[CENTER][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][COLOR=#9932cc][B]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[/b][/color][/size][/font][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][B]الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد الزاهدين وإمام العابدين
أما بعد:
فإن الدنيا دار سفر لا دار إقامة
ومنزل عبور لا موطن حبور، فينبغي للمؤمن أن يكون فيها على جناح سفر
يهيئ زاده ومتاعه للرحيل المحتوم
فالسعيد من اتخذ لهذا السفر زاداً يبلغه إلى رضوان الله تعالى
والفوز بالجنة والنجاة من النار.
[/b][/size][/font]إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق
والليالي متجر الإنسان والأيام سوق
[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]* تعـريـف الـزهـد في الـدنيـا:
تعددت عبارات السلف في تعريف الزهد في الدنيا
[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]وكلها تدور على عدم الرغبة فيها وخلو القلب من التعلق بها.
قال الإمام أحمد:
[/font]
[/size][/b]الزهد في الدنيا: قصر الأمل.
وقال عبدالواحد بن زيد:
[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]الزهد في الدينار والدرهم.
وسئل الجنيد عن الزهد فقال:[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]استصغار الدنيا، ومحو آثارها من القلب.
وقال أبو سليمان الداراني:[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]الزهد: ترك ما يشغل عن الله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:[/font]
الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة، واستحسنه ابن القيم جداً.
قال ابن القيم:[/font]
والذي أجمع عليه العارفون: أن الزهد سفر القلب من وطن الدنيا،
[/size][/b][FONT=Traditional Arabic][B][SIZE=5]وأخذ في منازل الآخرة !!.
[/size][/b][B][SIZE=5][COLOR=red]فأين المسافرون بقلوبهم إلى الله؟
أين المشمرون إلى المنازل الرفيعة والدرجات العالية؟
أين عشاق الجنان وطلاب الآخرة؟[/color]
[/size][/b][/font]
[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]* الـزهـد فـي القـرآن:
قال الإمام ابن القيم: والقرآن مملوء من التزهيد في الدنيا[/font]
والإخبار بخستها، وقلتها، وانقطاعها وسرعة فنائها
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]والترغيب في الآخرة والإخبار بشرفها ودوامها.
* ومن الآيات التي حثت على التزهيد في الدنيا:
1ـ قوله تعالى:[/font]
اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد
كمثل غيث أعجب الكفار نباته
[/size][/b]ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد
ومغفرة من الله ورضوان
﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾
[ الحديد:20][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
2ـ وقوله سبحانه:
[/font]
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ
[/size][/b]مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ
ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾
[ آل عمران:14][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
3ـ وقوله تعالى:
[/font]
﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْ
يَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾ [/size][/b]
[ الشورى:20][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
4ـ وقوله تعالى:
[/font]
﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ﴾
[ النساء:77][/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
5ـ وقوله تعالى:
[/font]
﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَ﴿ 16﴾وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [/size][/b]
[ الأعلى:16-17][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
* أحاديث الزهد في الدنيا:
أما أحاديث النبي التي رغبت في الزهد في الدنيا
[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]والتقلل منها والعزوف عنها فهي كثيرة منها:
1ـ قول النبي لابن عمر رضي الله عنهما:[/font]
( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )
[ رواه البخاري][/size][/b]
. وزاد الترمذي في روايته:
[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]( وعد نفسك من أصحاب القبور ) .
2ـ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:[/font]
( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )[/size][/b]
[ رواه مسلم][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
3ـ وقال- صلى الله عليه وسلم- مبيناً حقارة الدنيا:[/font]
( ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم
فلينظر بم يرجع )[/size][/b]
[ رواه مسلم][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
4ـ وقال :
[/font]
[/size][/b]( مالي وللدنيا،إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال ـ أي نام ـ
في ظل شجرة، في يوم صائف، ثم راح وتركها )
[ رواه الترمذي وأحمد وهو صحيح].
5ـ وقال :
( لوكانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة،
ما سقى كافراً منها شربة ماء )
[ رواه الترمذي وصححه الألباني][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
6ـ وقال :
[/font]
( ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس )
[ رواه ابن ماجه وصححه الألباني][/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
7ـ وقال :[/font]
( اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً،
[/size][/b]ولا يزدادون من الله إلا بعداً )
[ رواه الحاكم وحسنه الألباني][FONT=Traditional Arabic][B][SIZE=5] .
*[/size][/b] حقيقة الزهد في الدنيا:
الزهد في الدنيا هو ما كان عليه رسول الله وأصحابه،[/font]
فهو ليس بتحريم الطيبات وتضييع الأموال،
ولا بلبس المرقع من الثياب،
ولا بالجلوس في البيوت وانتظار الصدقات،
فإن العمل الحلال والكسب الحلال والنفقة الحلال عبادة يتقرب بها العبد إلى الله
بشرط أن تكون الدنيا في الأيدي، ولا تكون في القلوب
وإذا كانت الدنيا في يد العبد لا في قلبه، استوى في عينه إقبالها وإدبارها
[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]فلم يفرح بإقبالها، ولم يحزن على إدبارها.
