التبسيط والبيان لحقيقة فهم القرآن...؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين,والصلاة والسلام على اشرف الخلق وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين …

وبعد:

ففي هذا الموضوع زيادة بيان وتفصيل لنقطة من نقاط الفهم الاساسية لكل مسلم حيث استوعبنا مجمل المادة المطروحة وقيدناها بستة نقاط اساسية لاجل التبسيط والبيان لحقيقة فهم القرآن الكريم فهما صحيحا وفق القواعد والمنهج الصحيح,

وليس المقصود من المادة أو الموضوع ذكر قواعد تفصيلية لكيفية التفسير ومعرفة المعاني، فنحن لا نريد في هذه العجالة أن نجعلكم مفسرين او متفقهين، وإنما المقصود ذكر بعض الأمور التي تعين على الفهم، ولكل مسلم اين ماكان.

و حتى تكون القراءة مرتبطة دائمًا بالتدبر والتفكر والفهم، وإزالة الحاجز الذي يحول بين بعض الناس والتدبر الصحيح للقرآن الكريم، وبيان الوسائل الصحيحة التي يسير عليها المسلم لفهم القرآن فهمًا صحيحًا، يحميه من القول على الله بغير علم.وتأدبا مع كلام الخالق عز وجل والذي :

{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت42

1- لماذا الحديث عن فهم القرآن.
2- تيسير القرآن للعباد
3- هل فهم القرآن وتدبره مقتصر على العلماء؟
4- الخطأ في فهم القرآن.
5- الاختلاف في الفهم والتفسير.
6- معالم ترشدك إلى الطريق الصحيح.

وهنا نأتي على بيان هذا الموضوع المهم للاذهان الواعية والمستدركة والتي تريد ان تصل الى خالقها ومعبودها بما يرضيه وتتودد اليه بطاعته واللهج بذكره :

1- لماذا الحديث عن فهم القرآن؟

[CENTER]الحديث عن فهم القرآن هو أهم حديث ينبغي الحرص عليه لعدد من الأمور:

أولاً:القرآن هو أصل الأصول كلها، وقاعدة أساسات الدين، وبه صلاح أمور الدين والدنيا والآخرة، وهو إنما نزل ليعمل به، ولا يمكن أن يعمل الإنسان بشيء لا يفهمه، ومثَلُ من يقرأ القرآن ولايفهمه، كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم يأمرهم فيه وينهاهم، ويدلهم على ما ينفعهم،ويحذرهم مغبة سلوك طريق معين لأن عدوهم فيه يتربص بهم، فعظموا الكتاب ورفعوه فوق رؤوسهم، وصاروا يتغنون بقراءة ما فيه، لكنهم سلكوا الطريق الذي نهاهم عنه فخرج عليهم العدو فقتلهم.

[/center]

ثانيًا:عدم فهم القرآن معناه زوال العلم وارتفاعه، فعن أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّامَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنْ النَّاسِ، حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ))

فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: كَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ؟! فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا،فَقَالَ: ((ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا تُغْنِي عَنْهُمْ؟!)).

قَالَ جُبَيْرٌ: فَلَقِيتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قُلْتُ: أَلَا تَسْمَعُ إِلَى مَا يَقُولُ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ؟! فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: صَدَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، إِنْ شِئْتَ لَأُحَدِّثَنَّكَ بِأَوَّلِ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ النَّاسِ؛ الْخُشُوعُ، يُوشِكُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَلَا تَرَى فِيهِ رَجُلًا خَاشِعً ) رواه الامام احمد واهل السنن.

فزوال العلم يكون بعدم وجود من يقوم به، ويفهمه حق فهمه، وهو ذهاب أوعيته، ويكون بعدم العمل به، فمن لم يعمل بما علم فلا فائدة في علمه، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن العلم يرتفع من الناس مع أن أصله موجود، لكن لما لم يستفد الناس منه، ويفهموه حق فهمه كان وجوده وعدمه سواء.

