رسالة من مدخن سابق منقول

رسالة من مدخن سابق

أخي المسلم

أما آن الأوان لأن تترك تلك العادة الغريبة التي تشتري فيها بأموالك ما يضرك ويضر من حولك، ويضع في رئتك سرطاناً، ويفسد رائحتك، ويعجل بتسوس أسنانك، وينشر السموم في هواء المكان المحيط بك ليستنشقه كل من حولك من أبناء وزوجة وأخوة وزملاء بلا ذنب إقترفوه.

أخي لا تستهن بتلك التحذيرات المطبوعة على علبة السجائر بأن التدخين يصيب بمرض سرطان الصدر، فواللهِ قد كنت لا أعير تلك العبارة أي إهتمام، وما عرفت فائدتها إلا عندما أصيب أخي - رحمه الله -بهذا المرض اللعين قبل وفاته بأربعة أشهر تقريباً وما كان مدخناً ولكنها إرادة الله، وما يفعله هذا المرض الخبيث هو القضاء على الإنسان بالتدريج، ويظل ينتشر ويزداد إنتشاراً من منطقة إلى أخرى، وفي كل مرحلة يزداد الألم أكثر وأكثر، وينقص الوزن، ويشحب اللون، وتنقص كمية الأكسجين الداخلة للجسم، فيصاب الإنسان بالهزال أكثر وأكثر. وهذا ما حدث مع أخي رحمه الله. فتخيل أخي - ونعوذ بالله من ذلك - أن هذا المرض قد أصاب إبنك أو زوجتك أو أحد زملاءك أو أحد أقاربك بسببك أنت، فكيف سترى نفسك في هذه اللحظة التي لا يمكن العودة فيها.

أعلم أخي أن أفضل وقت للتوبة هو الآن، فالإنسان لا يعلم أن كان هناك وقت آخر أم لا. فأن أردت أن تقوم بذلك، ولم تجد الطريقة المناسبة، ففيما يلي أنسب طرق التخلص من التدخين، والتي نجحت معي أنا شخصياً في الإقلاع عن تلك العادة السيئة والحمد لله.

التدخين عادة ، و الإدمان و العادة هي الأصعب في التحطيم و التخلص منها . و السبل المستخدمة في التوقف عن التدخين هي نفسها التي تستخدم في تحطيم أي عادة أخرى ، وعموماً فإن ليس هناك أية أضرار للإقلاع فجأة عن التدخين كما يحلو للبعض أن يشيع، ولكن نظراً لأن التدخين هو عبارة عن إدمان عضوي، وإدمان سيكولوجي، فإن الأطباء ينصحون بالإقلاع التدريجي عن التدخين، وعموماً فإن هناك طريقان للإقلاع عن التدخين :

1) الإقلاع الفوري عن التدخين :

وهو أن يقوم المدخن بالتوقف تماماً عن التدخين فوراً وبصورة مفاجئة، وتلك الطريقة – والعياذ بالله – يتبعها الذين أصابهم التدخين بأحد أمراضه القاتلة، وإكتشفوا أن الوقت قد فات للإقلاع عن التدخين. وقد لمست بنفسي حالات من الذين أصيبوا بسرطان الرئة أو ببعض الأمراض الجنسية نتيجة التدخين فيقومون بالتوقف عن التدخين فوراً، مهما كان قدر تدخينهم في الماضي، فإنهم يتوقفون ببساطة لأنهم يشعرون بأكبر درجات الدوافع ارتفاعاً و بأكبر حافز يمكن أن يتصورونه، و من المحزن أنهم لم يشعروا بمثل هذا الحافز البالغ القوة من قبل الآن.

2) الإقلاع التدريجي عن التدخين :

ويلجأ إليها غالبية مريدي الإقلاع عن التدخين، وهو برسم إستراتيجية إقلاعية، يجب الإلتزام بها بصرامة وعدم الخروج عنها لأي سبب من الأسباب، وفيما يلى بعض الخطوات التي تم تجربتها للإقلاع التدريجي عن التدخين :

1. قرار القيام بالتغيير، وإخلاص النية :

إن لم تتخذ قراراً صادقاً مع نية سليمة للإقلاع عن التدخين فلن تقلع عن التدخين أبداً. ويأتي القرار نتيجة رغبة صادقة تأتي بدورها من العلم الكامل بأضرار التدخين الصحية والمادية. والرغبة الكاملة في حماية من حولنا من اضرار التدخين السلبي، ومن أضرار المحاكاة العمياء.

