الكوارث الطبيعية تشتد مع تغير المناخ و 18000 كلم من الشواطئ العربية مهددة بالغرق

الكوارث الطبيعية تشتد مع تغير المناخ و 18000 كلم من الشواطئ العربية مهددة بالغرق … بعد إعصار عُمان … أين يهجم البحر؟
راغدة حداد الحياة - 04/07/07
الأعاصير ظواهر طبيعية في العالم، لكن العلماء يحذرون من أنها على ازدياد واشتداد، ويعزون ذلك إلى تغير المناخ، الذي يتسبب أيضاً في ارتفاع البحار نتيجة تمدد المياه وذوبان الجليد، مما ينذر بغرق شواطئ وجزر ومنخفضات. ثمة إجماع علمي على المشكلة، مع أن هذه أمور لا يمكن فحصها في المختبر. وقد وضعت هيئة المناخ الدولية (IPCC) سيناريوهات لارتفاع البحار بين 18 و59 سنتيمتراً خلال هذا القرن، فيما وضعت دراسة مقارنة للبنك الدولي سيناريوهات لتأثيرات ارتفاع البحار بين متر وخمسة أمتار، علماً أن هذه التوقعات لم تأخذ في الحسبان جميع الآثار المحتملة لذوبان جليد غرينلاند وأنتارتيكا الذي يحوي مياهاً يمكن أن ترفع مستوى البحار 70 متراً. هناك 18,000 كيلومتر من السواحل العربية المأهولة. وبحسب السيناريوهات العلمية، ستكون المنطقة العربية وشرق آسيا الأكثر تأثراً بين أقاليم العالم. والسؤال: كم العرب مستعدون لارتفاع البحار الذي بات أكيداً؟
لم تحتفل سلطنة عمان بيوم البيئة العالمي هذه السنة، ففي 5 حزيران (يونيو) كانت على موعد مع الإعصار. لكن «غونو»، أشرس الأعاصير التي شهدها شبه الجزيرة العربية منذ بدء التسجيلات عام 1945، كان تجسيداً حياً لعواقب تغير المناخ، موضوع الساعة وشعار يوم البيئة العالمي 2007.
بدأ تكوّن الإعصار قبالة جزر مالديف في المحيط الهندي في 1 حزيران (يونيو)، وبلغ ذروته في 3 منه بوصول سرعة دورانه إلى 260 كيلومتراً في الساعة، وتوجه نحو الشمال الغربي الى بحر العرب إعصاراً من الفئة الخامسة، وهي أعلى فئة للاعصارات. فضرب سواحل عُمان الشرقية في 5 و6 حزيران (يونيو)، ثم توجه شمالاً نحو سواحل الأمارات الشرقية وسواحل إيران الجنوبية الشرقية ومضيق هرمز، وكان يضعف تدريجياً وهو يتحرك عبر بحر العرب حتى تلاشى في 7 حزيران (يونيو). وقد صاحبته أمطار غزيرة وأمواج عالية بلغ ارتفاعها 12 متراً في بعض السواحل. وهو خلف نحو 70 قتيلاً وعشرات المصابين ودماراً في نحو ألف قرية.
الأعاصير ظاهرة طبيعية مألوفة في بحر العرب، حيث يمكن أن تضرب أي منطقة من الهند حتى الصومال، إلا أن معظمها ينتهي في البحر ولا يصل إلى الشواطئ. وتتعرض عُمان لإعصار كل 3 إلى 5 سنوات. وكانت الأعاصير السابقة، وآخرها عام 2002، تضرب البلاد على مسافة أبعد جنوباً. لكن «غونو» اتخذ مساراً نوعياً إذ توجه مباشرة صوب خليج عمان.
لا مجال حالياً للتنبؤ بوقوع إعصار، ولا تأكيد مساره المحتوم لأنه قد يتغير في أي وقت. لكن المؤكد أن الأعاصير تزداد تكراراً وشدة حول العالم، ويزداد خطرها مع ازدحام المناطق الساحلية بالسكان والعمران. والسبب، كما يقول العلماء، هو تغير المناخ وما يرافقه من ازدياد الكوارث الطبيعية، مثل العواصف والأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات. وقد بلغت الخسائر الاقتصادية نتيجة الكوارث المرتبطة بالأحوال الجوية أكثر من 200 بليون دولار عام 2005، بحسب تقرير شركة «ميونيخ ري» العالمية لإعادة التأمين، فتجاوزت خسائر العام 2004 الذي كان قياسياً حتى ذلك الحين حيث بلغت 145 بليون دولار.
لكن تغير المناخ، الذي يسببه الاحتباس الحراري الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة من حرق الوقود الاحفوري، لا يقتصر أثره على الكوارث الطبيعية. فهو يؤدي أيضاً إلى ذوبان الكتل الجليدية ورفع منسوب البحار وإغراق سواحل وجزر وأراض منخفضة، إلى جانب انتشار الجفاف.
