[CENTER]هل نعاني من انفصام الشخصية ؟؟
[/center]
[COLOR=blue][SIZE=3][B][CENTER]إن الحمد لله … نحمده و نستعينه و نستغفره … و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد و من يضلل فلن تجد له و لياً مرشدا… أما بعد.
فهذا المقال يحمل في طياته سؤالا واحد يجب على كل مسلم أن يجد في نفسه الاجابة عليه … و السؤال هو :
[/center]
[/b][/size][/color][CENTER]هل نعاني – نحن المسلمون – من انفصام الشخصية ؟
[COLOR=blue][SIZE=3][B]لا أدري … لعل هذه الكلمة كانت الوحيدة القادرة على وصف حالنا في هذه الايام … و حتى تتضح الأمور يجب ان نعرف ما هو انفصام الشخصية
انفصام الشخصية هو إختلال عقلانى يجعل الشخص المصاب لا يستطيع التمييز بين أفكاره العميقة و آرائه و تخيلاته من الواقع (التخيلا ت المشتركة هى عدد من الآراء و القيم لأناس آخرين فى ثقافة بعينها تؤمن بأنها واقعية) .
و ما نرى عليه حالنا و حال كثير من المسلمين – إلا من رحم ربي – لا يختلف كثيراً عن ذلك … نعم إنه حالنا و لا يجب ان نتجاهل الواقع و انما يجب مواجهته لمعرفة اسبابة و كيفية علاجه ، فكم مرة كنت تسير في الطريق و فجأة يطرق أذنيك صوت عذب يتلو القرآن و كم طربت أذناك بسماعه و ربما توقفت قليلا لتتفكر فيما تسمع، و هذا لأننا نحمل في داخلنا المؤمن الحقيقي … ولكن ماذا بعد ؟ انك تكمل سيرك و تبلغ مقصدك … و ياللعجب انك ذاهب في أمر يغضب الله … انت ذاهب في معصية الله و من انت الآن ؟! ألم تؤثر فيك كلمات القرآن التي سمعتها منذ دقائق قليلة ! … ألست أنت ذات الشخص ! … ألم يترك القرآن فيك و لو ذرة من الخوف من الله !! … نعم إنك نفس الشخص الذي إن شوهد قبل قليل ظن الناس انه أعبد العباد و إن شوهد الآن … سألوا له الهداية و الرشاد .
دعنا ننتقل إلى مثال آخر … هذا يوم الجمعة قد أتى و هو عيد لكل المسلمين ، أنت تستقيظ من نومك على صوت القرآن يرتفع في جميع البيوت و المساجد و المحلات … الجميع يشعر بهذا اليوم المبارك … ثم يأتي ميعاد الصلاة فتذهب إلى المسجد و تجلس لتستمع إلى الخطيب و هو يعظ و ينصح ، و يسرد من القصص ما فيه العبرة و القدوة … فتحس أن بداخلك عزم و إيمان و ثقة بالله لم تحس بها من قبل و تنوي نية أكيدة على التوبة و عدم العودة إلى الذنوب و المعاصي ، و ربما تبكي بكاء شديداً على ما سلف منك و ندما على ما انقضى من عمرك ، و تقع كلمات الخطيب عليك وقع السهام إذا ما ذكر يوم القيامة و ألون العذاب لأهل النار ، و تمتلئ شوقاً إذا ما ذكر النعيم المقيم الذي وعد به أصحاب الجنة … ثم ماذا ؟ انقضت الصلاة و عدت إلى البيت و كأن شيئاً لم يكن … و تعود إلى ما كنت عليه من اللهو و الانشغال عن طاعة الله و ربما عدت إلى ما كنت قد عزمت على التوبة عنه من المعاصي و المحرمات ، عجبا ألست أنت أيضا نفس الشخص !؟ أين الخشوع و التوبة و الدموع ؟ أين ما كان من ندم و عزم ؟ أين ما كان من خوف و شوق ! كيف تستطيع أن تجمع بين النقيضين … أيهما تكون … أو بالاحرى أيهما تحب أن تكون ؟
و الآن أسوق مثالا أخيراً - و لله المثل الاعلى - … أتاك في يوم خبرة موت أحد اصدقائك أو أقاربك أو جيرانك فذهبت و صليت الجنازة ثم شيعتها حتى القبر و عيناك تذرف من الدمع ما لم تذرف من قبل ليس فقط حزناً على المتوفى و لكن استحضاراً لنفس المصير المحتوم و كم أراعك منظر إدخال الميت إلى القبر المظلم الموحش ! و كم ترك فيك هذا المنظر من الزهد و الخوف من الله ما جعل الدنيا في عينك لا تساوي شيء ، ثم وقفت أمام القبر قليلا تتفكر في هذا المصير و امتلأت روحك – أيضا – بالخوف و الفزع حين علمت انه الآن يسأل من الملكين … و هنا عزمت عزماَ اكيداً على التوقف عن السعي وراء الدنيا الزائلة و الاستعداد ليوم الرحيل ، ثم انصرفت و هذا كل ما تفكر فيه … و لكن كالعادة بمجرد ان تنصرف من المقابر ، تنسى كل ما عزمت عليه من الاستعداد للموت و تعود للسعى المستمر وراء متاع الحياة الزائل منشغلا عن الاعداد للرحلة المحتومة التى لا ينفع فيها مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم … لماذا تغير تفكيرك رغم انك نفس الانسان … نفس المسلم ؟
و في الختام … أكرر السؤال بصيغة أخرى
لماذا نعاني من انفصام الشخصية ؟
و أرجو أن يجد كل منا في نفسه الاجابة عن هذا السؤال و أن يحاول كل منا أن يجعل من الدين منهج و اسلوب في الحياة يحكم تصرفاته و يحدد خياراته تبعاً لما جاء به من تعاليم و أسس و ليس العكس بمعنى اننا يجب ان نكيف القرارات و الخيارات المتاحة لدينا تبعا لما جاءت به تعاليم الاسلام و لا نحاول ان نأخذ من الدين ما يتماشى مع خيارانتا و رغباتنا .
و أرجو ان يكون هذا المعنى واضحاً لأننا اذا تمسكنا به صلحت دنيانا و أخرانا و اذا فرطنا فيه شقينا في الدنيا و في الآخرة إلا ان يتغمدنا الله برحمة منه .[/b][/size][/color][/center]