ثالثًا:الأجر العظيم والثواب الجزيل في فهم القرآن وتدبره، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍالْجُهَنِيِّ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ:

((أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَإِلَى بُطْحَانَ أَوْ الْعَقِيقِ، فَيَأْخُذَ نَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ زَهْرَاوَيْنِ بِغَيْرِ إِثْمٍ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟قَالُوا: كُلُّنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:

((فَلَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَتَعَلَّمَ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ، وَإِنْ ثَلَاثٌ فَثَلَاثٌ مِثْلُ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ)) رواه الامام مسلم.

وإذا كان تعلم العلم هو أفضل الأعمال وأحبها، وأشرفها وأرفعها، فأعلى درجات العلم هو معرفة كلام الله وفهمه؛ لأن شرف العلم من شرف المعلوم، وكتاب الله أشرف شيء في الوجود، فتعلمه أشرف شيء وأرفعه.

رابعًا:فهم القرآن حق فهمه سبب لوجود الألفة، واجتماع القلوب، وزوال الخلاف المذموم، الذي ينشأ عنه الافتراق والاقتتال، وعدم فهمه سبب لوجود الخلاف والشقاق؛ عن إبراهيم التيمي قال: خلا عمر ذات يوم، فجعل يحدث نفسه؛ كيف تختلف هذه الأمة، ونبيها واحد، وقبلتها واحدة؟ فأرسل إلى ابن عباس، فقال: كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد، وقبلتها واحدة،فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين إنا أنزل علينا القرآن فقرآناه، وعلمنا فيم نزل،وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن ولا يدرون فيم نزل، فيكون لهم فيه رأي، فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا…\أنظرالموافقات 148-147\4.

خامسًا:إن من أعرض عن تعلم القرآن وفهمه، فقد يبتليه الله تعالى بالانشغال عنه والانصراف إلى غيره؛ فإن الله أخبر في كتابه أن من جاءه العلم ثم أعرض عنه وهجره فإنه يورثه جهلاً ويصرف قلبه عن فهم العلم والتعلق به، قال تعالى عن اليهود: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَامَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ، واتبعوا ما تتلوا الشيطان على ملك سليمان} البقرة 101.

( فهؤلاء اليهود لما جاءهم كتاب الله على لسان رسول الله الذي يعرفون وصفه ونعته كما يعرفون أبناءهم، فتركوه وأعرضوا عنه، ابتلاهم الله جل وعلا باتباع أرذل الكتب وأكذبها وأضرها وهو ما تتلوه الشيطان على ملك سليمان ) .انظر القواعد الحسان \القاعدة34

[CENTER]وقال تعالى {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُون }الروم10.

فالله عاقبهم لما فعلوا الأمور السيئة، وارتكبوا الأحوال الشنيعة بالتكذيب والاستهزاء، ولو أنهم أصلحوا واستجابوا لجعل الله في قلوبهم التصديق والاتباع.

وهنا نذكر أن الاهتمام بالفهم لا يعني إهمال الحفظ، وتحسين القراءة، وضبط التجويد، بل هذه الأمور عليها ثواب جزيل، لكنها جمعيًا وسيلة لفهم القرآن.

[/center]

2-تيسير القرآن للعباد

يقول الله تعالى:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }القمر17.
،فهذا القرآن العظيم قد سهل الله ألفاظه للحفظ والأداء، ومعانيه للفهم والعلم؛ لأنه أحسن الكلام لفظًا، وأصدقه معنى، وأبينه تفسيرًا، فكل من أقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير، وسهله عليه، والذكر شامل لكل ما يتذكر به العالمون من الحلال والحرام، وأحكام الأمر والنهي، وأحكام الجزاء والمواعظ والعبر، والعقائد النافعة،والأخبار الصادقة، ولهذا كان علم القرآن حفظًا وتفسيرًا أسهل العلوم وأجلها، وهوالعلم النافع الذي إذا طلبه العبد أعين عليه،
قال بعض السلف عند هذه الآية: هل من طالب علم فيعان عليه\تفسير ابن سعدي للآية.

ويقول الله جل وعلا:{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }الدخان58.

ويقول سبحانه: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً }مريم.97.