البنك الدولي: المنطقة العربية وشرق آسيا الأكثر تأثراً بارتفاع البحار
اعتبرت دراسة تحليلية مقارنة أصدرها البنك الدولي في شباط (فبراير) 2007 أن هناك مؤشرات علمية على أن مستويات البحار قد ترتفع ما بين متر وثلاثة أمتار خلال هذا القرن بفعل الاحتباس الحراري، كما أن التفكك السريع للصفائح الجليدية في غرينلاند وغرب أنتارتيكا قد يرفعها خمسة أمتار.
وتوقعت نتائج الدراسة أن يعاني شرق آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكبر التأثيرات النسبية بين أقاليم العالم. و سوف يتأثر 3,2% من سكــــان المنطقة (في مقابل 1,28% عالمياً)، و1,49% من ناتجها المحلي الإجمالي (في مقابل 1,30 عالمياً)، و1,94% من سكان مدنها (في مقابل 1,02% عالمياً)، و3,32% من أراضيها الرطبة (في مقابل 1,86% عالمياً). وباستثناء المساحة الأرضية، ستكون التأثيرات في هذه المنطقة أشد بكثير مما في أميركا الجنوبية والبحر الكاريبي.
وتدل جميع المؤشرات على أن مصر ستكون بين البلدان الخمسة الأكثر تأثراً في العالم بارتفاع مستويات البحار. فعند ارتفاعها متراً واحداً سيتأثر نحو 10% من سكان مصر، وصولاً إلى 20% إذا ارتفعت 5 أمتار، خصوصاً في دلتا النيل. وسيتأذى ناتجها المحلي الإجمالي، فحتى بارتفاع متر واحد سيتأثر نحو 12,5% من رقعتها الزراعية. وستصل هذه النسبة إلى 35% إذا ارتفعت البحار 5 أمتار. وسيتأثر 8% من سكان موريتانيا و5% من سكان الأمارات وتونس بارتفاع متر واحد، كما سيخسر الناتج المحلي الإجمالي في موريتانيا 10%.
الامتداد المديني في المنطقة العربية سيتأثر إلى حد بعيد أيضاً. ففي مصر وليبيا والأمارات وتونس سيصل التأثير إلى نحو 5% بارتفاع مستويات البحار متراً واحداً، وبين 6 و7% بارتفاعها مترين، ونحو 10% بارتفاعها 5 أمتار. وستتأثر الأراضي الرطبة في قطر إلى حد بعيد، والى حد أقل في الكويت وليبيا والأمارات. وسيكون التأثير على السكان والامتداد المديني والرقعة الزراعية والأراضي الرطبة هو الأكبر في شمال أفريقيا بارتفاع مستويات البحار متراً واحداً، لكنه سيكون الأكبر في شرق آسيا إذا ارتفعت 5 أمتار.
الى وقت قريب، توقعت الدراسات ارتفاع مستويات البحار بحدود متر واحد خلال القرن الحالي. وكان متوقعاً أن يكون التمدد الحراري للمحيطات هو العامل المهيمن، لكن بيانات جديدة حول سرعة ذوبان الجليد في غرينلاند وأنتارتيكا فرضت أهمية أكبر لهذا العامل الثاني. فالصفائح الجليدية فيهما تحوي مياهاً كافية لرفع مستوى البحار 70 متراً، ومن شأن تغيرات صغيرة في حجمها أن تخلف أثراً كبيراً.
البحار ترتفع 3 مليمترات سنوياً
أما التقرير الرابع الجديد للجنة الحكومية الدولية بعنوان «تغير المناخ «2007، الذي أعده أكثر من 600 خبير من 40 بلداً في ثلاثة أجزاء، فقـــد نشر منه جزءان على أن ينشر الجزء الأخير في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وهو يؤكد أن «احترار النظام المناخي لا لبس فيه»، ملاحظاً أن كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي عام 2005 (379 جزءاً في المليون) فاقت كثيراً المدى الطبيعي خلال الـ 650 ألف سنة الأخيرة (180 ـ 300 جزء في المليون).
وأصبحت الأيام والليالي الباردة وأحداث الصقيع أقل تكراراً، بعكس الأيام والليالي الحارة وموجات الحر. وصنفت 11 سنة من السنوات الـ 12 خلال الفترة 1995 ـ 2006 بين السنوات الـ 12 الأشد دفئاً منذ بدء التسجيل الآلي عام 1850.
وارتفع معدل الحرارة العالمية خلال الـ 100 سنة الأخيرة نحو 0,74 درجة مئوية. وانحسرت أنهار الجليد والغطاء الثلجي في الجبال في نصفي الكرة الأرضية، وذابت صفائح جليدية أرضية في غرينلاند وأنتارتيكا. وقد ارتفع مستوى البحر بمعدل 1,8 مليمتر سنوياً خلال الفترة 1961 ـ 2003، لكنه خلال الفترة 1993 ـ 2003 ارتفع 3,1 مليمترات سنوياً.
