العمل فى زيادة الايمان

[SIZE=4]العمل علي زيادة الإيمان
العمل علي زيادة الإيمان من أهم العوامل المؤثرة في ثبيت الإيمان وعدم زعزته وفي سنن ابن ماجه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال " كان رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يكثر أن يقول ‏ ‏اللهم ثبت قلبي على دينك فقال رجل يا رسول الله تخاف علينا وقد آمنا بك وصدقناك بما جئت به فقال إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يقلبها ‏ ‏وأشار الأعمش بإصبعيه ‏" فهل رأيت أن النبي صلي الله عليه وسلم صاحب أتقي القلوب وأفضلها كان يقول اللهم ثبت قلبي علي دينك حتي أن هناك رجل سمع هذا فوضعه داخل دائرة إستفهام وسأل الرسول كما ذُكر في الحديث فقال النبي إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل يقلبها كما يشاء وفي مسند الإمام أحمد من حديث عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول " ‏إن قلوب بني ‏ ‏آدم ‏ ‏كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرف كيف يشاء ثم قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك " فهذه الأحاديث براهين علي أن قلوب العباد يصرفها الله كيفما يشاء فلابد من العمل علي زيادة الإيمان لأن الإيمان لن يبقي كما هو فالإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ومن أسباب زيادة الإيمان :-
1- التفكر في آيات الله الكونية وهذه له فوائد جمة في زيادة الإيمان فعندما تنظر إلي مخلوقات الله تجد أن الله خلق كل شيئ بحكمه وبأشكال مختلفة ومتنوعة وعندما تشاهد هذا لا يسعك سوي أن تقول سبحان الله وهذا يزيد الإيمان في القلب.
2- معرفة أسماء الله وصفاته فعندما تعرف الله بمعرفة أسمائه وصفاته تشعر بزيادة الإيمان في قلبك لأنك كلما عرفت الله أكثر كلما إزدت خوفاً وخشية منه وبالتالي يزداد الإيمان في قلبك.
3- زيادة الطاعات لأن الطاعات ترفع من مستواك الإيماني وتجعلك ترتقي في إيمانك وكلما إرتفعت في إيمانك وإرتقيت فيه كلما نظرت للأمور المحاطه من حولك بنظره تملؤها العمومية والشمولية وهذا يزيد من خشيتك لله وعلي إثر هذا يزداد الإيمان في قلبك.

ومن أسباب نقصان الإيمان :-
1- الإعراض عن التفكر في آيات الله الكونية فكلما أعرض الإنسان عن التفكر في مخلوقات الله أصبح قلبه مهجور إيمانياً لا خير فيه.
2- الإعراض عن معرفة أسماء الله وصفاته من أسباب نقصان الإيمان ومن ثم قسوة القلب فمن أعظم أسباب قسوة القلب طول الأمد والإعراض عن معرفة أسماء الله وصفاته
3- قلة الطاعات من أسباب نقصان الإيمان لأن الطاعات إذا بدأت في الهبوط فإعلم أن هذا إنذار لك أنك علي خطر لأن الطاعات كلما قلت كلما أصبحت ضعيف الهمة وضعيف القدرة علي الإتيان بما يقربك من الله.
4- زيادة المعاصي هي نتيجة مترتبة علي قلة الطاعات لأنك كلما قلت الطاعات والسنن كلما أصبحت قريب من فعل المعاصي وكلما أصبحت عرضه لجعل الشيطان عليك سبيل وهذه الأشياء كلها أسباب في نقصان الإيمان لديك.
وروي الحاكم في مستدركه وحسنه الألباني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم " فحديث الرسول هذا دليل علي أن الإيمان يقل في القلب وذلك ليظل العبد في جهاد مستمر مع النفس التي تكون ضعيفة أمام الشهوات وبالتحديد في زمننا هذا وعصرنا هذا فأحد السلف الصالح قال " مازلت أجاهد نفسي أربعين سنة حتي إستقامت فبلغ بعضهم قوله فقال طوبي له أوقد إستقامت ؟ مازلت أجاهدها ولم تستقم بعد أربعين سنة " فما بالك بنا ونحن في عصر الشهوات والمغريات وعصر الكاسيات العاريات فلابد من إتباع بعض الطرق التي تعيننا علي علو الهمة وتكون لنا عون في ثبات الإيمان لدينا بل والعمل علي زيادته :-
1- الدعاء من أحد الأسباب التي تعمل علي ثبات الإيمان بل وزيادته فهو سلاح عظيم ولكن لمن يدرك هذا فمثلاً لو أنك قمت في جوف الليل وصليت لله ركعتين والناس نيام ودعوت الله وصاحب هذا الدعاء البكاء من خشية الله لوجدت نفسك تشعر براحة لم تشعر بها من قبل وتشعر بحالة إيمانيه مرتفعة.

