عمارات الزجاج

عبدالعزيز المحمد الذكير
انكسار أشعة الشمس على الإسفلت الأسود يضاعف حرارته، والحار خلقة، بسبب تعامد أشعة الشمس معه لفترة طويلة في مدننا في المملكة. ولا أدرى هل خطر هذا بذهن أهل البيئة والبلديات وأهل البناء والتعمير والهندسة، أم أن الموضوع لا يتعدى موضة ونزعة إلى التقليد، أم أنه عنصر دعاية وجذب لإغراء سكان جُدد.
فعابر الطريق الآن يجهر بصره الضوء الصادر من تلك المبانى، إضافة الى مضاعفة انبعاث الحرارة من الأرض (والعالم الآن يكافح الانبعاث الحرارى ويتصدّى له…!!).

لم يعرف بالضبط زمان ومكان صنع الزجاج، ويتوقع بأنه وجد منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد نتيجة تجمد السوائل البركانية أو نتيجة اصطدام الصواعق مع الرمال الأرضية الرطبة.

تشير المعاجم وبعض دوائر المعارف إلى أن مكتشف الزجاج بحار فينيقي سوري اكتشف الزجاج بعد عودته من رحلة تجارية في البحر المتوسط وبعد عودته إلى الساحل اللبناني اراد ان يطهو الطعام هو ومن معه فوضع تحت موقد النار بالصدفة قطعة من النيتر (مركب الصوديوم) فتفاعلت هذه القطعة مع لهب النار وامتزجت بالرمل الناعم على الشاطئ وشاهد البحار (سائلاً لزجاً) ولفت نظر البحار الذي وجد ان هذا السائل قد تحول إلى مادة شفافة وهو الزجاج الذي قام بتطوير صناعته الفينيقيون واشتُهر بعد ذلك، قدماء المصريين حيث استخلصوا الزجاج لأول عام 1600سنة قبل الميلاد.

وكانت صناعة الزجاج محدودة وغامضة ومقتصرة على الكهنة والسحرة. فلقد كانت الأواني والقطع الزجاجية تعتبر مجوهرات وتحفاً زجاجية نادرة يمتلكها الأغنياء.

وأظن أن هذا هو الذي (جرّ) ملاك العمارات من الأغنياء عندنا الى خيار جعل واجهة عماراتهم من هذه المادة، هذا إذا كان أحد منهم قد درس التاريخ أو قرأ عن ذاك الإغراء.

والحريص على البحث عن عيوب الغير، وهو لا يرى عيوب نفسه التي توجب عليه أن يصلحها، ولا يعلم أن الناس يرون عيوبه عليه أن يسمع المثل الشعبى الذي يقول : اللى بيته قزاز مايرمى بيوت الناس بحجر.

وأتوقّف قليلا عند هذا المثل وكيف جاء وأصبح دارجاً، فأقول إن تطور سكن اهل المنطقة بدأ بالغار ثم الخيمة والعريش ثم بيت الطين ثم الخرسانة، ولا أُحيط بالسبب الذي جعل هذا المثل يأخذ هذه المكانة من الأمثلة الدارجة، لأننا لا نعرف من سكن بيتاً من الزجاج.

ولا يزال البعض يضع في قمة سور منزله الخارجى قطع الزجاج المُكسر لتخويف اللصوص عند محاولتهم التسلّق. والفكرة (بالمفهوم العصرى) لا تخلو من الصواب. إذ ان الدماء التي سوف تسيل من المتسلّق ستدل عليه. أو تُعتبر قرينة…!.

.,._