الهندسة الميكانيكية عند العرب والمسلمين

[CENTER]الهندسة الميكانيكية عند العرب والمسلمين

[SIZE=4][COLOR=green]احتاجت الدولة الإسلامية منذ نشأتها إلى مهندسين وصناعيين سواء لبناء البناءات والجسور أو لحفر القنوات أو للصناعة بأنواعها وخاصة منها الصناعات الحربية التي تتطلب مهارات ومعلومات كثيرة لا تتوفر عند عامة الحرفيين. وإذا كنا نعرف إنجازات العلماء العرب والمسلمين في الطب وفي الرياضيات فإننا نكاد نجهل ما أنجز المهندسون العرب والمسلمون. وقد قام الباحثون في ميدان تحقيق المخطوطات بمجهودات كبيرة لإخراج كتب هؤلاء المهندسين من تحت غبار السنين. ويمكن أن نعتبر معهد إحياء التراث العلمي العربي بجامعة حلب أهم معهد في العالم يقوم بذلك بطريقة علمية وقد أخذنا مما أنجزوا لبّ هذا المقال.

والإطلاع على التاريخ وخاصة على تاريخ العلوم هام جدا خاصة بالنسبة للشباب وفي هذه الظروف بالذات التي تتميز بسيطرة مطلقة للغرب على العلوم وعلى الإنجازات العلمية والهندسية والتي تتميز كذلك بعدم تمكن المهندس العربي من الاضطلاع بدوره الحقيقي في أغلب البلاد العربية باستثناء العراق.

فمعرفة التاريخ تخلّص المهندس العربي والتونسي خاصة من العقدة التي تقول إن التكنولوجيا غربية ولا يمكن أن تكون عربية وذلك لأسباب ثقافية ونفسانية، ثم أن التطور الحضاري من ناحية أخرى لا يمكن أن يقع بدون الانطلاق من الجذور للسير إلى الأمام وهذا التطور ينمو كالبناء لبنة فوق لبنة وما تخلّفُنا اليوم إلا لأننا لم نعتبر تراكم المعلومات شرطا من شروط التطور ولأننا لم نتّعض بمن سبقنا.

والعرب ترجموا عن اليونانيين ودرسوا علومهم وإنجازاتهم وزادوا عليها وطوّروها ثم ترجم الأوروبيون الكتب العربية ودرسوا ما أنجز العرب ثم زادوا عليه وطوّروه وخاصة بعد اختراع المطبعة التي مكنت الأوروبيين من وسيلة لإيصال المعلومات جعلتهم يتفوّقون نهائيا على العرب ويسيطرون على العالم منذ خمسة قرون إلى يومنا هذا.

في مقالنا هذا نعرض بعض أعمال لثلاثة علماء مهندسين عربا من خلال ثلاث كتب يفصل بين كل منها حقبة تساوي ثلاث قرون. وهم على التوالي : بنو موسى وكتاب الحيل في القرن التاسع، الجزري وكتاب الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل في القرن الثاني عشر، تقي الدين وكتاب الطرق السنية في الآلات الروحانية في القرن السادس عشر.

وقد استعمل العرب كلمة الحيل لأنه يحتال بالجهاز التقني للبلوغ إلى هدف ميكانيكي لا يمكن بلوغه بصورة مباشرة، كما استعملوا عبارة الآلات الروحانية لأن النفس ترتاح لها عند اشتغالها.

بنو موسى

اشتهر الإخوة محمد وأحمد والحسن بنو موسى بن شاكر باسم بنو موسى. وقد ولدوا مع بداية القرن التاسع ميلادي، وتوفي محمد وهو أكبرهم سنة 873. وقد كان والدهم موسى بن شاكر منجّما في قصر المأمون ولما توفي تركهم في رعاية هذا الأخير الذي ألحقهم ببيت الحكمة. فتعلموا العلوم على أيدي العلماء الذين عاشوا في بداية القرن التاسع، كما استفادوا من حركة الترجمة التي شجعها المأمون ورعاها مدة خلافته، فنبغوا في العلوم بأنواعها.