ويفضل أن يبدأ العلاج في فترة أجازة من العمل، حتى يا يتعرض المدخن إلى ضغوط العمل مما يؤثر على قراره.

2. رسم برنامج زمني للإقلاع :

وينصح الأطباء أن يغطي البرنامج الزمني مدة تتراوح بين 3 و4 أسابيع، ويتم رسم خريطة إقلالية على أن يتم الإقلال من عدد السجائر التي تدخن يومياً، وعموماً فإن الأطباء ينصحون بألا يتجاوز عدد السجائر المدخنة في اليوم الواحد عن 10 سجائر.

3. ابتدع استراتيجيات لمساعدتك على التوقف عن العادة :

بعض المدخنين الذين يرغبون في الإقلاع عن التدخين يتجهون إلى أساليب بديلة، للثبات على الموقف، ومنها التأخير وهو مباعدة الفترة بين السيجارتين مثل أن يقول المدخن لنفسه، سوف أقوم بتدخين السيجارة ولكن بعد نصف ساعة ويمكن إتباع تلك الطريقة أيضاًَ بالإمساك بالسيجارة بدون إشعالها لأطول فترة ممكنة مع التظاهر بتدخينها، ومنها أيضاً الإمتناع عن الأماكن أو المواقف التي تدعى للتدخين مثل الجلوس على المقاهي، والهروب أيضاً وسيلة رائعة مثل الهروب من المواقف أو الأماكن التي تستدعى الحنين للتدخين.

أيضاً فإن ممارسة التمارين الرياضية مثل الجري أو السباحة أحد أهم وأنجح الأساليب في علاج التدخين.

ومن أهم الوسائل المتبعة هو منع التدخين في أماكن تواجد المدخن، وخاصة المكاتب وأماكن العمل، حيث يجد المدخن نفسه في حاجة إلى ترك ما بيده من العمل حتى يتسنى له تدخين سيجارة، وهو ما يجبره على مباعدة الفترة بين السيجارة والآخرى.

والصوم يعتبر أحد أهم الوسائل الرائعة لمساعدة المدخن على الإقلاع عن التدخين، حيث يظل الصائم لمدة تزيد عن 12 ساعة بلا سيجارة واحدة، مما يساعده كثيراً على التخفيف من معدل تدخينه اليومي، وهي أحد الخطوات الهامة للتخلص من التدخين.

4. المثابرة :

لا تعتقد أن بإتباع تلك الطرق ستقتل عندك الرغبة في التدخين، بل بالعكس فإنها ستزداد لفترة معينة، ولكن دائماً تذكر أنك في مرحلة حرب مع تلك العادة القميئة، وبأنك مازلت في مرحلة العلاج، وهي مرحلة صعبة، ضع دائماً عينيك صوب النتيجة الرائعة التي ستحصل عليها عند إقلاعك عن التدخين.

وتذكر دائماً صورة المدخنين وما آل إليه حالهم نتيجة تدخينهم، وعدم إلقاءهم بالاً بكل النصائح التي كانت تسدى إليهم في الماضي.

وتذكر دائماً كل التقارير الطبية التي أثبتت الأضرار والأمراض التي يؤدى إليه التدخين.

وتذكر أيضاً أن الإحساس الذي ينتابك أحياناً برغبتك القوية في التدخين، هو إحساس وقتي سرعان ما سيزول بعد أن تتخذ الإجراءات اللازمة … وأن ما سيبقى معك هو لذة إحساسك بالإنتصار على رغبتك القاتلة تلك.

5. الإستعانة بأصدقاء الصلاح :

غالباً فإن عادة التدخين مبدأها التقليد الأعمى للأكبر سناً، أو أصدقاء السوء، وفي تلك المرحلة الإقلاعية، يجب الإبتعاد تماماً عن مجالسة المدخنين من الأصدقاء والأهل، فإن غالبية التدخين يكون في مثل تلك الجلسات، على الجانب الآخر، يجب عليك الإتجاه لمجالسة غير المدخنين، فإن لم يمنعوك عن التدخين، فعلى الأقل لن يشجعوك عليه.

وإلتمس من أحد أقاربك أو أهلك أو أقرب أصدقائك العون، كأن يمنعك عن تدخين السجائر أمامه، أو يحفزك دائماً للإمتناع عن التدخين عن طريق السؤال والمراقبة.

