الديداكتيك نظرة عامة

بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني وأخواتي روّاد مُنتدى المُهندس؛
مقال قيم أسأل الله تعالى أن ينفعنا به.

:: الديداكتيك

نظرة عامة ::

1 - مصطلحُ الديداكتيك:

مصطلحُ الديداكتيك didactique (أو التربية الخاصة، أو منهجية التدريس، أو التدريسية، أو التعليمية) يُحيل إلى المنهج المتبَع في تقديم التعلمات من المعلم إلى المتعلم؛ وما يَستدعيه ذلك من فَهم وعمق ودراية بالمادة المقدَّمة، وطبيعة المتعلمين وسياقات أخرى كثيرة تُراعى عند التخطيط للتعلُّمات.

◄ وهو منهج عام يشملُ موادَّ متعددة (ديداكتيك عام).

◄ ومنهج خاص بمادة معينة الرياضيات مثلاً، وهو (ديداكتيك خاص).

◄ الديداكتيك العام يحيل إلى الفلسفة العامة أو قواعد النقل الديداكتيكي وأسُسِه.

◄ الديداكتيك يركز على: المعلم والمتعلم والمحتوى والسيناريو البيداغوجي. وهو مربع ديداكتيكي متفاعل.

◄ الديداكتيك الخاص يحيل إلى المنهج المتبع لنقل مادة من المواد التعليمية، تشمل الخطواتِ والمراحلَ والأنشطة والأهداف والعمليات ومؤشرات التقويم…

◄ وهناك من جعل الديداكتيك مرادفًا للبيداغوجيا، ومنهم من جعلها علمًا خاصًّا مستقلاًّ بذاته.

◄ ولكن الديداكتيك تنحو إلى كونها مادة تطبيقية، ليست إلا تطبيقات منهجية لتنزيل المعرفة وتمريرها والتفاعل فيها.

◄ مصطلح الديداكتيك لا يستقل عن حقول معرفية كثيرة؛ الحقل الاجتماعي، والنفسي، والمعرفي، والابستمولوجي…


2- النقل الديداكتيكي على مستويين:

◄ واضع المقرر: يَنقل المعرفة من المصادر والمراجع إلى الكتاب المدرسي المقدَّم للمتعلمين والمتعلمات، يراعي - طبعًا - المناسبة والملاءمة والمرحلة والفلسفة التعليمية والغايات الكبرى… (وفق دفتر تحملات معدٍّ لذلك الغرض / شروط التأليف المدرسي).

◄ المدرِّس ينقلها من الكتاب + تعلماته + تجاربه + طرائقه إلى الفئة المستهدفة من خلال أنشطة أو وضعيات، أو يلقنها تلقينًا.


3- فما الفرق بين المنهاج والمقرر؟

◄ المنهاج هو المخرَجات المطلوبة والقابلة للقياس.

◄ المقرر هو المحتويات، وهي لا تغطِّي إلا نسبةً يسيرة من المنهاج، يكتمل بالأنشطة والطرائق والأساليب والوسائل والتقويم…


4- طبيعة النقل الديداكتيكي على مستوى الفصل الدراسي:

◄ قد يكون النقل الديداكتيكي في الفصل الدراسي نقلاً نشيطًا فعالاً حسب الأدبيات البيداغوجية، وقد يكون نقلاً مختلطًا يجمع بين التلقين والفعالية، وقد يكون تلقينًا صرفًا.

◄ وقد لا يرقى إلى درجة النقل الديداكتيكي إذا بُني على النَّقل من هنا إلى هنا باللغة الأصلية من الكتاب، فيعد حينئذ نقلاً بالحرف أو انتقاءً لا نقلاً ديداكتيكيًّا (فن التدريس - التعليمية - التدريسية).

◄ ويكون النقل الانتقائي نقلاً ديداكتيكيًّا إذا استجاب للمواصفات الديداكتيكية والمرجعية المعتبرة، وناسب المرحلة العمرية، إذا وفقط إذا استوعبه المتعلم وتملَّكه؛ وهذا ضابطه.

