المدن الذكية وتجربة مكة المكرمة

المدن الذكية وتجربة مكة المكرمة

د. صلاح الدين عبدالله العبيدي *
جاء انعقاد مؤتمر المدن الذكية بمدينة مكة المكرمة في الفترة ما بين 22-23 محرم من هذا العام ليؤكد على حقيقة لا خلاف عليها وهي أهمية تطبيق أحدث الوسائل التقنية حتى في مدينة تعتبر من أقدس بقاع الأرض، بل إنها أكثر إلحاحا من غيرها من المدن. شرف الله مكة المكرمة بأن تكون مهبط الوحي على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وأن تخرج منها رسالة الإسلام السمحاء وتنتشر إلى العالم كله، وأن يكون بيت الله الحرام والكعبة الشريفة المكان الذي يقصده ملايين المسلمين بمختلف قومياتهم ولغاتهم وعادتهم وتقاليدهم لأداء الركن الخامس في الإسلام. إن الأعداد الهائلة من الحجاج والمعتمرين الذين يفدون إلى المملكة العربية السعودية وتحديدا مدينة مكة المكرمة سواء في موسم الحج أو على مدار السنة لأداء العمرة وزيارة المدينة المنورة، أدى إلى أن المسئولين في الدولة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) إعطاء أمر استخدام التقنية الحديثة جل اهتمامه لما توفره من خدمة متقدمة سواء للحاج أو المعتمر وكذلك للمسئولين على رعايتهم. لقد جاء انعقاد المؤتمر الأول لتقنية المدن الذكية في مدينة مكة المكرمة تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل – أمير منطقة مكة المكرمة لأكبر دليل على هذا الاهتمام وجعل العاصمة المقدسة نموذجا ملهما لباقي مدن المملكة في رفع علم التقنية.
قدمت في المؤتمر العديد من الخطب من محاضرين من مختلف أرجاء العالم وممن يعملون بشركات توفر التقنية اللازمة لبناء البنية التحتية للمدن الذكية، وكذلك من جهات أخرى حكومية وغيرها تحدثت عن تجربتها في تطبيق المدن الذكية والعقبات التي مرت بها ومدى النجاح الذي حققته في هذا المجال. لقد طرحت ونوقشت احتياجات مكة المكرمة لكي تصبح مدينة ذكية بمبانيها وسكانها الدائمين والزائرين لهذه المدينة المقدسة والمشاعر الأخرى كمنى وعرفات ومزدلفة، بحيث تكون دائمة لمن يسكن فيها ومؤقتة لزائريها. كان التأكيد الأكثر على جانب الزائرين خاصة في موسم الحج، على اعتبار أنه يشكل التحدي الأكبر سنويا لهذه المدينة بالذات وللمملكة بشكل عام، ويمكن تلخيص متطلبات مكة المكرمة لكي تصبح مدينة ذكية بما يلي:
- أنظمة التحكم والسيطرة
- أنظمة المعلومات الجغرافية
- أنظمة المرور وتحديد مسار السيارات
- أنظمة الإمدادات والتموين
- أنظمة تسجيل الحجاج والمعتمرين
- أنظمة تساعد على اتخاذ القرارات في الوقت المطلوب
- أنظمة RFID بحيث يكون لكل حاج أو معتمر شريحة معلومات خاصة به
- نظام التأشيرة الإلكترونية
- نظام الرعاية الصحية
- نظام إدارة عمليات الطوارئ
- أنظمة إعلامية هدفها التثقيف وإيصال المعلومة فور حدوثها
ولكي نتمكن من التطبيق الفعلي للأنظمة المذكورة أعلاه وغيرها، لا بد من توفر ضوابط وبنية تحتية تجعل من السهولة العمل بها ويمكن سرد البعض منها:
- بناء مجتمع ذكي قادر على استيعاب وتطبيق التقنية
- بناء شبكة اتصالات نوعية النطاق العريض Broad Band
- استخدام تقنية الألياف البصرية Fiber Optic
- التعاون والتنسيق الوثيق بين القطاعات الحكومية المختلفة
- التعاون والتنسيق الوثيق بين قطاعات الحكومة والقطاع الخاص
- المباني الحديثة التي تقام لا بد وأن تكون ذكية
- وضع خطة زمنية لتحويل مكة المكرمة إلى مدينة ذكية
أم بالنسبة للمشاعر الأخرى في منى وعرفات ومزدلفة فمن الأفضل أن تكون شبكة الاتصالات فيها مبنية على تقنية Wireless أو Wi-Fi أو Wi-Max حيث إن هذه الأماكن تكون مزدحمة بالسكان في فترة معينة من السنة.
لقد أكد المؤتمر ومن خلال المحاضرات التي ألقيت فيه على الحاجة الملحة لتحويل مكة المكرمة إلى مدينة ذكية لما تتمتع به من خصوصية، ولكن التقنية بحر كبير ولا بد أن نأخذ منه ما هو مناسب ويمكن تطبيقه والاستفادة منه.
* مدير إدارة تقنية المعلومات
مؤسسة اليمامة الصحفية