قناديل تُضيء حكمة

بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني وأخواتي روّاد مُنتدى المُهندس؛

:: مقال رائع ::
ومادة قيّمة، أسأل الله تعالى أن ننتفع منها.

د. صفية الودغيري.

قناديل تضي حكمة

/

/

قناديل تضيء حكمة

• القلوب المؤمنةُ لها عيونٌ تُبصِر من حدقات شرايينها، ولها نبضاتٌ صادحة بأغاريد الحقيقة في ميقاتها، ولها صبيبٌ يجري إلى حيث مستقرُّها الآمن، الخالص مِن الشوائب والأخلاط المُردِية؛ فالوعاء إذا صفَا من الكدر والعفن سقَى شرابه الظمآن فارتوى.

• زِنِ الأمورَ بميزان الإنصاف والعدل، ولا تجعَلِ الرِّفقَ يميل بك مَيلةً واحدة إلى ما يجيش به قلبك الرقيق، فتغفُلَ عما يُلجِمك به المنطق السليم والرأي السديد، ولا تأخُذْ بالشدة والقسوة في كل أحوالك، فتستبدَّ بحقوق غيرك، وتقصِّرَ في أداء الواجبات، والوفاء بالعهود والالتزامات.

• اخلَعْ عنك رِداءك الملوَّث بالأنجاس والآثام، وارفَعْ أكفَّ الضراعة بالدعاء، وناجِ ربَّك في الخلوات، والبَسْ لِباس التقوى والعفاف، وتجمَّل بتاج الهيبة والوقار، وتزيَّن بعقد المكارم وحسن الخِلال، كي
تسلمَ من الوقوع في شر المهالك، وتحيا في سلم وأمان.

• سعادتُك تشرق في لحظاتِ شعورك بالافتقار إلى الله تعالى، فتعبر عن ذاك الشعور بحواسِّك، وحركاتك وخلجات أنفاسك، وعند قيامك وقعودك، وصعودك ونزولك، وعند سَعْيك وكسبك، وسعادتك تتجدَّد كلما أقبَلْتَ على الله تعالى، وتلذَّذت بقربه، واستغنيت بذكره عن ذكر مَن سواه.

• إذا كنت بلا إيمانٍ، فأنت لستَ إلا وعاءً فارغًا مِن محتواك الطيِّب، أو قشرًا يابسًا انسلَخ عن لبِّه فجفَّ في عِرْقه ينبوع الحياة، أو جسدًا يبهر الناظرين إليه، وتنحسر الأبصار عن اجتلاء حقيقته وجوهره، كأنك في وجودك بلا بصمات تخلد آثار سيرتك لمن سيخلفك في حمل رسالة الإيمان والالتزام.

• الكلمات الصادقة كهَطْلِ المطر، تسقي القلوب الكالحة، وتروي العروق الضيقة، وتشق طريقًا رحيبًا وسط مضايق الصدر، ولها روحٌ تسيح في الآفاقِ، وتقابل أرواحًا تُماثِلها في الصفاء والنقاء؛ فالصدق إذا ما صفا مَورده وتدفَّق صبيبًا في العروق، لبَّى اللسان النداء الصداح، وهتف بالقلم المداح أن أرسِلْ ينبوعك الصافي، واملأ ينابيع السطور بالرُّواء، وحسن المنطق وعذب الكلام.

• مِن نعم الله تعالى علينا أننا لا نتشابه في الآراء والأفكار والتصورات، وأذواقنا تختلف، وعيوننا تبصر الألوان بحسب ما تهواه وتميل إليه، وكذلك شأن السمع وباقي الحواسِّ؛ فالاستقبال والتلقي والسماع والمشاهدة ليست إلا تعبيرات تتشاكل وتتواءم فيما بينها داخل البناء الذاتي والتكوين الشخصي لكل فرد، ليتحقَّق بسبب هذا التنوع الانتفاع العامُّ بالعلوم والمعارف، والاستفادة من مصادر الثقافة المختلفة المشارب والرواف

• مَن ليس له ماضٍ فليس له حاضر، ومَن لا يملك نقطة البداية ويتعجَّل نقطة النهاية، فأنى له أن يُدرِك باقي النقاط ويبصر فراغات البياض، وأنَّى له أن يتعلم مِن تاريخه دروسًا للدراية والاعتبار.
• تلذَّذ وأنت تتنفَّس الهواء بلا اختناق، قبل أن يضيق صدرُك بأنفاسِك في لحظات الشدة والإعسار، واغنَم أنفاسك في طاعةِ الله تعالى، واعلم أنك تملِكُ بتلك الأنفاس أن تسعى وتنجز، وتنشر الخير والنفع والإصلاح.

• تحرَّر من الأجهزة قبل أن تختنق أنفاسك بتلك القيودِ والأسلاك، وعُدْ إلى مرافئ الإحساس البهيج بلذَّة القراءة، وأنت تقلِّب صفحات كتابك المختار، واستنشق عبير الأوراق، وتنفَّس هواء الحبر والمداد، وتذوَّق حلاوة التفكير والتخيُّل خارج ضيق الأفكار وحصار السطور المتشابهات.
• دَعْ بسماتك تُزهِر في عيونك، وتولد في حدائق الأنوار المشرِقات، وكن طروبًا بألوان فصولك وصدى الأصوات الشجيَّة الألحان؛ فالحسن يُولَد على صفحاتٍ زينها الفرح بحلل الابتهاج.

• إن كنتَ في كل أحوالك تسعى لإرضاء الناس، فستظلُّ منقادًا لاختياراتهم ومستسلمًا لانتقاداتهم وملاحظاتهم في كل صغيرة وكبيرة، ولن تنعم بحريَّتك واستقلاليتك في التعبير عن أفكارك وآرائك واختياراتك، وستظل مقلِّدًا لغيرك ولن ترقَى كي تكون مبدعًا ومجددًا.
• إذا اشتدَّ يأسُك وتمكَّن منك، ستعصف في حناياك مهج الاشتياق لبراعم الأفراح، وسيحنُّ الزهر في روضاتكلإشراقات أحلامك قبل المغيب، وسيلهج لسانك بالدعاء، ويصدح قلبك المشتاق على غصن الآمال الرطيب.

المصدر/ من مقال مطول على شبكة الألوكة.

اللّهمّ أعنّا على ذكرك وشُكرك وحُسن عبادتك.