◄ النقل مرتبط بوعي المدرس وبدرجة عمق تمكُّنه من المادة والتزامه بالعمليَّات الديداكتيكية والمرحلة العمرية وخصائصها والمسارات والأهداف الكفائية المتوقَّعة والمخرجات المنتظرة وآليات الضبط والتحكم ومؤشِّرات (التقييم) وآليات الدعم و(التقويم).


5- الرَّجْعُ الديداكتيكي من المتعلم إلى المعلم (الأستاذ):

هو صدى التعلمات المعرفية أو المهارية أو الوجدانية، تظهر أن من خلال التقويم التشخيصي أو التكويني أو الإجمالي (كل أنواع التقويم حتى الإشهادية منها) أو أساليب العصف والقصف، ينبغي أن يقابل بالدعم الفوري (الفيد باك) بشكل آني، أما إن تعلق الأمر بالقصف فيؤجَّل فيه التدخل إلى استدراج واستحلاب كل الرَّجع.

◄ ويُستثمر الرَّجع في بناء خطة الدعم.

◄ الرجع الديداكتيكي يفيد كذلك لغاية تقويم خطة العمل والممارسة الديداكتيكية، فيَقف المدرس على نقاط قوة المنهج والخطة المتبعة أو ضعفها، ويُعدِّلها حسب الحاجة، مستلهِمًا نظريات التعلم ونوعيةَ المتعلم (المعطَيات البيئيَّة والجغرافية والسيسو ثقافية والنفسية…)، ولا ينسى عنصر التكييف والتنزيل السليم.

يتبع بحوله تعالى.

إعجاب واحد (1)

بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تابع؛

:: الديداكتيك ::

- ماذا يحدث للمعرفة بعد النقل؟

في الظاهر تصير المعرفة في متناوَل المتعلِّم، يستوعبها ويكون قادرًا على تملُّكها، ولكن ذلك لا يُخفي أن المعرفة المقدَّمة للمتعلم ما هي إلا جزءٌ من المعرفة أو جانبٌ منها أو شكلٌ من أشكالها، اقتضت ذلك الغاياتُ التربوية والتعليمية والمرحلة العمرية - للتمكُّن من الأساسيات أو الأوليات أو الاستئناس المعرفي.

وقد يتعمق الإشكال إذا تدخَّلت الغايات الشخصية لتشوِّه أو تبتسر المعرفة؛ بأن تَنتقي ما يخدم أيديولوجيَّة معينة - وقد نبَّهنا على خطورته.

◄ طبعًا النقل الديداكتيكي يَنبغي أن يبتعد عن كلِّ ما هو أيديولوجي؛ لأنَّ المنهاج هو العَقد المتفق عليه بين المعلم والمتعلم، والوزارة الوصيَّة على القطاع.

قد تمر بعض الأمور من هنا أو هناك، ولكن الواجب الحرصُ على الآراء الشخصية والالتزام بالرسمي.


7- التقليل من الخطوات الديداكتيكية:

هناك تشعُّب وتشتت ديداكتيكي في تصميم كثيرٍ من المواد المدرسيَّة، فكان الواجب التقليلَ من المراحل وضبْطَها وتيسيرها؛ حتى يتفرغ المدرسون للنقل المناسب بالشكل المناسب (حسب طبيعة المرحلة والأهداف المسطَّرة)، ففي بعض الأحيان يتضخَّم المنهج مقارنة بالمادة، فيركِّز المدرسون على الشكليات المنهجية (التي يمكن الاستغناءُ عنها) فيَحصُل التفريط في المضامين العلميَّة والمهارية المرادِ تعلُّمُها، أقصد أن الخطوات الكثيرة (قد) تربك الممارسة الفصليَّة الفعالة.