ويظهر أن محمد أكبرهم كان يهتم بالسياسة زيادة على اهتمامه بالهندسة والنجوم. وكان أحمد أكثر براعة في علم الحيل والحسن كان مهندسا بارعا، إلا أنهم كانوا متضامنين في كتاباتهم، وعرفت كل كتبهم بأنها من تأليف بني موسى.

والعصر الذي عاش فيه بنو موسى هو عصر الإبداع العربي الإسلامي في بغداد. وقد ساعد وسط بيت الحكمة على نبوغهم وعلى إطّلاعهم على ما كتب من قبلهم مترجما إلى العربية من طرف المترجمين الملازمين لبيت الحكمة.

ولم يكن بيت الحكمة مفيدا لبني موسى وحدهم فقد استفاد منه عدد كبير من الذين يكونون الآن قائمة العلماء البارزين في التاريخ العربي الإسلامي ونذكر ممن عايشهم من العلماء المعروفين: الجاحظ والكِندي الخوارزمي، ومن المترجمين العلماء: حنين ابن اسحق وثابت ابن قرة وقصطا ابن لوقا.

وقد كانت علاقة بني موسى بأبناء عصرهم ووسطهم مختلفة حسب الأشخاص. فكانوا يعادون الكندي مثلا لقربه من السلطة مثلهم. وكانوا يدفعون أجورا ضخمة للمترجمين الذين يعملون معهم، ومن بين هؤلاء قصطا ابن لوقا الذي ترجم ميكانيكا ايرن Heron الإسكندري الذي عاش في القرن الثاني قبل الميلاد. وقد درس بنو موسى هذا الكتاب واهتموا بالأواني العجيبة وشرحوا وطوروا بعضها واخترعوا البعض الآخر.

وكتاب الحيل هو أول كتاب مؤلف باللغة العربية وصل إلينا اليوم يتحدث عن الحيل والميكانيكا بصفة عامة وهو أول كتاب تقني أو فني يتحدث عن “الحيل العملية يتضمن من الصناعات الغريبة والحيل المستظرفة كل عجيبة” كما قال ابن خلدون في مقدمته حيث صنفه ضمن كتب العلوم الهندسية كتطبيق للهندسة في الصنائع العملية.

وإذا اعتمدنا على التحقيق القيم الذي قام به أحمد يوسف الحسن لكتاب الحيل فيمكننا تبويب كتاب الحيل حسب مواضيع الأشكال التي اشتمل عليها مع اعتبار كل الأشكال المائة الموجودة هي من النسخة الأصلية لكتاب بني موسى. ويكون التبويب كما يلي:

هناك 37 شكلا تهتمّ بأوان تُملأ ماء ثم يخرج منها الماء ويتوقف عن الخروج بصورة آلية أو بحيلة خفية.

وهناك ثلاثة أشكال تصف سحارة، أي أن دخول الماء أو خروجه من آنية أو أنبوب يحدث ضجيجا أو صوتا كصوت الأرغن.

هناك 31 شكلا تهتم بتوجيه خروج أو إيقاف خروج لونين من الشراب أو أكثر، وذلك بصورة آلية أو باستعمال حيلة معينة. ومحل الغرابة في هذه الأواني أن يكون خروج الشراب لونا بعد لون أو أن يخرج الشراب الأول عند ملـئ الآنية بالشراب الثاني أو العكس، أو أن يكون خروج أحد الشرابين صافيا أو ممزوجا بالثاني، الخ…

وهناك 16 شكلا تهتم بالأواني التي فيها مخرجان أو أكثر ويخرج السائل من مخرج بعد مخرج أو تحتوي على سائلين مختلفين يخرج كل منهما من مخرج معين ثم يتبدل ذلك فيخرج السائل الأول من المخرج الثاني والعكس بالعكس إلى غير ذلك من المظاهر الغريبة. ويوجد من بينها أحد عشر شكلا تهتم بأكثر من لون واحد من الشراب.

وزيادة على هذه الأشكال هناك سبعة أشكال تعتني بالفوّارات وأربعة أشكال تهتم بالسّرُج (مفرده سراج) كما يوجد شكلان يهتمان بالنزول إلى الآبار أو استخراج ما سقط فيها.