2- المحافظة علي الصلوات المكتوبة في جماعة لأن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر وإحترس من التفريط بها لأنها بداية النهاية لهلاك الإنسان وواظب عليها في مواقيتها فأحب الأعمال إلي الله الصلاة علي وقتها كما أخبرنا النبي فلا تضيع الصلاة لأنه صلة بين العبد وربه ومتي ما انقطعت هذه الصلة ذهب كل شيئ ولم يكن لك عند الله عهد وفي صحيح مسلم من حديث جابر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " وهناك حديث أخر رواه الترمذي في صحيحه بإسناد حسن من حديث بريده رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ".

3- المحافظة علي السنن الرواتب من أسباب ثبات الإيمان وزيادته أيضاً فكلما أحاط الإنسان نفسه بدروع الإيمان كلما كان فرصة الشيطان في تحطيم هذه الدروع صعبه وفي صحيح مسلم من حديث أم المؤمنين أم حبيبة رمله بنت أبي سفيان رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " ما من عبد مسلم يصلي لله تعالي في كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعاً غير الفريضة إلا بني الله له بيتاً في لجنة أو بُني له بيت في الجنة " فهذه السنن الرواتب حافظ عليها إن إستطعت ولا تفرط بها لأنك لو فرطت بها وتركتها كلياً سوف تترك الصلوات المكتوبة في جماعة شيئاً فشيئاً فكلما هبطت همة الإنسان كلما سلبت شيئاً منه حتي تسلب إيمانه كله بدون أن يشعر لأن الشيطان له مداخل وحيل فقد يوسوس لك ويقول أنك تصلي الصوات في المسجد وليس من الداعي صلاة جميع السنن والرواتب ولكن إقطع هذا الطريق علي الشيطان اللعين بالحفاظ عليها والتمسك بها ما دام الأمر في إستطاعتك.

4- قراءة القرآن من عوامل زيادة الإيمان وهذا ما قاله الله جل وعلا في كتابه الكريم " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" (سورة الأنفال) وبالفعل قراءة القرآن لها تأثير عجيب في علاج القلوب المريضة بنقص الإيمان فلا بد أن تجعل لك ورد كل يوم مثل جزء أو أقل ولكن لا يجب أن لا تترك يوم إلا وأن تقرأ القرآن وإن وصل الأمر إلي نصف صفحة فقط فأحب الأعمال إلي الله أدومها وإن قل فحافظ علي قراءة القرآن لأنها دواء لمرضي القلوب بنقصان الإيمان.

5- الصحبة الصالحة سبب من أسباب عدم الرجوع إلي بحر الذنوب والمعاصي مرة أخري ففي الصحيحين أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " المرء مع من أحب " والصديق مرآه لصديقة فلابد أن تجد الصديق الذي يعاونك علي البر والخير لأن الصاحب ساحب إما يسحبك لطريق الإيمان وفعل الخيرات أو يسحبك لطريق الفسق وإرتكاب الذنوب والمعاصي فإبحث عن من يعاونوك علي فعل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكلما تعرفت إلي الصالحين كلما وجدت همتك تعلو لتلحق بركبهم وبهمتهم العالية فصاحب ذوي الهمم العالية واترك ذوي الهمم المنخفضة.

