العوازل الحل الأمثل لتخفيف استهلاك الكهرباء.. وأجهزة التكييف تسلب الجيوب


صحيفة الاقتصادية الالكترونية

العوازل الحل الأمثل لتخفيف استهلاك الكهرباء… وأجهزة التكييف تسلب الجيوب

ضعف التصاميم تضاعف قيمة الفواتير… وثمن نادي “المباهاة” باهظ

محمد التويم من الرياض
فواتير الكهرباء تتضاعف أضعافا مضاعفة في مثل هذا الوقت من كل عام، والسبب وسائل التكييف. التكييف في المسكن السعودي غدا أمرا يرهق جيوب المواطنين, فما إن يدخل فصل الصيف حتى تأخذ فاتورة الكهرباء في الارتفاع التدريجي حتى تصل إلى أرقام أقل ما يقال عنها إنها فلكية، وعادة ما تصدم فاتورة الكهرباء المواطن بارتفاعها خلال فترة شهور الصيف.
وفي هذا الصدد استطلعت “الاقتصادية” آراء عدد من المختصين والمستهلكين، إذ أكد في البداية المهندس عبد العزيز السيف وهو مهندس كهربائي متخصص في الضغط العالي أن القضية مرتبطة بالحاجة إلى التبريد، مما يودي إلى تشغيل مكيفات الهواء، مضيفا وكما هي فاتورة الصيف معضلة عند السعودي فإن فاتورة الشتاء معضلة عند الأوروبي والأمريكي فلدينا الحاجة إلى التبريد كما أن لديهم الحاجة إلى التدفئة في الشتاء.
وشدد على أن هذا الاستهلاك لا مفر منه، ويمكن تخفيضه بواسطة العوازل الجيدة، والدراسة الحقيقية لفراغات المنزل وتصميمها تصميما ميكانيكيا مدروسا يحقق الحاجة الفعلية بطريقة عملية إضافة إلى استخدام العوازل الجيدة. من جهته أشار المهندس عبد القادر محمود - مهندس تكييف - إن غالبية الأسر السعودية تقوم بتشغيل أجهزة التكييف طيلة فترة الصيف، وهذا يؤدي إلى رفع تكلفة استهلاك الطاقة.
وأضاف “التعود على عدم السيطرة على التيار الكهربائي، وذلك نظرا إلى ترك المكيف يعمل عند عدم الحاجة إليه، وهذا خطأ كبير يقع فيه كثير من المواطنين بشكل ملحوظ، فالمكيف يعمل طوال اليوم حتى وإن لم يكن هناك أحد في المكان الذي يعمل فيه، وهذا جهل كبير في الاستفادة من الطاقة الكهربائية، ومن النقاط التي يجهلها كثير من المستخدمين أن أجهزة التكييف تستهلك من الكهرباء أكثر من غيرها، وعدم وعي المستهلك بفروقات الشركات المصنعة وبحثه عن الأقل تكلفة أدى إلى الكثير من المشاكل والتي تؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة”.
وأوضح المهندس عبد القادر أن المشكلة تكمن في عدم وجود جهة متخصصة تقيم الأجهزة الكهربائية وتوضح بدقة استهلاكها الفعلي للطاقة، مضيفا “يوجد الكثير من هذه الجهات في بعض الدول على سبيل المثال الولايات المتحدة والتي تعطي تقييما دقيقا عن الاستهلاك الفعلي للطاقة وتقارن الأجهزة بعضها ببعض وتوضح أفضلية كل جهاز مع الجهاز الآخر وهو ما نحتاج إليه”.
بدوره أشار عبد العزيز المحمود - مستهلك - إلى أن فاتورة الكهرباء السابقة لمنزله قد بلغت نحو ألفي ريال، مبينا أن هذا الرقم غير مبرر خاصة وأسره صغيرة، وأجهزة التكييف معدودة ولا يوجد لديه ما يحتاج إلى هذا الاستهلاك الكبير للطاقة. وتساءل كيف يمكن أن أتأكد من ذلك؟ ولو افترضت إن هناك بعض الزيادة فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصل إلى هذا القدر الكبير من الطاقة، متابعا “كنت أسكن في دور واحد وكانت فاتورة الكهرباء لا تتجاوز المائتين ريال فقط”.
