مالك بن طوق الأمير الجواد صاحب الرحبة

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي وأخواتي المهندسين والمهندسات؛
مقال نافع - بحوله تعالى - في رحاب السير.

مالك بن طوق

الأمير الجواد صاحب الرحبة

/

<img src="/uploads/default/original/2X/2/2d8650abbde66b81a294f1f9d64b78aec80ed16c.png" width=“360” height="144

/

كتاب في دقائق ( ملخّصات كُتب موقع مميز )

مالك بن طوق التغلِبي، المشهور بأمير عرب الشام، واحد من أشهر الأمراء والولاة في العصر العباسي الأول، وباني مدينة الرحبة في الجزيرة الفراتية، وكانت له منزلةٌ كبيرة من لدن الرشيد إلى المتوكل على الله، وهو من مشاهير الأمراء الفرسان الأجواد.

/

[color=blue]أصل نسبه وبيته:

هو أمير عرب الشام أبو كلثوم مالك بن طوق بن مالك بن عتاب التغلِبي، لا نعرف سنة مولده على التحديد، ولكن يبدو أنه وُلد في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي، يعود مالك بن طوق في نسبه إلى قبيلة تغلِب، التي يعود نسبها إلى وائل بن قاسط بن هنب بن أقصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، ولقبيلة تغلِب شهرة وكثرة؛ فقد كانوا أصحاب حروث ومواشٍ، فضلًا عن أنهم كانوا ملاحين، فكانت تجارة السفن تدرُّ عليهم المال، وتجلب لهم السلطان، ومن شعرائهم في الجاهلية عمرو بن كلثوم الشاعر المشهور، الذي يقول في معلقته إشارة هامة عن ذلك إذ يقول:
ملأنا البَرَّ حتى ضاق عنَّا :diamonds::diamonds::diamonds: وظَهْرَ البحر نملؤُه سَفينَا[/color]

منزلته لدى الخلفاء العباسيين:

أشارت المصادر التاريخية إلى أن مالك بن طوق كان أحدَ قُوَّاد الخليفة هارون الرشيد (170 - 193هـ/ 786 - 809م)، ولم تُشِرْ إلى المهام التي أسندت إليه، أو الأعمال التي أنجزها عندما كان في منصبه، ويبدو من خلال ما وصلنا من أشعار الشاعرين الكبيرين أبي تمام والبحتري التي مدحا فيها مالك بن طوق أن الأخير كان له عدد من الوقائع العسكرية، وانتصر فيها.

[color=blue]ولايته على الموصل:

أما ولايةُ مالك بن طوق على الموصل، فقد اتسمت المعلومات عنه بنُدرتها، وعلى الرغم من أن المصادر التاريخية أشارت إلى ولايته لأكثر من مدينة، مثل الموصل ودمشق والأردن، فإن تلك المصادر لم تزوِّدْنا بمعلومات عن ماهية الأعمال التي قام بها طوق بن مالك خلال فترة ولايته على تلك المدن، مثل سياسته الإدارية، وأعماله الاقتصادية أو العمرانية…إلخ.[/color]

كرمه وجوده:

وتميَّز مالك بن طوق بكرمه الكبير ونبله، وكان من الفرسان الأجواد، وكان له - كما ذكرت المصادر التاريخية - لُبٌّ، ووقار وحشمة، كما أشارت المصادر إلى أعمال البر والخير التي كان يقوم بها؛ فقد كان مالك بن طوق أحدَ أجواد العرب وممدوحيهم، ومن الأسخياء المشهورين، قال ابن عساكر: “وكان إذا جاء شهر رمضان نادى منادي مالك بن طوق بدمشق كل يوم على باب الخضراء بعد صلاة المغرب - وكانت دار الإمارة في الخضراء في ذلك الزمان -: الإفطار رحمكم الله، والأبواب مفتحة، فكل مَن شاء دخل بلا إذن، وأكل، لا يُمنَع أحد من ذلك”.

قال ابن عساكر: “وتُوفِّي ابن لمالك بن طوق وهو بدمشق فدفنه في وطأة الأعراب خارج باب الصغير، فلما رجع من المقابر أمر بنصب الموائد، فقال له نوح بن عمرو بن حوي السكسكي: أيها الأمير، ليس هذا وقت أكل، هذا وقت مصيبة، فقال مالك بن طوق: المصيبة نجزع لها ما لم تقع، فإذا وقعت لم يكن لها إلا الصبر عليها، فأكل وأكل الناس”.

حِلمُه:

رُوي أن الشاعر أبا شبل مدح مالك بن طوق، وقدَّر أن يعطيه ألف درهم، فبعث إليه بصرة مختومة فيها مائة دينار، فظن أنها دراهم، فردها إليه وكتب معها:

فليتَ الذي جادَتْ به كفُّ مالكٍ ومالِكَ مَدْسوسانِ في اسْتِ امِّ مالكِ وكان إلى يومِ القيامة في اسْتِها فأيسرُ مفقودٍ وأيسرُ هالكِ

وكان مالك يومئذ أميرًا على الأهواز، فلما قرأ الرقعة أمَر بإحضاره، فأُحضِر، وقال: ما هذا؟ ظلمتَنا واعتديتَ علينا! فقال: قدرت عندك ألف درهم فوصلتني بمائة درهم، فقال: افتحها، ففتحها فإذا فيها مائة دينار، فقال: أقِلْني أيها الأمير، فقال: قد أقلتُك ولك كل ما تحب أبدًا ما بقيت وقصدتَني.

[color=blue]بناء مدينة الرحبة:

واشتهر مالك بن طوق أيضًا ببناء مدينة الرحبة، التي تسمى: (رحبة مالك بن طوق)، وهي تبعُدُ عن مدينة دير الزور (45) كيلو مترًا شرقًا، ولم يبقَ اليوم منها إلا أطلال قلعتها، التي تهدم جزء من سورها، قال ياقوت الحموي عن موقعها: “بينها وبين دمشق ثمانية أيام، ومن حلب خمسة أيام، وإلى بغداد مائة فرسخ، وإلى الرَّقة نيف وعشرون فرسخًا، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات أسفل من قرقيسيا، قال البلاذري: لم يكن لها أثر قديم، إنما أحدثها مالك بن طوق بن عتَّاب التغلِبي في خلافة المأمون”، وقال الحميري: “هي مدينة في شرقي الفرات، حصينة عامرة، عليها سور تراب، ولها أسواق وعمارات، وكثير من التمر”.[/color]

وسبب بناء مدينة الرحبة: أن أميرَ المؤمنين هارون الرشيد ركب على حراقة مع ندمائه في الفرات ومعهم مالك بن طوق، فلما اقترب من الدواليب قال: يا أمير المؤمنين، لو خرجت إلى الشط لنجوز هذه الدواليب، قال: أحسبك تخاف هذه؟ قال: الله يكفي أمير المؤمنين كل محظور، قال الرشيد: قد تطيرتُ بقولك، ثم صعد إلى الشط، فلما بلغت الحراقة إلى الدواليب دارت دورة ثم انقلبت بما فيها، فتعجب الرشيد من ذلك، وسجد شكرًا لله تعالى وتصدَّق بأموال كثيرة، وقال لمالك: وجبَتْ لك علينا حاجة فسَلْ ما تحب، قال: يعطيني أمير المؤمنين هنا أرضًا أبنيها فتنسب إليَّ، قال: قد فعلنا وساعدناك بالأموال والرجال، فعمرها وسكنها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى.

كتبه: أ. أحمد عبدالحافظ محمد.
المصدر: الألوكة.

إعجاب واحد (1)