حكايتي مع النقابة

حكايتي مع النقابة
بدايةً أحب أن أعبر عن سعادتي الجارفة بفكرة الجروب , فأخيرا أصبح هناك مجالاً للتعبير " الهندسي " عما يدور من أحداث تخص المهندس بصفة خاصة والمجتمع خارجياً أو داخلياً بصفة عامة
أما عن حكايتي مع النقابة … فبدأت بحقيقة كون والدي مهندساً , فقد كان يصطحبنا لنادي نقابة المهندسين بالزمالك لقضاء يوم الإجازة الأسبوعية , وكعادته ووالدتي كل أسبوع يسألونا _أنا وأخي _ عن المكان الذي نريد قضاء اليوم فيه فننبري بالرد الثابت الراسخ الذي لا نرضى عنه بديلاً “نادي المهندسين” _طبعاً لأنه كان يحوي ألعابا مثل الملاهي ورحلات نيلية … وغزل بنات وفشار _ المهم … ارتبطت نفسيا بهذا المكان حتي إنني زرت أكثر من نادي للمهندسين في أكثر من محافظة الأسكندرية وبني سويف , وتدور الأيام وتكبر الطفلة الصغيرة وتلتحق بكلية الهندسة ليس فقط لكي تصبح من أعضاء النقابة وتشترك بالنادي ولكن لأنني طوال عمري أصدق كل يوم أن الهندسة هي الحياة وأنني لا اريد شيئا سوي أن أكون مهندسة.
وبالطبع كانت علاقتي بالنادي قد انقطعت منذ أمد بعيد نتيجة سفر والدي وانشغالي بالدراسة وغيرها , إلي أن جاءت فكرة الجروب والتي أعادت لي الكثير من الذكريات البريئة وأعطتني أملاً في وجود من يتحدثون نفس لغتي ويفهمون توجهاتي الهندسية بعد أن ظننت أني غريبة في هذا المجتمع المتقلب , ولذلك أردت أن أرتقي منبر الجروب للتحدث عما أعتبرها مشكلة جيل بأسره وليست مشكلة فئة المهندسين فقط .
فالآن أصبح الشاب إنساناً فاقد الهوية , شخص هلامي الملامح لايجد مايعيش من أجله ولا يعرف كيف يوجّه دفة حياته , تحوّلنا رغما عنا إلي تروس في عجلة الحياة الروتينية المملة , نستيقظ كل يوم لنواجه ما واجهناه بالأمس وما سنواجهه غداً , نعلم يقينا أننا نملك مقومات النجاح ولكن نجهل تماماً كيف نستغلها … فقدنا الإحساس بجدوي السعي , ولِمَ نسعي إذا كان غيرنا سيدرك النجاح .
نريد كأي كائن بشري تحقيق أهدافنا ولكن نقف مكتوفين الأيدي إزاء أمواج الإحباط الجارفة.
ورغم كل مثبطات العزائم التي تواجهنا إلا أننا لم نفقد الرغبة في المحاولة ولم نفقد الأمل , فمازال داخل كل منا إحساساً بأنه سيصل لغايته في يوم من الأيام قرُب او بعد .
لست أبعث رسالتي لأسوق لكم كم المعاناة ولا لأبكي علي اللبن المسكوب , ولكن لأقترح نواةً لحل مشكلة الشباب في إطار الإمكانيات المتاحة , فلماذا علي سبيل المثال لا تقوم النقابة بفتح مجال لمشاركة الشباب واستغلال طاقاتهم فيما يخدم المجتمع ويشعرهم بأن لهم دورا حقيقيا وهدفا أسمي للحياة … لماذا تقتصر اللقاءات والاجتماعات والبرامج التليفزيونية علي السياسة

والصراعات والمشاحنات رغم أن كل هذا سيحل بصلاح الشباب الذين هم عماد المستقبل , بل والاهم لماذا نجد برامج الشباب علي مختلف القنوات لا تناقش عن الشباب سوي “لماذا يقص الشاب شعره سبايكي ولماذا يرتدي الجينز اللي وسطه ساقط” وكأن مشكلة الشباب تسطحت إلي هذه الدرجة من الإسفاف والتفاهة.
لماذا لا يكون هناك أنشطة تستغل حماس الشباب ورغبتهم في أن يصبح لهم دوراً فاعلاً في مجتمعاتهم , لماذا نترك الشباب إلي أن
تتحول طاقاتهم المكبوتة إلي مجالات أخري تتفرغ فيها مثل الإرهاب والجماعات غير المشروعة هذه الجماعات التي دائما تسبق الجميع وتعلم تماما كيف توظف الشباب من أجل خدمة مصالحها حتي لو كانت غير شرعية , لماذا لا نستطيع توجيه الشباب قبل أن يقع تحت أيدي من يحوله من طاقة بنّاءة إلي مجرم أو انتحاري , إلي متي يهتم الجميع بكل شيء إلا الشاب أهم عنصر من عناصر بناء الأمة , لماذا تتركوننا فريسة للفراغ وضياع الوقت , تتركونا نصارع الأمواج وتمنعون عنا أطواق النجاة … سيقول
البعض أن الشباب يرفض السعي ويريد الحلول الجاهزة السريعة ويريد من يقدم له الحل جاهزا … ولكن هيهات … صدقوني لم يدخر أي شاب جهده في البحث عن طريقه , هذا الطريق الذي ما إن يجده يفاجأ بمن يسعي جاهدا لتحطيمه علي جميع المستويات .
أعلم أنها مشكلة أكبر من أن أتناولها في رسالة ولكن علي الأقل هي تنفيس عن جزء من غضبي كشابة تشعر بالاختناق في ظل التجاهل التام لفئتها من المجتمع.

فدوى نزار
هندسة شبرا
الفرقة الثالثة
قسم كمبيوتر