6. المصارحة وعدم الخجل :

تذكر إن عادة التدخين هي عادة سيئة وضارة أشد الضرر، فليس عليك أن تخجل من قرار الإقلاع عنها، بل على النقيض، عليك أن تفتخر بقرارك ونيتك، وعليك أن تصارح المقربين من حولك برغبتك تلك، وذلك حتى يتسنى لهم مشاركتك العلاج.

7. النيكوتين التعويضي :

وأخيراً، وبعد إنتهاء المدة الزمنية المحددة (3 أو 4 أسابيع) فإن المقلع عن التدخين قد ينتابه بعض أعراض التوتر والعصبية نتيجة الإقلاع، ففي هذه الحالة قإن النيكوتين التعويضي سيكون مطلوباً بناء على نصائح الأطباء وذلك للإقلال من تلك الأعراض.

يوجد ثلاث أنواع للنيكوتين التعويضي:

1)علكة النيكوتين :وتأتي بقوة 2 مجم أو 4 مجم، ونحن ننصح الشخص المدخن باستخدام علكة 4 مجم في البداية، ويجب أخذ 8 – 12 علكة يوميا لتعويض الجسم عن النيكوتين الذي كان يتلقاه من السجائر. ويجب اتباع الطريقة الصحيحة البطيئة لأخذ هذه العلكة بحيث يمضغ الانسان العلكة لدقائق، ومتى ما شعر بطعم النيكوتين فإنه يتوقف عن المضغ، وإذا مازال هذا الطعم فإنه يواصل المضغ ويتم تكرار هذه العملية لمدة نصف ساعة تقريبا، ويمكن أخذ علكة كل ساعة إلى ساعتين خلال اليوم.

2)لزقة النيكوتين :عادة تأتي لزقة النيكوتين بثلاث جرعات ( عالية – متوسطة – خفيفة )، ولكي يتم التغلب على الإدمان على النيكوتين فإننا ننصح بأخذ لزقة ذات الجرعة العالية يوميا لمدة أربع أسابيع ثم المتوسطة لمدة أربع أسابيع وأخيرا الخفيفة لمدة أربع أسابيع، وننصح بوضع اللزقة على أي مكان في الجسم وإزالتها بعد أربع وعشرين ساعة تقريبا ووضع لزقة جديدة.

3)فلتر النيكوتين :هذا الفلتر مكون من مادة نيكوتين يمكن استنشاقها مثل السيجارة، ويمكن استعماله بصورة متقطعة طوال اليوم.

الأدوية الأخرى التي يمكن استخدامها للمساعدة على التوقف عن التدخين:

أثبتت بعض الدراسات أن بعض الأدوية المضادة للإكتئاب تساعد على الامتناع عن التدخين وخصوصا دواء جديد ( Buproprion or Zyban )، الذي أثبت فعاليته في مساعدة الناس الذين لديهم رغبة حقيقية في التوقف ولكن يجب أخذ هذا الدواء تحت إشراف طبي، وعادة لا ينصح به إلا بعد فشل المحاولات للتوقف باستخدام الطرق الأخرى.[1]

وفيما يلي رأي الشيخ / محمد الغزالي - رحمه الله عن التدخين، وعلة تحريمه شرعاً :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه ومن نهج نهجه، أما بعد فقد ظهر هذا النبات المعروف الذي يطلق عليه اسم “الدخان” او “التبغ " أو " التمباك " أو " التتن”، في آخر القرن العاشر الهجري، وبدأ استعماله يشيع بين الناس، مما أوجب على علماء ذلك العصرأن يتكلموا في بيان حكمه الشرعي.

ونظرا لحداثته وعدم وجود حكم سابق فيه للفقهاء المجتهدين، ولا من لحقهم من أهل التخريج والترجيح في المذاهب، وعدم تصورهم لحقيقته ونتائجه تصورا كاملا ، مبنيا على دراسة علمية صحيحة، اختلفوا فيه اختلافا بينا فمنهم من ذهب إلى حرمته ، ومنهم من أفتى بكراهته ، ومنهم من قال بإباحته ، ومنهم من توقف فيه وسكت عن البحث عنه، وكل أهل مذهب من المذاهب الأربعة- السنية- فيهم من حرمه، وفيهم من كرهه، وفيهم من أباحه. ولهذا لا نستطيع أن ننسب إلى مذهب القول بإباحة أو تحريم أو كراهة.

