مساحة خضراء


جريدة الرياض اليومية
مساحة خضراء

التعقيد الذي شهده العالم في العقود الأخيرة، لاسيما بعد التطور الصناعي وتطور النظم السياسية والإدارية للدول، أفرزت مؤسسات مدنية تهتم بالبيئة وتهدف إلى إلزام العاملين في المجالات بأنواعها المختلفة بالمحافظة على الموارد الطبيعية وعدم تلويث البيئة.
ومن أسوأ السلوكيات الناتجة عن النظر القاصر أن المؤسسات الحكومية الرسمية هي المسؤولة عن البيئة بأكملها. بل إننا نرى سلوكيات في بعض الأحيان من أناس تجاوزوا مرحلة الطفولة وجهلها وتعدوا مرحلة المراهقة وعبثها وأصبحوا أناسا راشدين، بل إن بعضهم مسؤول عن قطاع تربوي أو خدمي يتصرفون وكأنما خلقوا ليعبثوا كما شاؤوا ما دام خلفهم عامل نظافة يجمع ما يلقون من قاذورات في أي مكان يروق لهم. مع أن مناصبهم الوظيفية يفترض أن تجعل المسؤولية عليهم أعظم.
لا يستطيع جهاز مهما بلغ في تنظيمه ومهارته، ومهما صرفت عليه المبالغ الطائلة أن يوفر بيئة صحية نظيفة لأفراد مجتمع لا يتعاونون مع هذا الجهاز ويهيئون السبل المعينة له أن يكمل النقص ويرعى الخلل أو التقصير من بعض الأفراد الذين لم يستشعروا المسؤولية بأنفسهم أو أنهم قرروا ألا يتحملوها.
وهناك أمر آخر مهم، ألا وهو أن تلك المؤسسات ليست سوى أفراد من المجتمع نفسه الذي تخدمه. وما لم يكن الأفراد على مستوى مقبول من تحمل المسؤولية فإن ذلك حري بأن ينعكس على أداء أفراد تلك المؤسسات، لأنهم في الأخير جزء من المجتمع لا ينفك عنه. يضاف إلى ذلك أنهم -أي الأفراد العاملون في تلك المؤسسات- سيفقدون حماسهم ويتسرب إليهم الملل والشعور بالإحباط عندما يرون بعض الناس يتفننون في هدم ما بنته تلك المؤسسات في ثوان من الإهمال ما استغرق الكثير من الأوقات والأموال. ولكن من منا يعي ذلك؟

د. محمد بن عبد العزيز الشريم
عضو هيئة التدريس بكلية العمارة والتخطيط
جامعة الملك سعود