ما بعد قفزة فيليكس..!

خلال الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية، ظهرت نظرية إعلامية، تقول هذه النظرية بأن لوسائل الإعلام قوة هائلة يمكن أن تضرب عقول الناس خلال دقائق من عرض مادة إعلامية، ويمكن أن تؤثر على فكرهم بشكل مباشر بعد عرضها كما تفعل الرصاصة.

[CENTER][SIZE=4]خلال الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية، ظهرت نظرية إعلامية قال بها عالم الاتصال هارولد لازويل سميت بنظرية الرصاصة السحرية Magic Bullet أو الحقنة تحت الجلد Hypodermic Needle.

تقول هذه النظرية بأن لوسائل الإعلام قوة هائلة يمكن أن تضرب عقول الناس خلال دقائق من عرض مادة إعلامية، ويمكن أن تؤثر على فكرهم بشكل مباشر بعد عرضها كما تفعل الرصاصة.

في ذلك الوقت لاقت هذه النظرية نجاحاً، وكان بالإمكان رؤيتها تطبق على أرض الواقع خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كان لخطب هتلر الملقاة عبر الإذاعة أثر سحري في نفوس الألمان.

ثم…

في ما بعد بدأت تظهر اعتراضات على هذه النظرية التي تعطي وسائل الإعلام قوة كبيرة، وشيئاً فشيئاً ازداد الاعتراض عليها حتى أصبحت تعتبر نظرية غير واقعية ولا صحيحة، حيث أن المعارضين يرون أن للجمهور دوراً أكبر في تحديد آثار وسائل الإعلام.

قبل أيام…

تم الإعلان عن ما يسمى بقفزة فيليكس…

وفيليكس بومغارتنر Felix Baumgartner هو شخص نمساوي عادي، قافز مظلات عمل في القوات الخاصة النمساوية، واشترك في فريق الاستعراضات الجوية من قبل. وقد قام بقفزة من فوق تِمثال “السيد المسيح” الشهير في ري ودي جانيرو، ومن فوق أبراج البتروناس في ماليزيا.

ثم جاءت قفزته الأخيرة من كبسولة فضائية على الغلاف الجوي، ليتجاوز سرعة الصوت أثناء سقوطه من ارتفاع 38 كم.

أين الموضوع إذاً؟

الموضوع هو أن قفزة فيليكس حظيت بتغطية تاريخية، وإعلانات أسطورية كفلت أن يجلس أمام الشاشات ملايين البشر حول العالم ليترقبوا سقطته. لم يكتف الإعلام بهذا بل َصنع منه أسطورة… وبهذا تعود نظرية الرصاصة للظهور على السطح…

دعونا فقط نمرّ على بعض النقاط من قفزة فيليكس:

تكلفة القفزة كانت بالملايين لأنها بالطبع تحتاج لكبسولة، ومعدات وغيرها، الراعي الرسمي لها كان شركة ريد بول لمشروبات الطاقة Red Bull وهو عبارة عن إعلان ضخم، والإعلان يتطلب أن يتم عرضه في عدد كبير من القنوات الإعلامية ليغطي تكلفته ويجني أرباحاً مضاعفة.

لذا حرص الراعي الرسمي على وجود إعلانات مسبقة ونشرها بمختلف الوسائل، وبالفعل حصل ما خططوا له.

بل قاموا بخدعة معروفة وبسيطة وهي الإعلان عن موعد ثم تأجيله ليتسنى لهم نشر الخبر أكثر وإضفاء طابع الأهمية والخطر عليه.

طبعاً الشركة تدفع التكلفة ثم تأخذ الملايين من القنوات الإعلامية عبر وسطاء دعاية وإعلان، والقنوات نفسها تأخذ الأرباح من خلال المعلنين عليها، والذين يزداد دفعهم حسب عدد المشاهدين. حيث أن هناك شركات خاصة تقوم بحساب عدد المشاهدين لأي عرض في أي قناة من خلال متابعة الرسيفرات عن بعد. وقد كسبت ريد بول فعلياً خلال دقائق العرض وحدها عشرات الملايين، ولا زال يدر عليها المزيد عبر قنوات اليوتيوب التي تجاوزت مشاهداتها الثمان ملايين مشاهدة خلال عدة ساعات.

إذاً… المسألة عبارة عن إعلان كبير…

الهدف منه الكسب من كل مشاهد يفتح القناة ويشاهد المعروض… حتى لو أدى ذلك للمبالغة والكذب والتهويل لجذب المشاهدين…

فنحن كمشاهدين مثل القطعان التي يتم جذبها ليتم الاستفادة منها مادياً لزيادة أرباح القنوات والشركات المعلنة.

[/center]
[/size]

تحليل منطقي