الغذاء والصحة (اللحوم العضوية بين الضرورة والترف


الأصل في الطبيعة هو أن كل لحوم ” المواشي والدواجن ” هي عضوية حيث تتغذى تلك الحيوانات والطيور في الطبيعة على ” الأعشاب والحبوب والبقوليات …” وبحسب ما يلائم نظام وطبيعة تغذيتها وبدون أي إكراه . ولكن جشع وطمع كل من مصنعي الأعلاف ومربي الماشية والدواجن أدى إلى تصنيع وإنتاج أعلاف رخيصة وجديدة ودخيلة و مليئة بالمواد الغريبة الكيميائية والتي تهدف إلى الإسراع في الإنتاجية من ” اللحوم أو الحليب أو البيض “ وتحقيق أكبر ربح مالي , ولكن وللأسف الشديد سببت تلك المواد الدخيلة العديد من الأمراض والمشاكل الصحية لتلك المواشي والدواجن ومن ثم انتقلت بدورها إلى الإنسان عن طريق غذاؤه مسببة له الأمراض الخطيرة والأوبئة …
اللحوم العضوية :
تعرف اللحوم العضوية بأنها اللحوم الناتجة من ” المواشي والدواجن ” التي يتم تربيتها بنظام محدد الشروط والمواصفات شبيه من الطبيعة من حيث التربية ونوعية الأغذية التي تتناولها والخالية من ” الإضافات الكيميائية والمضادات الحيوية و الهرمونات ” مع عدم تربية ” السلالات المعدلة وراثيا ” .
إن إنتاج اللحم العضوي هو نظام يستطيع اي مربي تبنيه والحصول على شهادة منتج عضوي تضمن تسويق منتجه عالميا ومحليا. واللحم العضوي منتج ذو مواصفات محددة بقانون وشروط دقيقة وحازمة وينبغي أن يكون إنتاجه تحت إشراف أخصائيين بذلك
يزداد الطلب العالمي على الاغذية العضوية يوما بعد يوم وتعتبر الدول ذات الدخل العالي من أكثر الدول طلبا للأغذية العضوية وتستحوذ الدول الصناعية السبع الكبرى على 80% من المعروض من الغذاء العضوي في الوقت الذي تستضيف فيه 12% من مزارع الانتاج العضوي
وإن ظهور ما يسمى ” اللحوم العضوية “ في قائمة الأغذية العضوية كان بسبب تغير طرق انتاج وتصنيع الأعلاف وتغذية الحيوان إثر النهضة العلمية التي اجتاحت العالم و التي هدفت إلى رفع معدلات انتاج العلف وبالتالي توفير المزيد من الغذاء للحيوانات والطيور بالإضافة إلى زيادة إنتاجية الحيوانات والطيور المستهلكة لتلك الأعلاف وهذه الطفرة أدت إلى إنتاج وتصنيع أنواعا متعددة من الأعلاف الغير تقليدية والتي احتوت على العديد من المركبات الكيميائية والدخيلة على نوعية الأغذية التي تتناولها الحيوانات والطيور بشكل طبيعي في الطبيعة مثل ” البروتين الحيواني من الحيوانات النافقة والذبائح المستبعدة ، و مخلفات المسالخ مثل ” الأحشاء والدم ومسحوق العظام والريش وحتى ذرق الدواجن بالإضافة إلى المركبات الكيميائية العديدة ومنها ” الأسمدة الكيميائية ، المضادات الحيوية و الهرمونات ….”.
وكانت الغاية من هذه الأعلاف المصنعة أن تحقق العديد من الأهداف للمنتج والمربي والتي ألخصها بالنقاط التالية :
1- تحقيق أكبر ربح مادي لكل من مصنعي الأعلاف والمربين .
2- زيادة سرعة فعالية العلف والمتمات العلفية .
3- زيادة معدل النمو عند الحيوانات والطيور .
4- زيادة معدل الإنتاج عند الحيوانات والطيور ( اللحوم , الحليب , البيض …).
5- رفع كفاءة تحويل الغذاء.
6- تقليل تكلفة العلف المنتج .
7- تقليل ترسيب الدهون في الحيوان .
8- تقليص المساحة التي تربى فيها الحيوانات والطيور إلى أقصى حد .
9- عدم الاهتمام بالطعم والنكهة للمنتجات التي تنتجها الحيوانات والطيور .

