عاقبة الظلم


الظلم مرتعه وخيم وعاقبته وبيلة، هو منبع الرذائل ومصدر الشرور، يأكل الحسنات ويمحق البركة ويجلب الويلات، يورث العداوات ويسبب القطيعة والعقوق، متى فشا الظلم في أمة وشاع فيها أهلكها، ومتى حل في قرية دمرها، ولو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما، هناك ظلم عند الأفراد وظلم عند الأمم والجماعات.
الظلم عدوان على حق الغير ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي ومجاوزة حد الشارع، وكل ذنب عصي الله به فهو ظلم وعلى رأس ذلك الشرك بالله: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ سورة لقمان13قد يظلم الإنسان نفسه أو يظلم غيره، والله تعالى قد أمر بالعدل وحرم الظلم والبغي والعدوان كما قال في الآية الكريمة: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ سورة النحل90، وهكذا الشرع إذا أمر بشيء نهى عن ضده لتكميل القضية من جوانبها، وهذه الآية ما من عدل ولا فضل ولا استقامة إلا وتأمر به، وما من ظلم ولا عصيان ولا فساد إلا وتنهى عنه.
تنزيه الله عن الظلم
نزه الله نفسه عن الظلم: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ سورة غافر31وقال في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) ، كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه من هول ما فيه.
الله عز وجل يبغض الظالمين ويحب المقسطين أهل العدل: وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ سورة الحجرات9وقال: وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ سورة آل عمران57، وذكر خيبتهم فقال: إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ سورة الأنعام21فالظالم محروم من الفلاح في الدنيا والآخرة مصروف عن الهداية في أمور دينه ودنياه، توعده الله: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ سورة الزخرف65، وهددهم بسوء العاقبة: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ سورة الشعراء227، وطردهم عن رحمته: فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ سورة المؤمنون41، فأخبر سبحانه أن هؤلاء الظالمين بعيدون عن رحمته جزاء ما عملوه، وقال: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ سورة هود18فكل ظالم له حظ من هذه اللعنة بقدر ظلمه فليستقل أو ليستكثر، والظلم ظلمات يوم القيامة، فلا يهتدي الظالم يوم القيامة بسبب ظلمه في الدنيا، فربما وقع في حفرة في النار.