وصية أحمد حامل مفاتيح المسجد النبوي!

أريد الإفتاء في هذه الرسالة التي تتناقل بينالجوالات ، وهذا نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم . ( الوصية ) .
هذه الوصيةمن المدينة المنورة، من الشيخ أحمد حامل مفاتيح حرم الرسول صلى الله عليه وسلم : إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وإليكم الوصية ، يقول الشيخ أحمد: إنه كانفي ليلة يقرأ فيها القرآن وهو بالحرم المدني الشريف، وفي تلك اللحظة غلبني النوم،ورأيت في منامي الرسول عليه الصلاة والسلام، وأتى إليّ وقال : إنه قد مات في هذاالأسبوع أربعون ألفاً من الناس على غير إيمانهم، وأنهم ماتوا ميتة الجاهلية، وأنالنساء لا يطعن أزواجهن، ويظهرن أمام الرجال بزينتهن بغير ستر ولا حجاب وعارياتالجسد، ويخرجن من بيوتهن من غير علم أزواجهن، وأن الأغنياء من الناس لا يؤدونالزكاة، ولا يحجون إلى بيت الله الحرام، ولا يساعدون الفقراء، ولا ينهون عنالمنكر.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : أبلغ الناس أن يوم القيامة لقريب،وقريباً ستظهر في السماء نجمة ترونها واضحة، وتقترب الشمس من رؤوسكم قاب قوسين أوأدنى، وبعد ذلك لا يقبل الله توبة أحد منكم، وستقفل أبواب السماء، ويرفع القرآن منالأرض إلى السماء، ويقول الشيخ أحمد إنه قد قال له الرسول في منامه إنه إذا قام أحدالناس بنشر هذه الوصية بين المسلمين فإنه سيحظى بشفاعتي يوم القيامة، ويحصل علىالخير الكثير والرزق الوفير، ومن اطلع عليها ولم يعطها اهتماماً بمعنى أن يشقها أويلقي بها بعيدا، فقد أثم إثما كبيرا، و من اطلع عليها ولم يقم بنشرها فإنه يرمى منرحمة الله يوم القيامة، ولهذا طلب مني المصطفى عليه الصلاة والسلام في المنام أنأبلغ احد المسؤولين من خدم الحرم أن القيامة قريبة، فاستغفروا الله، وحلمت يومالاثنين بأنه من قام بنشر ثلاثين ورقة، من هذه الوصية بين المسلمين فإن الله يزيلعنه الهم والغم، ويوسع عليه رزقه، ويحل له مشاكله، ويرزقه خلال أربعين يوما تقريبا،وقد علمت أن أحدهم قام بنشر ثلاثين ورقة من هذه الوصية فرزقه الله 25000 من المال،كما قام شخص آخر بنشرها فرزقه الله 6000 من المال، وقد أخبرت أن شخصاً كذّب هذهالوصية ففقد ولده في نفس اليوم، وهذه معلومات لا شك فيها فآمنوا بالله، واعملواصالحا حتى يوفقنا الله في آمالنا، ويصلح شأننا في الدنيا والآخرة ويرحمنا برحمته: " فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " [الأعراف آية: 157] " لهم البشرى في الدنيا والآخرة " [يونس: 38] … " ويثبت اللهالذين ءامنوا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله مايشاء " [إبراهيم: 37] …
علما أن هذه الوصية ستجلب لك بعد توزيعها الخير والفلاحبعد أربعة أيام بإذن الله من وصولها إلى الشخص الآخر، واعلم أن الأمر ليس لعباولهوا أن ترسل نسخا من هذه الوصية بعد ست وتسعين ساعة من قراءتك لها، وسبق أن وصلتهذه الوصية إلى أحد رجال الأعمال فوزعها فوراً، ومن ثم جاء له خبر نجاح صفقتهالتجارية بتسعين ألف دينار زيادة عما كان يتوقعه، كما وصلت إلى أحد الأطباء فأهملهافلقي مصرعه في حادث سيارة، وأصبح جثة هامدة تحدث عنها الجميع … وألغاها أحدالمقاولين فتوفي ابنه الكبير في بلد عربي شقيق … يرجى إرسال خمس وعشرين نسخة منهذه الوصية، ويبشر المرسل بما يحصل له في اليوم الرابع، وحيث إن الوصية مهمةبالطواف حول العالم كله فيجب إرسال خمس وعشرين نسخة متطابقة إلى أحد أصدقائكم بعدأيام ستفاجأ بما سبق ذكره، فآمنوا بالله واعملوا … والسلام عليكم ورحمة اللهوبركاته .
أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة.

