إنما الله إله واحد

-وهوتعالى إله واحد ليس له شريك، ولا له مثيل في ذاته أو صفاته أو أفعاله(قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن لهكفواًأحد) (سورةالإخلاص). (وإلهكم إله واحد، لا إله إلا هو الرحمنالرحيم) (البقرة: 163).

وكل ما في الكون منإبداع ونظام يدل على أن مبدعه ومدبره واحد، ولو كان وراء هذا الكون أكثر من عقليدبر، وأكثر من يد تنظم، لأختل نظامه: واضطربت سننه، وصدق الله: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فسبحان الله رب العرش عمايصفون) (الأنبياء: 22)،(مااتخذ الله من ولد وما كان معه منإله، إذن لذهب كلإلهبما خلقولعلا بعضهم على بعض، سبحان الله عما يصفون) (المؤمنون: 91).
هو تعالى واحد في ربوبيته، فهو رب السموات والأرض ومن فيهن ومافيهن، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ولا يستطيع أحد من خلقهأن يدعي أنه الخالق أو الرازق أو المدبر لذرة في السماء أو في الأرض(وما ينبغي لهم وما يستطيعون) (الشعراء: 211).

وهو تعالى واحد في ألوهيته، فلا يستحق العبادة إلا هو، ولا يجوزالتوجه بخوف أو رجاء إلا إليه. فلا خشية إلا منه، ولا ذل إلا إليه، ولا طمع إلا فيرحمته، ولا اعتماد إلا عليه ولا انقياد إلا لحكمه. والبشر جميعاً -سواء أكانواأنبياء وصديقين أم ملوكاً وسلاطين- عباد الله، لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاًولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، فمن ألَّه واحداً منهم، أو خشع له وحنى رأسه، فتجاوز به قدره؛ ونزل بقدر نفسه.

ومن ثم كانت دعوة الإسلام إلى الناس كافة وإلىأهل الكتاب خاصة: (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم إلا نعبدإلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) (آل عمران:64).
ومحمد نبي الإسلام لم يقل القرآن عنه إلا أنه: (رسول قد خلت من قبله الرسل) (آلعمران: 144). ولم يقل هو عن نفسه إلا أنه "عبد الله ورسوله" (في الصحيح: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ولكن قولواعبد الله ورسوله").
والأنبياء جميعاً ليسوا -في نظر القرآن- إلا بشراًمثلنا، اصطفاهم الله لحمل رسالته إلى خلقه، ودعوتهم إلى عبادته وتوحيده، ولهذا كانالنداء الأول في رسالة كل واحد منهم: (يا قوم اعبدوا اللهمالكم من إله غيره) (انظر الأعراف: 59، 65، 73، 85،وانظر هود: 50، 61، 84 وغيرها) وفي هذا يقول القرآن: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبواالطاغوت) (النحل: 36)،(وماأرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لاإلهإلا أنا فاعبدون) (الأنبياء: 25).

ومن الضلال المبين أن يزعم زاعم، أو يفتري مفتر على هؤلاء الأنبياء: أن أحداً منهم دعا الناس إلى تأليهه أو تقديس شخصه … (ما كانلبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دونالله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أنتتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون؟) (آل عمران: 79، 80).
ومن هنا كان عنوان العقيدةالإسلامية يتمثل في هذه الكلمة العظيمة التي عرفت لدى المسلمين بكلمة «التوحيد» وكلمة «الإخلاص» وكلمة «التقوى» وهي: «لا إله إلا الله».

كانت "لا إله إلا الله" إعلان ثورة على جبابرة الأرض وطواغيت الجاهلية، ثورة على كل الأصنام والآلهةالمزعومة من دون الله: سواء أكانت شجراً أم حجراً أم بشراً.
وكانت «لا إله إلاالله» نداءً عالمياً لتحرير الإنسان من عبودية الإنسان والطبيعة وكل من خلق اللهوما خلق الله.
وكانت «لا إله إلا الله» عنوان منهج جديد، ليس من صنع حاكم ولافيلسوف، إنه منهج الله الذي لا تعنو الوجوه إلا له، ولا تنقاد القلوب إلا لحكمه ولاتخضع إلا لسلطانه.
وكانت «لا إله إلا الله» إيذاناً بمولد مجتمع جديد، يغايرمجتمعات الجاهلية، مجتمع متميز بعقيدته، متميز بنظامه، لا عنصرية فيه ولا إقليميةولا طبقية، لأنه ينتمي إلى الله وحده، ولا يعرف الولاء إلا له سبحانه.
ولقد أدركزعماء الجاهلية وجبابرتها ما تنطوي عليه دعوة «لا إله إلا الله» من تقويض عروشهموالقضاء على جبروتهم وطغيانهم وإعانة المستضعفين عليهم، فلم يألوا جهداً في حربها،وقعدوا بكل صراط يوعدون ويصدون عن سبيل الله من آمن ويبغونها عوجاً.

لقد كانتمصيبة البشرية الكبرى أن أناساً منهم جعلوا من أنفسهم أو جعل منهم قوم آخرون آلهةفي الأرض أو أنصاف آلهة، لهم يخضع الناس ويخشعون، ولهم يركعون ويسجدون، ولهمينقادون ويسلمون.
لكن عقيدة التوحيد سمت بأنفس المؤمنين فلم يعد عندهم بشرإلهاً، ولا نصف إله، أو ثلث إله، أو ابن إله، أو محلا حل فيه الإله!
ولم يعد بشريسجد لبشر أو ينحني لبشر أو يقبل الأرض بين يدي بشر، وهذا أصل الأخوة الإنسانيةالحقة. وأصل الحرية الحقة، وأصل الكرامة الحقة، إذ لا أخوة بين عابد ومعبود، ولاحرية لإنسان أمام إله أو مدعي ألوهية، ولا كرامة لمن يركع أو يسجد لمخلوق مثله أويتخذه حكماً من دون الله.

قال أبو موسى الأشعري : انتهينا إلى النجاشي وهو جالسفي مجلسه، وعمرو بن العاص عن يمينه وعمارة عن يساره والقسيسون جلوس سماطين وقد قالله عمرو وعمارة -وهما مندوبا مشركي قريش بمكة إلى النجاشي- إنهم لا يسجدون لك، فلماانتهينا بدرنا من عنده من القسيسين والرهبان: اسجدوا للملك، فقال جعفر بن أبي طالب: لا نسجد إلا لله!
فرغم أنهم مضطهدونومهاجرون، وغرباء لاجئون، وهم في أرض هذا الملك وفي حوزته، أبوا أن يفرطوا فيتوحيدهم لحظة واحدة فيسجدوا لغير الله، وأعلنها جعفر كلمة أصبحت شعاراً لكل مسلم"لا نسجد إلا لله".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدكتور \ القرضاوي

لا اله الا الله وحده لاشريك له لهو الملك وهو على كل شىء قدير

جزاك الله خيرا

تحيااااااااااااتى

بارك الله فيك ومشكور على المرور الطيب
ودمتم في حفظ الله

[SIZE=4]يارب الرسول رسولك

وأنت حسبى ونعم الوكيل

صلى الله على محمد صلى الله عليه وسلم

بعدد خلق الله وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته[/size]