رضي عن صنيعكما – فأنزل الله تبارك وتعالى قوله " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " . خصاصة أي تعب – جوع – فقر – احتياج - لا تجد شيء وتؤثر أخاك.

*لا يكون الإيثار في الأموال فقط، ولكن في الأرواح أيضا.هذا طلحة بن عبيد الله يأتي للنبي يوم أحد ويقول له : " اخفض رأسك يا رسول الله ، نحري دون نحرك يا رسول الله ويقذَف النبي صلى الله عليه وسلم بسهم فيمنعه طلحة بيده ويخترق السهم يده ، وتشل هذه اليد الكريمة .

*يقف الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد ويقول " من يمنعهم عني وله الجنة؟" فقد كان الكفار يتكالبون عليه يريدون قتله. فيأتي عشرة من شباب الانصار ويموت الأول ثم الثاني ثم الثالث ، وكان آخرهم "يزيد بن السكن " ومات على قدم رسول الله وهو يدافع عنه فيرفع النبي رأسه إلى السماء ويقول اللهم إني أشهدك أن يزيد بن السكن قد وفى.

*عكرمة بن أبي جهل حارب النبي 22 سنة ثم أسلم وحسن إسلامه ومات شهيدا، عكرمة كان من ضمن الجرحى في معركة اليرموك، وقد وضع الجرحى جميعهم في مكان ما حتى تنتهي المعركة كلما جرح جندي وضعوه هناك. وكان ابن عم عكرمة في الساقة، أي ممن يسقون الجرحى، فيقول: بحثت عن عكرمة فوجدته في الجرحى يئن، يكاد يموت وبجواره عشرة من المسلمين، فأخذت أجري نحوه لأسقيه وإذا هو يتناول القرية ليشرب سمع صوت أخيه يقول : أنا عطشان فقال: لا والله لا أشرب حتى يشرب أخي، فذهبت الى الثاني وهو يشرب سمع أخوه يقول آه فقال : لا والله لا أشرب ، وذهبت الى الرابع و الخامس و … حتى وصلت الى العاشر فقال : لا والله : لا أشرب حتى يشرب عكرمة ، فعدت الى عكرمة ، فإذا به مات شهيدا ، … آثر على نفسه وهو يموت ،وهو جريح ونحن نبخل بالقليل من المال، نبخل بالملابس، نبخل بالعلم نخاف أن تعطى معلومة لزميلك فيتفوق عليك.

  • سيدنا عمر بن الخطاب لحظة موته، عندما ضربه أبو لؤلؤه المجوسي وسقط في دمائه وعلم إنه الموت، قال لابنه : عبد الله بن عمر يا عبد الله : اذهب الى أم المؤمنين : عائشة وقل لها : عمر بن الخطاب ولا تقل أمير المؤمنين فلم أعد عليكم أميرا – عمر بن الخطاب يستأذنك أن يدفن مع صاحبيه (الرسول وأبو بكر) في حجرة عائشة ، فقالت عائشة : كنت أريد هذا المكان لنفسي، ولأوثنرن به عمر .

*سيدنا جعفر بن أبي طالب مات يوم مؤتة وترك ثلاثة أطفال والصحابة ضعفاء فقراء، ووقف النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يكفل أولاد جعفر و له الجنة؟ يقول الراوي : فخرج ثلاثة من الصحابة يتشاجرون : أنا يا رسول الله ، بل أنا يا رسول الله …
يقول الراوي: والثلاثة أفقر من بعضهم البعض .

يقول الإمام الغزالي في كتابه الإحياء، الإيثار على ثلاثة منازل :
الأولى و هي الأدنى: أن تنزل أخوك من نفسك منزلة الخادم فتطعمه وتعطيه مما يبقى وهذا إيثار .
الثانية: أن تنزله منزلة نفسك فكما تأخذ تعطيه.
والثالثة و هي الأعظم: أن تنزله فوق نفسك، فتفضل حاجته على حاجتك.

  • هذه هي منازل الإيثار الثلاثة أختر لنفسك منها.

  • أعظم الإيثار في هذه الدنيا : أن تؤثر مرضاة الله على مرضاة الناس، وأن تؤثر رضا الله على رضا من سواه وأن تؤثر رضا الله على هوى نفسك " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به " ، مرضاة الله أولى.

عندما نعيش لأنفسنا فقط نعيش حياة قصيرة ، نولد صغار ونموت صغارا ، لكن عندما نعيش من أجل غيرنا نعيش كبارا وحياتنا تمتد بامتداد البشرية ، وهذا كلام حقيقي إذا عشت لغيرك وليس لنفسك فقط ستجد سعادتك في بسمة غيرك ، وفرصتك في فرصة غيرك، وستجد السعادة الكاملة عندما تجد من يدعو الله لك ويقول يا رب ارضى عنه كما أرضاني، لذة عجيبة, جربها ستجدها أعظم من اللذة التي كنت ستشعر بها إذا حصلت على الفائدة والمنفعة بمفردك .
أخرجوا الشح من بيوتتكم، ومن جيوبكم ترزقوا سخاء النفس وتذوقوا حلاوة الإيثار ، لذة غريبة كلما أعطيت كأنك أنت الذي أخذت…
إنها علاقة عجيبة بين الإيثار وبين سلامة الصدر، بين الإيثار ورحمة الناس، بين الإيثار وترك الكبر وترك الغل تريد أن تنقي صدرك تعلم الإيثار

  • صلى الله علي نبينا معلم الإيثار، ويا خسارة على أمة ضاع فيها الإيثار.

من سلسلة الاخلاق للاستاذ عمرو خالد بتصرف[/center][/size][/color][/font][/center]