الجواب

[RIGHT]بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:
فهذه الوصية في الواقع تخرج للناس بين الفينة و الأخرى، بألفاظ وعباراتمختلفة، ولا يعرف لها مصدر معيَّن , فهي مجهولة من مجهول، وأغلب الظن أن وراءها قوممن المتصوفة، الذين يعظمون الرؤيا ويعملون بها ويعوِّلون عليها، ويعتبرونها مصدراًمن مصادر التلقي دون النظر إلى مخالفتها للشرع أو موافقتها له، بل ربما قدموها علىالكتاب والسنة عند التعارض.
أما أهل السنة فإن الرؤيا عندهم إذا كانت من غيرالأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنه يجب عرضها على الشرع , فإن وافقته وإلالم يعملبها, وأنها لا يثبت بها شيء من الأحكام الشرعية , وأن العصمة منتفية عنها , وغايةما فيها أنها : تبشير وتحذير، وتصلح الاستئناس بها إذا وافقت حجة شرعية صحيحة.
وعليه فما رتب على توزيع هذه الوصية المزعومة أو عدمه من ثواب أو عقاب لا يجوزخوفه أو رجاؤه أو اعتماده، كما أن ماذكر من قصص الموزعين لها أو المهملين لها، لاسبيل إلى التثبت منه، علماً أن هذه الوصية ليست وليدة اليوم، بل هي تخرج على الناسفي كل سنة منذ زمن بعيد، ولم تحظَ بحمد الله بقبول أو اهتمام عند أصحاب العقيدةالصافية والتوحيد الخالص، بل حذروا منها ومن تداولها أو نشرها، ولم يتعرضوا بحمدالله لشيء مما ذكر، ثم إن هذا الثواب أو العقاب المرتب على نشرها أو عدمه لم يرتبعلى أفضل كتاب وأعظم كلام وهو القرآن الكريم كلام رب العالمين، فكيف يرتب على مثلهذه الوصية المكذوبة، المتضمنة للمخالفات الشرعية, ولهذا حق للعلامة الشيخ عبدالعزيز ابن باز أن يقول في معرض تحذيره منها -كما في مجموع فتاويه (1/197)- : "وفيهذه الوصية – سوى ماذكر – أمور أخرى كلها تدل على بطلانها وكذبها، ولو أقسم مفتريهاألف قسم , أو أكثر على صحتها , ولو دعا على نفسه بأعظم العذاب وأشد النكال, على أنهصادق لم يكن صادقاً, ولم تكن صحيحة, بل هي والله ثم والله من أعظم وأقبح الباطل،ونحن نشهد الله سبحانه وتعالى, ومن حضرنا من الملائكة , ومن اطلع على هذه الكتابةمن المسلمين شهادة نلقى بها ربنا عز وجل: أن هذه الوصية كذب وافتراء على رسول اللهصلى الله عليه وسلم، أخزى الله من كتبها وعامله بما يستحق"ا.هـثم إن هذهالوصية المزعومة تَرِدُ عليها عدة استفهامات تدل دلالة واضحة على كذبها وبطلانها،منها:
1-
أن الشيخ أحمد المذكور فيها، والموصوف بحامل مفاتيح حرم رسول الله صلىالله عليه وسلم لا يعرف، ولهذا قلت -كما تقدم-: إن هذه الوصية مجهولة من مجهول،فكيف يُحتفى بها أو يلتفت إليها.
2-
أن ما ذكره في هذه الوصية من المنكراتالمتفشية سبيل إزالتها والبعد عنها إنما هو بالتمسك بالكتاب والسنة، والرجوعإليهما، ففيهما أعظم زاجر وخير واعظ، فقد اشتملا على الوعد والوعيد والرجاءوالتخويف مما يُستغنى به عن مثل هذه الرؤيا المزعومة وأمثالها.
3-
ما ذكره فيهذه الوصية من علامات الساعة وأشراطها هو من علم الغيب الذي لا يجوز ادِّعاؤه "قُللا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَايَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ" [النمل:65]. والنبي صلى الله عليه وسلم قد انقطععنه الوحي بعد وفاته، وفي كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من بيانذلك ما فيه غنية وكفاية.
4-
أن هذه الوصية تختلف ألفاظها وعباراتها من سنة إلىأخرى، فتارة هي رؤيا منام، وتارة أخرى عندما تهيأ للنوم فتكون حينئذٍ يقظة، ومرة: خادم الحرم النبوي، ومرة أخرى: خادم الحجرة النبوية، ومرة ثالثة كما هنا:حاملمفاتيح الحرم، بالإضافة إلى الاختلافات الكبيرة والكثيرة في الجزاءات المترتبة علىقراءتها وتوزيعها، مما يدل دلالة واضحة على كذبها واختلاقها، والله المستعان، وهوسبحانه أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

[/right]