علاج المباني الخرسانية

ربما المباني الخرسانية مثل الانسان تصاب بالحمى ولكن بطريقة مختلفة!! وربما نهرع بمرضانا إلى المستشفى ولكن الأمر يختلف بالنسبة للمباني الخرسانية التي عندما ( ترتفع درجة حرارتها) لن ينفع معها غير كمادات طويلة الأمد تدعى " العزل الحراري ". وقد طور الإنسان معالجاته للظروف البيئية المحيطة به عبر تجارب طويلة ومستمرة في ممارسة البناء فاستطاع أن يتعرف على خصائص مواد البناء فأصبح يستخدمها بأقصى فعالية لتلبية احتياجاته ومتطلباته.

ومن بين العيوب الرئيسية في المباني الخرسانية رداءة سلوكها وتصرفها الحراري بالنظر إلى طبيعة المناخ وشدة حرارته. وأفضل دليل على ذلك هو منحنى استهلاك الطاقة الكهربائية.يرتفع استهلاك الكهرباء في فصل الصيف بمقدار الضعف عن فصل الشتاء والسبب في هذا التزايد الكبير يرجع بصورة أساسية إلى الطاقة الكهربائية المستعملة لتشغيل وسائل التكييف المتنوعة والتي يضطر إليها الناس لطرد الحرارة الشديدة والنافذة إلى مساكنهم نتيجة رداءة ومقاومة الحوائط والأسقف لاختراق الحرارة من الخارج .

كما أن نصف مرافق ومحطات الكهرباء مسخرة بصورة أساسية لتشغيل أجهزة وسائل التكييف في فصل الصيف فقط ما يجعل معامل الانتفاع من هذه المرافق والمحطات منخفض جدا ويؤدي بالتالي إلى ارتفاع تكلفة توليد وتشغيل وصيانة محطات وشبكات الكهرباء.

وأما ما يمكن التحكم به على المستوى الفردي فاختيار الألوان الخارجية وتوجيه المبنى وتوزيع الفتحات ومساحاتها ومعالجتها وعزل الحوائط والأسقف المعرضة للأجواء والظروف المناخية الخارجية. العزل الحراري هو عملية منع انتقال الحرارة من مكان إلى آخر كليا أو جزئيا وذلك بالاستفادة من خصائص بعض المواد كرداءة التوصيل الحراري وكزيادة السعة الحرارية وخاصية الانعكاس.

* مواد العزل

وهي تلك المواد أو تشكيلة المواد التي إذا استخدمت بطريقة مناسبة يمكن أن تمنع أو تقلل انتقال الحرارة بوسائل الانتقال الحراري المختلفة ( التوصيل - الحمل - الإشعاع).

ويمكن تقسيم المواد العازلة بصورة أساسية كما يلي:

مواد عازلة غير عضوية تتركب من ألياف أو خلايا كالزجاج والاسبستوس والصوف الصخري وسيلكات الكاليسوم والبيرلايت والفيرميكيولايت مواد عازلة عضوية ليفية مثل القطن وأصواف الحيوانات والقصب أو خلوية مثل الفلين والمطاط الرغوي أو البولي ستايرين أو البولي يورثي.مواد عازلة معدنية كرقائق الألمنيوم والقصدير العاكسة.

وأما الأشكال التي توجد عليها المواد العازلة فهي:

مواد عازلة سائبة وتكون عادة في صورة حبيبات أو مسحوق تصب عادة بين الحوائط أو في أي فراغ مغلق كما يمكن أن تخلط مع بعض المواد الأخرى وهي تستخدم بصورة خاصة في ملء الفراغات غير المنتظمة.

مواد عازلة مرنة الشكل وهي تختلف في درجة مرونتها وقابليتها للثني أو الضغط وتوجد عادة على شكل قطع أو لفات وتثبت عادة بمسامير ونحوها كالصوف الزجاجي والصخري ورقائق الألمنيوم ونحوها.

مواد صلبة وتوجد على شكل ألواح بأبعاد وسماكات محدودة بالبولي يورثين والبولي ستايرين.

مواد عازلة سائلة تصب أو ترش على المكان المطلوب لتكوين طبقة عازلة وهذه مثل البولي يورثين الرغوي.

* مواصفات

بالنظر إلى متطلبات التصميم فإن اختيار مادة عازلة معينة يستلزم بالإضافة إلى معرفة الخاصية الحرارية، معرفة الخصائص الثانوية الأخرى للمادة كامتصاص الماء والاحتراق والصلابة…الخ

* الخصائص الحرارية

والمقصود منها قدرة المادة على العزل الحراري وعادة ما تقاس بمعامل التوصيل الحراري فكلما قل معامل التوصيل دل ذلك على زيادة مقاومة المادة للانتقال الحراري. فالمقاومة الحرارية تتناسب تناسبا عكسيا مع معامل التوصيل الحراري خلال المادة العازلة يتم عادة بواسطة جميع وسائل الانتقال المختلفة ( التوصيل والحمل والإشعاع).

أما المواد العاكسة فهي لقدرتها العالية على رد الإشعاعات والموجات الحرارية تعتبر مواد فعالة في العزل الحراري بشرط أن تقابل فراغا هوائيا وتزيد قدرة هذه المواد على العزل بزيادة لمعانها وصقالتها وغالبا ما تكون المادة العازلة متكاملة مع الجدران والأسقف ولذا فلمعرفة المقاومة الكلية للانتقال الحراري لابد من جمع المقاومات المختلفة لطبقات الحائط أو السقف بما فيها مقاومة الطبقة الهوائية الملاصقة للأسطح الداخلية أو الخارجية.