ويبدو لي أن الخلاف بين علماء المذاهب عند ظهور الدخان، وشيوع تعاطيه، واختلافهم في إصدار حكم شرعي في استعماله، ليس منشؤه في الغالب اختلاف الأدلة، بل الاختلاف في تحقيق المناط. فمنهم من أثبت للتدخين عدة منافع في زعمه. ومنهم من أثبت له مضار قليلة تقابلها منافع موازية لها. ومنهم من لم يثبت له أية منافع، ولكن نفى عنه الضرر وهكذا. ومعنى هذا أنهم لو تأكدوا من وجود الضرر في هذا الشيء لحرموه بلا جدال.

وهنا نقول: إن إثبات الضرر البدني أو نفيه في "الدخان " ومثله مما يتعاطى ليس من شأن علماء الفقه،. بل من شأن علماء الطب والتحليل. فهم الذين يسألون هنا، لأنهم أهل العلم والخبرة. قال تعالى: “فاسأل به خبيراً” وقال: “ولا ينبئك مثل خبير”. أما علماء الطب والتحليل فقد قالوا كلمتهم في بيان آثار التدخين الضارة على البدن بوجه عام، وعلى الرئتين والجهاز التنفسي بوجه خاص، وما يؤدي إليه من الإصابة بسرطان الرئة مما جعل العالم كله في السنوات الأخيرة يتنادى بوجوب التحذير من التدخين.

وفي عصرنا ينبغي أن يتفق العلماء على الحكم وذلك أن حكم الفقيه هنا يبنى على رأي الطبيب، فإذا قالت الطبيب إن هذه الآفة- التدخين- ضارة بالإنسان فلابد أن يقول الفقيه هذه حرام، لأن كل ما يضر بصحة الإنسان يجب أن يحرم شرعا.

على أن من أضرار التدخين مالا يحتاج إثباته إلى طبيب اختصاصي ولا إلى محلل كيماوي، حيث يتساوى في معرفته عموم الناس، من مثقفين وأميين.

علة التحريم

أما ما يقوله بعض الناس: كيف تحرمون هذا النبات بلا نص؟

فالجواب أنه ليس من الضروري أن ينص الشارع على كل فرد من المحرمات، وإنما هو يضع ضوابط أو قواعد تندرج تحتها جزئيات نخشى، وأفراد كثيرة. فإن القواعد يمكن حصرها. أما الأمور المفردة فلا يمكن حصرها. ويكفي أن يحرم الشارع الخبيث أو الضار، ليدخل تحته ما لا يحصى من المطعومات والمشروبات الخبيثة أو الضارة، ولهذا أجمع العلماء على تحريم الحشيشة ونحوها من المخدرات، مع عدم وجود نص معين بتحريمها على الخصوص.

وهذا الإمام أبو محمد بن حزم الظاهري، نراه متمسكا بحرفية النصوص وظواهرها، ومع هذا يقرر تحريم ما يستضر بأكله، أخذا من عموم النصوص. قال: " وأما كل ما أضر فهو حرام لقول النبي صلي الله عليه وسلم : “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فمن أضر بنفسه أو بغيره فلم يحسن، ومن لم يحسن فقد خالف كتاب " أي كتابة الله الإحسان على كل شئ”.

ويمكن أن يستدل لهذا الحكم أيضأ بقوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار". كما يمكن الاستدلال بقوله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " ومن أجود العبارات الفقيهة في تحريم تناول المضرات عبارة الإمام النووي في روضته قال: "كل ما أضر أكله، كالزجاج والحجر والسم، يحرم أكله. وكل طاهر لا ضرر في أكله يحل أكله، إلا المستقذرات الطاهرات، كالمني والمخاط. فإنها حرام على الصحيح… ويجوز شرب دواء فيه قليل سم إذا كان الغالب السلامة، واحتيج إليه.

الضرر المالي

لا يجوز للإنسان أن ينفق ماله فيما لا ينفعه لا في الدنيا ولا في الدين، لأن الإنسان مؤتمن على ماله مستخلف فيه. وكذلك فإن الصحة والمال وديعتان من الله ولذا لا يجوز للإنسان أن يضر صحته أو يضيع ماله. ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال.

