التخلص من الذنوب

التخلص من الذنوب
الذنوب والمعاصي أمراض القلوب وإذا أُصيب القلب بهذه الأمراض ضعُفت همته وأصبح مريض يجب معالجته قبل أن يدخل القلب في مرحلة الإحتضار التي ربما تؤدي إلي موت الإيمان المتبقي في القلب وإعلم أن لو حدث هذا لسوف يكون من الصعب إحياء هذا القلب مرة أخري إلا إذا أراد الله عز وجل الهداية لصاحب هذا القلب فالذنوب والمعاصي يُظلمان القلب وبموجبهما تجد أن القلب به ظلمة ووهن وضعف وذله ولن يقبل أي إيمان يحاول الدخول إليه وسوف يلفظه وذلك لأن القلب إذا إمتلئ بالذنوب والمعاصي لا يستطيع صاحب هذا القلب أن يدخل الإيمان في قلبه فمثلاً لو أنك أحضرت وعاء به ما غير نظيف وأردت وضع ماء نظيف به فهل يمكن وضع الماء النظيف وأن يكون محتفظ بكيفيته قبل وضعه في هذا الوعاء دون المساس بالماء الغير نظيف بالطبع لا لذلك لابد من إفراغ محتويات هذا الوعاء من القذارة والأوساخ التي حلت به ثم غسله وبعد ذلك تستطيع وضع ماء نظيف كذلك القلب فلابد من إفراغ محتوياته من الذنوب والمعاصي ثم تهيئته لكي يصبح أهلاً لكي يكون وعاء يستطيع إستقبال الإيمان والحفاظ عليه فالذنوب والمعاصي تجلب علي الإنسان الفقر والمهانة وعدم التوفيق وظلمة في الوجه وسخط الله عليك وبغض الناس لك فالله عز وجل يقول “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى” (سورة طه) أي يشعر ببؤس وضيق في معيشته لأنه بعيد عن الله وعن ذكره فالله عز وجل يقول “أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” (سورة الرعد) وهذا كلام الله الذي لا إعوجاج فيه أن إطمئنان القلوب بذكر الله وأن الذي لا يذكر الله مثل الميت ففي صحيح البخاري من حديث أبي موسي رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت" والذنوب والمعاصي تُعرض صاحبها لسخط الله عز وجل ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال “‏ إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل ‏ ‏فقال إني أحب فلانا فأحبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا ‏‏جبريل ‏فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه قال فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض” فهل رأيت أن ذنوبك تجعل الله عز وجل يبغضك ويجعل الناس تبغضك أيضا كما تُعرضك لظُلمة الوجه فإذا رأيت أحداً ممن ألفوا إقتراف الذنوب والمعاصي سوف تجد وجوههم مظلمة مسوده ليس عليها نور الإيمان والطاعة لأن الله يضفي علي وجوه الطائعين نور مشرق من نوره تعرف من خلاله أن صاحب هذا الوجه مؤمن وأيضاً إذا ذهب لقضاء بعض أموره يجد الأبواب مقفله في وجهه وأمورة كلها متعسرة وإن وجد خلاف هذا فهذا إستدراج له حتي يمضي في إرتكاب الذنوب والمعاصي وأيضاً يُصاب بقلة البركة في أمواله فلا يدري أين تذهب أمواله فيجدها تذهب هباءاً كأنها ذهبت مع مهب الريح وكل هذه المحن التي حلت به لا يدري أن سببها إقترافة لفعل الذنوب والمعاصي والتجرأ علي الله بفعلها في الخلوات والإستحياء من الناس ففي صحيح ابن ماجه من حديث ثوبان أن النبي صلي الله عليه وسلم يقول " ‏لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال ‏‏تهامة ‏‏بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا قال ‏‏ثوبان ‏يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم