اسم الله عزوجل الستير

الستير

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد …
فقد صح في سنن أبي داود عن يعلى بن أمية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز بلا إزار ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " إن الله عز وجل حيي ستير ، يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر " .
يثبت رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث صفة عظيمة لربنا سبحانه وتعالى ألا وهي صفة الستر ، فالله سبحانه ستير يحب الستر .
والستير فعيل بمعنى فاعل ، أي أنه سبحانه ساتر يستر على عباده كثيرا ولا يفضحهم ، ويحب من عباده الستر على أنفسهم ، واجتناب ما يشينهم ، فهو سبحانه من شأنه وإرادته حب الستر والصون لعباده .
وهو سبحانه تارك لحب القبائح ، ساتر للعيوب والفضائح :

وهي الحيي فليس يفضح عبده عند التجاهـــر منه بالعصيان
لكنه يلقي عليه ســـــــــــــــتره فهو الستير وصاحب الغفران

أيها الأخوة … إن للإيمان باسم الله الستير آثارا كثيرة ينبغي على المسلم أن يتعلمها ويتدبر معانيها :
1- فمنها أن الله ستير يحب الستر والصون ، فيستر على عباده الكثير من الذنوب والعيوب ، ويكره القبائح والفضائح والمجاهرة بها .
وقد أمر الله بالستر ، وكره المفاخرة بالمعصية ، أو مجرد ذكرها وشيوعها بين المؤمنين ، قال سبحانه : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) ، أي الذين يريدون أن تنتشر الفاحشة في أهل الإيمان وتفشو فيهم ، لهم عذاب أليم في الدنيا مما يصيبهم من البلاء والأمراض ، وفي الآخرة من عذاب النار .
وأخبر سبحانه أن المجاهر بالمعاصي ، الذي لا يرضى بستر الله عليه لا يعافى منها ، جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي لله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله ، فيقول يا فلان قد عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره الله ، ويصبح يكشف ستر الله عليه " .
إن في الجهر بالمعصية استخفافا بحق الله ورسوله وصالحي المؤمنين ، وفيه ضرب من العناد لهم ، وفي الستر بها السلامة من الاستخفاف ، لأن المعاصي تذل أهلها : من إقامة الحد عليهم إن كان فيه حد ، ومن التعزير إن لم يوجب حدا ، وإذا تمخض حق الله فهو أكرم الأكرمين ، ورحمته سبقت غضبه سبحانه ، فلذلك إذا ستره الله في الدنيا لم يفضحه في الآخرة ، أما الذي يجاهر بالمعصية فإنه تفوته الرحمة في الدنيا ، ويفوته الستر في الآخرة ، فيفضحه الله في الدنيا والآخرة .
2- ومن آثار الإيمان باسم الله الستير : أن المؤمن إذا وقع في معصية أوتقصير في واجب فإنه ينبغي أن يستر على نفسه ، ولا يجاهر في المعصية ، امتثالا لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، ورد عن بعض السلف أنه خرج إلى الصلاة فاستقبله الناس خارجين من المسجد ، فغطى وجهه ورجع ، خوفا من فضيحة التأخير عن الصلاة .
وإذا ستر المؤمن على نفسه ولم يجاهر بما يغضب الله تعالى فإن الله يستره يوم القيامة ، يوم الفضائح ، يوم تبلى السرائر ، وهذا من كرمه الله ورحمته سبحانه بعباده ، في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأله كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى ؟ قال : " يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول : عملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، ويقول : عملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، فيقرره ثم يقول : إني سترت عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم ، فيعطى صحيفة حسناته ، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤؤس الخلائق : هؤلاء الذين كذبوا على الله " .
وقد جاءت البشرى بذلك للمؤمنين أن من ستر الله عيبه وذنبه في الدنيا فإنه يستره في الآخرة ، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة " .
أيها الأخوة … ما من مسلم إلا ويقع في الذنوب والتقصير في الطاعات ، صح عند الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب ، يعتاده الفينة بعد الفينة ، أو ذنب مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا ، وإن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا ، إذا ذكر ذكر " .
فالواجب على المؤمن أن يستر على نفسه ولا يجاهر بالمعصية ، ويحاول جاهدا أن يترك المعصية ، ويتوب منها ، ويرجع وينيب إلى ربه حتى يتوب الله عليه ، ويستره في الدنيا والآخرة .
3- ومن آثار الإيمان باسم الله الستير : أن الله كما حث على الستر على النفس فقد حث وأمر بالستر على عباده ، ورغب في ذلك ، في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من ستر مسلما في الدنيا ستره الله يوم القيامة " . وجاء في صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وأصبت منها قبلة فاقضي في ما شئت ، فقال له عمر : لقد سترك الله لو سترت على نفسك ، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا دعاه وتلا عليه هذه الآية : ( أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) فقال رجل من القوم : يا نبي الله هذا له خاصة ؟ قال : " بل للناس كافة " .
أيها الأخوة … إن الواجب على كل مسلم أن يستر على إخوانه المسلمين ولا يفضحهم ، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه سلم عن تتبع عورات المسلمين ، كما صح في المسند عن أبي برزة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته " .
وهذا كله فيمن ستر على نفسه ، أما المجاهر المفاخر بالمعصية فلا معافاة له ولا ستر ، بل ينبغي التحذير منه والأخذ على يديه بعد نصحه .
4- ومن آثار الإيمان باسم الله الستير : أن نتعبد باسمه الستير فندعو به أن يستر عيوبنا وذنوبنا ، فيستحب للمسلم أن يدعو ربه فيقول : يا ستير استرني أو استر ذنبي ، ومن الخطأ ما جرى على ألسنة كثير من الناس أنهم يقول : يا ساتر ، وهذا خطأ لأنه لم يرد في السنة أن الساتر من أسماء الله ، فينبغي أن تقول : يا ستير ، لأنه الوارد في السنة ، والمسلم يدعو ربه بأسماء الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة ، لكن لو قالها الإنسان من باب الإخبار بأن الله ساتر يستر الذنب فلا بأس ، لأن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء .
ودعاء الله بالستر ثابت كما صح في سنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح : اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن خلفي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي .
دعاء
اللهم لك أسلمنا ، وبك آمنا ، وعليك توكلنا ، وإليك أنبنا ، وبك خاصمنا ، وإليك حاكما ، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا ، وما أسررنا وما أعلنا ، وما أنت أعلم به منا ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت .
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك .
اللهم يا مصرف القلوب والأبصار صرف قلوبنا إلى طاعتك . الله إنك عفو تحب العفو فاعف عنا .آمين

اللهم لك أسلمنا ، وبك آمنا ، وعليك توكلنا ، وإليك أنبنا ، وبك خاصمنا ، وإليك حاكما ، فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا ، وما أسررنا وما أعلنا ، وما أنت أعلم به منا ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت .
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك .

اللهم يا مصرف القلوب والأبصار صرف قلوبنا إلى طاعتك . الله إنك عفو تحب العفو فاعف عنا

اللهم امين

بارك الله فيك اخي …

جزاك الله خير

جزاك الله كل الخير