وبناء على خمسة سيناريوهات للاحترار العالمي الناجم عن تضاعف تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، توقع التقرير الجديد للهيئة الحكومية الدولية بشأن تغير المناخ أن يرتفع متوسط الحرارة العالمية خلال القرن العشرين درجتين مئويتين على الأقل و4,5 درجات كحد أقصى، مع 3 درجات كمعدل وسط. كما توقع ارتفاع مستوى البحار 18 ـ 38 سنتيمتراً وفق سيناريو منخفض و26 ـ 59 سنتيمتراً وفق سيناريو مرتفع، علماً أن جميع السيناريوهات لم تدخل في حسابها تكسر الصفائح الجليدية في غرينلاند وأنتارتيكا بسبب نقص المعلومات. لكن التقرير أشار إلى توقعات باحتمال اختفاء الجليد البحري القطبي أواخر الصيف في النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين.
كم العرب مستعدون؟
أعــــدت بلدان عربيـــة تقارير تقييميه لتأثــر المناطق الساحلية بتغير المناخ. وأجرت مصــــر وجيبوتي وموريتانيا وتونس والمغرب وجـــزر القمر تقييمات وفق سيناريوهات مختلفة لارتفاع مستوى البحر. وشملت التأثيرات الرئيسية التي تم تحديدها تغير معالم الخطوط الساحلية، وتزايد الملوحة في مصبات الأنهار والأراضي الرطبة مما يتسبب بموت أشجار القرم (المنغروف)، وتسرب المياه المالحة إلى طبقات المياه الجوفية، وانخفاض إنتاجية مصائد الأسماك، ودمار الشعاب المرجانية، وتأذي المجتمعات والبنى التحتية الساحلية. وأشارت مصر إلى ضرورة تطوير إستراتيجية لنزوح ما لا يقل عن مليوني شخص من أنحاء دلتا النيل، متوقعة إغراق أراض خصبة فيها.
عبرت جميع البلدان العربية التي قدمت تقارير عن الحاجة إلى تنفيذ إجراءات تكيفيه، وصفتها بأنها برامج مستقبلية وأبحاث جارية، مدرجة خيارات وحاجات محتملة. ولكن لم يورد أي بلد منها معلومات عن تنفيذ أي إجراء من هذا النوع. فلا خطط لنقل المراكز السكانية أو تصنيفها وفق سيناريوهات ارتفاع مستوى البحار، فيما تزدهر «صناعة» الجزر الاصطناعية بردم البحر. ولا مشاريع لبنى تحتية ملائمة. في بلدان الخليج مثلاً، حيث تغرق الشوارع حين تمطر، يتم ضخ المياه في صهاريج بدل إنشاء شبكات لتصريف مياه الأمطار.
في هذه الأثناء، تستعد بلدان ساحلية حول العالم لمواجهة ارتفاع البحار. هولندا، على سبيل المثال، تبني سدوداً بحرية عملاقة لدرء الخطر عن سواحلها. وقد صنفت مساحات من أراضيها المنخفضة للمراعي بحيث يغمرها الطوفان حين يأتي فلا يكون فيها عمران.
فمتى تستفيق الدول العربية وتتحضر للاجتياح الآتي؟
ينبه العالم المصري البارز الدكتور محمد القصاص إلى أن للبلاد العربية سواحل بحرية تمتد آلاف الكيلومترات، بينها مناطق مأهولة تقع على 18000 كيلومتر. والنطاقات الساحلية العربية عامرة بالمدن ومستقرات السكن ومراكز الصناعة والتنمية التي يتهددها ارتفاع سطح البحر. والنطاقات المنخفضة مثل دلتا نهر النيل وشط العرب تواجه مخاطر الغرق. ان ارتفاع مستوى البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب والمحيطين الهندي والأطلسي يهدد السواحل العربية. ومع ذلك، يقول الدكتور قصاص، «لا أجد في بلاد الإقليم العربي آذاناً صاغية لهذا الأمر، ولا أحد يتدبر السبل لدرء هذه المخاطر». وهو دعا إلى إنشاء لجنة عربية مدعومة سياسياً، تحشد الإمكانات العلمية في الجامعات ومراكز البحوث العربية، للقيام بدراسات الآثار المحتملة لتغيرات المناخ وسبل الحد من عواقبها.

.,._

جزاك الله كل خير
أثبتت الدراسات أن دلتا مصر من أكثر الأماكن المهدده بالغرق خلال هذا القرن

ربنا يستر علينا ويحمينا

شكرا الكم على المعلومات.