قال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها" ومعني هذا الحديث أن الله يأتي بأقوام من أمة الإسلام يوم القيامة حسناتهم أمثال الجبال فيجعلها الله هباءاً منثورا ويتسأل الصحابي عنهم ويقول للنبي صلي الله عليه وسلم صفهم لنا وإكشف لنا عن أمرهم ربما نكون منهم ونحن لا نعلم فهل تري مدي حرص الصحابي علي الإستفهمام من الرسول حتي لا يكون من بينهم وهو لا يعلم مع أنه صحابي جليل وكان في عهد النبي ومعه ولكن لا يأمن مكر الله فكيف تأمنه وأنت في زمن الفتن والشهوات ثم يقول له النبي صلي الله عليه وسلم إنهم من جلدتكم أي من جنسكم ويأخذون من الليل مثلما تأخذون منه ولكن إذا خلوا بمحارم الله إنتهكوها أي إذا أصبحوا بمفردهم تجرأوا علي الله بالمعصية فهم يستحيون من الخلائق ولا يستحيون من إله الخلائق وهذا لمن لديه رصيد من الحسنات يجعلها الله له هباءاً منثورا لأنه تجرأ علي الله بالمعصية فما بالك بمن لا يمتلك رصيد من الحسنات وميزان سيئاته يفوق ميزان حسناته بكثير ماذا سوف يكون حاله أمام الله وتذكر ان الذنوب والمعاصي ما هي إلا لذة ساعة وآلام دهر ولكن لا يدري المرء هذا إلا بعد إنقضاء الشهوة فمن تجده جالس أمام شاشة الكمبيوتر يزني بعينه وينظر إلي ما حرم الله يظن أنه في سعادة من هذا ولكن سعادة واهمة وبمجرد إنقضاء الشهوة يشعر بحسرة وندم علي ما إقترفه من الذنوب ولكن وأسفاه فحزنه لا يفيد ما لم يتب لأن الذنب قد فعله وإنتهي الأمر فالنفس أمارة بالسوء ميالة إلي الشره تهرب من الخير لذلك لابد من تقييدها بسلاسل القهر والخوف من الله والهروب إلي الله ليس منه فأنت عندما تخاف من شيئ تفزع وتهرب منه ولكن عندما تخاف من الله تفزع وتهرب إليه وأريد أن تقول لي ما هي النتائج التي ترتبت علي إرتكابك للمعاصي ؟ هل شعرت براحة نفسية ؟ بالتأكيد سوف يكون الجواب لا لأن بعد فعلك للذنوب تذهب اللذه وتبقي الحسرة فلابد من الإستيقاظ من الغفلة قبل فوات الأوان وقبل أن يأتي الموت بغتة وأنت لا تشعر فالموت ليس له مكان ولا زمان ولا عمر محدد ولكن يأتي فجأه فربما يأتي وأنت علي معصية هل تستطيع أن تقول لملك الموت إنتظر حتي أُنهي ما أفعله فتذكر أن ملك الموت سوف يأتيك ويقبض روحك علي الحالة التي أنت عليها بدون مقدمات وتذكر أن الله يراك وأنت تفعل هذا الذنب فهل ترضي لوالديك أن ينظروا إليك وأنت تفعل هذا الذنب ؟ بالطبع لا أليس الله أولي من الإستحياء منه فإن قالت نفسك هلم لفعل المعصية فإن الناس لا تراك فقل لها إن رب الناس يراني وإن قالت لك إن الظلام يعم المكان ولا أحد يراك فقل لها إن الذي خلق الظلام يراني فتذكر كل هذا قبل أن تقف أمام ربك في يوم لا ينفع فيه مالاً ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم وكلامي هذا ليس معناه التقنيط من رحمة الله فالله عز وجل يغفر الذنوب جميعاً وقال في كتابه الكريم “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (سورة الزمر) فهذه الآية كلنا نتمسك ونتشبث بها طمعاٌ في رحمة الله والرجاء في عفوه فبادر أيها الأخ الكريم وأيتها الأخت الكريمة بالتوبة إلي الله والتخلص من عبودية الشهوة إلي عبودية الله وحده ومن سجن المعصية إلي فضاء التوبة فبادر بالتوبة قبل فوات الأوان فإن لم تتب الان فمتي ستتوب؟