ومن بين المائة شكل هناك أشكال تعطي نفس النتيجة التي تعطيها أشكال أخرى بحيلة مختلفة، وقد أحصينا عشرة أشكال مضعفة وشكلا ضوعف ثلاثا.

لقد استعمل بنو موسى في كتابهم ثلاثة عشر وسيلة تقنية وضحناها في دراسة سابقة موجودة في “مؤسسة بيت الحكمة، قرطاج” وقد اعتمدوا في إنجازها على معرفتهم لمبادئ توازن الضغط وفيزياء سكون السوائل “الهدروستاتيكا” وعلى مبدإ الميزان وعلى مبدإ المرفق (manivelle) وعلى مبدإ الخلاء (vide).

إن الإنجازات في كتاب الحيل عديدة وقد تحدث بنو موسى بطريقة مختلفة عن الأجهزة الموصوفة في كتابهم، فهم يستعملون عبارة “فقد تبيّن” في بعض الأشكال، بينما يستعملون عبارة “مثال ذلك” في أشكال أخرى. وكلمة تبين تدل على أن الجهاز استعمل بحضرتهم وتبين أنه إذا احترمت الأوصاف والمقاييس التي أوردوها فإن الجهاز يشتغل كما هو موصوف، هذا إن لم نقل أنهم صنعوا هذه الأجهزة.

كما أن بني موسى عند حديثهم عن الأجهزة المستعملة لدى العامة لم يوردوا وصفا أو شروحا وإنما قالوا “كما من عادة الناس يعملونه”، وقد ورد ذلك عند الحديث عن زقّ الحدادين التي ينفخون بها النار وعند الحديث عن ناعورة تدور بطاقة الريح، ونستنتج من ذلك أن هذين الجهازين كانا متداولين في القرن التاسع لدى الحرفيين.

وكان بنو موسى يحاولون ذكر الاستعمالات المفيدة لأجهزتهم عند وصفهم لكل جهاز وخاصة من بين أوانيهم العجيبة، هذا إن لم يكن الجهاز كله صالحا بصورة واضحة للاستعمال مباشرة. وبالتالي فإن كتاب الحيل هو كتاب هندسة (engineering) أكثر منه كتاب علمي. ومما يزيد في تأكيد هذه الفكرة الأخيرة هي وضوح الرسوم واحترامها لقوانين الرسم المتبعة في ذلك الوقت. فالناسخون استطاعوا نسخ الرسوم المصاحبة للأشكال. وحتى وإن تبدلت قواعد الرسم عند قيامهم بالنسخ فقد استطاعوا نسخها بسهولة متّبعين في ذلك القواعد الجديدة بالنسبة لهم. ويظهر ذلك بالخصوص عند دراسة الفرْق في طريقة الرسم بين المخطوطات التي نُسخت في أزمنة مختلفة.

لقد اتبع بنو موسى في كتابهم طريقة هندسية وتقنية أي أنها اكتفت بشرح تشغيل أجهزتهم وذكر الشروط التقنية التي تجعلها تشتغل بصورة ناجعة. واعتبروا - كما يعتبر أي مهندس - أن رضاهم يكتفي بإمكانية جعل الظاهرة قابلة للحدوث كل مرة يقع فيها احترام الأوصاف كما شرحوها. ولربما كان هدفهم هو مد الصنّاع والحرفين بطرق صنع هذه الآلات العجيبة التي كانت مستعملة على نطاق واسع في قصور الأغنياء في عصرهم.

الجزري

عاش بديع الزمان أبو العز ابن إسماعيل الجزري في ديار بكر في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وتوفي سنة 1206 ميلادي وهو ما يوافق القرنين السادس والسابع هجري.

وقد كنّي بالجزري لأنه كان من أبناء الجزيرة الواقعة بين دجلة والفرات.

