10أسباب لارتفاع العقارات بالسعودية

10أسباب لارتفاع العقارات بالسعودية
خالد اليوسف
إن مما لا يخفى على ذي بصيرة اقتصادية أن العقار يعتبر ثاني أقوى الأسواق في السعودية بعد قطاع النفط والغاز حسب الحجم والناتج المحلي، وأن الإنفاق على السكن يتراوح بين 30- 50في المائة من إيراد الفرد.
وقد رأينا كثيرا ذلك الارتفاع المتصاعد في أسعار العقارات ابتداءً من الأراضي السكنية والتجارية ومروراً بالمنازل والوحدات السكنية وانتهاء بالإيجارات الإسكانية والاستثمارية على حد سواء مما شكل عبئاً كبيرا على كاهل المواطن والمستثمر على حدٍ سواء …مما جعل الجميع يتساءلون: ما سبب هذه الظاهرة التي ألقت بثقلها على مجتمعٍ فتي في ظل طفرةٍ اقتصادية ونمو في الناتج المحلي ومستوى دخل الفرد؟؟
سمعنا-جميعا- وقرأنا العديد من التحليلات المختلفة لتقييم وضع السوق وأسباب ارتفاعه منها ماهو منطقيٌ ومنها مالا يمت إلى الواقع بصلة وبالنهاية لابد أن نؤمن بأن القاعدة الأولى لتقييم سعر سلعةٍ ما هي سياسة العرض والطلب،فمع مجموعةٍ من المعطيات التي سأتطرق إليها لنرى بوضوح مجموعة من العناصر التي تحكي قصة اتساع الفجوة بين العرض والطلب.
أولاً : ارتفاع معدل النمو السكاني والذي يمثل فيه الجيل الفتي أكثر من 70في المائة مما أدى إلى ضرورة إيجاد المسكن المستقل، والخدمات الكافية مما زاد الطلب على الوحدات السكنية التي باتت رهينة الجمود أو التضاؤل.
ثانياً: تقلبات سوق الأسهم، في فترةٍ مضت انكب الناس جميعا على الاستثمار في سوق الأسهم نظرا لسرعة دوران رأس المال و للربحية الكبيرة التي يحققها في فترات قصيرة، فترك الخباز مخبزه وترك النجار منجرته وترك العقاري مشاريعه ركضاً خلف الربحية السريعة مما ساهم في تقليل المشاريع وقلة المعروض.
ثالثاً:ارتفاع نسبة التضخم، فلأسباب كثيرة ،،عانت السوق السعودية من تضخم قوي لم يسبق له مثيل خلال السنوات الخمس الماضية على الأقل، ما أدى بالعقارات إلى الإرتفاع لسببين أولهما أن العملة بدات في فقدان قيمتها الشرائية والثاني أن تجميد السيولة في العقار يحقق للمستثمر ميزتين مزدوجتين وهما الارتفاع المعتاد لقيمة الأراضي والمتضاعف بسبب التضخم.والنتيجة تمسك الملاك بعقاراتهم، وسعي المستثمرين لتجميد سيولتهم في العقارات والمحصلة النهائية اتساع الفجوة بين العرض والطلب.
رابعاٍ: غياب مصادر التمويل العقاري في ظل غياب التشريعات المساندة لتعزيز التمويل كالرهن العقاري والتسجيل العيني والمحاكم العقارية مما جعل القيام على المشاريع معتمدا على الاجتهادات الفردية.
خامساً:ارتفاع تكلفة التطوير العقاري ابتداء من تحميل الدولة مسؤولية الخدمات والسفلتة والبنية التحتية، وانتهاء بارتفاع أسعار مواد البناء على المطور ومن ثم على المستهلك.
خامسا: غياب دور الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تأسيس ودعم شركات التطوير العقاري المؤهلة للقيام بمشاريع عملاقة. فالمفترض أن تقوم الاستثمارات الحكومية كمؤسسة التقاعد والتأمينات والهيئة العامة للاستثمار بالمشاركة في دعم الشركات والصناديق والمشاريع العقارية، بل وإيجاد آليات للدخول بالشراكة أو بالتمويل مما سيساعد على دعم العرض وموازنته.
سادساً:بعد البديل، فالمنتظر لما كان ناجحا بالأمس في تملك منحةٍ حكومية ومن ثم الحصول على قرض من صندوق التنمية العقاري صار اليوم بعيدا جدا فالأراضي أصبحت بعيدةً عن الخدمات، والقروض العقارية “ليلها طويل”.
سابعاً:الوزن الحكومي والتغيير في السياسة العقارية ولا يشك أحدنا مثلاً أن إيقاف المساهمات العقارية وتأخر تنظيمها الجديد، وكذلك إيقاف اعتماد المخططات العقارية الجديدة والتأخر في نظام تعدد الأدوار قد كان أحد الأسباب التي حالت دون توازن السوق في وقتٍ يحتاج فيه الجيل إلى كل دقيقة.!
ثامناً:الترقب والشائعات للأخبار الجديدة في ظل ثورة التنظيمات و الاعتمادات الجديدة كالسماح بتعدد الأدوار مشاريع الطرق الجديدة، ونحوها مما جعل العديد من الملاك يوقفون عرض عقاراتهم ترقباً لتحقق الشائعات المتداولة رغبة في تحقيق ربحيةٍ أعلى مما أدى إلى قلة العرض.
تاسعاً:ومما ساهم أيضاً في نمو حجم الطلب : دخول الشركات الأجنبية للسوق السعودي وطلبها لمواقع لمشاريعها واستثماراتها مما شكل طلباً تراكمياً على الموجود.
عاشراً: غياب التنظيمٍ الرباني لتحفيز المستثمرين على البيع وتدوير رأس المال وهو نظام إلزام ملاك الأراضي المعدة للاتجار بدفع زكاتها كعروض تجارة، فالتشريع نظامٍ إلزامي لجباية الزكاة تشرف عليه مصلحة الزكاة والدخل يتولى تقييم الأراضي المعدة للاتجار “وتشمل تلك الأراضي التي يملكها أفرادٌ ولم يبدأوا بالبناء عليها” وجباية الزكاة عليها سنوياً سيكون له الأثر الفعال في توازن السوق وتوفير أكثر من 250ألف وظيفة للشباب السعودي وسيخفض قيمة العقارات بنسبة 30في المائةعلى الأقل، كما أنه سيحقق مصدراً هائلاً للصرف على المعوزين… ويقلل من نسبة التضخم… فما أعظم هذا الدين.

@ باحث عقاري