ابداعات الطب في 2005 واخفاقاته

زراعة وجه بشري ونشر جينوم الشيمبانزي وانتشار انفلونزا الطيور وتزوير نتائج الأبحاث العلمية

لندن: اسامة نعمان
حقق العلماء هذا العام 2005 نجاحات كبرى في ميدان الطب،
اذ تمكنوا ولاول مرة في تاريخ العلم، من زرع جزء من وجه بشري لامرأة،
اضافة الى نجاحهم في بناء اطراف «بيونية»،
كما نجحوا في وضع الاطلس الوراثي لعدد من الحيونات منها الشمبانزي اقرب اللبائن الى الانسان، والكلب،
ووظفوا الخلايا الجذعية في سلسلة من الابحاث المثيرة الرائدة بهدف علاج الامراض المستعصية.

الا ان وجه العلم المشرق ونجاحاته الباهرة، التي يتلهف الى انبائها ملايين الناس في ارجاء العالم، تلوث مع اكتشاف تزوير نتائج دراسات واحد من كبار العلماء المتخصصين بأبحاث الخلايا الجذعية والاستنساخ في كوريا الجنوبية، الامر الذي سلط الاضواء مجددا على اخلاقيات العلم والخروقات الحاصلة فيها، بهدف حصول العلماء على الشهرة او لتحقيق الارباح للشركات التي يعملون فيها.

كما وجد الناس حول العالم أنفسهم هذا العام في مأزق صعب ايضا، بعدما انكشفت خبايا جديدة عن المضاعفات التي تحملها الحبوب المخففة للألم الشائعة الاستخدام، والتي كانت الشركات تمتنع عن الخوض فيها او كانت خافية على الاطباء.

> ابحاث الجينوم:

مثل نشر العلماء في سبتمبر الماضي لجينوم (او الاطلس او الخريطة الوراثية) الشمبانزي،، وهو الأقرب لجينوم الإنسان،واحدا من اعظم انجازات العام العلمية الطبية، ووضعته مجلة «ساينس» ضمن اعظم 10 انجازات العام 2005. وقد نجح فريق علمي دولي في وضع رموز الشمبانزي الوراثية وفي مقارنة جيناته مع جينات الانسان.

واظهرت الدراسة فروقا حادة بين النوعين الحيين القريبن من بعضهما، قال العلماء انها «تعبر عن الخصائص البشرية» التي تميز الانسان، مثل ازدياد حجم دماغه، وقدرته على الكلام والتواصل باللغة، والمشي منتصبا. واظهر البحث ان 96 في المائة من جينات الانسان والشمبانزي تتطابق بشكل تام، الا انهم رصدوا فوارق كبيرة بينهما تفوق بعشرة أضعاف ما بين كل إنسان وآخر! الأمر الجديد في البحث ان المقارنة العلمية الدقيقة بين جينات الإنسان وجينات الشمبانزي قلبت رأسا على عقب كل تخمينات النظريات التي ربطت أصل الإنسان بالشمبانزي والتي طرحت خلال المائة عام الماضية، اذ يفتقد الشمبانزي تماما او بشكل جزئي 53 جينا توجد لدى الانسان منها ما يقود الى امراض مثل ألزهايمر (خرف الشيخوخة) ومرض السكري. كما لم يعثر لديه على ثلاثة من الجينات التي تسبب حدوث الالتهابات لدى الانسان.

كما نجح العلماء في وضع الأطلس الوراثي للكلب الذي نشر في ديسمب الذي قد يساعد في فهم الأمراض الجينية للبشر. وكانوا قد تمكنوا حتى الآن من وضع الاطلس الوراثي لحيوانات لبونة غير الانسان، وهي الجرذي والفأر. واظهر الاطلسان الوراثيان للفأر والجرذي ان 88 في المائة من جيناتهما تتشابه مع جينات الانسان. اما الاطلس الوراثي للكلب فيتشابه في 75 في المائة من جيناته مع الانسان. وتتدنى نسبة التشابه مع جينات الانسان مع الاحياء الاخرى فتصل الى 60 في المائة في الدجاج و50 في المائة في ذبابة الفاكهة.

