مشهد الجيوشي

[CENTER]مشهد الجيوشي

دكتور محمود أحمد درويش[/center]

يقع مشهد الجيوشي[1] أعلى تلال المقطم شرقي قلعة الجبل، وقد تعددت الآراء حول هذا المشهد فيما إذا كان زاوية أو مسجد، فقد جعله “كريسويل” زاوية فيما جعله “الدكتور أحمد فكري” مسجدا، رغم أن النص الكوفي الذي يعلو المدخل بالضلع الشمالي الغربي والمنقوش على لوحة من الرخام يؤكد أن هذا المبنى يمثل مشهدا، ويتكون هذا النص من خمسة سطور حيث يقرأ: “مما أمر بعمارة هذا المشهد المبارك فتى مولانا وسيدنا الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الأئمة الطاهرين وأبنائه الأكرمين وسلم الى يوم الدين، السيد الأجل أمير الجيوش سيف الإسلام ناصر الإمام كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين عضد الله به الدين وأمتع بطول بقائه أمير المؤمنين وأدام قدرته وأعلا كلمته وكيد عدوه وحسدته ابتغاء مرضاة الله في المحرم سنه ثمان وسبعين وأربعماية” (مايو 1085م).
وقد تأكد أن هذا المبنى من العمارة الحربية الفاطمية التي ألبست ثوبا دينيا للتمويه والإخفاء وذلك على الرغم من أن النص التأسيسي الموجود بأعلى فتحة المدخل ينعته بصفة “المشهد” أي مكان أعد لدفن شخص منسب من آل البيت، رغم عدم وجود مدفن به، ولكنه كان رباطا عسكريا حيث يقع المبنى في موقع مرتفع يصعب الوصول إليه كما لا يوجد لهذا المبنى سوى مدخل واحد يضطر الداخل منه إلى الانحناء وتم تدعيم المبنى بالأبراج التي تعلوها غرف مغطاة بقباب، وبها فتحات للمراقبة كذلك تزويد المبنى بالمزاغل والشرافات.
وللمشهد مئذنة يبلغ ارتفاعها (20 م)، وهي تمثل برجا للمراقبة، ومن المرجح أنها كانت تستخدم لإعطاء الإشارات بالدخان أو النار لأبراج بوابات القاهرة الفاطمية.
التخطيط المعماري
يتخذ المبنى تخطيطا مستطيلا يبلغ طوله (22.50 م) وعرضه (17 م)، أما المدخل فهو على هيئة عقد مدبب يؤدي إلى دركاة مربعة عليها قبو نصف اسطواني من الآجر وتنتهي الدركاة في الجانب الجنوبي الغربي بباب يؤدي إلى مساحة مربعة مكشوفة بها السلم المؤدي إلى السطح والمنارة، وعلى اليسار بالجانب الشمالي الشرقي باب يؤدي إلى حجرة مربعة، ويعلوها قبو متقاطع.
أما الباب الواقع في الجانب الجنوبي الشرقي إلى الصحن الذي يبلغ طوله (6.64 م) وعرضه (5.60 م)، أقيمت على جانبيه قاعتان مستطيلتان، وفي الجانب الجنوبي الشرقي تقع ظلة القبلة وهو يطل على الصحن بثلاثة عقود أوسعها الأوسط تقوم على أعمدة مزدوجة ولها تيجان وقواعد بصلية.
تنقسم ظلة القبلة إلى رواقين يبلغ طول كل منهما (13 م) وينقسم كل منهما إلى ثلاثة أقسام بواسطة عقدين، ويغطي الأول ثلاثة أقبية متقاطعة، أما رواق القبلة والذي يبلغ عرضه أربعة أمتار ونصف فتقع في منتصفه حنية القبلة التي يتوجها قبة من الآجر تقوم على عقود من ثلاث جهات وعلى جدار القبلة من الجهة الرابعة، وتعلو ذلك حنايا ركنية مفردة يعلوها رقبة مثمنة فتح بكل ضلع من أضلاعها نافذة معقودة، أما القسمان الآخران من رواق القبلة فعلى كل منهما قبو متقاطع من الآجر.
المئذنة
يبلغ ارتفاعها فوق السطح بمقدار (14.18 م) يعلو البدن صفان من المقرنصات، يعلوها طابق مربع ذو زوايا مشطوفة وبكل ضلع من أضلاعه نافذة معقودة، أما الرقبة فهي مثمنة وبها نوافذ معقودة أيضا، وتعلو المئذنة خوذة ترتكز على حنايا ركنية مفردة. وكانت الأبراج العليا الخاصة بالمراقبة عبارة عن غرف مربعة طول ضلع كل منها (0.80 م) تعلوها قباب صغيرة مقامة على رقاب مثمنة.

[1] نويصر، حسني. الآثار الإسلامية، ص ص192ـ198. فكري، أحمد. مساجد القاهرة ومدارسها، ج1، ص ص89ـ94.
Van Berchem M. (1889), Une Mosquee du temps des Fatimides, Memoires de L’Institut d’Egypte, Tome.II, pp.606-619. Creswell, Muslem Architecture of Egypt, Fatimids, p. 155,fig. 79, pl. 46.