فهذه نعمة عظيمة؛ فهل من مدكر؟ هل من متعظ؟ هل من مقبل على كلام الله يفهمه ويتعلمه؟ والله يعينه ويوفقه ويسدده

يستكمل بأذنه تعالى

[B][COLOR=black][FONT=Arial][CENTER][CENTER]

[/font][/color][/b]-3هل فهم القرآن وتدبرهمقتصر على العلماء؟[/center][/center]
[CENTER][CENTER]
فهم القرآن وتدبره ليس مقصورًاعلى العلماء، بل كل واحد لا بد أن يأخذ حظه من القرآن، بحسب ما ييسره الله له،وبحسب ما معه من الفهم والعلم والإدراك؛ فالله تبارك وتعالى دعا عباده كلهم إلىتدبر القرآن وفهمه، لم يخص طائفة بذلك دون طائفة، ولو كان فهم القرآن وتدبرهمقتصرًا على فئة من الناس لكان نفع القرآن محصورًا عليهم، ولكان الخطاب في الآيةموجهًا إليهم، وهذا معلوم البطلان.
قال ابن عباس: التفسيرعلى أربعة أوجه؛[/center]

وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسيريعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله. رواه ابن جرير في تفسيره 1\57 .[/center]

[CENTER][CENTER]
فالوجه الذيلا يعذر أحد بجهالته هو معرفة ما فيه من الأحكام الواضحة، والمواعظ الجلية المؤثرة،والحجج القوية البينة، والمعاني الكلية التي دلت عليها الآيات.
فمثلاً حين تتأمل كلام الله، ماذا تجد؟ تجد معاني عظيمة، منها: أنك تجدملكًا له الملك كله، وله الحمد كله، أزِمَّةُ الأمور كلها بيده، ومصدرها منه،ومردها إليه، مستويًا على عرشه، لا تخفى عليه خافية من أقطار مملكته، عالمًا بما فينفوس عبيده، مطلعًا على أسرارهم وعلانيتهم، منفردًا بتدبير المملكة، يسمع ويرى،ويعطي ويمنع، ويثيب ويعاقب، ويكرم ويهين، ويخلق ويرزق، ويميت ويحيى، ويقدر ويقضيويدبر، الأمور نازلة من عنده، دقيقها وجليلها، وصاعدة إليه، لا تتحرك ذرة إلابإذنه، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا فيالسماء
ثم تأمل كيف تجده يثني على نفسه، ويمجد نفسه،ويحمد نفسه، وينصح عباده، ويدلهم على ما فيه سعادتهم وفلاحهم، ويرغبهم فيه، ويحذرهممما فيه هلاكهم، ويتعرف إليهم بأسمائه وصفاته، ويتحبب إليهم بنعمه وآلائه،يذَكِّرهم بنعمه عليهم، ويأمرهم بما يستوجبون به تمامها، ويحذرهم من نقمه، ويذكرهمبما أعد لهم من الكرامة إن أطاعوه، وما أعد لهم من العقوبة إن عصوه .انظر الاتقان في علوم القرآن 105\3 .[/center]

[CENTER] إلى غير ذلكمن الأمور الواضحة الجلية.
فمثل هذا متيسر لكثير من الناسبحمد الله، لكنه يحتاج إلى شيء من التأمل، والنظر في بعض التفاسير النافعةالمختصرة
كما أن في القرآن من الكنوز والأسرار، والمعارفوالعلوم ما يختص به أهل العلم، كل بحسبه؛ فأهل اللغة يعرفون من دقائق إعرابهوبلاغته وأوجه البيان فيه ما لا يعرفه غيرهم، والفقهاء يعرفون من أحكام الحلالوالحرام فيه، وأوجه الاستدلال، وأنواع الأحكام، ما لا يعرفه غيرهموهكذا[B][COLOR=black][FONT=Arial][size=4].

