مسؤولية رئيس الدولة الإسلامية عن تصرفاته

لا يوجد في الإسلام من هو بمنأى عن المسؤولية ابتداءً من رئيس الدولة الإسلامية وهو أعلى سلطة في الدولة إلى أصغر فرد فيها، فكل فرد في الدولة الإسلامية مسؤول مسؤولية كاملة عن أفعاله وأقواله أمام الله سبحانه وتعالى، إلى جانب مسؤوليته في الدنيا تجاه المجتمع الذي يعيش فيه. إن الإسلام لا يعطي رئيس الدولة مركزاً خاصاً يعفيه من النصح والتوجيه والمحاسبة من أفراد الدولة الإسلامية، فهو فرد من أفرادها، إلا أن الأمة اختارته ليكون ممثلاً لها يتولى الإشراف على أمورها وتدبير شؤونها، وهو ملزم بأن لا يخرج عن أحكام الإسلام، فإن تحقيق العدالة لا يتأتي إلا بأن يُسأل كل فرد عن أفعاله وتصرفاته. ورئيس الدولة كذلك، فلا بد من مساءلته ومحاسبته تحقيقاً للعدالة والمساواة إن خالف أي حكم من أحكام الشريعة. فالقرآن جاء بأحكام عامة لجميع المسلمين صغيرهم وكبيرهم، حاكمهم ومحكومهم على حد سواء، فكل من يرتكب جريمة يحاسب عليها حتى ولو كان رئيس الدولة نفسه، فليس له أن يستعلي على أحكام الإسلام أو يقول أن قواعد وأحكام الإسلام لا تطبق عليه كونه رئيساً للدولة فكل الناس سواسيه أمام الشرع ولا تفاضل بينهم إلا بالتقوى.
فإذا ارتكب رئيس الدولة الإسلامية جناية تستوجب عقوبة تعزير أو قصاص أو حد فإنه يحاسب عليها بل يجب على الأمة محاسبته، فيقام عليه الحد ويقتص منه ويعزر بحسب الأحوال.
ورئيس الدولة مسؤول عن سياستها، وإدارة شؤونها وفق أحكام الإسلام في السياسة الخارجية للدولة وفي علاقاتها مع الدول الأخرى، وعن عقد المعاهدات، وما إلى ذلك. وإن أساس علاقة الدولة الإسلامية مع الدول الأخرى هو نشر الإسلام والدعوة إليه ومراعاة مصلحة المسلمين في ذلك. أما بالنسبة للسياسة الداخلية للدولة وإدارتها فعليه أن يعين الموظفين والمعاونين وأن يتوخى فيهم العدالة والأمانة والصدق، وأن يضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وليس له أن يعطي أحداً مركزاً ليس بأهل له لقرابة أو صحبة أو مصلحة خاصة، كما أنه مسؤول عن الأخطاء الإدارية التي تصدر عن الموظفين، وهو محاسب عليها إن هو قصر في معاقبتهم وتوجيههم.
أما بالنسبة لمسؤولية رئيس الدولة الإسلامية عن تصرفاته المدنية، من عقود وتبرعات واتلافات فهو مسؤول عنها أيضاً. فعقوده الخاصه به التي ليس لها علاقة في الحكم وإدارة شؤون الدولة فحكمه في ذلك كأي فرد من أفراد الأمة فله أن يتصرف بماله تصرف المالك في ملكه من بيع وإجارة ورهن وهبةٍ وغيرها من العقود الشرعية.
وفيما يتعلق بالأموال العامة للدولة فيكون التصرف فيها وفق المصلحة العامة للمسلمين التي تقتضيها سياسة الدولة، فإذا تبرع أو أنفق من الأموال العامة في غير مصلحة المسلمين كأن يعطي أحداً ما لا يستحقه فيكون في ذلك مخالف للشرع ويجب على الأمة محاسبته عليها وأن تعيد الحق إلى نصابه.
فمسؤولية رئيس الدولة الإسلامية إذن كامنة عن كل ما يصدر عنه من أفعال وتصرفاته سواء باعتباره فرداً من أفراد الأمة أو باعتباره رئيساً للدولة الإسلامية، فمنصبه هذا لا يعفيه من المحاسبة والعقاب إن هو أخطأ في الإدارة واعتدى أو ظلم أو أخذ ما ليس له بحق أو تصرف في أموال المسلمين العامة في غير مصلحتهم. وهذا ما سيتم شرحه وتوضيحه في الرسالة.

لتحميل الملف PDF
التحميل

جزاكم الله خيراً على العرض الشيق والاختصار الجميل
ولكن للأمانة العلمية فهناك فرق في طريقة محاسبة رئيس الدولة الإسلامية، أو سمه أمير المؤمنين، أو حتى الوالي، لو لم يكن هو الخليفة العام
لأنه هو المسؤول أمام الله عن إقامة الحدود سواءً بنفسه أو بتخصيص قاضٍ ينوب عليه في ذلك
وممن تقع عليه مسؤولية إقامة حد الله عليه هو نفسه، ومادمنا نتكلم عن الدولة الإسلامية فلابد أن نرجع لأئمة الفقه في ذلك لا أيدوليجيات وثقافات علمانية أو مركسية، فلا مكان لهذه الثقافات بين صفوف الدولة الإسلامية
وأنا أمس وقعت على كتيب عنوانه “حقوق أولي الأمر في الشريعة” وإن شاء الله سأحاول أن أقرأه وألخص منه ما تعلق بمحاسبة ونصح أولياء الأمور

والله يا اخي كلامك صح وشكرررررررررا لك على هذالموضوع الحلو

أعتقد في مواضيع المحاسبة القانونية والإخلاص في العمل والمسؤولية لافرق في الأديان فالحاكم مسؤول بغض النظر عن الديانة على الأقل أمام نفسه وربه ثم إن الماركسية كان لها القوة التي لا أحد يجهلها وتحدثت عن التحكم بالإقتصاد والثروة منذ زمان بعيد وتم الأخذ بها وكل الإقتصادات الآن مشتقة جزئيا أو كليا عنها أو متأثرة بها بغض النظر عن أن صاحبها يهودي فقد أخذ العالم ما يناسبه وما يحتاجه منها وفق فضيلته وعقيدته وترك ما لايناسبه .