الخلايا الجذعية والاستنساخ شهد هذا العام اعظم التطويرات في هذا الميدان واكبر الهزات بسبب تزوير نتائج الابحاث في فبراير اعتمدت لجنة الأمم المتحدة القانونية بأغلبية بسيطة الاتفاقية الدولية التي تنص على منع استنساخ البشر لأغراض التكاثر. وشهدت الابحاث على الخلايا الجذعية نجاحات كبرى هذا العام واخفاقات مريرة بسبب تجني العلماء على «قدسية» العلم واخلاقياته. وقد تحققت ولاول مرة عملية تطعيم فئران بخلايا مخ بشرية نشطة بعد حقن خلايا جذعية جنينية بشرية داخل أمخاخ اجنة الفئران في رحم امهاتها. وهذه اول شهادة علمية تثبت امكانية ان تصبح الخلايا الجذعية الجنينية، التي تمتاز بأصالة خصائصها، خلايا مخ بشري تؤدي وظائفها لدى زرعها في أي جسم حي آخر غير جسم الانسان.

كما أجازت وكالة الدواء والغذاء الاميركية هذا العام ما وصف بأنه أول عملية لزرع خلايا جذعية جنينية داخل الدماغ البشري بهدف علاجه. وسوف يقود نجاح العملية العلاجية الى تمهيد الطريق امام سلسلة من العمليات لعلاج الامراض العقلية. وفي اكتوبر الماضي تمكن فريقان علميان من توفير أدلة دامغة على امكانات استخلاص خلايا جذعية من أجنة حيوانات مختبرية من دون الحاق أي أذى بها او إتلافها. كما تمكنا من إكثارها وانتاجها بكميات كبيرة داخل المختبرات، وقال العلماء ان هذين النجاحين سيساعد في تكوين مخزن احتياطي كامل من الخلايا اللازمة لعلاج الاطفال الجدد من الامراض في حياتهم اللاحقة بعد ميلادهم! كما سيتيح لهم اجتياز واحد من اهم العوائق الطبية والاخلاقية التي تعرقل مسيرة ابحاث الخلايا الجذعية.

>ابحاث كورية:

وشهد هذا العام اعظم النجاحات الكورية الجنوبية التي اصبحت غالبية نتائجها، ان لم يكن كلها، الآن محاطة بالشكوك، ففي مايو الماضي اعلن فريق علمي كوري جنوبي بقيادة العالم المشهور البروفسور وو سوك هوانغ (الذي سقط نهائيا من عرشه العلمي في ديسمبر) عن نجاحه في «استنساخ اول جنين بشري عمليا»، بعد ان اعلن عن نجاحه عمليا مرة اخرى في استنساخ اجنة بشرية تحمل خصائص المتبرعين والمتبرعات، وبضمنها خصائص الامراض التي اصيبوا بها. وجاء ذلك النجاح العلمي الباهر بعد توصل نفس الفريق مرة اخرى في فبراير (شباط) العام الماضي الى استنساخ اول جنين بشري في العالم، رغم ان الاعلان جوبه في حينه بالتحية والتشكيك سواء بسواء بمدى امكانية تنفيذه مجددا في المستقبل. وفي نفس السياق اعلن فريق بريطاني في جامعة نيوكاسيل انه نجح في الحصول على اول اجنة بشرية عن طريق الاستنساخ، بعد ان تمكن من الحصول على ثلاثة اجنة بشرية، وهي اول اجنة تستنسخ في اوروبا.

الا ان اكبر قضية ادت الى هز العالم لاحقا بعد ثبوت زيفها، اعلان هذا الفريق الكوري من جامعة سيول الوطنية،ايضا في مقال نشرته مجلة «ساينس» انه نجح وللمرة الاولى، في انتاج مجموعات من الخلايا الجذعية البشرية الجديدة تحمل السمات الجينية للمرضى ويمكن إكثارها بسرعة أكبر 10 مرات. واكد الباحثون أنهم انتجوا 11 مجموعة للخلايا الجذعية لكنها لم تصل بعد إلى حد الصلاحية للزرع في المرضى.

واشارت الجمعية الاميركية لتقدم العلوم، في حينه وقبل ان يكشف تزوير الابحاث لاحقا في ديسمبر، إن الانجاز الذي تحقق في جامعة سيول الوطنية يؤذن بقفزة جوهرية في سرعة وكفاءة إنتاج الخلايا الجذعية و«يقرب العلماء خطوة أخرى من هدف زراعة خلايا صحيحة في الانسان لتحل محل الخلايا التي تتلف بفعل أمراض مثل مرض باركنسون والسكري».