والمدخن يشتري ضرر نفسه بحر ماله. وهذا أمر لا يجوز شرعا. قال الله تعالى: " ولا تسرفوا، إنه لا يحب المسرفين " ولا يخفى أن إنفاق المال في التدخين إضاعة له. فكيف إذا كان مع الإتلاف للمال ضرر متحقق يقينا أو ظنا. أي أنه اجتمع عليه إتلاف المال وإتلاف البدن معا.

ضرر الاستعباد

وهناك ضرر آخر، يغفل عنه عادة الكاتبون في هذا الموضوع وهو الضرر النفسي، وأقصد به، أن الاعتياد على التدخين وأمثاله، يستعبد إرادة الإنسان، ويجعلها أسيرة لهذه العادة السخيفة، بحيث لا يستطيع أن يتخلص منها بسهولة إذا رغب في ذلك يوما لسبب ما، كظهور ضررها على بدنه، أو سوء أثرها في تربية ولده، أو حاجته إلى ما ينفق فيها لصرفه في وجوه أخرى أنفع وألزم، أو نحو ذلك من الأسباب.

ونظرا لهذا الاستعباد النفسي، نرى بعض المدخنين، يجور على قوت أولاده، والضروري من نفقة أسرته، من أجل إرضاء مزاجه هذا، لأنه لم يعد قادرا على التحرر منه. وإذا عجز مثل هذا يوما عن التدخين، لمانع داخلي أو خارجي، فإن حياته تضطرب، وميزانه يختل، وحاله تسوء، وفكره يتشوش، وأعصابه تثور لسبب أولغيرسبب. ولاريب أن مثل هذا الضررجدير بالاعتبار في إصدارحكم على التدخين.

التدخين محرم شرعا

ليس للقول بحل التدخين أي وجه في عصرنا بعد أن أفاضت الهيئات العلمية الطبية في بيان أضراره، وسيء آثاره، وعلم بها الخاص والعام، وأيدتها لغة الأرقام.

وإذا سقط القول بالإباحة المطلقة، لم يبق إلا القول بالكراهة أو القول بالتحريم. وقد اتضح لنا مما سبق أن القول بالتحريم أوجه وأقوى حجة. وهذا هو رأينا. وذلك لتحقق الضرر البدني والمالي والنفسي باعتياد التدخين. لأن كل ما يضر بصحة الإنسان يجب أن يحرم شرعا.

والله تعالى يقول: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " ويقول جل جلاله " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " ويقول الله عزوجل " ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" ، " ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين " ، فهناك ضرر بدني ثابت وهناك ضرر مالي ثابت كذلك، فتناول كل ما يضر الإنسان يحرم، لقوله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم " . من أجل هذا يجب أن نفتي بحرمة هذا التدخين في عصرنا.

والواقع الذي لاشك فيه هو ان الأطباء يجمعون على أن في التدخين ضررا مؤكدا. صحيح أن ضرره ليس فوريا ، ولكنه ضرر تدريجي. والضرر التدريجي كالضرر الفوري في التحريم، فالسم البطيء كالسم السريع كلاهما يحرم تناوله على الإنسان .

والانتحار محرم بنوعيه السريع والبطيء، والمدخن ينتحر انتحارا بطيئا. والإنسان لا يجوز أن يضر أو يقتل نفسه، ولا أن يضر غيره. ولهذا قال النبي صلي الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار" أي لا تضر نفسك ولا تضر غيرك، فهذا ضرر مؤكد على نفس الإنسان بإجماع أطباء العالم، لهذا أوجبت دول العالم على كل شركة تعلن عن التدخين أن تقول إنه ضار بالصحة بعد أن استيقن ضرره للجميع، لهذا لا يصح أن يختلف الفقهاء في تحريمه.

والضرورات الخمس التي ذكرها الأصوليون وفقهاء الدين، وأوجبوا الحرص على المحافظة عليها وعدم الإضرار بها هي الدين والنفس والعقل والنسل والمال. وكلها تتأثر بهذه الآفة. فدين الإنسان يتأثر، فمن الناس من لا يصوم رمضان لأنه لا يستطيع أن يمتنع عن التدخين. والنسل يتضرر بالتدخين، سواء كان المدخن أحد الأبوين أو كلاهما، بل إن الجنين يتضرر من تدخين أمه، بما يعني أن المدخن لا يضر نفسه فقط وإنما يضر غيره، وهناك ما يسمى الآن التدخين القسري، أو التدخين بالإكراه، فيدخن الإنسان رغم أنفه وهو لا يتناول السجارة وإنما يتناولها قهرا عندما يجلس بجوار إنسان مدخن أو في بيئة فيها التدخين.