6- غض البصرمن أسباب حفظ القرآن والسنة البنوية فاعلم أن الجزاء من جنس العمل بمعني أنك إذا جاهدت نفسك علي غض البصر في الطرقات في ما حرم الله سوف ينفعك الله ببصرك في ما يرضيه مثل حفظ القرآن وغيره ولكن لو أطلقت العنان لبصرك سوف تجد أنك إذا حفظت شيئ نسيته وذلك لأنك لم تحافظ علي نعمة البصر فأسلب الله جل وعلا منك ما حفظته لأن الجزاء من جنس العمل والله عز وجل يقول في كتابه “قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ” (سورة النور) فغض البصر أمر من الله عز وجل ولابد للمؤمن أن يطع الله ورسوله فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا” (سورة الأحزاب) فليس للمؤمن خيار في أمر الله وأمر رسوله فلابد من إتباع ما أمرنا الله ورسوله وما جزاء هذا ؟ وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان فتأمل قول الله تعالي في كتابه الكريم " وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا " (سورة النساء) فهل رأيت جزاء طاعة الله ورسوله أن الله أنعم عليهم بان يجعلهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فهل هناك جزاء أفضل من هذا فتذكر هذا يا أخى أو يا اختي في كل أمر يُعرض عليك وتجد أنه ثقيل علي قلبك أنه أمر الله أو أمر رسوله الكريم وجزاء تنفيذ هذا الأمر.

7- عدم إضاعة الوقت في ما لا يفيد من أسباب علو الهمة ولكن كيف هذا ؟ الوقت هو الحياه فمن يضيع وقته في ما لا ينفع بل وإنما يضر يضيع حياته وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " ومعني هذا أن الوقت والصحة نعمتان غافلين عنهما الناس إلا من رحم ربي فحاول إستغلال وقتك بطلب العلم ولا تفتر في طلب العلم ففي الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " ومعني هذا أن الذي لا يريد التفقه في دينه والمحاولة عن البحث وراء هذا فضلاً علي أنه واجب علي كل مسلم ومسلمة حتي يعلم أمور دينه لا أردا الله به خيراً وإجعل هدفك طلب العلم لإنارة الطريق لك أولاُ ثم الاخرين ثانياً فلا تنشغل بالأخرين وتنسي نفسك ولا تفعل كالذي يذب الذباب عن غيره ويترك العقارب تدخل من تحت ثيابه فإنشغل بنفسك وأصحلها أولاً ثم إبحث عن غيرك ولابد من تصحيح نيتك في طلب العلم حتي لا يدخل إليها الرياء والكبر ويأتي هذا من تصحيح نيتك أنك بطلبك للعلم وبتعليم للأخرين تبتغي وجه الله وأن تصل إلي الدرجة التي أخبرنا بها النبي عن معلمي الناس الخير فروي الترمذي في صحيحه بإسناد حسن من حديث أبي أُمامة أنه قال ذكر لرسول الله رجل عالم وآخر عابد فقال النبي صلي الله عليه وسلم " فضل العالم علي العابد كفضلي علي أدناكم ثم قال إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتي النملة في جحرها وحتي الحوت ليصلون علي معلمي الناس الخير " فهل رأيت مكانة العالم والذي يعلم الناس الخير فلا تضيع وقتك في اللهو والعب ولكن إستغله في طلب العلم إن كنت تريد أن تكون من أصحاب هذه المكانة الخاصة التي لا ينالها إلا ذوي الهمم العالية وفي النهاية أريد قول أن إحياء القلوب يحتاج إلي الكثير والكثير من الشرح والتبصير إلي أسبابه ولكن أكتفيت بشرح بعض الأشياء التي قد تعينك علي إحياء قلبك نسأل الله لي ولك إحياء قلوبنا بماء الإيمان إنه ولي ذلك والقادر عليه وإن كنت قد أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وإن أصبت فمن الله وحده.[/size]


منقول