ما أسرع إنقضاء الأيام .. وقفة محاسبة عام أخر انقضى و عام جديد بدأ

ما أسرع إنقضاء الأيام … وقفة محاسبة
عام أخر انقضى و عام جديد بدأ …

أم سهيلة


بسم الله الرحمن الرحيم

[SIZE=4]
ما أسرع انقضاء الأيام ،، كم هي سريعة هذه الدنيا ، يمر الشهر كاليوم و اليوم كالساعة ، تنقضي أعمارنا بدون أن نشعر و السعيد من اتخذ من سرعة انقضاء الأيام عبرة فعلم قيمة وقته و علم أن وقته ما هو إلا عمره الذي ينقص مع كل نفس من أنفاسه فيغتنمه بما يعود عليه بالخير في الدنيا و الآخرة .
مع نهاية كل عام نقرأ مثل هذه التذكرة التي تتناول أهمية العمر و تحفزنا للوقوف  	مع أنفسنا وقفة محاسبة لنتدارك ما فات من أعمارنا فنتأثر و نعزم أن يكون العام  	الجديد بداية لعهد جديد مليء بالعمل و الهمة العالية ،، فهل فعلاً تغيرنا ؟! هل  	علمنا و قدرنا قيمة أعمارنا ؟ ! أم أنه تأثر وقتي و حماس زائف ما يلبث أن  	يتلاشى و يذهب أدراج الرياح و يمر بنا العام تلو العام و لم نقدم شيء يُذكر  	لحياتنا الباقية الخالدة .

لنتذكر اخوتي في الله اننا سنسأل عن أوقاتنا التي هي أعمارنا ، قال صلى الله  	عليه وسلم "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه"..  	السائل هو الله عز و جل ، من لا تخفى عليه خافية .. فهل أعددنا لهذا السؤال  	جواب ؟ ! 
للأسف تمر أيامنا و ليالينا التي هي أعمارنا بدون شعور بقيمتها أو مدى  	مسئوليتنا عنها بل و تمر مواسم الخيرات فنضيعها و كأننا نضمن أن تأتي علينا مرة  	أخرى .

لنسترجع معًا ذكريات عام مضى "355" يوم ،، بصعوبة قد نتذكر بعض الأوقات السعيدة  	، بعض الأحزان ، بعض اللحظات المؤلمة ... أما تفاصيل الحياة فهي في طي النسيان  	كأنها لم تكن كظل زائل .

355 يوم من حياتك أصبحوا لا شيء ..فقط ما حملنا معنا في صحائف أعمالنا من حسنات  	و سيئات ، هذا هو حصادنا الحقيقي في عام مضى ، فهل عمّرنا صحائف أعمالنا بما  	يسرنا رؤيته يوم القيامة ، هل عمرناها بالعمل الصالح ، بما ينفعنا في الدنيا و  	الآخرة أم عمرناها بالسيئات و القيل و القال و الغفلة اللهو و التسويف ؟ !
راجع نفسك و حاسبها .. هل زادت طاعاتك خلال هذا العام أم نقصت ؟
كيف حال قلبك مع الله ، هل زاد إيمانك أم نقص ؟
كيف هي صلاتك .. خاشعة ؟ صيامك ،، صدقتك ..؟
كيف حالك مع كتاب الله عز و جل ؟
كم علم نافع نشرت ، كم مخطئًا نصحت ؟ 
و أيضًا .... كم إنسانًا اغتبت أو أذيت ؟
كم معلومة خاطئة أو بدعة نشرت ؟ 
راجع نفسك الآن فأنت ما زلت على قيد الحياة و لا تعلم هل سيأتي عليكِ عام أخر  	أم لا ، فهناك أناس ماتوا خلال هذا العام ، بكينا عليهم و تأثرنا بفراقهم ثم  	ماذا ؟ استمرت حياتنا و نسيناهم و في يوم من الأيام سنكون مكانهم و سيُبكَى  	علينا ثم نُنسى و لن ينفعنا حينها إلا ما حملنا معنا من أعمال صالحة تكون  	رفيقنا و مؤنسنا في قبورنا و زادًا لنا عند لقاء ربنا .

فلنكن مثل تجار الدنيا يأتون في نهاية كل عام بدفاترهم و حساباتهم ليقفوا على  	ما حققوا من خسارة و ربح ليتجنبوا أسباب الخسارة و يُنَموا أسباب الربح ، و  	تجار الآخرة يجب أن يكونوا أكثر حرصًا على مثل هذه المراجعة فتجارتهم بها الربح  	الحقيقي و الخسارة الفادحة ،، ساعة من وقتك راجع فيها حساباتك ، كُن صادقا مع  	نفسك فالربح و الخسارة لن يعرف بها غيرك و لن يُحاسب عليها غيرك ..
فإن وجدت خيرًا فاحمد الله عز و جل على التوفيق و الإعانة على الخير و تذكر أن  	الشكر سبب زيادة النعم قال الله عز و جل " لئن شكرتم لأزيدنكم " فاشكر الله عز  	و جل أن وفقك إلى طاعته و أسأله سبحانه القبول ..
و إن وجدت غير ذلك فما زالت الفرصة أمامك لتدارك ما فاتك ، استغفر و تُب إلى  	الله من الذنوب و التقصير و الغفلة و أسأله سبحانه العون على طاعته فيما بقى  	فما زال السوق قائم و التجارة لم تنته.

قال الفضيل بن عياض لرجل : كم أتت عليك ؟ 
قال : ستون سنة ، قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ 
فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون 
فقال الفضيل : أتعرف تفسيره تقول : أنا لله عبد وإليه راجع ، فمن علم أنه لله  	عبد ، وأنه إليه راجع ، فليعلم أنه موقوف ، ومن علم أنه موقوف ، فليعلم أنه  	مسئول ، ومن علم أنه مسئول ، فليعد للسؤال جوابا 
فقال الرجل : فما الحيلة ؟ 
قال يسيرة ، قال : ما هي ؟ قال : تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى ، فإنك إن أسأت  	فيما بقي ، أخذت بما مضى وبما بقي .
نسأل الله عز و جل أن يوفقنا في ما بقي من أعمارنا لطاعته و أن يملأ قلوبنا  	حبًا و توكلاً عليه ، و أن يبارك لنا في أوقاتنا و يهدينا لكل ما يحب و يرضى و  	أن يختم بالصالحات أعمالنا و أن يجعل خير أيامنا يوم نلقاه .
[/size]