فأنت أيها المدخن تضر نفسك وتضر غيرك رغم إرادته وأنفه، فمن أجل هذا الضرر وغيره يجب أن يحرم التدخين وأن يجمع العلماء على تحريمه. وقد أدار بعض العلماء معظم الحكم في التدخين على المقدرة المالية وحدها، أو عدمها، فيحرم في حالة عجز المدخن عن مصاريف التدخين، ويكره للقادر عليه. وهذا رأي غير سديد ولا مستوعب. فإن الضرر البدني والنفسي الذي أجمع العلماء والأطباء في العالم على تحققه له اعتباره الكبير، بجوار الضرر المالي. ثم إن الغني ليس من حقه أن يضيح ماله، ويبعثره فيما يشاء. لأنه مال الله أولا، ومال الجماعة ثانيا .

وينبغي للإنسان المسلم العاقل أن يمتنع عن هذه الآفة الضارة الخبيثة، فالتبغ لاشك من الخبائث، وليس من الطيبات، إذ ليس فيه أي نفع دنيوي أو نفع ديني.

ونصيحتي للشباب خاصة، أن ينزهوا أنفسهم عن الوقوع في هذه الآفة، التي تفسد عليهم صحتهم، وتضعف من قوتهم ونضرتهم، ولا يسقطوا فريسة للوهم الذي يخيل إليهم أن التدخين من علامات الرجولة، أو استقلال الشخصية.

ومن تورط منهم في ارتكابها يستطيع التحرر منها، والتغلب عليها وهو في أول الطريق، قبل أن تتمكن هي منه، وتغلب عليه، ويعسر عليه فيما بعد النجاة من براثنها، إلا من رحم ربك.

وعلى أجهزة الإعلام أن تشن حملة منظمة بكل الأساليب على التدخين، وتبين مساوئه. وعلى مؤلفي ومخرجي ومنتجي الأفلام والتمثيليات والمسلسلات، أن يكفوا عن الدعاية للتدخين، بوساطة ظهور السيجارة بمناسبة وغير مناسبة في كل المواقف.

وعلى الدولة أن تتكاتف لمقاومة هذه الآفة، وتحرير الأمة من شرورها، وإن خسرت خزانة الدولة الملايين فإن صحة الأمة وأبنائها، الجسمية والنفسية، أهم وأغلى من الملايين. والواقع أن الدولة هي الخاسرة ماليا عندما تسمح بالتدخين، لأن ما تننفقه في رعاية المرضى الذين يصيبهم التدخين بأمراض عديدة وخطيرة تبلغ أضعاف ما تجنيه من ضرائب تفرضها على التبغ، بالإضافة إلى ما تخسره من نقص الإنتاج بسبب زيادة تغيب المدخنين عن العمل نتيجة ما يعانونه من أمراض.

نسأل الله تبارك وتعالى أن ينير بصائرنا، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، إنه سميع قريب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تذكر : قد يمر الشخص المدخن بكذا تجربة فاشلة في محاولة التوقف عن التدخين ولكن من الضروري عدم اليأس و تكرار المحاولة للأستفادة من التجارب الفاشلة

[1] الدكتور ناصر بهبهابي استشاري الأمراض الصدرية - الكويت

مشكــــــــــــور أخوي عالرسالة
موضوع مهم …هناك الكثير من المدخنين…اللذين وللأسف يقتلون أنفسهم…وأي قتل؟؟!!..القتل البطيء
نتمنى لو يحاولون التخلي عن هذه العاده …وأول طريقه تكون بالوعي بحقيقته ومضاره
فإلى كل مدخن…اقرأ ما كًتب في السطور السابقة…

جزاك الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاهل

شكرا اختى المناهل على الرد الطيب وانا اويدك فى هذا فيجب على كل مدخن ان يقرا هذا لان التدخين حرام شرعا و يجب الاقلاع عنه وكمان مضر بالصحه و المال

عجبني الموضوع ده جدا ويريت الشباب كلهم يقعلوا عن التدخين لانه مضرر من جميع الجهات