دائرة العلم فى الإسلام
إذا اقتصرت أوربا على العلم المادى , فإن الإسلام لا يقف عند ذلك وإنما يوجه الإنسانية إلى مصدر أخر للعلم والمعرفة , هو القلب , أو الروح والبصيرة .
إن الاسلام يوجه الإنسانية إلى المعرفة الإشراقية أو الكشفية , أو الإلهامية , ويجمع الإسلام الاتجاه العلمى الحديث إلى الاتجاه العلمى التبصيرى .
فالسمع والبصر هما أساس العلم المادى . علم التجربة والملاحظات – أما القلب , فإنه أساس العلم الإلهامى , إن الله سبحانه وتعالى يوجه المسلم إلى الملاحظة والتجربة , ويوجه أيضا إلى الاستشراف للهداية والنور القلبى , عن طريق الخلق الكريم , والتقوى والاخلاص وحب الانسانية , والمعاونة فى الخير .
وإذا كان الإسلام أوسع نظرة فى الجانب العلمى عن الحضارة الحديثة , وأدق وأشمل , فإنه يختلف معها اختلافا جذريا حاسما فى مسألة الإرادات والنوايا , وفى أمر الأسباب والبواعث , وفى اتجاه الغايات والأهداف .
إن الحضارة الحديثة تقول : " إن العلم لا صلة له بالأخلاق " , أوتقول : " العلم لا أخلاقى " .
والعلم فى نظرها , لا شأن له بالخير والشر . ولكن الإسلام يجعل أسس العلم متسمة بالخير ويجعل غايته مغمسة فى الخير ويجعل من العلم قربى إلى الله تعالى , ويجعل منه عبادة لله تعالى . إنه سبحانه يجعله باسمه الكريم .
إن العلم فى الجو الإسلامى قراءه باسم الله , ويقول الله تعالى " اقرأ باسم ربك الذى خلق … " السورة .
ومن هنا كانت حضارة الإسلام حضارة رحمة وهداية , لا حضارة تدمير وتخريب . " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " .
تلك حقيقة العلم فى الدين الإسلامى , سواء نظرنا إلى أساسه , أو نظرنا إلى غايته . ومن هنا كانت نظريته أوسع دائرة , وأكثر شمولا .