انكسارات .. ولكن.؟

[CENTER][size=4][FONT=Arial][COLOR=red]بسم الله الرحمن الرحيم

انكساراتنا … عنوان شموخنا
و منها … نستمد ذواتنا
كل انكسار للرحيم الغفار …
يهديك مساحة أرحب للطمأنينة
وفرصة أسنح للشموخ
وفي كل مرة تقترب فيها من الجبار بالانكسار
تشعر أنك تتسامى عن كل ملذات الحياة
تشعر أنك تكون أنقى … وتكون أطهر … وتكون أكبر
أكبر من ذل المعصية
وأكبر من ذل الإصرار عليها
و أكبر من ذل الانشغال بالمباحات
عن رب السماوات

هل جربت يوما
أن تضع صخب هذه الحياة جانبا
وتجلس على سجادتك
وتفتح مصحفك لتبحر في آيات الانكسار؟!
جرب الآن …
وافتح مصحفك على آخر سورة آل عمران
ثم اقرأ بقلبك:
(رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
(رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)
(رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا)
(رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ)
(رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)
تأمل معي الآية التي جاءت بعد كل هذه المناجاة :
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ)

قال الحسن البصري:
( مازالوا يقولون ربنا … ربنا… حتى استجاب لهم )
يا الله … يا الله … يا الله
أي شرف هذا
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ)

أحبابي
جميعنا نشتاق للقرب من الله ونجتهد فيه
لكننا أحيانا نتناسى أحيانا
أن الانكسار هو الباب الأقرب … للقرب من الجبار

أريدكم أن تتفكروا معي
ما معنى أن تتكرر كلمة (ربنا) أكثر من 104 مرة في القرآن ؟!
هل ندرك الدعوة لتكرار الانكسار … بعدد ذكره ؟!
قال أحد التائهين :
لا أعلم أين أذهب؟!
أحياناً أطرق طويلاً
و أحدق في رجل يبكي و يتضرع إلى الله في المسجد
لماذا لا أستطيع أن أكون مثله ؟!
قلت:
( لأنه لم يتقدم … و يطرق باب الانكسار)

ولو قرأ هذا التائه ما قاله أحد التابعين :
(طرقت أبوابا إلى الله فوجدتها ملأى , كذلك كل باب طرقته
إلا باب الانكسار لله … وجدته فارغا فدخلته)
لو قرأ هذا لعلم
أن من يغفل عن هذا الباب كثيرون
وهو أحدهم
وقد يكون قارئ هذه الأسطر
أحدهم أيضا

كيف نعيش لذة الانكسار ؟!
يصف لنا ابن القيم حقيقة الانكسار فيقول :
( هذه الحال التي تحصل لقلبه لا تنال العبارة حقيقتها,
و إنما تدرك بالحصول
فيحصل لقلبه كسرة خاصة … لا يشبهها شيء
بحيث يرى نفسه كالإناء المرضوض تحت الأرجل
الذي لا شيء فيه
و لا منه
و لا فيه منفعة
و لا يرغب في مثله
و أنه لا يصلح للانتفاع
إلا بجبر جديد من صانعه و قيمه .)
تأمل الوصف
(كالإناء المرضوض … تحت الأرجل … الذي لا شيء فيه … و لا منه …
و لا فيه منفعة … و لا يرغب في مثله … و أنه لا يصلح للانتفاع
إلا بجبر جديد من صانعه و قيمه)
هل تخيلت هذا الحال
تأمل هذه الصورة

استشعرنا
وصف الانكسار مع ابن القيم
تعالوا لنرى نموذج عجيب للانكسار مع أبي حنيفة:
(صلى الإمام أبو حنيفة العشاء يوماً في المسجد،
فلما قضيت الصلاة وخرج الناس من المسجد،
يقول إمام المسجد: فنظرت لأبي حنيفة فإذا هو جالس يتفكر،
فقلت: أقوم حتى لا أزعجه وأشغله عما هو فيه،
فخرجت وتركت القنديل وليس فيه إلا زيت قليل…
فجئت وقد طلع الفجر
وهو لا يزال في مكانه
يقول:
يا من يجزي بمثقال ذرة الخير خيراً،
و يا من يجزي بمثقال ذرة الشر شراً،
أجر النعمان عبدك من النار … وأدخله في سعة رحمتك…)

سبحان الله
أي لذة انكسار هذه
التي جعلته لا يقوم من مصلاه من العشاء إلى الفجر؟!

ما الذي كسر أبي حنيفة؟!

ماهي الحالات التي يجب فيها أن نتشبث بالانكسار؟

يقول أحدهم في أبدع إجابة:
إن أتيت حسنة وأعجبت منها نفسك… ودخل السرور قلبك…
فتذكر أن من وهبك إياها الله … ولولاه ما قمت بها…
فعندها ستنكسر.
إن وقفت يوماً في منصبك تأمر وتنهي…
فتذكر أن ربك أعلى منك وأعلم… وإن شاء سلبك بعد العطاء…
فعندها ستنكسر.

وإن تناولك الناس يوماً بالمدح والثناء…
والخير والإطراء… وأعجبوا بعملك…
فتذكر ذنوبك وما تفعله بعيداً عن أعينهم … ثم ستر الله عليك
فعندها ستنكسر.

وإن وقفت يوماً تصلي فسرح عقلك،
وكثر التحرك بجسمك، وانشغلت بالتفكير في الدنيا…
فتذكر أنك ستقف أمام ملك الملوك وحيداً ً…
فعندها ستنكسر. )
هذه بعض حالات

ولو صحبنا الانكسار في كل حالاتنا لكان أكمل[/color][/font][/size] [/center]

جزاك الله خيرا

جزاك الله خيرا

جزاك الله كل الخير