القيــادة

[CENTER]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(( القيادة فطرة أم اكتساب ؟؟ ))

:

حوار طويل على مدى التاريخ يدور حول هذا السؤال، ولكل فيه رأي وجدل، والاختلاف فيه بين القدماء وكذلك المحدثين، فها هو الأستاذ القدير "د. بينيز المتخصص في موضوع القيادة يقول إن القيادة شخصية وحكمة وهذان أمران لا يمكن اكتسابهما، بينما يقول أستاذ العلماء الغربيين وشيخهم الذي قارب التسعين "بيتر دركر القيادة يمكن تعلمها ويجب تعلمها
فهل للإسلام رأي في هذا الأمر الذي لم يستطع أكبر علماء الإدارة المعاصرين الاتفاق عليه؟
دعني في هذه العجالة أساهم برأيي وفهمي لما يقوله الإسلام في هذا الأمر الهام كمحاولة لبناء نظرية إسلامية في الإدارة لبنة لبنة لو تأملنا في القيادة سنجد أنها تتلخص في ثلاث أمور علم ومهارات وسلوك، والعلم المكتسب وكذلك المهارات،
فهل السلوك مكتسب؟
لعل هذه النقطة هي سبب اختلاف العلماء، فبعضهم يرى أن الجانب الإنساني والقدرة على التأثير في الناس لا يمكن اكتسابها بل هي هبة إلهية لا دخل للجهد الإنساني في تنميتها أو صقلها، بينما يصرّ الآخرون أن الموهبة لا شأن لها في القيادة تأملت هل في الإسلام إجابة على قضية اكتساب السلوك؟ فوجدت أن النبي صلى الله عليه وسلم يحدث الأحنف بن قيس رضي الله عنه والذي ساد بني قيس بحلمه وعدم انفعاله فقال له إن فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله الحلم والأناة، أي عدم الغضب وعدم الاستعجال، فقال الأحنف رضي الله تعالى عنه أهما خصلتان تخلّقت بهما؟
أو هما خصلتان جبلني الله عليهما؟
أي فطرية أم مكتسبة؟
وهذا هو عين سؤالنا، فقال صلى الله عليه وسلم:
"بل هما خصلتان جبلك الله عليهما إذاً القيادة فطرية في حق الأحنف، وكذلك هي عند عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي يقول عنه عمر رضي الله عنه لا ينبغي لعمرو أن يسير على الأرض إلا أميراً إذاً هناك من هو قائد بالفطرة بينما يوضح الحديث الآخر:
"إنما العلم بالتعلّم وإنما الحلم بالتّحلم، أن هناك إمكانية لاكتساب السلوك كما يكتسب العلم فبينما يشير حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه إنك امرؤ ضعيف لا تولين على اثنين، أنه لا يستطيع حتى اكتساب القيادة رغم فضله ومكانته في الإسلام وعلو شأنه فيه
والخلاصة
:
عندي أن هناك فئة قليلة (أقدرها بحوالي 2%) تكون القيادة عندها فطرية،
وفئة أخرى لا تصلح للقيادة ولا تستطيع اكتسابها (وأقدرها كذلك بحوالي 2%
وأما معظم الناس فيستطيعون اكتساب القيادة بنسب مختلفة ولكنهم لن يستطيعوا مهما اكتسبوها أن يكونوا كمن حصل عليها بالفطرة
ولعل هذا بداية حوار حول اختلافات العلماء في موضوع القيادة والإدارة ونظرة الإسلام إليها، ونسأل الله تعالى التوفيق والسداد للحق

(( نظريّات القيادة ))
:

إن للقائد في هذه النظرية أربعة مهام رئيسية نلخصها كما يلي:
أولاً: تحديد الرؤية أو صورة المستقبل المنشود