8- من الانزلاقات الديداكتيكية في الفصول الدراسية:

◄ تحوُّل الدَّرس إلى قاعدةِ فتوى أو عرضٍ للأحكام العامة، وخروج عن الخطة.

◄ الإغراق في الأمثلة والتشبيهات.

◄ عدم الارتباط بالواقع واليوميِّ والبيئي للمتعلم.

◄ إهمال خطة الدرس والتِّيه عنها.

◄ التركيز على بعض المتعلمين وإهمال الآخرين.

◄ تضخم التقديم على حساب المحتوى.

◄ التركيز على الوسيلة بصفتها غايةً في حدِّ ذاتها.

◄ تسَرُّب الإيديولوجي والرأي الشخصي في أمور يُلتزم فيها بالمنهاج.

◄ التقعير في الكلام (لغة لا تُلائم المتعلِّم).

◄ تحول النشاط المدرسيِّ إلى هرج ومرج، وفوضى وتسيُّب.

◄ طغيان سين جيم (سؤال/ جواب) بشكل مبرمَج.

◄ العطف والحنان المبالَغ فيهما، وغياب الصَّرامة اللازمة أو الشدة الزائدة.


9- من بين إيجابيات (بعض) الانزلاقات الديداكتيكية:

رغم أن للانزلاقات الديداكتيكية (المنهجية) آثارًا سلبية كثيرة على مستوى الخروج عن الخطة، أو ما يمكن أن تسببه من هرج ومرج، أو تشتُّت وشرود - فإن لها بعضَ الآثار الإيجابية:

◄ تفتيق ذهن المتعلم.

◄ تغيير الرتابة وتكسير المألوف.

◄ استمرار النقاشات خارج الفصل الدراسي (الامتدادات الخارج فصليَّة).

◄ إشراك المتعلم الخَجول أو المنطوي وانضمامه للجماعة.

◄ تَدافع الأفكار إنْ كان نقاشًا مفتوحًا غير موجَّه (اللاتوجيهية).

◄ فرصة لتعلم التلاميذ من بعضهم (التقارب والاحتكاك المعرفي أو التعلم بالنظير).

◄ إننا ما زلنا نتذكر (من أيام زمان) أن فائدة ما يَرِدُ في الحصة ما بين قوسين، أو في إطار فضفضة ألصَقُ في الأذهان والعقول من الدروس النمطية الرتيبة؛ هل تَذْكُرها؟!

ونشير إلى أهمية التخطيط لكل شيء، وضبطِ الأولويات على الأقل، وأن المدرس سيِّد فصله، المطلوب منه هو تعليل قَراراته في إطار المنهاج والتشريعات الجاري بها العملُ طبعًا.


10- لكي يكون التخطيط للتدريس جيدًا يجب على المعلم مراعاةُ المؤشرات التالية عند التخطيط:

◄ الإلمام بالمادة العلمية والعمق فيها.

◄ إلمام المعلم بالأهداف التربوية الكفايات المنتظرة.

◄ إلمام المعلم بالخصائص السيكولوجية للتلاميذ وقدراتهم ومواهبهم.

◄ إلمام المعلم بإستراتيجيات التدريس المختلفة قديمها وحديثها؛ حتى يتدخل في الوقت المناسب بالأدوات (المقاربات) المناسبة.

◄ معرفة المعلم بأساليب ووسائل التقويم والدعم.

◄ مراعاة الزمن المتاح للحصة الدراسية، واستغلاله الاستغلالَ الأمثل.

◄ مراعاة الإمكانيات المادية المتاحة في المدرسة والبيئة، التدبير بالمتاح.

◄ مرونة الخطة الدراسية، وتقديم البدائل في الوقت المناسب.

◄ أن يخطط المعلِّم لوحدةٍ دراسيَّة كاملة، ليس لحصة دراسيَّة واحدة.

انتهى؛ بحمد الله تعالى.
كتبه/ أ. حنافي جواد.
المصدر/ شبكة الألوكة.