ويطالب المحمود بدراسة علمية ومنطقية عن الأسباب التي أدت إلى مضاعفة الطاقة الكهربائية إلى هذا القدر المخيف دون أسباب حقيقية فأفراد العائلة هو نفسه, وأجهزة التكييف تكاد تكون أكثر بجهازين أو ثلاثة فقط فلماذا هذه الزيادة ولو افترضنا أن هناك بعض الإنارة الزائدة أو أسبابا أخرى فهي ليست مبررة إلى أن تتضاعف فاتورة الكهرباء إلى هذا القدر الكبير، علما أن حجم وحدات التكييف - والحديث ما زال للمحمود - لم يكن كبيرا، وإذا كانت أسباب ارتفاع التيار الكهربائي إلى هذا القدر بسبب التكييف فان الأمر يحتاج إلى دراسات وأبحاث تساعد المواطنين على خفض استهلاكهم من الطاقة.
بدور قال المهندس عبد الله الثروة - مؤلف كتاب العمارة والمناخ - في هذا الجانب “التصاميم الهندسية والمساكن تخلو من التطبيقات الفعلية ومعالجة تلك المباني ومواءمتها للبيئة المحيطة. ويبدو أن ذلك طبيعي فهو ناتج عن أن أغلبية المساكن والتصاميم الموجودة لا تراعي أبدا العوامل البيئية والمناخية والاستفادة من تطبيقات المعمارية في البناء، حيث إن ذلك سيؤثر تأثيرا كبيرا في تقليل التكييف”.
وأوضح إن عدم الاهتمام بالعزل الحراري وكذلك الفتحات والإنارة الطبيعية، وأيضا إمكانية تطبيق ملاقف الهواء وغيرها من الوسائل والطرق هي السبيل الأمثل لخفض الطاقة, مضيفا “للأسف الشديد فان الحلول المناخية هي السبيل الأمثل لمعالجة كثير من مشاكلنا”.
ويطالب المهندس الثروة المهندسين والمعماريين بضرورة استغلال الحلول المعمارية التي تجعل المسكن أكثر راحة وهذه الحلول أقل تكلفة على المدى الطويل, بل هي الطريقة التي لا بد من اتباعها للوصول إلى مساكن مستدامة ولا تكون مساكن مرهقة مكلفة وعبئا على البيئة وعلى أصحابها. من جانبه أكد فهد المبارك - رجل أعمال ولديه مؤسسة خاصة في التكييف إن قضية التكييف متروكة لكل من هب ودب - على حد وصفه - فلا توجد جهة مسؤولة عن هذا الجانب، فعلى سبيل المثال تطلب البلدية مخططات للكهرباء أو السباكة أو الهيكل الإنشائي، ولكنها لا تتطرق أبدا إلى التكييف ودراساته ويترك الأمر بين صاحب المشروع والباعة الذين يهمهم بيع أكبر قدر من الأجهزة دون مراعاة حقيقية للحاجة، وكان يفترض أن تلزم البلديات والأمانات أصحاب المكاتب الهندسية بتقديم مخططات تفصيلية لأجهزة التكييف وهذا الأمر أصبح ضرورة ملحة لا غنى عنها.
وبين المبارك أن ترك هذا الأمر بين “الزبون” الذي لا يملك المعرفة والبائع الذي يرغب في البيع أدى إلى تكاليف إضافية وارتفاع في التيار الكهربائي لا حاجة إليه.
بدوره يرى المهندس عبد العزيز العساف وهو مهندس متخصص في تصميم المباني إن المبالغة الكبيرة في مساحات المباني هي السبب الحقيقي لزيادة تكييفها ثم ارتفاع فاتورة الكهرباء. وأضاف: “كثير ما ننصح عملاءنا دائما باختصار المساحات ولكن الرغبة الجامحة نحو المباهاة والمبالغة والتي تسطير على بعض فئات المجتمع تكون لها آثار عكسية على المدى البعيد”، مبينا أن هذا الأمر مفروغ منه فهناك مبالغات غريبة في مساحات المساكن.
وتابع العساف: “لا داعي للشكوى من قضية ارتفاع فاتورة الكهرباء فمن يبالغ في المساحات عليه أن يدفع ثمنها ومن أراد المباهاة والمبالغة فلا يتضايق من تكاليفها ومصاريفها فبعض المساكن تصل تكلفة الكهرباء والصيانة إلى أكثر من ستة آلاف ريال شهريا، وهذا أمر طبيعي فهناك من يستطيع أن يتحمل هذه المصروفات وأضعافها أما من يدخل نادي المباهين فعليه أن يكون مستعدا للدفع أو لا يدخل هذا النادي”. يذكر أن فترة الصيف تكشف وتفضح ضعف الاهتمام بالتصاميم المعمارية التي لا تراعي الحاجة الفعلية لاستهلاك الأسرة للتكييف وما يترتب على ذلك من استهلاك للطاقة وعدم وجود جهات متخصصة لتقييم أجهزة التكييف.

.,._