فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ

[SIZE=5][COLOR=Blue][FONT=Microsoft Sans Serif]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنك أنت العليم الحكيم اللهم علِّمنا ما ينْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن يسْتمعون القول فَيَتَّبِعون أحْسنه وأدْخِلنا برحْمتك في عبادك الصالحين.
أيها الإخوة الكرام في قِصَّة سيِّدنا موسى عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة والسلام، في سورة القصص من هذه القصَّة إلى سيِّدنا موسى مع مَدْيَن في قوله تعالى:
﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ[ سورة القصص ]

( فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ) ظل شجرة ، فجلس في ظلها من شدة الحر وهو جائع ، ( فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير ) طعام ، ( فقير ) قال أهل اللغة اللام بمعنى " إلى " ، يقال : هو فقير له ، وفقير إليه ، يقول : إني لما أنزلت إلي من خير ، أي : طعام ، فقير محتاج ، كان يطلب الطعام لجوعه . قال ابن عباس : سأل الله تعالى فلقة خبز يقيم بها صلبه . قال الباقر : لقد قالها وإنه لمحتاج إلى شق تمرة . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : لقد قال موسى : ( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) وهو أكرم خلقه عليه ، ولقد افتقر إلى شق تمرة . وقال مجاهد : ما سأله إلا الخبز . قالوا : فلما رجعتا إلى أبيهما سريعا قبل الناس وأغنامهما حفل بطان ، قال لهما : ما أعجلكما ؟ قالتا : وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا أغنامنا ، فقال لإحداهما : اذهبي فادعيه لي .
وأجْمَلُ ما في المرأة حياؤُها، وأكبر شيء يلْفتُ نظَر الرَّجل في المرأة حياؤُها، ومن علامات آخر الزَّمان أنَّ الحياء يُرفَعُ من وُجوه النِّساء وأنَّ النَّخْوَةَ تذْهب من رؤوس الرِّجال، وأنَّ الرَّحمة تُنْزَع من قلوب الأمراء، فلا رحمة في قلوب الأمراء، ولا نَخْوة في رؤوس الرِّجال ولا حياء في وُجوه النِّساء.
قال تعالى:
﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ [ سورة القصص ]

علماء النَّفس فرَّقوا بين الأنوثَة و المرأة، فَكُلّ امرأة لها رحمٌ وأعضاؤُها مُتوافقة مع جنْسِها، هي امرأة، لكنَّ الشيء الذي أكرَمَها الله به أنوثتَها، فإذا خالَطَت الرِّجال، وخرجَت عن منهج الله عز وجل فقَدَتْ أثْمَنَ شيءٍ تَمْلِكُهُ، وهو أُنوثَتُها، وأُنوثَتُها مُتَعَلِّقَةٌ بِحَياتِها ولا يلْفتُ نَظَر الرَّجل في المرأة إلا حياؤُها فالله تعالى قال:
﴿فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ[ سورة القصص ]
[/font][/color][/size]

قال الله تعالى : (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ) قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ليست بسلفع من النساء خراجة ولاجة ، ولكن جاءت مستترة قد وضعت كم درعها على وجهها استحياء ، ( قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا ) قال أبو حازم سلمة بن دينار [ ص: 202 ] : لما سمع ذلك موسى أراد أن لا يذهب ، ولكن كان جائعا فلم يجد بدا من الذهاب ، فمشت المرأة ومشى موسى خلفها ، فكانت الريح تضرب ثوبها فتصف ردفها ، فكره موسى أن يرى ذلك منها ، فقال لها : امشي خلفي ودليني على الطريق إن أخطأت ، ففعلت ذلك ، فلما دخل على شعيب إذا هو بالعشاء مهيأ ، فقال : اجلس يا شاب فتعش ، فقال موسى : أعوذ بالله ، فقال شعيب : ولم ذاك ألست بجائع ؟ قال : بلى ، ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهما ، وإنا من أهل بيت لا نطلب على عمل من أعمال الآخرة عوضا من الدنيا ، فقال له شعيب : لا والله يا شاب ، ولكنها عادتي وعادة آبائي ، نقري الضيف ، ونطعم الطعام ، فجلس موسى وأكل .