> اخلاقيات العلم:

الهزة العلمية، التي وجهت ضربة للباحثين حول العالم تعتبر اشارة الانذار الاولى بأن تزويرهم واحتيالهم لن يمرا من دون عقاب، حصلت عندما تقدم رائد الاستنساخ الكوري هوانغ باستقالته بعد تأكيد تزوير أبحاثه. ثم سحبت الحكومة الكورية منه لقب «أعظم عالم» واخيرا بدأت الشكوك تثار حول كل ابحاثه وعملية استنساخه لاول كلب في العالم.

واثبتت لجنة علمية جامعية ان نتائج بحثه المهم عن انتاج خلايا جذعية جنينية تساعد المرضى على الشفاء من امراضهم، تم تزويرها عن قصد. واشارت الى ان عمله هذا «سوء سلوك يضر بأصول العلم». ووجدت اللجنة ان البحث المنشور عام 2005 في مجلة «ساينس» الاميركية، مجموعتين منتجتين فقط للخلايا الجذعية، لا 11 مجموعة كما قال الباحثون. واضاف ان اللجنة ستجري مزيدا من الاختبارات لتقرر ما اذا كانت الاكتشافات الاساسية للبحث حقيقية.

> «ترميم» الانسان:

عمليات «ترميم الانسان» يمكن اعتبارها واحدة من اعظم ابداعات العام 2005، بعد نجاح العلماء في زرع يد بيونية لرجل اميركي «تنصت»، اي تستمع، الى افكار حاملها، وزرع جزء من وجه لسيدة فرنسية.

وتعتبر اليد الصناعية «البيونية» (اي البيولوجية الإلكترونية) احدى المنجزات الكبرى في توظيف التقنيات لخدمة الطب. ولأول مرة تمكن المصممون من تطوير يد «تنصت» الى اوامر الدماغ اي تنفذ افكار صاحبها والتحرك لرفع قدح مثلا. وتزن هذه اليد بين 5 و 6 كلغم وتلتقط الاقطاب الكهربائية فيها الاشارات العصبية من بقايا الاعصاب التي لم يصبها التلف او لم تحدث لها اضرار حيث توجه الى كومبيوتر يأمر ستة محركات لتحريك كتف الجهاز والساعد والعضد واليد سوية. وقد وضع اول نموذج لليد لرجل اميركي احترقت ذراعاه يدعى جيس سوليفان.

ووصف علماء معهد اعادة التأهيل في شيكاغو، المريض وعمره 54 عاما، بانه «رجل بيوني» وذلك بعد نجاحهم في وضع يدين صناعيتين «ذكيتين» له. ونجح الدكتور تيد كويكن، الباحث في المعهد،استخراج ما تبقى من اعصاب اليد المحترقة لسوليفان، وزرعها داخل موقع للعضلات تحت صدره. ونجح العلماء في ما بعد في وضع اجهزة كومبيوتر داخل اليدين ترسل الاشارات الى موقع الاعصاب في الصدر، لضغط الاعصاب الحية هناك. وهذه الاعصاب ترسل بدورها الاشارات الى المخ الذي يفسرها وكأنها آتية من اليدين.

وفي ديسمبراعلن الجراحون الفرنسيون عنم نجاحهم في زرع وجه لاول مرة في العالم وبالاحرى فم وانف لامرأة عمرها 38 عاما نهش وجهها كلب شرس في مايو الماضي.

ودافع الأطباء عن اجرائهم العملية على الرغم من المخاطر الهائلة لموتها وللمصاعب النفسية. وسوف تتناوول المرأة باستمرار ادوية لتثبيط المناعة، كي يتكيف جسمها مع الوجه الغريب.

> انفلونزا الطيور:

تمكن العلماء هذا العام من اعادة تركيب السلسلة الجينية لفيروس الانفلونزا الذي انتشر كوباء مدمر في العالم عام 1918، واعتبرت مجلة «ساينس» هذا الحدث ضمن الانجازات ال 10 الكبرى هذا العام. وظهر ان فيروس تلك الانفلونزا التي اطلق عليها «الانفلونزا الاسبانية» كان انتقل من الطيور الى الانسان، وهو مشابه لفيروس انفلونزا الطيور المنتشر حالياً. وانتشر الفيروس القاتل فورا من الدجاج والبط نحو الانسان، في قفزة لم تسجل لاحقا في منتصف القرن الماضي عندما اكتسحت فيروسات الانفلونزا العالم في الخمسينات والستينات، لأن فيروسات انفلونزا الطيور في تلك الفترة المتأخرة اندمجت مع الفيروسات التي تصيب البشر ثم تحولت لتكوين انواع قاتلة.