كان يعمل مهندسا في بلاط ملوك ديار بكر وبدأت خدمته للأسرة المالكة سنة 1174 وقد ألف كتابه:

“الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل”

بطلب من الملك ناصر الدين أبو الفتح من بني أرتق وانتهى من كتابه سنة 1206 ويعتقد انه توفي في نفس السنة أي انه عاش أساسا في النصف الثاني من القرن الثاني عشر. وعندما كتب كتابه كانت رتبته في البلاط “ريّس أعمال”.

ويقول في بداية كتابه :

"… وبعد فإني تصفحت من كتب المتقدمين وأعمال المتأخرين أسباب الحيل في الحركات المشبّهة بالروحانية وآلات الماء المتخذة للساعات المستوية والزمانية ونقل الأجسام بالأجسام عن المقامات الطبيعية وتأملت في الخلاء والملاء لوازم مقالات برهانية وباشرت علاج هذه الصناعة برهة من الزمان وترقّيت في عملها عن رتبة الخبر إلى العيان فأخذت فيها أخذ بعض من سلف وخلف واحتذيت حذو من عمل ما عرف …

… وكنت وجدت ممن خلا من العلماء وتقدم من الحكماء وضعوا أشكالا وذكروا أعمالا لم يباشروا لجملتها تحقيقا ولا سلكوا إلى تصحيح جمعها طريقا وكل علم صناعي لا يتحقق بالعمل فهو متردد بين الصحة والخلل. فجمعت فصولا مما فرّقوه وفرّعت أصولا مما حققوه واستنبطت فنونا لطيفة المدارج خفيفة المداخل والمخارج …

… وألّفت هذا الكتاب يشتمل على بعض خروق رقعتها وأصول فرعتها وأشكال اخترعتها ولم أعلم أني سبقت إليها …

… وجمعت ذلك في مقدمة تتضمن خمسين شكلا وقسمتها إلى أنواع ستة وبسّطت القول في الصفة والكيفية واستعملت فيما وضعته أسماء أعجمية أتى بها السابق من القوم واستمر عليها اللاحق إلى اليوم وألفاضا أخر يقتضيها الزمان إذ كان لأهل كل عصر لسان ولكل طائفة من أهل العلم اصطلاحات بينهم معروفة واتفاقات عندهم مألوفة. وصورت لكل شكل مثالا وأشرت إليه بالحروف استدلالا وجعلت عليه من تلك الحروف أبدالا:

النوع الأول : في عمل بناكيم وقيل فناكين يعرف منها مضي ساعات مستوية وزمانية وهو عشرة أشكال.

النوع الثاني : في عمل أواني وصور تليق بمجالس الشراب وهو عشرة أشكال.

النوع الثالث : في عمل أباريق وطساس للفصد والوضوء وهو عشرة أشكال.

النوع الرابع : في عمل فوارات في برك تتبدل وآلات الزمر الدائم وهو عشرة أشكال.

النوع الخامس : في عمل آلات ترفع ماء من غمرة وبئر ليست بعميقة ونهر جار وهو خمسة أشكال.

النوع السادس : في عمل أشكال مختلفة غير متشابهة وهو خمسة أشكال."

لقد درس الجزري فعلا كتابات من سبقوه في ميدان الهندسة والميكانيكا وأنجز الأجهزة واخترع الآلات. وأهم إنجاز جديد أخرجه إلى الوجود في نظرنا هي مضخة بالمكبس نورد شكلها فيما يلي. وأهمية هذه المضخة المتقدمة تكمن في حيلة تحويل حركة دائرة إلى حركة مد وجزر، وقد زعم برتراند جيل Bertrand Gilles أحد مؤرخي العلوم في كتابه La naissance du système bielle-manivelle أن اكتشاف العلاقة بين المرفق والساعد لم تُكتشف قبل القرن الخامس عشر.

ومن المتعارف عليه أن لتحويل حركة دائرة إلى مد وجزر أهمية كبيرة إذ أن المحركات البخارية تدور نتيجة التحويل المعاكس أي الانطلاق من حركة مد وجزر وتحويلها إلى حركة دائرة وقد وقع الربط بين الحركتين في هذا الاتجاه في القرن الثامن عشر.