اهم الشروط الواجب توفرها في مزارع ومداجن ” إنتاج اللحوم العضوية ” :
إستخدام المراعي الطبيعية الخالية من بقايا ” الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية.
أن لا تكون الأعلاف الخضراء قد أنتجت من تربة عولجت بالمخصبات الإصطناعية أو رشت بمبيدات الآفات الزراعية الكيميائية.
تقديم الأعلاف العضوية .
تقديم المتممات العلفية العضوية .
عدم تقديم الأعلاف ذات الأصل الحيواني.
إستخدام الأدوية العضوية التي لا تترك أثارا تراكمية في المعالجة , كما لا يسمح باستخدام المضادات الحيوية إلا في حدود ضيقة جدًا مع بعض الأمراض، ويحذر استخدامها في خلال 90 يوما التي تسبق الذبح أو الـ 30 يوما التي تسبق إنتاج الحليب أو في الدجاج عند إنتاج البيض , ولا تعطى اللقاحات أيضًا في هذه الفترة. .
عدم تقديم الأعلاف أو المتممات العلفية التي تحتوي على ” بروتين حيواني أو مضادات حيوية او هرمونات أو مواد حافظة أو المعادن الثقيلة أو أي مادة كيميائية “.
لا يسمح باستخدام الكبسولات البلاستيكية ” كعلف مالئ للكرش”.
ان لا تكون الحيوانات أو الدواجن ” محورة وراثيا ” .
أن يتحقق للحيوانات والدواجن ممارسة سلوكها الطبيعي.
يجب ان يصل إلى ” المواشي والدواجن “ الهواء الطلق والنقي ، وضوء الشمس، والظل والمأوى. وأن يتم تزويدهم بمياه الشرب النقية والغذاء الكافي لتناول الطعام في وقت واحد دون منافسة .
إستخدام المنظفات والمعقمات العضوية ويحظر استخدام المنظفات الكيميائية.


أهمية وفوائد اللحوم العضوية
تتميز اللحوم العضوية بفوائدها الكبيرة والمتعددة لصحة الإنسان , بالإضافة إلى كونها من المنتجات الصديقة للبيئة , وفيما يلي أعدد بعضا من أهمية وفوائد اللحوم العضوية.
1- تتميز اللحوم العضوية بأنها تحتوى على نسبة أعلى من اللحم .
2- تحتوي على نسبة قليلة من الدهون .
3- تحتوي على نسبة أعلى من الفيتامينات والمعادن الطبيعية .
4- تحتوي على نسب أعلى من الأحماض الدهنية المفيدة لصحة الإنسان.
5- تكون خالية من ” الإضافات الكيميائية والمضادات الحيوية والهرمونات”.
6- تكون نكهتها وطعمها مستحبا ومميزا .
7- تعتبر منتجات صديقة للبيئة ولا ينتج عنها أي نفايات ضارة .