وجاء هذا الاكتشاف ليزيد من مخاوف تحور انفلونزا الطيور الذي انتشر هذا العام حول العالم وتحوله الى فيروس قاتل يصيب البشر مباشرة بعد انتقاله من شخص مصاب الى آخر سليم. وقد انتشر فيروس انفلونزا الطيور في الصين ثم انتقل الى اوروبا عبر روسيا ووصل الى الشرق الاوسط واتخذت الحكومات حول العالم خطوات طوارئ للحد من آثاره. ويعتبر الخبراء احتواء فيروس «اتش. 5. ان.1» المسبب للمرض، افضل الطرق لايقاف الفيروس من التحور الى سلالة قادرة الى الانتقال الى البشر بسهولة.

وقالت منظمة الصحة العالمية ان المراقبة القوية، وشبكات الاستجابة لدى رصد الفيروس بشكل مبكر، تشكل اهمية كبرى. واعتبرت العقاقير المضادة للفيروسات خط الدفاع الاول ضد وباء بشري حتى يتم تطوير مصل مخصص لسلالة هذا الفيروس. وخصصت منظمة الصحة العالمية بالفعل ثلاثة ملايين جرعة من العقاقير المضادة للفيروسات التي تقول انها ستنشرها في اي دولة فور وقوع وباء بشري بها. وقتل فيروس «اتش.5. ان. 1» اكثر من 63 شخصا في اسيا.

> حبوب مسكنة:

طغت اخبار مخاطر استخدام الادوية المسكنة، او المخففة للآلام، هذا العام اذ انضمت اعداد جديدة من العقاقير الشائعة الاستخدام، الى قائمة المواد المؤثرة بشكل سلبي على صحة الانسان. واكد العلماء على ضرورة التأني في وصفها للمرضى.

ومنذ سحب دواء «فايوكس» من الاسواق بسبب تأثيراته الصحية السيئة ووضع أمثاله من فرع أدوية «كوكس 2» المخففة للألم تحت المجهر، ظهرت دراسات قوية تؤكد أن بعضاً من هذه الأدوية يزيد في معدل الإصابة بارتفاع ضغط الدم وشمل التحذير أصنافاً لم ينظر إليها بعين الريبة من قبل كالباندول أو التايلينول. وحذرت دراسة برعاية مجمع السرطان الأميركي من أن تناول الحبوب المخففة للألم يزيد من عرضة إصابة النساء بسرطان الثدي، بينما حذرت وكالة الغذاء والدواء الأميركية من استخدام ملصقة الفنتنايل المخففة للألم وأكدت ارتفاع معدلات الوفيات نتيجة لها. وقد اشارت دراسة اميركية موسعة الى إن تناول جرعة يومية بمقدار أكبر من 500 مليغرام أي حبة واحدة من الباندول أو أي من مشتقات الأدوية التي تحتويه يؤدي إلى زيادة خطورة الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 93%، وتناول بروفين أو سليبركس أو نبروكسين بكمية يومية تتجاوز 400 مليغرام أي حبة واحدة يزيد ذلك أيضاً بنسبة 78%، لكن تناول الأسبرين حتى بجرعة 400 مليغرام أي أكثر من أربعة حبات من أسبرين الأطفال لا علاقة له بارتفاع الضغط. وقالت رابطة القلب الأميركية ام الأدلة العلمية الحالية تشير أن مجموعة «كوكس 2» التي لم يتبق في الأسواق الدوائية إلا «سلبركس»، لها آثار عكسية ضارة بشكل بالغ على القلب وتزيد من نسبة جلطة القلب والدماغ وهبوط القلب وارتفاع ضغط الدم خاصة لدى مرضى القلب، لذا يجب الحد من وصف هذه الأدوية لتخفيف الألم إلا لمن لا يوجد بديل له وحينها يجب وصف أقل جرعة ممكنة ولأقل مدة. اما باقي مخففات الألم كالبروفين والنبروكسين تحتاج إلي مزيد من البحث لإعلان أمان تناولها لفترات طويلة.

دمتم بكل صحة وعافية… :wink:
تحياتي : مهندسة طموحها فوق الأفق

نوررررررررررررررررررررررررتي بموضوعك الطيب
ومشكوووووووورة

هلا…
والله انتوا اللي منووورين المنتدى بتواجدكم…

فائدة واستفادة…

تحياتي العطرة …