قال ابن القيم في وصف حقيقة الزهد:[/font]
وليس المراد ـ من الزهد ـ رفضها ـ أي الدنيا ـ من الملك،
[/size][/b]فقد كان سليمان وداود - عليهما السلام-
[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]من أزهد أهل زمانهما، ولهما من المال والملك والنساء مالهما.
وكان نبينا من أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوة.
وكان علي بن أبي طالب، وعبدالرحمن بن عوف[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]والزبير وعثمان - رضي الله عنهم- من الزهاد مع ما كان لهم من الأموال.
ومن أحسن ما قيل في الزهد كلام الحسن أو غيره:[/font]
ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال،
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك.
جاء رجل إلى الحسن فقال:[/font]
إن لي جاراً لا يأكل الفالوذج، فقال الحسن:
ولم؟ قال: يقول: لا أؤدي شكره، فقال الحسن:
[/size][/b][FONT=Traditional Arabic][B][SIZE=5]إن جارك جاهل، وهل يؤدي شكر الماء البارد؟.
*[/size][/b] أهميـة الـزهـد:
إن الزهد في الدنيا ليس من نافلة القول،[/font]
بل هو أمر لازم لكل من أراد رضوان الله تعالى والفوز بجنته،
ويكفي في فضيلته أنه اختيار نبينا محمد وأصحابه،
قال ابن القيم - رحمه الله- لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا،
فإيثار الدنيا على الآخرة إما من فساد في الإيمان،
وإما من فساد في العقل،
[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]أو منهما معاً.
ولذا نبذها رسول الله وراء ظهره هو وأصحاب[/font]
ه، وصرفوا عنها قلوبهم، وهجروها ولم يميلوا إليها، عدوها سجناً لا جنة،
فزهدوا فيها حقيقة الزهد، ولو أرادوها لنالوا منها كل محبوب،
ولوصلوا منها إلى كل مرغوب، ولكنهم علموا أنها دار عبور لا دار سرور،
[/size][/b]وأنها سحابة صيف ينقشع عن قليل،
[FONT=Traditional Arabic][B][SIZE=5]وخيال طيف ما استتم الزيارة حتى أذن بالرحيل.
*[/size][/b][B][SIZE=5] أقسـام الـزهـد:
قال ابن القيم - رحمه الله- الزهد أقسام:
[/size][/b][/font]1[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] زهد في الحرام وهو فرض عين.
2[/font] وزهد في الشبهات، وهو بحسب مراتب الشبهة،
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]فإن قويت التحق بالواجب، وإن ضعفت كان مستحباً.
[/font]3وزهد في الفضول،
[/size][/b][FONT=Traditional Arabic][SIZE=5][B]وهو زهد فيما لا يعني من الكلام والنظر والسؤال واللقاء وغيره.
[/b][/size][/font][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]4 وزهد في الناس.
5 وزهد في النفس، بحيث تهون عليه نفسه في الله.
[/font]6 وزهد جامع لذلك كله،
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]وهو الزهد فيما سوى الله وفي كل ما يشغلك عنه.
وأفضل الزهد إخفاء الزهد…[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]والقلب المعلق بالشهوات لا يصح له زهد ولا ورع.
* أقـوال السلف في الـزهـد:
قال على بن أبي طالب - رضي الله عنه-:[/font]
إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة،
ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة،
ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل،
﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾[/size][/b]
[ البقرة:197][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] .
وقال عيسى بن مريم- عليه السلام-:
[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]اعبروها و لا تعمروها.
وقال: من ذا الذي يبني على موج البحر دارا؟![/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا.
وقال عبدالله بن عون:[/font]
[/size][/b]إن من كان قبلنا كانوا يجعلون للدنيا ما فضل عن آخرتهم،
[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]وإنكم تجعلون لآخرتكم ما فضل عن دنياكم.
قلت: هذا كان في زمان عبدالله بن عون،[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]أما اليوم فإن أكثر الناس قد زهدوا في الآخرة حتى بالفضلة !!
* الأسباب المعينة على الزهد في الدنيا:
1 النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها ونقصها وخستها[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]وما في المزاحمة عليها من الغصص والنغص والأنكاد.
2 النظر في الآخرة وإقبالها ومجيئها ودوامها وبقائها
[/font]
[/size][/b][B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic]وشرف ما فيها من الخيرات.
3 الإكثار من ذكر الموت والدار الآخرة.
4 تشييع الجنائز والتفكر في مصارع الآباء والإخوان[/font]
[/size][/b][FONT=Traditional Arabic][B][SIZE=5]وأنهم لم يأخذوا في قبورهم شيئاً من الدنيا ولم يستفيدوا غير العمل الصالح.
5 التفرغ للآخرة والإقبال على طاعة الله وإعمار الأوقات بالذكر وتلاوة القرآن.
6 إيثار المصالح الدينية على المصالح الدنيوية.
7البذل والإنفاق وكثرة الصدقات.
8 ترك مجالس أهل الدنيا والاشتغال بمجالس الآخرة.
[/size][/b]
9الإقلال من الطعام والشراب والنوم والضحك والمزاح.
[/font]10[B][SIZE=5][FONT=Traditional Arabic] مطالعة أخبار الزاهدين وبخاصة سيرة النبي وأصحابه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.[/font]
[/size][/center]
[/b]