فالقائد يوضح للأتباع الهدف النهائي الذي يسعون لتحقيقه، ويضعه لهم في صورة جميلة للمستقبل المنشود مما يبث فيهم روح التفاؤل ويجعلهم يصمدون أمام المصاعب وليس بالضرورة أن يشكل القائد هذه الرؤية لوحده بل قد يشاركه الأتباع في ذلك وقد تتشكل الرؤية لهم من المنهج الذي يحملونه أو ورثوه ممن سبقهم
وتشير الدراسات إلى أن تشكيل الرؤية هي أهم عناصر القيادة التحويلية ونجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام استخدم أسلوب القيادة التحويلية، إذ كان صلى الله عليه وسلم دائم التذكير بالآخرة وهي الرؤية النهائية للمسلمين وها هو الرسول القائد عليه الصلاة والسلام يحث المسلمين على الجهاد بقوله قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أخرجه مسلم

ثانياً: إيصال الرؤية للأتباع

ما قيمة الرؤية مهما كانت رائعة ومرغوبة إذا لم تصل للأتباع بشكل مفهوم وواضح كي يؤمنوا بها؟ إن القائد الفعال هو القادر على إيصال الرؤية للأتباع بطريقة عاطفية مقنعة وواضحة تجعلهم يؤمنون بها ويتحمسون لها ويندفعون للعمل على تحقيقها والتضحية من أجلها لذا نجد القادة يستعملون من أمكنهم من فصيح القول وفي عصرنا هذا وسائل الإعلام والدعاية من أجل إيضاح الصورة المستقبلية والرؤية المنشودة وهذا عبد الله بن رواحة في معركة مؤتة يذكر المسلمين بالهدف من قتال العدو فيقول يا قوم والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم له تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، إنما نقاتلهم بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور أو شهادة الطبرائي

ثالثاً: تطبيق الرؤية

فالقائد الذي يسعى للحصول على احترام الأتباع وتفاعلهم معه لا يكتفي بشرح الرؤية بل يعيشها ويطبقها إذ لم يعد مقبولاً أن يعيش القائد في برج عاجي ويحدث أتباعه عن المستقبل والآمال والأحلام إن المفروض من القائد أن يعيش بين الأتباع ويتأكد من تطابق كل الأعمال مع هذه الرؤية والقيم والمبادئ

رابعاً: رفع التزام الأتباع تجاه الرؤية

بعد أن يحدد القائد الرؤية ويوصلها لأتباعه ويطبقها على نفسه تصبح مهمته زيادة التزام أتباعه بها ويتم ذلك عبر التشجيع والتذكير واشراك الأتباع في تشكيل الرؤية واتخاذ القرار، وعبر كونه القدوة الصالحة التي يكون لها دور كبير في تحفيز الأتباع على الالتزام بالأهداف والرؤى المنظمية
وتكون القيادة التحويلية أكثر فعالية عند تأسيس المنظمات فترات الانتقال والتغيير والتحول المصائب والكوارث والأزمات.

(( التّحكّم كصفة قياديّة ))
:


من صفات القائد الفعال القدرة على التحكم أي القدرة على التحكم بالنفس وفي الأتباع لكن لهذا التحكم قواعد وأصول، أما إذا أتى التحكم بصورة مفاجئة وعنيفة فإنه يفقد الكثير من فعاليته ويجب أن يكون القائد قوي الشخصية كي يحافظ على التفكير الواضح والمنطقي رغم المتاعب والضغوط، ويبحث عن الحقيقة ويتمسك بها بكل إصرار مهما كلفه الأمر، ويثبت في المآزق بكل صبر حتى لو تراجع الجميع من حوله وانسحبوا وقد تظن أخي القارئ أن هذه الصفة سلبية وتميل إلى الديكتاتورية، وهذا ليس صحيحاً إذا التزم القائد بالقواعد الأربعة للتحكم وهذه القواعد هي الحضور والمعرفة، الإدارة، التوجيه، النفوذ
_____

د. طارق السويدان[/center]

بارك الله فيك
على هذه المعلومات

جزاك الله خيرا