مخاطر إستهلاك اللحوم التي تستخدم الأعلاف الغير عضوية :
[COLOR=“Purple”][SIZE=“4”]أدى إستخدام الأعلاف الغير تقليدية والمخالفة لطبيعية تغذية ” الحيوانات والطيور ” من مواشي ودواجن … إلى تعرض صحة الإنسان للخطر في عدة حالات صحية نوجز بعضا منها فيما يلي :
عدم استجابة المرضى للعلاج بإستخدام المضادات الحيوية ، لأن ادخال المضادات الحيوية لجسم ” المواشي والدواجن ” بجرعات أقل من الجرعات العلاجية يؤدي الى ظهور سلالات جديدة من الجراثيم التي تقاوم المضادات الحيوية من بين الجراثيم التي تعيش عادة في جسم الحيوان . وعند اصابة الانسان بالمرض من خلال استهلاكه لحوما ” غير مطبوخة جيدا “وملوثة بهذه السلالات الجرثومية فإن المريض لن يستجيب للعلاج باستخدام المضادات الحيوية , بالإضافة إلى الضرر من انتقال تلك المضادات الحيوية المتراكمة في أنسجة اللحم والدهون إلى الإنسان عن طريق الغذاء.
سجلت حالات عديدة من التسمم الحاد والأمراض الخطرة الغير معروفة الأسباب وفي مقدمتها السرطان بعد استهلاك الانسان للحوم من حيوانات وطيور تناولت أعلاف خضراء عولجت بالمبيدات الكيميائية السامة لإبادة الآفات الزراعية .
سجلت حالات عديدة من الأمراض الخطرة الغير معروفة الأسباب كانت ناتجة عن الأعلاف المركزة بالعناصر المعدنية والتي كشفت التحاليل المخبرية على احتوائها على نسب عالية وغير مسموح بها من العناصر المعدنية الثقيلة وبخاصة ” الزرنيخ “.
ينتج عن استخدام الهرمونات التي تدخل في تركيب العديد من الأعلاف والمتممات العلفية بقايا لهذه الهرمونات في لحم المواشي والدواجن التي تستهلكها والتي بدورها تنتقل إلى الإنسان عن طريق تناولها في غذائه والتي تؤدي إلى إختلال التوزان الهرموني عنده وظهور علامات غير طبيعية مثل ” البلوغ المبكر في الإناث والتخنث في الذكور والاجهاض في السيدات الحاملات والعديد من الأمراض ومنها السرطان “…
من الأمراض التي تعرض صحة الأنسان للخطر مرض جنون البقر و يصيب المرض البقر عند استهلاكها لعلف مركب يحتوي على بروتين حيواني مصدره أغنام مريضة بمرض يصيب الدماغ يسمى ” Scrapie ” . وتفقد البقرة المصابة الاتزان والقدرة على الوقوف لأن المرض يؤثر على خلايا المخ في البقر والذي يبدو كقطعة الاسفنج ومنها جاء اسم المرض باللغة الانجليزية ” Spongiform Encephalopathy ” ويؤدي استهلاك الإنسان للحوم البقر المصابة بمرض جنون البقر، إلى إصابته بمرض قاتل يؤثر على الدماغ يعرف باسم ( variant Creutzfeldt-Jakob Disease )
ولقد تعرضت صناعة لحوم البقر الأوربية لخسائر مالية فادحة ، نتيجة لظهور المرض بالمملكة المتحدة عام 1986 وانتقاله لبعض الأقطار الأوربية ، تجاوزت107 بليون دولار أمريكي. وتفاديا للأخطار الصحية عزف المستهلكون عن شراء منتجات العديد من المواشي والدواجن التي تتغذى على الأعلاف غير التقليدية في الوقت الذي برز فيه طلب عالمي متزايد للحوم العضوية المنتجة على العلف العضوي والتقليدي.
وبسبب تلك المشاكل الصحية والخطيرة التي لحقت بصحة الإنسان نشطت العديد من الشركات والمزارع والمداجن في الدول المتقدمة وبعضا من بقية دول العالم إلى التحول إلى الإنتاج العضوي وفي التنافس على إنتاج اللحوم العضوية والحليب العضوي والبيض العضوي وطبعا مع المنتجات العديدة جدا التي تشتق منها ووفق المعايير والمتطلبات العلمية والقانونية لإنتاج المنتجات العضوية وعلى رأسها اللحوم العضوية .

[/size][/color]