المصادر التقليدية للطاقة و أضرارها

[CENTER][SIZE=“4”]شكل أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة و هي الفحم و النفط و الغاز أهم المصادر التي يعتمد عليها الإنسان حتى الآن في انتاج الطاقة. فهي تشكل نحو 92 % من إجمالي مصادر انتاج الطاقة بينما تشكل المصادر الأخرى ما يقارب نسبة 8 % فقط.

و مما لاشك فيه أن مصادر الوقود الأحفوري هي من المصادر غير المتجددة و التي توجد في باطن الأرض بكمية محدودة و بالتالي فهي قابله للنضوب. هذا بالإضافة إلى ازدياد الطلب على تلك المصادر خاصة مع تنامي وتيرة التطورات التكنولوجية و احتياجاتها من مصادر الوقود التقليدي، كما ان زيادة التعداد السكاني هي الأخرى تلعب دورها في استنزاف موارد الطاقة.

ان النمو السكاني و التقدم التكنولوجي قد ساعدا على استهلاك الطاقة بشكل كبير و متزايد في العقود الزمنية الأخيرة. ففي العام 1960 استهلك العالم من مصادر الطاقة ما يوازي 3.3 مليار طن مكافئ نفطاً، بينما ازداد الاستهلاك ليصل في العام 1990 إلى ما يوازي 8.8 مليار طن مكافئ نفطاً. و بالطبع ازداد الاستهلاك العالمي للنفط في السنوات اللاحقة ليصل في العام 2008 إلى ما يوازي 11.6 مليار طن مكافئ نفطا و يقول خبراء الطاقة ان الطلب العالمي على الطاقة سيزداد حتى العام 2020 بمقدار 4.6 مليار طن مكافئ نفطا على اقل تقدير أي سيصل الاستهلاك إلى حوالي 17 مليار طن مكافئ نفطاً. و من المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة بحوالي 30 % مع حلول العام 2040، بالطبع، ما تقدم ليس إلا عرضاً مختزلاً لوجه واحد من أوجه الأزمة العالمية للطاقة المتمثل في استنزاف مواردها المحدودة في الأرض بينما الوجه الآخر الأكثر خطورة على الإنسان و البيئة فإنه يتمثل في الإنبعاثات الناجمة من استخدامه و تلويث الجو، و الذي يعتقد بدوره في ظاهرة الاحتباس الحراري و التغير المناخي و توابعها من الكوارث البيئية الخطيرة.

|الوقود الأحفوري و التغييرات المناخية

شهدت الأعوام الأخيرة تصاعد الاهتمام بقضية التغييرات المناخية الناتجة عن ارتفاع حرارة الأرض الناجمة عن زيادة انبعاث غازات الاحتباس الحراري المعروفة بغازات الدفيئة إلى الجو، و أبرزها غاز ثاني اكسيد الكربون الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري المتمثل بالنفط و الغاز و الفحم. و كانت التقارير الواردة من اللجنة الدولية لتغير المناخ، و هي اللجنة المشتركة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة و منظمة الأرصاد الدولية كانت قد ذكرت ان حرارة الأرض شهدت ارتفاعاً بنحو 0.7 درجة مئوية خلال القرن العشرين، و ذلك بسبب الزيادة في تركيزات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري حيث أن تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، إزدادت عما كانت عليه و خاصة غاز ثاني اكسيدالكربون الذي ازداد بصورة غير مسبوقة له في الغلاف الجوي منذ الثورة الصناعية التي شهدها العالم مع اختراع جيمس واط للآلة البخارية في العام 1763م.

فقد زادت نسبة ثاني اكسيد الكربون في الجو بمعدل 1% سنوياً و استمر ذلك حتى العام 2000م حيث تضاعفت بعد ذلك لتصل إلى نسبة 2.5% سنوياً و بمقدار سبعة مليارات طن سنوياً، و ليس ذلك فحسب بل يتوقع ان تصل كميتها إلى ثلاثة و ثلاثين مليار طن سنوياً. و قد أدّى ذلك إلى زيادة حرارة الأرض الذي أدّى بدوره إلى التغيرات المناخية التي برزت على شكل كوارث بيئية كان قد شهدها عالمنا و مترتبات خطيرة على البيئة و الموارد الحيوية و الطبيعية، و منها الفيضانات و الاعاصير و حالات البرد القارس و موجات الحر الشديدة و الجفاف و التاثير على المحاصيل الزراعية و قيمتها. إضافة إلى انعكاسات أخرى على الصحة العامة، إذ أن الارتفاع العالمي لحرارة الأرض و كوارث المتغيرات المناخية تعمل على تكاثر أنواع ضارة من الحشرات و انقراض أنواع برية من الحيوان و النبات.