[/size][/font][/color][/b]4-الخطأ فيالفهم[/center][/center]
[CENTER][CENTER]
الوقوع في الخطأ عند تدبر القرآن وفهمهوارد،[/center]

فإن الإنسان قد يفهم من الكلام معنى عامًا، ويكون المقصود ما هو أخص من ذلك،وقد يفهم منه معنى آخر غير المراد منه، وهذا قد وقع للصحابة رضي الله عنهم، فعَنْعَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ حُوسِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُذِّبَ- فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} فَقَالَ:

((لَيْسَذَاك الْحِسَابُ، إِنَّمَا ذَاك الْعَرْضُ، مَنْ نُوقِشَ الْحِسَابَ يَوْمَالْقِيَامَةِ عُذِّبَ))متفق عليه.[/center]

[CENTER][CENTER]
فتَمَسَّكَتْ عَائِشَةُبِظَاهِرِ لَفْظِ الْحِسَابِ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، فبينلها النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْحِسَابَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ إِنَّمَاهُوَ أَنْ تُعْرَضَ أَعْمَالُ الْمُؤْمِنِ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْرِفَ مِنَّةَاللَّهِ عَلَيْهِ فِي سَتْرِهَا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَفِي عَفْوِهِ عَنْهَافِي الْآخِرَةِ .انظر فتح الباري\ الحديث رقم 6056[/center][/center]
[CENTER][CENTER]
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضيالله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُواإِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}[/center]

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لَا يَظْلِمُنَفْسَهُ؟! قَالَ: ((لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ {لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْبِظُلْمٍ} بِشِرْكٍ، أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌعَظِيمٌ}))

.متفق عليه.والأمثلة على ذلك كثيرة، لكن قد يكون الخطأبسبب تقصير في النظر والتأمل، ومعرفة ما يجب معرفته، أو بسبب هوى في النفس؛ فإن بعضالناس يكون في نفسه معنى المعاني، أو يعتقد شيئًا من الاعتقاد، ثم يطلب ما يدل عليهمن القرآن، فيفهم الآية على غير المقصود منها؛ لتوافق ما نفسه واعتقاده، والواجبعلى المسلم أن يكون همه طلب معرفة مراد الله تعالى ومقصوده، ولا يكون همه البحث عمايوافق ما في نفسه؛ فإن الفهم الصحيح "يمده حسن القصد، وتحري الحق، وتقوى الرب فيالسر والعلانية، ويقطع مادته اتباع الهوى، وإيثار الدنيا، وطلب محمدة الخلق، وتركالتقوى".اعلام الموقعين 87\1[/center]

[CENTER][CENTER]
ثم إن الحديث عن فهم القرآن وتدبره ليس معناهأن المسلم يجعل من نفسه مفسرًا، يتكلم في معنى كل آية، دون نظر في تفاسير أهلالعلم، وفهمها الفهم الصحيح؛ لأن التفسير معناه بيان مراد الله، وهذا مقام خطير، عنابن عباس قال:[/center]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال في القرآن بغير علمفليتبوأ مقعده من النار))

.رواه احمد والترمذي,

، وقال أبو بكر الصديق: "أي أرض تقلني، وأي سماءتظلني، إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم؟"، وعن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابنعباس عن: {يوم كان مقداره ألف سنة} فقال له ابن عباس فما: {يوم كان مقداره خمسينألف سنة} ؟ فقال الرجل: إنما سألتك لتحدثني، فقال ابن عباس: "هما يومان ذكرهما اللهفي كتابه الله أعلم بهما"، فكرِه أن يقول في كتاب الله ما لا يعلم، وعن عبيد اللهبن مسلم بن يسار عن أبيه قال: "إذا حدثتَ عن الله فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده"،وعن إبراهيم قال: “كان أصحابنا يتقون التفسير ويهابونه”، وقال شعبة عن عبد الله بنأبي السفر قال: قال الشعبي: "والله ما من آية إلا وقد سَأَلتُ عنها، ولكنها الروايةعن الله"، وقال مسروق: "اتقوا التفسير؛ فإنما هو الرواية عن الله".
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف تدل على تحرجهم عن الكلام فيالتفسير بما لا علم لهم به، أو أن يقولوا فيه برأيهم، فأما من تكلم بما يعلم من ذلكلغة وشرعًا فلا حرج عليه.انظر مقدمة ابن تيمية في التفسير\43

[/center]