اللهم اجعلني سببا في نهضة الأمة

“الحمد لله الذي جعل رزقك من عملك الدعوي” كانت تلك هي العبارة التي سمعتها في مسيرة حياتي يوما حينما كنت أعمل في مجال الإغاثة، وهي عبارة بقدر ما تحمل معاني النعمة والسعادة فهي تحمل من معاني الاختبار، ورغم تسليمي بتلك العبارة حينها واستشعاري القلق في ذات الوقت إلا أنني كنت كثيرا ما أفكر فيها، فهل العمل الدعوي أو الرسالي أو الخيري سمه ما شئت هو في مجال معين؟ قد تبدو الإجابة بنعم هي أسهل الإجابات. لكن دعني أسائل نفسي وإياكم، أليس كل عمل يقوم به المسلم لابد وأن يستشعر فيه معنى الرسالة؟ أليس كل عمل في الإسلام طالما كان نافعا للناس فهو خير؟
إن استشعارنا بأن أعمالا معينة كالتعليم والطب والإغاثة مثلا هي أعمال دعوية أو خيرية أو يمكن أن تكون كذلك، بينما أعمالا أخرى ليست كذلك، كالهندسة والتجارة والمقاولات مثلا، أليس ذلك يجعلنا من حيث لا ندري نكرس العلمانية التي تفصل العبادة وبعض الأعمال الدعوية المباشرة عن “أعمال الدنيا” فتنفصل في ضميرنا الأخلاق ومراعاة الله في الأعمال التي نضعها في الجانب “الخيري” من الأعمال؟ بينما نترك أنفسنا لأخلاق السوق في الأعمال الأخرى، فلا نراقب الله فيها، ولا نراقب أنفسنا وتصرفاتنا فيها؟ فإن أكلنا أموال الناس أو تلكأنا في أعمالنا تلك فلم ننجزها كما ينبغي أو لم ننجزها في أوقاتها فلا بأس، ولا نشعر بالإثم والحرج الذي نشعر به في سائر الأعمال “الأخرى”.
وإذا كان الله قد رزقني في النهاية بعد رحلة طويلة من البحث عن الذات أن تتحقق ذاتي في عمل هو مما يدخل في تعريف الأولين والآخرين في باب الرسالة، حيث عملت لعشر سنوات في موقع “إسلام أون لاين” أكتب كما أشاء وفيما أشاء وقتما أشاء، فقط ما أحس ضرورة أن يكتب فأكتبه كما أرى الصواب في وقتها، لكنني استشعرت بعد أن مرت تسع سنوات من تلك المسيرة أنني بحاجة أن أعيش لمشروع يتسع ويعم نفعه، أحسست أنه لا يكفي أن يكون رزقي من عمل رسالي، وإنما ينبغي أن أسائل نفسي من أنا؟ وفي أي زمان ومكان ولدت وعشت؟ وماذا ينبغي علي حيال الزمان والمكان الذي ولدت فيه وبالإمكانات التي أعطاني الله إياها؟ فـ"كل ميسر لما خلق له".

صناعة سفن النهضة

لقد فكرت وتدبرت ورأيت أن الزمان والمكان الذي أنا فيه يتطلب منا أن نبذل ما نستطيع من فكر وجهد في سبيل نهضة الأمة، وأن هذه النهضة لن تتأتى إلا من خلال صناعة تيار أهلي عام يحمل سفن النهضة إلى مبتغاها، صار دعائي لله أن يجعلني سببا في نهضة الأمة، فصرت أتلمس مصابيح النور الهادي في هذا الطريق وإن خفتت أضواؤها، أتعلم منها…ألملم أنوارها، أزيد زيوتها عل المصابيح تضيء أكثر في عتمة الليل الذي نعيش فيه، وصار هذا هو المشروع الذي أتمنى أن أقضي ما بقي لي من عمر في المساهمة فيه والدعوة إليه وحث الناس عليه وعلى أن يعاهدوا الله عهدا كعهد الصوفية أن يعيشوا له، حتى يتم الله النور على حياتنا، ولا نموت ونحن لم نفعل شيئا حيالها سوى لعن الظلام.
فاللهم اجعلنا سببا في نهضة الأمة في هذا الظرف الذي تحتاج فيه بلادنا إلى كل خطرة فكر، وكل خطوة فعل، وكل حبة عرق، وكل قطرة دم، تعيد لكل بلد من بلداننا مكانتها اللائقة، وتعيد لأمتنا مجدها، وتجعلها منارة للحرية والعدالة والكرامة والنهضة…اللهم آمين.

http://www.onislam.net/arabic/fiqh-a-tazkia/faith-reflections/129205-2011-02-27-08-05-32.html

آميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن
جزاكـ الله خيراً

اللهم اجعلنا سببا في نهضة الأمة
آمين

اللهم امــــــــــــــــــــين …

بـــــــــــــــارك الله فيك …