ومضخة الجزري هي مضخة مزدوجة (انظر الشكل) تتكون من ناعورة تدور بتيار ماء النهر وتدير بدورها عجلة ثانية ثبّت عليها مسمار بعيدا عن محورها. والمسمار يمكنه التحرك في شق سهم مشقوق على طوله، والسهم ثابت على محور من الجهة البعيدة عن العجلة ومتصل بسهمين ثانويين من الجهة الأخرى. فإذا دارت العجلة دار معها المسمار ليدفع السهم الرئيسي يمنة ويسرة فيدفع هذا الأخير السهمين الثانويين يمنة ويسرة ولأنهما متصلين بمكبسين (واحد لكل منهما) فانهما يشغلان مضختين.

وهذا الإنجاز لم يسبق له مثيل قبل الجزري حسب علمنا.

تقي الدين

ولد تقي الدين بن معروف الراصد بدمشق سنة 1525 وتوفي باستنبول سنة 1585، كان أبوه قاضيا ونشا هو أيضا كقاض وبدا مباشرة القضاء في مصر ثم انتقل إلى القسطنطينية للعمل كرئيس المنجّمين في بلاط السلطان.

واستطاع تقي الدين إقناع الصدر الأعظم محمد باشا (الوزير الأعظم) لدى الخلافة العثمانية كما استطاع إقناع الخواجة سعد الدين معلّم السلطان بضرورة تأسيس مرصد فلكي جديد، وأعدّ لإقناع السلطان تقريرا يشرح فيه ضرورة إبدال الجداول الفلكية الموجودة بأخرى تعتمد على المشاهدات الجديدة.

فوافق الديوان (مجلس الوزراء) على إنشاء المرصد سنة 1575 وانتهى بناؤه سنة 1577 وسجل تقي مشاهداته في كتاب بعنوان

“سدرة منتهى الأفكار في ملكوت الملك الدوار”

وفي 1579 ظهر مذنّب في السماء فقدم تقي الدين تفسيرا لتلك الظاهرة كما كان يفعل علماء الفلك إذ كانوا منجّمين في نفس الوقت وأعلم السلطان بأنه سوف ينتصر على بلاد الفرس. ورغم انتصار الجيش العثماني في حربه مع الفرس فان بعض الخسائر التي مني بها وظهور وباء الطاعون ووفاة بعض الشخصيات في فترة قصيرة خلق شعورا سلبيا نحو المرصد وغذى الميول المتعصبة. وكان شيخ الإسلام قاضي زاده وجماعته في منافسة مع الصدر الأعظم محمد باشا ومع الخواجة سعد الدين، واستطاع شيخ الإسلام أن يذكي الحملة المعادية للمرصد فأمر السلطان بهدمه وقد تم ذلك فعلا سنة .1580 وكان مرصد استنبول آخر المراصد الإسلامية الهامة، ويمكن اعتبار هدمه بداية عصر الانحطاط.

ألّف تقي الدين عدة كتب، نذكر أهمها في ما يلي:

  1. الدر النظيم في تسهيل التقويم

  2. الطرق السنية في الآلات الروحانية

  3. الكواكب الدرية في وضع البنكامات الدورية

  4. ريحانة الروح في رسم الساعات على مستوى السطوح

  5. بغية الطلاب في علم الحساب

  6. كتاب الثمار اليانعة

وقد ذكر له الباحثون ثلاثة عشر عنوانا آخر.

ويقول تقي الدين عن نفسه في كتابه “الكواكب الدرية في البنكامات الدورية” :

“وبعد فإني كنت في زمن الصبا كلفا بعلم الوضعيات مغرما بمطالعة كتب سائر الرياضيات إلى أن أتقنت الآلات الظلية والشعاعية عملا وعلما، واطلعت على أسرار نسب أشكالها وخطوطها بداء وحتما ونظرت في المتداول من الرسائل الوضعية والاكر التادوسيوسية والأشكال الاقليدسية والتسطحات الارشميدسية وكتب الحيل الدقيقة ورسائل علم القرسطون والميزان وجر الأثقال إلى غير ذلك من الاستقصاء في هذا الفن مبادئ وغايات ووسائل ونهايات ولله الحمد”

وفي “كتابه الطرق السنية في الآلات الروحانية” يصف تقي الدين الأنواع التالية من الآلات :

  1. حق القمر أو علبة القمر (ساعة فلكية).