وجمع هذه المقاومات يشابه تماما جمع المقاومات الكهربائية، فهي إما أن تكون على التوازي أو التسلسل ويعتمد هذا على تركيبة المواد في الحائط أو في السقف، وإضافة إلى ما ذكر من خصائص حرارية فإن هناك خصائص أخرى كالحرارة النوعية والسعة الحرارية ومعامل التمدد والانتشار والتي لابد من معرفتها لكل مادة عازلة.

الخصائص الميكانيكية

بعض المواد العازلة تتميز بمتانة وقدرة على التحميل. ولهذا فيمكن أحيانا استخدامها للمساهمة في دعم وتحميل المبنى وذلك إضافة إلى هدفها الأساسي وهو العزل الحراري. ولهذا ينظر إلى قوة تحمل الضغط والشد والقص…الخ.

* خاصية الامتصاص

وجود الماء بصورة رطبة أو سائلة أو صلبة في المادة العازلة يقلل من قيمة العزل الحراري للمادة أو يقلل المقاومة الحرارية، كما أنه قد يساهم في إتلاف المادة بصورة سريعة وتأثير الرطوبة على المادة يعتمد على خصائص المادة من حيث قدرتها على الامتصاص والنفاذ، كما يعتمد على الأجواء المناخية المحيطة بها كدرجة الحرارة ونسبة الرطوبة…الخ أما الخصائص التي يقاس بها مدى تأثير المادة بالرطوبة فهي الامتصاص والنفاذية.

* الأمان والصحة

لبعض المواد العازلة خصائص معينة منها ما قد يعرض الإنسان للخطر سواء وقت التخزين أو أثناء النقل أو التركيب أو خلال فترة الاستعمال فقد تتسبب في إحداث عاهات في جسم الإنسان، دائمة أو مؤقتة، كالجروح والبثور والتسمم والالتهابات الرئوية أو الحساسية في الجلد والعينين مما يستوجب أهمية معرفة التركيب الكيميائي للمادة العازلة،كذلك صفاتها الفيزيائية الأخرى من حيث قابليتها للاحتراق والتسامي.

* الصوت

بعض المواد العازلة للحرارة قد تستخدم لتحقيق بعض المتطلبات الصوتية كامتصاص الصوت وتشتيته وامتصاص الاهتزازات لذا فإن معرفة الخصائص المرتبطة بهذا الجانب قد يفي بتحقيق هدفين بوسيلة واحدة.إضافة إلى ما سبق من خصائص فإن هناك خصائص قد تكون ضرورية عند اختيار المادة العازلة المناسبة كمعرفة الكثافة والقدرة على مقاومة الانكماش وإمكانية الاستعمال وانتظام الأبعاد ومقاومة التفاعلات الكيميائية والمقاسات والسماكات المتوفرة…الخ.كما يلعب العامل الاقتصادي أخيرا دورا مهماً في اتخاذ القرار، في سعر المادة العازلة له اثر كبير عند الاختيار.

ما هو القدر المناسب من المادة العازلة؟

يتم عادة اختيار نوعية المادة العازلة بالموازنة بين تكلفتها الاقتصادية ومدى تحقيقها للمتطلبات الرئيسية والثانوية ولكن هذا الاختيار لا يغني عن السعي إلى تحديد السماكة المناسبة من المادة المختارة،يمكن تقسيم المباني من حيث نوعية وطريقة الاكتساب الحراري الرئيسي إلى نوعين:

مبان معظم اكتسابها للحرارة يأتي من خلال القشرة أو الغلاف الخارجي للمبنى بمعنى أن متطلبات التبريد والتدفئة تتناسب بصورة تقريبية مع الفرق بين درجة الحرارة الداخلية والخارجية، وتقع المساكن والمخازن عادة في هذا القسم نظرا لأن الحرارة المكتسبة من الخارج تفوق بكثير الحرارة الناتجة عن النشاطات المختلفة داخلها،ففي هذه المباني فإن زيادة العزل الحراري في الغلاف الخارجي للمبنى سيؤدي بالضرورة إلى تقليل مقدار الحرارة المكتسبة أو المفقودة وهذا بالتالي يؤدي إلى تقليل الطاقة اللازمة لإزالة ما يكتسب أو تعويض ما يفقد.

ولتحديد السمك الأمثل للمادة العازلة في المباني من هذا النوع فإن الضابط الأساسي لهذا التحديد هو مقدار التكلفة الكلية وهي تساوي مجموع تكلفة المادة العازلة وتكلفة الطاقة اللازمة لتكييف المبنى.مبان اكتسابها الرئيسي للحرارة يأتي من داخلها حيث يكون الاكتساب الرئيسي للحرارة فيها نتيجة للنشاطات المقامة داخلها كالمصانع أو نتيجة لضخامة عدد المستخدمين أو للحرارة الناتجة عن الإضاءة الصناعية كالمكاتب ونحوها،ففي مثل هذه المباني .

ولأن معظم الاكتساب لا يتأثر بشكل أساسي بالظروف الجوية الخارجية فإن زيادة سمك الطبقة العازلة لا يؤدي بالضرورة إلى تقليل تكلفة الطاقة بل قد يؤدي إلى زيادتها فضلا عن زيادة التكلفة الكلية،فزيادة سمك الطبقة العازلة يؤدي إلى احتباس الحرارة المكتسبة في الداخل من تراكمها فتزيد أحمال التبريد بصورة واضحة، لذا فالمباني من هذا النوع تحتاج إلى دراسة مستفيضة بواسطة الحاسب الآلي لتحديد سلوك المبنى الحراري على مدار العام باستخدام سماكات مختلفة من المادة العازلة ومن ثم الوصول إلى السمك الأمثل

جزاك الله خيرا