الجار..أنواع..وحقوق..ومواقف..وأفكار

بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني وأخواتي روّاد مُنتدى المُهندس؛
خواطر في خاطرة؛ تحوي العظة والعبرةِ.

:: مقال وتذكرة.

الجار…أنواع…وحقوق…ومواقف…وأفكار

أ.د/فيصل بن سعود الحليبي
أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بالأحساء.

ـ من هو الجار الذي له حق الجوار؟ وأيهم أحق؟
الجار…هو ذلك الذي اختار حيَّك من بين الأحياء ليسكن فيه، واختار بيتك الموقر ليقرب منه، وفضَّلك على كثير من الناس ليسعد برؤيتك والسلامِ عليك بين الحين والآخر، واطمأنت نفسه إليك وإلى أهلك؛ ليشعر بالأمانِ على نفسه وأهله وأولاده وماله.


وقد حدَّه أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بقوله: ((من سمع النداء فهو جار)).
وقيل: ((من صلى معك الصبح في المسجد فهو جار)).
وقيل: ((من سمع الإقامة فهو جار)).
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((حد الجوار أربعون دارًا من كل جانب)).
وكل من سبق يطلق عليه: (جار) وله حق الجوار.

وكذا الدّاعِي يَنْبَغِي أن يَحرص على تَسْديد عِلْمه وتَقْويمه ولُزُومه السّنّة . اهـ . (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ).


ولعل الأرجح ـ والله أعلم ـ: أن من تعارف الناس على تسميته بالجار يسمى كذلك، وله حق الجوار، كما أشار إلى ذلك الألوسي فقال: ((الظاهر أن مبنى الجوار على العرف)).


أما الأحق بحقوق الجوار: فقد حدده لنا النبي صلى الله عليه وسلم ، في حديثِ عائشةَ -رضي الله عنها – أنها قالت: ((قلت: يا رسول الله، إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منكِ بابًا))؛ رواه البخاري.


الأدلة على حق الجوار:

من عظمة حق الجوار أوصى به الكريم سبحانه، وأنزله في كتابه العزيز، مقترنًا بأوجب الواجبات وهو الأمر بعبادته وحده لا شريك له، فقال عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}.


فالجار جزء من إيماننا لا يكمل إلا بإكرامنا له؛ فإن الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ) رواه البخاري.


وتبدأ رحلة الجيرةِ الطيبةِ بالحب، حينما تبذر بذرته في قلبك لجيرانك، فيبادلونك هذه المحبة، فتحبُ لهم كل خير، وترجو ألا يصيبهم مكروه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ، قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ؟ قَالَ: يحببه إلى جيرانه) رواه أحمد وإسناده جيد.


ويترجم المؤمن هذا الحب بالبذلِ والعطاء، والإحسان والهدية، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (إِنَّ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم أَوْصَانِي: إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ) رواه مسلم.


وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه))، رواه الحاكم وصححه الذهبي في التلخيص، والألباني في صحيح الأدب المفرد.


يُتبع بإذن الله تعالى؛
مع حُقوق الجار…

المصدر/ صيد الفوائد.

اللّهمّ أعنا على ذكرك وشُكرك وحُسن عبادتك.

إعجابَين (2)

بسم الله الرّحمن الرّحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخواني وأخواتي روّاد مُنتدى المُهندس؛
تابع المقال؛

الجار…أنواع…وحقوق…ومواقف…وأفكار

ـ حقوق الجار:
دلت النصوص الشرعية على أن الجيران ثلاثة:
1ـ جارٌ له ثلاثة حقوق، وهو الجار المسلم القريب ذو الرحم، له حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة.
2ـ جارٌ له حقان، وهو الجار المسلم، له حق الجوار، وحق الإسلام.
3ـ جارٌ له حق واحد، وهو الجار الكافر، له حق الجوار فقط.
ولذا يجب أن يكون الجار مصدرَ أمن واستقرار نفسي لك ولأسرتك، فإنك تريد بحق ألا تشعر بالقلق على أولادك وأهلك ومالك في حلك وترحالك.

وأصدق الحقوق أن تحب لجار ما تحبه لنفسك، وقد أكد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره أو قال لأخيه ما يحب لنفسه» رواه مسلم.


ويكفي الجار تكريمًا وصيةُ جبريلَ عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ، ووصيةُ النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، قال عليه الصلاة والسلام: (مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ) رواه البخاري.


وما أروع أن تسري الغيرة على محارمك إلى محارم جارك، فلا تمدَّن عينيك إلى ستره أو إلى أحد من نسائه، قال حاتم الطائي:

ناري ونارُ الجار واحدةٌ — وإليه قبلي تنزل القِدْرُ
ما ضر جارًا لي أجاوره — ألا يكون لبابه سترُ
أغضي إذا ما جارتي برزت — حتى يواري جارتي الخدر
.


روي عن أمير المؤمنين عليِ بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (الجار قبل الدار، والرفيق قبل الطريق)…

وحق لنا أن نردد لأنفسنا ولأجيالنا لنقول: (الجار قبل الدار)، فإني على يقين أن الناس ربما اشتروا الأراضي الغالية الثمن، أو المنازل عالية الكلفة، ليس إلا من أجل اختيار الجار الطيب، قديمًا وحديثًا.


ما موقفنا من جار السوء:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره» متفق عليه.


فأي جار هذا الذي تتوجس منه خيفة، وتستثقل مقدمه وتفرح برحيله!! يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللَّهِ لَا يُؤْمِنُ، قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَهُ) رواه البخاري .


وإذا وقع الأذى من الجار ـ لا قدر الله ـ فيبدأ بالصبر على أذاه ويعظه ويذكره بالله تعالى، فقد روي أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال له: إن لي جارًا يؤذيني ويشتمني ويضيّقُ عليّ، فقال: اذهب فإن هو عصى الله فيك، فأطع الله فيه)).


فإن استجاب للنصح والتذكير، وقدَّر صبرك عليه، فالحمد لله، وإن لم يقدِّر ذلك، واستطعت أن تفارق جيرته فلتفعل، فإن الجيرة الطيبة من السعادة، والجيرةُ السيئة تؤذن بالشقاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من سعادة المرء: الجار الصالح، والمركب الهنيّ، والمسكن الواسع) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.


لنعلم أيها ـ أيها الإخوة ـ أن الله يحب منا أن نكون كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وإن تلاحم الجيران على الصلاح لهو يجسد تلاحمَ هذا المجتمعِ الطيب بأسره، وكلما تلاحم المجتمع كلما كان أكثرَ هيبةً في قلوب أعدائه المتربصين به.

يروى أن جارًا لابن المقفع أراد بيع داره في دَيْن ركبه، وكان يجلس في ظل داره، فقال: ما قمت إذًا بحرمة ظل داره إن باعها معدمًا، فدفع عنه ثمن الدار وقال: لا تبعها).


تمّ بحمدِ الله تعالى.

تمّ اختصارُ المقالة،
والمزيدُ في المصدر/ صيد الفوائد.

اللّهمّ اتُبنا وإخوتي ووالدينا ووالديهم من سُعداء الدّارين.