و ليس ذلك فحسب بل ان مستقبل مناخ الأرض في السنوات المقبلة أصبح ينذر بالخطر حتى ان هناك توقعات في أن الكوارث المناخية و خاصة الفيضانات أصبحت اليوم تهدد 2000 جزيرة من الجزر الأندونيسية بالغرق، و ذلك بحلول العام 2030م . و لعل التقرير العلمي الذي نشرتة شبكة (سي ان ان) الأمريكية لعالم بريطاني هو صورة مرعبة عن حال المناخ و الكوارث المتوقعة بفعل تزامن الاحتباس الحراري مع بداية تشكيل ظاهرة النينو التي يتعرض لها كوكبنا كل بضعة سنوات، و التي قد بدات تتشكل بفعل الزيادة التي شهدها جو الأرض في ارتفاع كمية غازات الاحتباس الحراري و ما تلعبه من دور كبير و أساسي في رفع حرارة الأرض.

و يمكننا ان نتعرف على حجم الأضرار التي يتعرض لها الغلاف الجوي للأرض جراء انبعاثات الكربون من خلال ما تنفثه سياراتنا من عوادم ناتجة عن احتراق الوقود فيها حيث تشير إحدى الدراسات التي نشرتها مجلة العلوم الأمريكية إلى ان السيارة التي تستهلك جالوناً من الوقود لكل 30 ميلاً فإن كمية ثاني اكسيد الكربون المنبعثة من ماسورتها تطرد عادماً يعادل ثلاثة اضعاف كمية الوقود المستخدم … فليتخيل كل منا عدد السيارات في بلده ثم في العالم و كم هي كميات ثاني اكسيد الكربون التي تطرد إلى سقف الأرض و تتركز في الجو بناء على تلك الاحصائية.

و بالمثل أيضاً، فإن محطة انتاج الطاقة الكهربائية بقدرة 1000 ميغاوات تنتج من الإنبعاثات الكربونية ما تبعثة مليون سيارة فكم هي محطات انتاج الطاقة في الأرض؟ و كم من الإنبعاثات ستتجه صوب غلافنا الجوي ؟

هكذا يتجلى بوضوح حجم الأضرار التي يتعرض لها كوكبنا مقابل رفاهيتنا في استخدام الكهرباء، و قس على ذلك حجم الأضرار الناجمة عن الأنشطة البشرية و الصناعية الأخرى التي أخلّت بمستوى توازن سقف الأرض حيث أدّى كل ذلك إلى تركز كمية غاز ثاني اكسيد الكربون في الجو بمقدار الثلث تقريباً من 280 إلى 370 جزءاً في المليون و بنسبة 36 ℅ عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية مما أدّى إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 0.18 درجة مئوية مع توقع ان تزداد مستقبلاً.

و يذكر التقرير الذي صدر عام 2007 عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة أنه بحلول نهاية القرن الحادي و العشرين قد ترتفع الحرارة ما بين درجتين و خمس درجات مئوية و هو ما يجعلنا اأثر تشاؤماً باحتمالات كوارث مناخية قادمة.

إنّ تلوث الغلاف الجوي كان سبباً في اضطرابات مناخ الأرض أو ما يعرف اليوم بالتغير المناخي و كوارثه المرعبة التي أدّت إلى اضرار و خيمة على الإنسان و البيئة و على سبيل المثال و حسب الإحصاءات الواردة من منطمة الصحة العالمية، فإنّ موجات الحر التي اصابت أوربا في العام 2003 ادّت إلى وفاة حوالي 35 ألف نسمة كما ألحقت الأضرار التي أصابت الصين عام 1998 إلى إلحاق الضرر بنحو 240 مليون شخص.[/size][/center]