الأخبار المستقبلية في القرآن الكريم

الاحبة فى الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اكتب لكم اليوم موضوع شيق جميل اتمنى ان ينفع ويفيد

[FONT=Tahoma]
الأخبار المستقبلية في القرآن ودلالتها على مصدره الربانـي
يوسف عبد الرحمن
لقد جاء محمد - صلى الله عليه وسلم - بكتاب يُخبر فيه عن الله بوعود مستقبلية ستـقع ، وبالفعل تحققت هذه الوعود ، وسمح الله لها أن تقع ، تصديقاً وتأييداً لنبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن هذه الوعود ما تحقق في حياته صلى الله عليه وسلم .
ومنها ما تحقق بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
وقد جاءت هذه الوعود لتعلن عن أخبار مستقبلية وتجزم بأحداث قادمة كما يلي :
الوعد الجازم بهزيمة المشركين في معركة بدر :
يقول الله سبحانه وتعالى في الآية : 44 من سورة القمر المكية : " أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ . سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ".
نزل هذا الوعد الإلهي في مكة عندما كان مشركي قريش يسرحون في أوج قدرتهم , بينما كان المسلمون مستضعفين يشكلون قله قليلة بينهم ، إلا أن الوعد كان جازماًُ بأن هؤلاء المشركين الذين يفتخرون بقدرتهم وشوكتهم وجمعهم سيهزمون ويولون الأدبار … يقولون : نحن جماعة قوية متحدة و منتصرة : "أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ " , إلا أن القرآن يعقب على ذلك مباشرة بقوله : “سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ “.
ان من المسلم له هو عدم امكان حصول التوقع والحدس بالانتصار السريع للمسلمين وكسر شوكة أعداء الإسلام في ذلك الزمان إذ كيف سينتصر المستضعفون الأقلون عدداً وعدة على الاكثرين المتجبرين؟حتى أن عمر بن الخطاب كان يقول في نفسه بعد نزول هذه الآيات : أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟
إلا انه لم تمر فترة قصيرة من الزمن حتى هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة ووجهوا ضربة قوية ومباغته إلى نحور الأعداء في أول اصطدام من نوعه مع الأعداء في ساحة معركة بدر ، في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة .
وانتهت المعركة بنصر مؤزر للحق وهزيمة منكرة للباطل وضاعت هيبة قريش … وفي هذا قال تعالى ممتناً على عِبَاده المؤمنين بعد ذلك : " وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [ آل عمران : 123 ] أي انكم كنتم أذلة بقلة العدد والسلاح إلا أن الله نصركم فاتقوا الله لعلكم تشكرون نعمه. [1] وقال لهم : " وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ " [ الأنفال : 7 ] والمعنى كما قال الطبري رحمه الله : " واذكروا أيها القوم” إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ " يعني : إحدى الفرقتين : { أَنَّهَا لَكُمْ} أي: إن ما معهم غنيمة لكم … ولو لم يكن أخي القارىء هذا الوعد قد صدر فعلاً ، لأعترض المؤمنون آن ذاك على الآية الكريمة، ولقالوا : كيف يُخبر القرآن عن وعود نحن لم نأخذها … ولتزعزع الإيمان ، ولضاع الدين وانتهى …
الوعد بمجيء الأحزاب وانهزامهم :
يقول الله سبحانه وتعالى : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا " . [ الأحزاب : 22 ]
هذه الآية الكريمة تُخبرنا عن وعد قد أعطاه الله ورسوله للمؤمنين : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ … " .
وقصة هذا الوعد هي أن الله سبحانه وتعالى كان قد أخبر المؤمنين بأن الأحزاب وهم جيوش قريش وأسد وغطفان وبنو قريظة من اليهود وغيرهم ستجتمع عليهم لمحاربتهم ، ووعدهم الله سبحانه بأن النصر سيكون لهم مع ما سيصيبهم من بلاء وشدة .
وبالفعل تحقق الوعد وجاء الأحزاب وانهزموا وكانوا عشرة آلاف وحاصروا المسلمين وحاربوهم محاربة شديدة إلى مدة شهر وكان المسلمون في غاية الضيق والشدة ، حتى ان المنافقين قالوا : " ماوَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُورًا " [ الاحزاب : 12 ] أي ان الوعد بالنصر كان باطلا ولن يتم ، أما المؤمنون فقالوا : هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وأيقنوا بالجنة والنصر. كما أخبر اللّه تعالى بقوله : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحزاب قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا " [ الاحزاب : 22 ]
ولو لم يكن الوعد المذكور قد أُعطي فعلاً … لأعترض المسلمون في ذلك الوقت على الآية الكريمة … ولقالوا : كيف يُخبر القرآن عن وعود نحن لم نأخذها… الأمر الذي يؤدي إلى تزعزع الإيمان وضياع الإسلام …
لقد دفع الله أكبر خطر قد حاق بالمسلمين في ذلك الوقت ورد الله الذين كفروا لم ينالوا خيرا ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم إلى بيوتهم ولسانهم يلهج : " لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده " .
وأنزل الله بعد ذلك قوله ممتناً ومذكراً : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بصيرا . إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا . هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا " [ الاحزاب : 9 ]
الوعد الجازم بنصرة الله للرسول والتمكين له :
يقول الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم : “قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ”[ آل عمران : 12 ] . أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار من مشركي مكة واليهود وغيرهم ستغلبون أي في الدنيا وتحشرون أي يوم القيامة إلى جهنم وبئس المهاد . ولقد صدق الله سبحانه وتعالى وعده فإنه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى نصره الله سبحانه وتعالى ومكنه من هؤلاء الكفار وطهر الجزيرة العربية من اصنامهم وشركهم . فسبحان من أنزل هذه المواعيد الصادقة .
ويقول الله تبارك وتعالى لرسوله والمؤمنين في شأن أهل الكتاب : " فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " [ البقرة : 137 ]
والمعنى أي فإن آمن أهل الكتاب بمثل ما آمنتم به يا معشر المؤمنين - من جميع الرسل ، وجميع الكتب وأسلموا لله وحده ولم يفرقوا بين أحد من رسل الله فقد اهتدوا ، وإن أبوا فتولوا وأعرضوا فأمرهم لا يعدوا شقاقاً وحربا لله ورسوله ، لذلك قال الله تعالى لرسوله : " فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” وهنا نجد وعداً من الله لرسوله أنه سيكفيه من عانده وخالفه منهم وقد أنجز الله لرسوله وعده ، حيث سلطه عليهم وأجلى بعضهم ، وشردهم كل مشرد فمكنه منهم ، والحق ان الاشخاص المحيطين علما بالتاريخ الاسلامي هم القادرون على الاطلاع على عمق مفهوم هذه الايـة الـتي يستشف من ظاهرها ان أهل الكتاب المعاندين والمتعصبين الجاهليين والذين تعرضت منافعهم اللامشروعة للخطر مع ظهور الاسلام , لم يدخروا جهدا في التدبير الخفي والمعلن للكيد بالرسول والقضاء على الاسلام في بداية ظهوره .
فـي الـوقت ذاته تعطي الاية وعداً صريحا بان اللّه تعالى سوف يدفع شرورهم , ويسفه احلامهم , ويفشل مؤامراتهم , ففعل الله بهم ذلك عاجلا وأنجز وعده , فكفى نبيه صلى الله عليه وسلم بتسليطه إياه عليهم حتى قتل بعضهم وأجلى بعضاً وأذل بعضاً وأخزاه بالجزية والصغار . وهذه من احدى النبؤات الاعجازية . فلك اللهم ربنا الحمد على هذه المواعيد الصادقة .


[/font]