الهوى المضل.! وإعجاب المرء بنفسه

[CENTER]بسم الله الرحمن الرحيم

[/center]

[CENTER]والصلاة واتم التسليم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وحبيبنا الصادق المصدوق الامين وعلى آله وصحبه ومن أهتدى بهداه الى يوم الدين.

[/center]

[CENTER]وبعد:

[/center]

[CENTER]قال سبحانه وتعالى{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }الجاثية23

[/center]

[CENTER]فرأيت -أيها الرسول- من اتخذ هواه إلهًا له, فلا يهوى شيئًا إلا فَعَله, وأضلَّه الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه, فلا يسمع مواعظ الله, ولا يعتبر بها, وطبع على قلبه, فلا يعقل به شيئًا, وجعل على بصره غطاء, فلا يبصر به حجج الله؟ فمن يوفقه لإصابة الحق والرشد بعد إضلال الله تعالى إياه؟ أفلا تذكرون -أيها الناس- فتعلموا أنَّ مَن فَعَل الله به ذلك فلن يهتدي أبدًا, ولن يجد لنفسه وليًا مرشدًا ؟ والآية أصل في التحذير من أن يكون الهوى هو الباعث للمؤمنين على أعمالهم.\التفسير الميسر.

[/center]

[CENTER]وجاء في الحديث الشريف: «ثلاثٌ مُهْلِكات: شُحٌّ مُطاع، وهوىً مُتَّبع، وإعجاب المرء بنفسه» أخرجه البزارفي مسنده.فأهل الصدق والوفاء هم أهل الإخلاص والصّفاء، يعملون مخلصين لربّ الأرض والسّماء، لا يُثني عزيمتهم هوى جامح، ولا يصرف همّتهم مكسب رابح ؛ لا يرجون بطاعة ربهم جزاءً ولاشُكوراً، ولا يريدون رياء ولا ظهوراً، فالله تعالى أوصى العابدين بقوله:{ فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يُشرك بعبادة ربه أحداً} الكهف: 110.إن الله جل وعلا لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً صواباً صالحا له، وابتُغي به وجه الله. والله تعالى يقول في الحديث القدسيّ: «أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك،من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، فهو للذي أشرك به، وأنا منه بريء» رواه مسلم.

إن حاجة البشر إلى هُداة صالحين مصلحين، كحاجة الأرض الجُرُز إلى ماءالغَمام، والجِياع إلى قِوام الطعام.

ولكن كثيراً من العاملين الباذلين يبتغون الحرص على رضاء الناس، والازدلاف إلى قلوبهم.

[/center]

[CENTER]ويرجون أن يروا لكل عمل أو قول يقدّمونه أثراً ظاهراً في عيون النّاظرين، وآذان السّامعين، وأفواه المتكلّمين،فكلما وُلدت في نفوسهم مشاعر العُجب والارتياح المُدْلي إلى الغرور، أرخَوْالأَخيلتِهم العنان، لتسرح في أحاسيس الناس وأحكامهم.

[/center]

[CENTER]ويتساءلون هل رضي المشاهدون أوالسَّامعون أو القارئون عن أعمالهم أم سخطوا؟ ويستنبئون كل غادٍ أو رائحٍ عن رأيه في أقوالهم وأفعالهم، فإن يسمعوا مدحاً وثناءً، طاروا به فرحاً وإعجاباً، وإن يسمعوا ذَمّاً وهِجاءً، حَصِرت صدورهم غيظاً وإياساً.

إن ظواهر الحياة وأحداثها تدلّ على أن الكثيرين من المصلحين، ومن دعاة الإحسان وسُعاة الخير، لم يحرِّروا سرائرهم، ولم يختبروا صدق نواياهم، فلا يعلم أحدهم إذا كان يحدِّث الناس ليُعجبهم أم لينفعَهم، وإن كان يكتب للناس ليُطْربهم أم ليُرشدهم ، وإذا أسدى إليهم البرّ والمعروف ليخدمهم أم ليستخدمهم؟!

[/center]

[CENTER]وهل يفعل ذلك وغيره ليقول له الناس: أحسنت وأجدت، أم ليقول لسان حالهم: تركت في نفوسنا أثراً طيّباً مما فعلت!

[CENTER]ومن هؤلاء من يظنّ نفسه أنه ابنُ بَجْدة الإصلاح، وقُطب دائرته، وهو في حقيقة الأمر لافي العير ولا في النفير، وما هو إلا مغرور ضعيف النفس، كثير النّقص، يرى في نفسه أضعاف ما يرى فيه غيره.

والذين لم تُطهَّر نواياهم، ولم تهذَّب مقاصدهم، إن عُزلوا عن مراكز قيادهم، سقطوا في وِهاد القنوط واليأس، وشكوا الظلم والحرمان وغَصُّوا بمُرّ الكأس.

هيهات أن تجد في دائرة حَملة الرسالة من إذا عُزل عن منصبه، أو نُحِّيَ عن عمله يفعل كما يفعل الصحابيّ الكريم خالد بن الوليد.[/center]
[/center]

[CENTER]الذي قاد جيوش المسلمين في قتال الروم، فانتصروا في كل الوقائع، لم تنكَّس لهم راية، ولم تفشل لهم حملة، فلما بويع عمر بالخلافة بادر إلى عزل خالد عن قيادة الجيش لأمر أدركه، وحكمة رآها، فلما بلغ خالداً أمرُ العزل، سلّم القيادة إلى أبي عبيدة بن الجراح عن طيب نفس،

[/center]

[CENTER]ولم يجد في نفسه حَرَجاً مما رآه أميرالمؤمنين، وقال: إني لا أقاتل من أجل عمر، ولكن من أجل رب عمر، وأصبح مَرْؤوساً بعدأن كان رئيساً!

قد بلونا العيش مع أهل العُجْب وهواة الثَّناء، فما جَنَينَا بصحبتهم إلا العَلقم والحَنظل.

[/center]

[CENTER]وما شهدنا إلا حياةً مُثْقلة بالهمّ والبلاء، وماجلبت مخالطتهم إلا النّكد والشّقاء. إن الوَلَع برضاء الناس، والهَلَع من سَخطهم مذهبُ سادة البيان، وقادة الميدان.

[/center]

[CENTER]فياليتهم يُخلصون الوجه للملك الدّيَّان،ويضعون أقوالهم وأفعالهم في الميزان.

[/center]

[CENTER]ولا يُبالون بعد ذلك أَأُعجب بهم من حولَهم أم أهملوهم، أأحبُّوهم أم كرِهوهم، فإنما يبكي على الحبّ النِّساء.

فلا تثِقْ بكلّ من يحمل الدين ويدّعي أنه من ثِقاتهِ، وابحث عمّن يتّقي الله حقّ َتقاته!

[/center]

[CENTER]والله تعالى اعلم…

[/center]