من أقبل على الله قذف الله في قلبه نوراً


[SIZE=5][COLOR=Blue][CENTER][FONT=Microsoft Sans Serif]قال تعالى ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
[ سورة النور:35]
الإيمان يجعلك ترى الخير خيرا والشر شرا
أيها الأخوة الكرام، بادئ ذي بدء: الله نَوَّر الكون بالشموس، ونَوَّر القلوب بأنواره، لذلك :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ﴾
[ سورة الحديد: 28 ]
أهم قضية في الإيمان أنك إذا أقبلت على الله قذف الله في قلبك نوراً، رأيت الخير خيراً والشر شراً، الإنسان قبل أن يعمل عملاً يسبق هذا العمل رؤيا، هذه الرؤيا إما أنها صحيحة، فيأتي عمله صحيحاً، وإما أنها رؤيا سيئة، فيأتي عمله سيئاً، أين يختلف الناس؟ في الرؤيا، الذي أقدم على السرقة، رأى أن السرقة كسب وفير بجهد قليل، أما المؤمن فيرى السرقة عدوان، والعدوان له عقاب، ولا بدّ للسارق من أن يدفع ثمن هذه المعصية غالياً، قضية رؤيا، سيدنا يوسف عندما دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها، لو أن مليون شاب وضع في ظرف سيدنا يوسف لرأى معظم هؤلاء أن هذا مغنماً كبيراً، لكن هذا النبي الكريم رأى أن الزنا جريمة كبيرة:
﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ
[ سورة يوسف: 23]

أكبر شيء في الإيمان هذا النور الذي يقذفه الله في قلبك
أنت بالنهاية أمام شيء، إما أنك تملك نوراً تكشف حقيقته، فتقبل أو لا تقبل، بحسب ما رأيت، أو أن هذا الإنسان في بعد عن الله، في ظلام، في عمى، يقترف شيئاً يتوهمه صالحاً وهو غير ذلك، لذلك أكبر شيء في الإيمان هذا النور الذي يقذفه الله في قلبك، والدليل قرآني:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ[ سورة الحديد: 28 ]
هذا المعنى يتضح جلياً حينما تركب مركبة في ليلة ليلاء، والطريق متعرج، وخطر، وعن يمينه واد سحيق، والطريق فيه أكمات، وحفر، ومشكلات كثيرة بين الذي يملك مصباحاً وضاءً يرى كل شيء فيتقي الحفرة، ويبتعد عن الأكمة، وبين الذي يتحرك وليس معه مصباح، فالحادث حتمي، أي إنسان منقطع عن الله قلبه في ظلمة، يتحرك بشهوته، لا يرى عواقب الشهوات، هؤلاء المجرمون، هؤلاء القتلة، هؤلاء الزناة، ماذا رأوا حينما أقدموا على جريمتهم؟ رأوا هذا خيراً لهم فأقبلوا عليه.
الرؤيا التي تسبق العمل هي أخطر شيء في حياة الإنسان :
بالمناسبة أنت في الأصل أيها الإنسان جبلت على حبّ ذاتك، على حبّ سلامتك، على حبّ سعادتك، على حبّ استمرار وجودك، ليس على وجه الأرض إنسان من الستة آلاف مليون إلا وهو حريص حرصاً لا حدود له على سلامة وجوده، وعلى كمال وجوده، وعلى استمرار وجوده، ما دام الإنسان حريصاً على سلامته، من أين يأتي الشر؟ من أين يأتي الخطأ؟ يأتي الخطأ والشر من سوء الرؤيا، أكبر دليل أزمة أهل النار في النار أزمة علم فقط:
﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ
[ سورة الملك: 10]
يأتي الخطأ والشر من سوء الرؤيا
اعتقد يقيناً أن الرؤيا التي تسبق العمل هي أخطر شيء في حياتك، فإن كانت هذه الرؤيا صحيحة، متطابقة مع كتاب الله، مع سنة رسول الله، مع وحي الله، فأنت مؤمن، وإن جاءت الرؤيا مختلفة عن منهج الله، مثلاً المؤمن يرى أن أي كسب حرام لا بدّ من أن يدمر هذا الكسب، لأن المال الحلال يذهب، لكن الحرام يذهب بأهله، فالمؤمن عنده قناعة لا يمكن أن يأكل قرشاً حرام، عنده يقينيات يتحرك برؤيا، يتحرك ببصيرة، يتحرك بنور، هذه الرؤيا هي أثمن ما تملك أيها المؤمن، بهذه الرؤيا تبتعد عن معصية الله، بهذه الرؤيا تبتعد عن كسب المال الحرام، بهذه الرؤيا تبتعد عن أن تعتدي على أعراض الناس، بهذه الرؤيا تبتعد عن أن تتوهم أنك إن كنت قوياً لك أن تفعل ما تشاء دون أن تحاسب، والحقيقة أن الإنسان مهما يكن قوياً سوف يحاسب حساباً عسيراً، لذلك البطولة أن تملك هذا النور، هذا النور سببه طاعة الله عز وجل، إذا استقمت على أمره، وأقبلت عليه، أعطاك أول مكافأة أنه يقذف في قلبك نوراً.
والحمد لله رب العالمين
[/font][/center]
[/color][/size]