من أجل «سلام» داخل البيت

من أجل «سلام» داخل البيت

مساحته الداخلية وديكوراته تعكس طبيعة صاحبه الدولية

برازيليا : سيث كوغل*
من حق أي فرد يعود إلى بيته أن ينعم بالهدوء والطمأنينة بداخله، وليس هناك مَن يستحق ذلك أكثر من فرانسيسكو أوسلر، وهو مسؤول بارز مختص بالشؤون المدنية داخل الأمم المتحدة. قضى أوسلر العقد الماضي في بعثات تهدف إلى حفظ السلام وأشرف على بناء مدارس تيمور الشرقية وتوسط من أجل حل النزاع القبلي داخل السودان، ويساعد حاليا على تعزيز المؤسسات الحكومية داخل هاييتي. ومنذ سبعة أعوام، يعمل أوسلر في مشروع خاص به حيث يشرف على عملية بناء بيته، الذي طالما حلم به، في مسقط رأسه في العاصمة البرازيلية برازيليا. يوضح أوسلر، 42 عاما هذا الحلم بقوله: «أنا في حاجة إلى عنوان إقامة دائم». عندما كان يتصفح شبكة الإنترنت في تيمور الشرقية، شاهد أوسلر منزلا على شكل مكعب أبيض من عمل المعماري البرازيلي مارشيو كوغان، نال إعجابه، فما كان منه إلا أن اتصل به وطلب مقابلته خلال زيارته المقبلة لأرض الوطن. ما أعجب أوسلر، حسب قوله «بساطته، فقد كان معتدلا من دون رتابة، ونظيفا من دون مبالغة».

وبالفعل اجتمعا لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2003، بُعيْد شراء أوسلر خُمس فدان داخل مساحة غير مستغلة في منطقة راقية بالعاصمة برازيليا مقابل 200 ألف ريال برازيلي (كانت تبلغ قيمته في تلك الأيام 57 ألف دولار.) واستعمل أوسلر كوغان على الفور وبحلول مارس (آذار) تم الاتفاق على التصميم: مبنى مساحته 2700 قدم مربع مكون من غرفتي نوم وحمامين، من الزجاج والخرسانة. وبدأت عملية البناء في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام، إلا أن أوسلر لم يتمكن من بناء المنزل مرة واحدة لأنه يتحصل على راتب متواضع نسبيا، كما أنه يرفض الحصول على قرض كبير. وتم بناء المنزل على مراحل. وخلال عام تم الانتهاء من الأشياء الأساسية مثل شبكة الكهرباء وحمام السباحة. بعد انتهاء هذه المرحلة، احتفل باستضافة أول حفل، ضم 20 صديقا، وقدم فيه «فيغوادا»، وهو طعام برازيلي تقليدي.

بعد مرور نحو ثمانية أشهر، بُني الإطار الألومنيوم مع النوافذ. وبعد فترة أخرى، تم تركيب الأعمال الخشبية والأرضيات. ولم يستطع السيد أوسلر النوم داخل المنزل إلا بعد عامين، ومنذ ذلك الحين أخذ يدخر المال من أجل إتمام المراحل النهائية من عملية البناء. ويقدّر أنه أنفق نحو نصف مليون دولار. ويقول «في بعض الأحيان أعتقد أن الأمر لن ينتهي».

بدأت عملية البناء قبل ستة أعوام، وتم الانتهاء من المنزل تقريبا ولكن لا تزال هناك أشياء لم تنته مثل الأرضية التي سوف يتم بناؤها، وسجادة وكراسي مكتب سوف يشتريها. لكن قبل ذلك يحتاج إلى إفراغ صناديق مملوءة بالحاجيات. الطابق الأول الذي يقع فيه مرآب السيارة وغرفتا النوم، جاء على شكل مستطيل، بينما الطابق الأعلى عبارة عن مساحة منبسطة وتضم حجرة معيشة جدرانها من الزجاج وتغمرها أشعة الشمس وتطل على حمام سباحة. وفي أحد أطراف حمام السباحة، توجد ثلاث شجيرات «فرانجيباني» تظهر من فتحات مربعة داخل منصة مصنوعة من خشب كومارو البرازيلي. وعندما يكتمل نمو هذه الشجيرات، سوف تظلل المكان من أشعة الشمس. أما داخل غرفة النوم الرئيسة، فيوجد حائط من النوافذ يلغي الفوارق بين ما هو داخل المكان وما هو خارجه. ومن السهل على السيد أوسلر أن يتحرك من السرير إلى حمام السباحة مباشرة. وتعكس المساحة الداخلية طبيعة حياته الدولية: تتدلى فوق مائدة غرفة الطعام مجموعة كبيرة من المصابيح الكهربائية والأسلاك أشرف على تصميمها مصمم الإضاءة الألماني إنغو ماورر، بينما جاء صنبور المطبخ من شركة «كيه دبليو سي» السويسرية، فيما جاء دُش الاستحمام المصنوع من السليكون البرتقالي اللون من شركة إيطالية تدعى «آغابي ديزين». وفي الخارج، توجد كراسي خشبية من إندونيسيا ورسومات زيتية من إبداع فنانين من هاييتي هما ليفوي إكسيل وبرافيت دافوت. ولكن من أهم الكنوز لديه حائط من القرميد من عمل المصمم البرازيلي أثوس بولكاو الذي تزين أعماله الكثير من أعمال أوسكار نيماير داخل برازيليا. وعلى الرغم من أن الكثير من البرازيليين لديهم مساحات واسعة لحفلات الشواء، اتجه أوسلر إلى الولايات المتحدة طالبا شواية بسيطة سوداء من «هوم ديبوت». وقام بتسليمها إلى شركة داخل الولايات المتحدة تولت شحنها إلى البرازيل مقابل 100 دولار. ويقول: «إنها رائعة جدا وعملية».

* خدمة «نيويورك تايمز»