  2. في البنكامات (أربع ساعات مائية ورملية).

  3. آلات جر الأثقال (ثلاث آلات: الدواليب المسننة، البكرات والحبال، اللولب الحلزوني).

  4. آلات رفع الماء (أربع آلات).

  5. في عمل الزمر الدائم والنقارات والفوارات (ثلاث آلات للزمر الدائم والنقارات وأربع فوارات).

  6. في أنواع شتى من الملح والطرائف (أحد عشر حيلة تشبه حيل بني موسى).

  7. في وصف آلة للسيخ الذي يوضع فيه اللحم على النار فيدور بنفسه (جهاز يحول الحرارة إلى عمل).

ويمكن أن نعتبر آلات جر الأثقال وآلة السيخ أهم ما اخترع تقي الدين. إذ يقول فيما يخص آلات جر الأثقال: (انظر الشكل).

“فمن المعلوم أن اليد إذا دارت حركت أسنانُ الدندانجة أسنانَ الدولاب الأول فحرك بدندانجته أسنان الدولاب الثاني فحرك بدندانجته أسنان الدولاب الثالث فالتفّ القلس على محوره ورفع بحركة يسحب خمسة أرطال ثقلا وزنه ثلاثة آلاف رطل وبرهانه واضح لمن تأمل إذ نسبة الخُمس مكررة فيه اربع مرات فعكس كسرها ثلاث آلاف ومائة وخمسة وعشرون وإنما أسقطت ما زاد على الثلاثة آلاف ليظهر ترجح الجاذب بذلك.”

ويقول في الآلة البخارية التي تستعمل في السيخ :

“وقد عمله الناس على أنحاء شتى منها أن يكون في طرفه دولاب بفراشات ويوضع بحذائها إبريق من النحاس المفرغ المسدود الرأس المملوء بالماء ويكون بلبلته قبالة فراشات الدولاب ويوقد تحته النار فانه يبرز البخار محصورا من البلبلة المذكورة فيديره فإذا فرغ الماء من الإبريق قرب إليه ماء بارد في إناء بحيث تغطس البلبلة فيه فانه يجتذب بحرارته جميع ما في الإناء من الماء ثم يبدأ بدفعه”.

هذا ما أمكن معرفته عن تاريخ الهندسة العربية والفضل في ذلك يرجع إلى معهد إحياء التراث العلمي العربي بحلب. أما في تونس فلدينا المخطوطات ولكن ينقصنا المعهد الذي يمكنه مركزة الإمكانيات اللازمة للتحقيق.

نحن ننتمي إلى حضارة مكتوبة لها تاريخ، وأجدى بنا أن ندرس ماضينا بدون مركبات نقص لمعرفة أسباب تخلف حاضرنا، وذلك بهدف الإصلاح. وأن لا نحاول تقليد غيرنا بصورة عمياء، فالشعب الذي يقلد شعبا آخر لا يمكنه أن يفعل أحسن منه، بينما الذي يحاول تحسين إنجازاته مع المحافظة على أصالته ولو اقتبس من غيره يمكن له أن يتفوق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمعرفةٍ أعمق في هذا الميدان:

كتاب الحيل، بنو موسى. تحقيق أحمد يوسف الحسن، معهد التراث العلمي العربي. جامعة حلب (سوريا).

الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل، الجزري. تحقيق أحمد يوسف الحسن مع آخرين، (1979). معهد التراث العلمي العربي. جامعة حلب (سوريا).

تقي الدين والهندسة الميكانيكية العربية، الدكتور أحمد يوسف الحسن، (1976). معهد التراث العلمي العربي. جامعة حلب (سوريا).

[/color][/size][/center]

جزاك الله خيرا على هذا الموضوع الجميل الذى يوضح تاريخ الميكانيكا مع العرب

اشكرك جداا على قراءة الموضوع

شكراً على الموضوع القيم